"قائد استثنائي يتمتع بجميع الصفات اللازمة لقيادة الشركة، لا يعكس سجله الحافل بالنجاح التجاري والتشغيلي والتحويلي خبرته الواسعة والعميقة وفهمه للشركة وقطاع الطاقة فحسب، بل يعكس أيضاً وضوحه الاستراتيجي؛ فهو يجمع بين هذه الصفات وشغفه بالناس، ما يمكّنه من الحصول على الأفضل ممن حوله". هكذا تحدث رئيس مجلس إدارة شركة شل للنفط والغاز (Shell) السير أندرو ماكنزي عن الرئيس التنفيذي الجديد للشركة وائل صوان صاحب الـ 49 عاماً، في أثناء الإعلان عن توليه هذا المنصب كأول عربي يصل إليه في سبتمبر/أيلول 2022.
الخروج من لبنان
تلك الشخصية "الاستثنائية" لم تكن وليدة الصدفة، بل تشكلت تبعاً للظروف التي عاشها صوان وما تخللتها من تجارب في أثناء ترحاله. ولد صوان عام 1974، في بيروت بلبنان، وبعدها بشهور وجدت أسرته نفسها محاصَرة بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت في 1975.
لم يكن أمام الأسرة حل سوى مغادرة البلد، ويقول صوان "نظراً لظروف الحرب الأهلية كان علينا التحرك، لذا انتقلنا إلى دبي، وكانت سنوات تكويني هناك، وسط اهتمامي بمجال الطاقة".
لم يتوقف الترحال عند دبي، لينتقل صوان إلى كندا من أجل الدراسة، حيث تخصص في الهندسة الكيميائية في جامعة مكغيل في مونتريال منذ 1992 إلى أن حصل على الماجستير في 1997.
لم يفكر صوان في الانقطاع عن المنطقة التي نشأ فيها، إذ يقول "افترضت دائماً أنني سأعود إلى الشرق الأوسط، وهو ما تحقق بالالتحاق بشركة شل عام 1997، بداية من سلطنة عمان، واستمرت رحلتي مع الشركة 25 عاماً"، تخللها حصوله على ماجستير في إدارة الأعمال من كلية هارفارد للأعمال عام 2003.
مناصب في شل
شغل صوان العديد من المناصب بالشركة، آخرها منصب مدير عمليات الغاز المتكاملة والطاقة المتجددة في العام 2021، وكان عضواً في اللجنة التنفيذية لشركة شل لمدة ثلاث سنوات منذ 2019، وعمل في أوروبا وإفريقيا وآسيا والأميركيتين خلال مسيرته المهنية في الشركة لربع قرن.
وقبل انضمامه إلى اللجنة التنفيذية للشركة، كان يتولى منصب نائب الرئيس التنفيذي في قطر، كما كان عضواً في فريق القيادة المتكاملة للغاز، فقد تنقل في كل وحدة من وحدات الأعمال الأساسية في شل.
تحقيق ما رآه غير ممكن
لم يكن صوان يفكر في تولّي منصب القيادة في الشركة أو يرغب فيه، إذ يقول "عندما انضممت إلى شل لم يكن هناك الكثير من الشرق الأوسطيين في الشركة، فضلاً عن غيابهم على المستوى التنفيذي، لذا فالوظيفة العليا لم تكن أبداً شيئاً أرغب فيه، لأنني لم أكن أعتقد أنه كان ممكناً ولم أكن أعتقد أنني الأفضل على الإطلاق".
ولكن الذي لم يكن يعتقد أنه ممكن تحقق بالفعل في سبتمبر/أيلول 2022 عندما أعلنت شل عن تعيينه في منصب الرئيس التنفيذي اعتباراً من الأول من يناير/كانون الثاني 2023 خلفاً لـ بن فان بيردن الذي تنحى عن مهامه نهاية العام الماضي.
وعرض ماكنزي أسباب اختيار صوان قائلاً "هو رئيس تنفيذي متميز، وأثبت قوة وعمق موهبة شل القيادية. أتطلع إلى العمل مع وائل ونحن نسرع في تنفيذ استراتيجيتنا"، بينما وصفه الرئيس التنفيذي السابق بيردن بأنه قائد ذكي وديناميكي، وأنه سيستمر في خدمة شل باقتناع وتفانٍ.
رؤية صوان
رد صوان ملخصاً رؤيته التي سيعمل عليها بأنه يتطلع "إلى توجيه روح الريادة وشغف موظفينا الرائعين للارتقاء إلى مستوى التحديات الهائلة، واغتنام الفرص التي يوفرها تحول الطاقة. سنكون منضبطين ونركز على القيمة، حيث نعمل مع عملائنا وشركائنا لتقديم طاقة موثوقة وبأسعار معقولة وأنظف يحتاجها العالم".
"متحمس للغاية" هكذا وصف شعوره حيال التحدي الجديد الذي يخوضه، على الرغم من اعترافه بالخوف أحياناً نظراً للتحديات الهائلة الموجودة بالشركة، ولكنه يقول "أشعر بالراحة لأننا نملك استراتيجية قوية". التحلي بالجرأة والاستمرار في الابتكار وتحديد الأولويات أساسيات يريد صوان البناء عليها في أثناء قيادته للشركة، بجانب الأداء الجيد الذي يؤهل الشركة لتحقيق النمو.
وعند سؤاله في مقابلة نشرت على موقع شل، عن أفضل نصيحة تلقاها حول دوره الجديد، قال "انضم إلى الشركة كما لو أنه يومك الأول، وهو أمر صعب بالنسبة لشخص يعمل في الشركة نفسها منذ 25 عاماً، ثانياً كن متصلاً بأفراد الشركة، فهناك 80 ألف شخص جعلوا شل على ما هي عليه اليوم".
استراتيجية شل
يسعى صوان لقيادة موظفي الشركة الموهوبين لتنفيذ استراتيجية قوة التقدم (Powering Progress) الخاصة بشل، والتي تهدف إلى توفير الطاقة التي يحتاجها العالم اليوم، مع بناء نظام الطاقة في المستقبل، وخلق قيمة للمساهمين والمجتمع، وفقاً لما ذكره عبر حسابه على لينكد إن (LinkedIn).
ويستهدف صوان الوصول بشل إلى شركة طاقة خالية من الانبعاثات بحلول عام 2050، إذ يقول "نحن نحقق تقدماً جيداً. بحلول نهاية عام 2022، قللنا انبعاثات الكربون من عملياتنا بنسبة 30% مقارنة بعام 2016 على أساس صافٍ، أي أكثر من نصف الطريق نحو هدفنا المتمثل في خفض انبعاثات الكربون بنسبة 50% بحلول عام 2030".
يرفض صوان فكرة خفض إنتاج النفط والغاز، إذ يقول "لديّ وجهة نظر راسخة بأن العالم سيحتاج إلى النفط والغاز لفترة طويلة قادمة، وعلى هذا النحو، فإن خفض إنتاج النفط والغاز ليس بالأمر الصحي".
تتمثل استراتيجية شل تحت قيادة صوان في أن تصبح شركة طاقة خالية من الانبعاثات، من خلال تزويد عملائها بالطاقة التي يحتاجونها اليوم وغداً، وهذا يعني توفير الوقود لسيارات اليوم، مع دعم التخلص التدريجي من سيارات البنزين والديزل في مناطق مثل أوروبا، وزيادة المركبات الكهربائية والبنية التحتية للشحن، وفقاً لصوان.