المحتوى محمي
المحتوى محمي
قصة ريادة

ولاء بلس: شركة مهمتها تعزيز السعادة والولاء عند الموظفين

مثلما تحقق الشركات زيادة كبيرة في إيراداتها وأرباحها عند الاهتمام ببيئة العمل ورضا الموظفين وسعادتهم، فإن بعضها يخسر الكثير بسبب إهماله لبيئة العمل الصحية لموظفيه.

بقلم


money

ريان صالح، مؤسس شركة ولاء بلس ورئيسها التنفيذي (مصدر الصورة: فورتشن العربية)

تقدم شركة ولاء بلس (Wala Plus) السعودية خدماتها للشركات والعملاء بصفتها مستشار سعادة، إذ تتمثل رؤيتها في أن تكون الشركة الرائدة في تعزيز سعادة الموظفين والعملاء وولائهم، وتدور منتجاتها في خدمة هذه الرسالة والرؤية، وفقاً لمؤسس الشركة ورئيسها التنفيذي ريان صالح.

التعليم وإدارة الأعمال

اتجه صالح أكاديمياً نحو مجال البترول والتعدين في البداية، ويقول في حديثه مع فورتشن العربية إنه أنهى السنة التحضيرية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن عام 2005، لكنه واجه صعوبات في المناهج، ففكر في التوجّه إلى تخصص الهندسة الصناعية (Industrial Engineering) بعد أن شعر بأنها أكثر التخصصات قرباً إلى قلبه وميوله، فهي تجمع بين إدارة الأعمال والفكر الهندسي، وهي التي أوصلته إلى قراره النهائي بالتركيز على تخصص إدارة الأعمال. ومنذ بداية دراسته هذا التخصص، أدرك أنه في مكانه الصحيح، خصوصاً أنه يحب التسويق وإدارة الأعمال والموارد البشرية.

استفاد صالح كثيراً من دراسته؛ إذ يشير إلى أنه عرف أهمية دراسة الجدوى لأي مشروع، وأنه يجب التفكير في جميع احتمالات الخسارة ونقاط الضعف ومعالجتها قبل البدء، وكيف يُعِد نموذج عمل لمشروعه، وبذلك دخل إلى عالم الأعمال وهو مستعد جيداً.

 العمل في أثناء الدراسة

في أثناء الدراسة، خاض صالح بعض التجارب العملية، منها عمله بإحدى مكتبات التصوير والخدمات الطلابية بالجامعة، وعبر شراكة مع القائمين على المكتبة؛ عرض صالح مجموعة من الكتب التي قد يهتم بها الطلاب، مثل كتب تعلم اللغات وتنمية المهارات، وتشارك ربحَ البيع مع القائمين على المكتبة.

كما خاض تجربة أخرى من خلال تصميم عروض تقديمية تقدّم محاضرات دراسية للطلاب، حيث راسل صالح الأساتذة الجامعيين عبر البريد الإلكتروني عارضاً خدماته، وتواصل معه أحد العاملين بوزارة التعليم السعودية من المسؤولين عن العروض التقديمية للتعاون، وقد استمر العمل بينهم بمقابل مجزٍ، على حد تعبيره.

يشير صالح إلى أن الطالب لا يمكن أن يحدد من البداية الطريق الذي يريد أن يسير فيه مستقبَلاً بدراسته، حيث يكون في حالة من الحيرة، بل إن الشخص الذي يتأخر اختياره لمستقبله المهني حتى ما بعد التخرج يمر بنفس حيرة الاختيار ما بين الأفضل له والمناسب لقدراته. لذا؛ يرى أنه من المهم أن يلتحق الشخص بوظيفة أو عمل في أثناء الدراسة، لكي يكتسب ثقافة العمل.

التوظيف والاستعداد للمشروعات

أول وظيفة حصل عليها صالح عقب التخرج كانت في جمعية الدعوة والإرشاد "هداية" بمدينة الخبر، في تخصص الموارد البشرية (HR)، إذ أنجز لهم المسميات الوظيفية ومؤشرات الأداء الرئيسية (KPI)، ثم بعدها أصبح مسؤول مشروع في أحد المكاتب.

