يتأرجح جيل الطفرة بين العمل والتقاعد بصفته أكبر الأجيال في سوق العمل حالياً، وقد ساعدت الظروف الاقتصادية المواتية والتوقيت الملائم هذا الجيل على تجميع ثروة أكبر مقارنة بالأجيال الأصغر سناً.
وتشير دراسة أُجرِيت في عام 2022 إلى أن الثروة المنقولة حتى عام 2045 ستبلغ نحو 84.4 تريليونات دولار موزّعة بين 72.6 تريليونات دولار من الأصول سوف تنتقل إلى الوَرَثة و11.9 تريليونات دولار بشكل تبرّعات للمؤسسات الخيرية، حيث سينتقل أكثر من 53 تريليون دولار من الأسر التي تنتمي إلى جيل الطفرة، وهو ما يمثل 63% من مجموع الثروة المنتقِلة.
معدّل الثروة الصافية لدى جيل الطفرة
جيل الطفرة هو جيل الموظفين الذين ولِدوا بين عامي 1946 و1964، وأكبر أفراد هذا الجيل هم حالياً في منتصف السبعينيات من العمر أي في سنوات تقاعدهم، وما يزال الأفراد الأصغر سناً على بعد سنوات قليلة من التقاعد أيضاً.
ويترواح معدل الثروة الصافية لأفراد هذا الجيل بين 200 - 255 ألف دولار وفقاً لاستقصاء التمويل الاستهلاكي (Survey of Consumer Finances) الذي أجراه الفيدرالي الأميركي في عام 2019، ويتراوح متوسط ثروتهم الصافية بين 970 ألف دولار و1.2 مليون دولار.
المقارنة بين الثروة الصافية لجيل الطفرة والأجيال الأخرى
يعد معدل الثروة الصافية لجيل الطفرة أعلى بكثير منه للأجيال الأخرى، ويبلغ هذا المعدل بالنسبة للجيل زد نحو 76,000 دولار، ولجيل الألفية فوق سن 35 أكثر من 400,000 دولار. أما الجيل إكس، فإن معدل ثروته الصافية يتراوح بين 400,000 و833,000 دولار، بينما يصل هذا المعدل لدى الأجيال الأكبر سناً مثل جيل الطفرة والجيل الصامت إلى الملايين.
ما الذي شكّل الثروة الصافية لجيل الطفرة ورسم ملامح مستقبله المالي؟
ساهمت عدة عوامل في تعزيز قدرة هذا الجيل على تجميع الثروة الصافية وزيادتها، فقد استفاد جيل الطفرة من مزيج من الوقت الملائم والعادات المجتمعية والظروف الاقتصادية الأفضل مقارنة بالأجيال الشابة.
دور العادات المجتمعية في تجميع الثروة لدى جيل الطفرة
كان احتمال زواج مواليد جيل الطفرة في أعمار شابة نسبياً أعلى من الأجيال اللاحقة، ووفقاً لمركز بيو للأبحاث (Pew Research)، بلغت نسبة الأفراد المتزوّجين من جيل الألفية في عام 2019 44% فقط مقارنة بـ 53% من الجيل إكس و61% من جيل الطفرة و81% من الجيل الصامت في العمر نفسه.
وتقول الخبيرة المالية في شركة إكويتابل أدفايزرز (Equitable Advisors) ومقرها هيوستن بولاية تكساس، مولي وارد: "كان لدى الأسر من أفراد جيل الطفرة مصدرا دخل من الزوجين باعتبار أنهما تزوجا في سن أصغر، لكن الحال مختلف بالنسبة لأقرانهم من جيل الألفية الذين غالباً ما يعيشون بمصدر دخل واحد لأنهم قد لا يتزوجون في سن مبكر نسبياً، وقد لا يتزوجون على الإطلاق".
الوقت أيضاً كان لصالح جيل الطفرة
كان أمام جيل الطفرة الكثير من الوقت لتجميع الثروة والتعافي من أي انكماش اقتصادي واجهه، وذلك باعتباره الجيل الأكبر سناً في سوق العمل، وقد كانت هذه العوامل مفيدة حقاً، حيث تُظهر بيانات التعداد أن هذا الجيل أكثر ثراءً من جيل الألفية بما يقرب من تسعة أضعاف.