خلال تلك التجربة أدرك صالح أن أكثر ما تبحث عنه الشركات في الموظفين حالياً، هو المهارات والسمات والقدرات الشخصية، بدءاً من الانضباط في العمل والقدرة على التعلم وصولاً إلى مهارات التواصل، وفقاً لصالح الذي يعتقد أن مهارات التواصل تمثل 90% تقريباً من النجاح في مجال الأعمال، فمهارات التواصل الجيدة ستجعل الشخص يعبّر عما بداخله بصورة صحيحة، ويفهم قدرات من يتواصل معهم جيداً، ويحرز تقدماً عن آخرين ربما يكونون أفضل منه فنياً بمراحل.

يرى صالح أن احتياجات سوق العمل للموارد البشرية كانت أسرع كثيراً من جاهزية الجامعات والمناهج لهذا التخصص، وفي ذلك الوقت لم يكن هناك تخصص دراسي للموارد البشرية.

لجأت الشركات وقتها للاستعانة بشخص هو الأقرب لفهم دور الموارد البشرية، ربما يكون من خريجي كليات اللغة الإنجليزية أو الهندسة الصناعية (لأنها تتضمن دراسة مواد من إدارة الأعمال) أو إدارة الأعمال بشكل عام، بحيث يمتلك البذرة أو الاستعداد لهذه الوظيفة، ثم تُخضعه الشركة لدورة متكاملة تخصصية فيما بعد.

تطورت النظرة للموظفين من مجرد مؤدي مهام إلى اعتبارهم رأس المال البشري للشركة، والذي يجب الحفاظ عليه وتنميته وتطويره والاستثمار فيه، حسب صالح الذي يضيف إن الأمر تطور إلى الاهتمام برضا الموظفين وسعادتهم، ثم الاهتمام بالموظف ورفاهيته وصحته الجسدية والنفسية ووعيه بعلاقاته العاطفية والاجتماعية. وبذلك؛ تطور عمل مسؤولي الموارد البشرية من مهام التوظيف والإجازات إلى تنظيم الهيكل الوظيفي للشركة، ثم إلى تطوير عملية التواصل الداخلي بالشركة، ثم الاتزان الوظيفي وصناعة بيئة العمل الصحية.

الاهتمام ببيئة العمل

مثلما تحقق الشركات زيادة كبيرة في إيراداتها وأرباحها عند الاهتمام ببيئة العمل ورضا الموظفين وسعادتهم، فإن بعضها يخسر الكثير بسبب إهماله لبيئة العمل الصحية لموظفيه، والتي تنعكس عليهم بأمراض جسدية ونفسية وقلق وتوتر، وفقاً لصالح الذي يشير إلى أن الشركات تتكلف كثيراً في التأمين الطبي، وتعاني من التغيّب المرضي لموظفيها، وانخفاض إنتاجيتهم وولائهم للشركة.

الجمع بين الوظيفة والمشروع

التحق صالح بالعمل في شركة الاتصالات السعودية (STC)، وفي أثناء عمله اتخذ قراره ببدء مشروعه الخاص، إذ يشير إلى أنه كان قراراً منطقياً ومتدرجاً. وقد بدأ بتأسيس شركة ولاء بلس ووصل إلى مرحلة تحقيق إيرادات وهو ما زال موظفاً في شركة أخرى، ثم تقدم بإجازة من دون راتب، ولم يتقدم باستقالته من الوظيفة إلا بعد حصول ولاء بلس على أول استثمار لها.

قبل ولاء بلس، مر صالح بنحو 7 تجارب غير ناجحة، تنوعت ما بين السياحة والتجارة الإلكترونية وتعليم اللغة الإنجليزية، واعتاد تقديم خصومات للعملاء الذين يتعامل معهم، ويتابع التأثير الجيد للغاية وسعادة العميل عند الحصول على خصم أو رمز ترويجي، وبفضل ذلك؛ استمر تواصل عملائه معه حتى بعد توقف نشاط مشاريعه. من هنا كانت الومضة التي أضاءت أمامه ليفكر في ماذا لو قدم برنامجاً متكاملاً للخصومات والعروض للموظفين والعملاء؟ ومن هنا ولدت ولاء بلس.