وتقول وارد: "إن مدفوعات الرواتب التقاعدية الشهرية جنباً إلى جنب مع مدفوعات الضمان الاجتماعي الشهرية للمتقاعدين من هذا الجيل تتيح إمكانية التنبؤ بالإنفاق خلال سنوات التقاعد، بينما تبقى المحافظ الاستثمارية العقارية واستثمارات الأسهم بلا استخدام لوقت طويل وتتراكم على مدى عدة سنوات.
ومع ذلك، كان أثر أسعار الفائدة المرتفعة واضحاً على جيل الطفرة خلال تجميع ثرواتهم. ففي حين أن أسعار الفائدة قد قفزت مؤخراً، شهد ذلك الجيل في سنوات بلوغه ارتفاعاً أكبر بكثير في أسعار الفائدة مما كانت عليه في سنوات بلوغ الجيل إكس وجيل الألفية".
جيل الطفرة كان الجيل الأكثر استفادة من الإسكان ميسور التكلفة
تعد ملكية المنازل جانباً رئيسياً في تجميع ثروة دائمة، وقد تمكن جيل الطفرة من تحقيق هذا الهدف المالي في وقت أبكر من الأجيال الأصغر سناً، ووفقاً لدورية بيركلي إيكونوميك ريفيو (Berkley Economic Review)، استطاع 45% من جيل الطفرة شراء منزلهم الأول في أعمار تتراوح بين 25 و34 عاماً، وذلك مقارنة بـ 37% فقط من جيل الألفية في الفئة العمرية نفسها.
3 طرق يمكن من خلالها لأفراد جيل الطفرة زيادة ثرواتهم وحمايتها
في حين أن مسار جيل الطفرة لتجميع الثروة كان مختلفاً مقارنة بالأجيال الأخرى، ما تزال هناك طرق لمواصلة زيادة ثرواتهم الصافية في السنوات المقبلة.
- سداد الديون المستحقَّة. الثروة الصافية هي الثروة التي تبقى لديك بعد طرح ما تدين به، لذا فإن التخلص من الالتزامات المالية في السنوات التي تسبق التقاعد ومتابعة حياتك اعتماداً على معاشك التقاعديلا يفيدك فقط في حماية ثروتك الصافية مع تقدمك في العمر، ولكن أيضاً في مساعدتك على تجنُّب استهلاك مدخرات التقاعد الخاصة بك والاعتماد على مدفوعات أقل نتيجة لذلك.
- زيادة محتوى الحساب التقاعدي إلى أعلى حد ممكن. احرص على الإسهام بأقصى مبلغ ممكن في حسابات مدخرات التقاعد الخاصة بك لو كنت على رأس عملك. وعليك أن تدخر 8 أضعاف راتبك على الأقل بحلول الستينيات من العمر إذا كنت تخطط للعيش المريح بعد التقاعد والحفاظ على نمط حياتك. ويختار بعض المتقاعدين الحد من مصاريفهم في سنواتهم الأخيرة، ومع ذلك، من المستحيل التنبؤ ببعض النفقات مثل مصاريف الرعاية الصحية أو النفقات غير المتوقعة، لذا فإن ادخار أموال أكثر من أي مبالغ متوقَّعة هو خطوة أساسية لتجنُّب تحمل ديون في سنواتك اللاحقة أو تقليل ثروتك الصافية.
3. وضع ميزانية لمرحلة ما بعد التقاعد . فكّر جيداً في الدخل الذي سيتاح لك في سنواتك اللاحقة وكيف ستزيد من هذه الأموال لتكفيك طوال سنوات ما بعد التقاعد. يقول المُخطِّط المالي المعتمَد ونائب رئيس الخدمات الاستشارية في شركة بيرسونال كابيتال (Personal Capital)، بول دير: "يتحوّل التركيز عادةً في السبعينيات من العمر وما بعدها إلى وضع الميزانية وسحب أموال الاستثمارات، ويمكن للمتقاعدين إما سحب مبلغ محدد من المال أو سحب نسبة مئوية من رصيد المحفظة الاستثمارية كل شهر.
وفي الاستراتيجية الأولى، يكون مقدار الدخل أكثر قابلية للتنبؤ وهذا يجعل وضع الميزانية أسهل، لكن استراتيجية سحب النسبة المئوية توفر عموماً مزيداً من التحكم في استنزاف المحفظة وطول أَجَل استخدامها".