صعوبات

واجه صالح صعوبات عند تأسيس ولاء بلس عام 2018، إذ يشير إلى أنه وفريق العمل حرصوا على الابتكار أو تقديم منتج أو فكرة جديدة، وتغلّب على كل الصعوبات بفضل فريق العمل المحترف، وكانت المناقشة مفتوحة دوماً بين جميع أعضاء الفريق للتغلب على أي تحديات، وحرص صالح على تدعيم الشركة بموظفين أصحاب تجارب وخبرات مميزة، والاستفادة القصوى منهم.

يشير صالح إلى أنه مر بمرحلة صعبة للغاية، لأنه وجّه كل دخله للوفاء بالتزامات ولاء بلس ورواتب موظفيها، ولم يخل الأمر من ديون بنكية. ولذلك؛ كانت مرحلة التأسيس والانطلاق مرهقة ومقلقة للغاية، ولم يتنفس الصعداء سوى بحصول الشركة على استثمار.

يرى صالح أن أهم مهارة يجب أن تتوفر لدى رائد الأعمال هي المرونة الذهنية والنفسية. بفضل هذه المرونة؛ يستمر رواد العمل في المحاولات والتجربة، ولا يتوقفون أمام إخفاق أو فشل مؤقت.

 منتجات ولاء بلس

تقدم ولاء بلس العديد من المنتجات للشركات التي تقدمها بدورها لموظفيها، منها منتج ولاء أوفر، وهو برنامج مزايا وخصومات للموظفين. ويشير صالح إلى أن أي شركة تتعاقد مع ولاء بلس تحصل على موقع إلكتروني وتطبيق بهويتها وشعارها، وباقة متجددة من الخصومات والعروض.

بعدها تطور الأمر، وأطلقت ولاء بلس منتجاً آخر هو ولاء برافو، الذي يقدم خدماته عبر المنصة الخاصة بولاء بلس، وهو عبارة عن مزايا ونقاط ومكافآت للموظفين داخل الشركات، يحصل فيها الموظفون على نقاط مقابل إنجازهم للعمل أو مناسباتهم العائلية كالزواج على سبيل التهنئة، ويمكن للموظف استبدال هذه النقاط بقسائم شرائية لمنتجات.

ويضيف صالح إن هناك أيضاً منتج ولاء ون، وهو مجمع ومشغل لبرامج الولاء، وتستهدف الشركة فيه العملاء الخاصين بالشركات، أي أن ولاء ون محفظة يجمع فيها العميل كل نقاطه من برامج الولاء المختلفة، ليتم استبدالها فيما بعد بمنتجات وخصومات وقسائم شراء.

وقد بدأت ولاء بلس بتنفيذ برنامج دوم (DOAM) لتعزيز ولاء الموظفين الحكوميين بالمملكة السعودية بالتعاون مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والذي يهدف إلى خلق بيئة عمل محفزة ورفع نسبة الارتباط الوظيفي، وفقاً لصالح.

ويشير إلى أن الشركة نجحت في تطبيق البرنامج خلال المرحلة التجريبية على 20 ألف موظف في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ليبدأ الاستعداد لإطلاق البرنامج على مستوى المملكة لجميع الموظفين الحكوميين، في 24 وزارة سعودية، لخدمة أكثر من 1.5 مليون موظف.

إذ تقدم الشركة نقاطاً للموظفين يمكن استخدامها في العروض والخصومات الحصرية، والتي تصل إلى 50% على العلامات التجارية المفضلة للموظفين.

مقياس للصحة الجسدية والنفسية

تقدم الشركة أيضاً منتج ولاء بايونير، وهو مقياس يقيس الصحة الجسدية والنفسية والاتزان والسعادة وجودة الحياة في بيئة العمل.

يشير صالح إلى أن ذلك يتم على 3 مراحل، أولها الاستبيان، إذ تقيس الشركة من خلاله سعادة الموظف ورضاه ورفاهيته واتزانه في بيئة العمل، ثم مرحلة التحليل والتقرير. وتحصل الشركة في نهاية المطاف على تقرير مفصل يكشف لها وضعها الحالي على خريطة السعادة والرضا الوظيفي.

يقارن المنتج وضع الشركة التي تحصل عليه بشركات أخرى في سوق العمل، ويشخّص المشاكل التي تعاني منها، ويعطيها توصيات وأفكار لتطوير أدائها، ثم تأتي مرحلة التكريم، وهو حفل سنوي يكرم الشركات التي حققت أداءً جيداً على مقياس السعادة، ويشجعهم على المواصلة.

أرقام تحققها الشركة

تجاوز عدد موظفي ولاء بلس الـ 100 موظف حالياً، وعدد الشركات العملاء يقترب من 600 شركة، وعدد العلامات التجارية المتعاقَد معها تجاوز 3 آلاف، ولدى الشركة أكثر من 600 ألف مستخدم (موظف/عميل)، وفقاً لصالح الذي يؤكد أن الشركة تحولت إلى الربحية منذ 2020.

يضيف صالح إن الشركة نجحت في جمع تمويل بقيمة 600 ألف دولار عام 2018 في جولة تمويل بذرية من صندوق واعد، التابع لشركة أرامكو السعودية.

 الاستفادة من جائحة كوفيد-19

يشير صالح إلى أن تأثير جائحة كوفيد-19 على ولاء بلس لم يكن كبيراً، ربما لأن نموذج العمل مبني على الاشتراكات أو التسجيل، وبالتالي لديها خريطة واضحة للعملاء والإيرادات التي تحققها منهم، كما كانت لديها مرونة كبيرة في أثناء الجائحة، فقد أخذ فريق العمل بالاعتبار تقديم تسهيلات كبيرة لعملائها.

كما استفادت الشركة من الجائحة، إذ سمحت الشركات لموظفيها بالعمل عن بعد، فكانت في أمس الحاجة لرابط دائم وعلاقة بينها وبينهم، وقد لجأت للتعاقد مع ولاء بلس لتقديم برامجها ومكافآت لموظفيها كصلة دائمة معهم خلال الجائحة، وفقاً لصالح.

التوسع بالإمارات ومصر

توسعت ولاء بلس في الإمارات ومصر، حسب صالح الذي يشير إلى أن الشركة في الإمارات تستطيع تجربة ممارسات ومنتجات وأفكار وتطبيقها بشكل أسرع من أسواق أخرى، مثل نشاط يتعلق بالتقنية المالية الذي قد يستغرق وقتاً أطول للحصول على الموافقة بسوق أخرى، بينما في الإمارات تكون الوتيرة أسرع.

الإمارات أيضا أصبحت مركزاً للشركات العالمية ومتعددة الجنسيات، وأصبحت لديها ثقافة بيئة العمل وبرامج الولاء، حسب صالح الذي يضيف إن مصر سوق كبيرة وواعدة، والموارد البشرية بها ناضجة ومتوفرة.

خطط الشركة

أما عن خطط الشركة للحفاظ على التميز، فيقول صالح "الاستثمار في الموظفين واستقطاب الكفاءات المتميزة يضمن لنا ابتكاراً وتطويراً دائماً، ويمكننا بفضل ذلك الفوز في أي منافسة. بجانب قربنا من عملائنا لمعرفة احتياجاتهم، ويساعدنا ذلك على تلبية هذه الاحتياجات بنجاح".

لدى الشركة خطة للطرح في سوق الأسهم السعودية، إذ يقول صالح إن ذلك من الممكن أن يحدث في 2025 أو 2026، خاصة أن المناخ السعودي أصبح مناسباً وميسراً بشكل كبير، لكنه يريد الوصول بالشركة إلى مرحلة سريعة للغاية في النمو، بجانب الوفاء باشتراطات الطرح بالأسواق المالية، ومنها الحوكمة.

مفهوم السعادة

يلخص صالح مفهوم السعادة لديه ولدى شركته بالاتزان؛ إذ يكون الشخص متزناً في حياته، وفي علاقته التعبدية، وبأسرته ومحيطه العائلي، وبأموره المالية وصحته الجسدية والنفسية، وعندما يختل توازن أي منها، فسوف تتأثر سعادة الشخص بالضرورة.


image
image