قال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول إنه من المتوقع أن تجذب استثمارات الطاقة الشمسية ما يتجاوز مليار دولار يومياً خلال عام 2023، مع أكثر من 1.7 تريليون دولار لتقنيات الطاقة النظيفة ومصادر الطاقة المتجددة والتخزين، وذلك بعد أيام من قرار منظمة الدول المصدرة للنفط وحلفائها "أوبك بلس" مواصلة تخفيض الإنتاج اليومي للنفط في محاولة للحفاظ على استقرار الأسعار.
التوجه العالمي نحو الاستثمار في الطاقة المتجددة دفع السعودية التي تعد أكبر مصدر للنفط إلى إعلان عزمها استثمار أكثر من 266 مليار دولار في إنتاج الطاقة الشمسية، وإنشاء مزارع الرياح، وتطوير مشاريع الهيدروجين والأمونيا الزرقاء والخضراء، وبناء برنامج نووي؛ ما يُعد أكبر استثمار معلن في المنطقة العربية حتى 2023.
وتملك السعودية، التي ستخفض طوعياً إنتاج النفط بمعدل مليون برميل إضافي يومياً في يوليو/تموز القادم ولمدة شهر فوق المعدل المطلوب من قبل تحالف أوبك بلس، موقعاً ومناخاً يؤهلانها لتكون إحدى أبرز الدول المنتجة للطاقة الشمسية في الشرق الأوسط، نظراً إلى المساحة الواسعة لأراضيها وطول ساعات الإشعاع الشمسي لديها.
كما وقعت شركة أكوا باور السعودية في مايو/أيار الماضي اتفاقيات شراء طاقة مع الشركة السعودية لشراء الطاقة، بغرض تطوير 3 محطات لإنتاج الطاقة الشمسية الكهروضوئية وتنفيذها وتشغيلها في وسط وشمال المملكة، بطاقة إجمالية 4,550 ميغاواط، بقيمة تبلغ نحو 12.2 مليار ريال (3.25 مليارات دولار).
ومن المتوقع أن تسهم المشروعات الثلاثة في تزويد نحو 750 ألف وحدة سكنية تقريباً بالطاقة الكهربائية المتجددة سنوياً.
قال بيرول في لقاء على محطة سي.إن.بي.سي التلفزيونية الأميركية إن ثمة فجوة متزايدة بين الاستثمار في الطاقة الأحفورية والاستثمار في الطاقة النظيفة، معتبراً أن الطاقة النظيفة تتحرك بوتيرة أسرع من المتوقع، ويظهر ذلك في ابتعاد التقنيات النظيفة عن الوقود الأحفوري.
وتابع "مقابل كل دولار يُستثمر في الوقود الأحفوري، يُخصص 1.7 دولار الآن للطاقة النظيفة"، بعدما كانت هذه الاستثمارات متعادلة قبل خمس سنوات على حد تعبيره.
وأوضح إنه من المتوقع أن يصل إجمالي الإنفاق على الطاقة عام 2023، إلى 382 مليار دولار، ستذهب هذا العام إلى الطاقة الشمسية، وبشكل أساسي إلى الخلايا الكهروضوئية، مقابل 371 مليار دولار يتوقع إنفاقها على إنتاج النفط.
من جانبها استثمرت الإمارات أكثر من 40 مليار دولار في الطاقة النظيفة على مدى السنوات الـ 15 الماضية، وتخطط لاستثمار 163 مليار دولار إضافية في مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة خلال العقد المقبل، حسب وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية لشؤون الطاقة والبترول شريف العلماء.
وخفضت الإمارات إلى جانب السعودية وبقية الأعضاء ضمن تحالف أوبك بلس في 4 يونيو/حزيران الإنتاج طوعياً بـ 3.66 ملايين برميل يومياً لضمان استقرار سوق النفط.
وكان التقرير السنوي لوكالة الطاقة الدولية الذي نُشر في مايو/أيار الماضي قد أعلن أن الاستثمار في الطاقة الشمسية سيتجاوز الإنفاق على إنتاج النفط هذا العام للمرة الأولى، فيما سيصل الاستثمار في النفط والغاز والفحم إلى نحو تريليون دولار.
وربط التقرير الزيادة في الإنفاق على الطاقة النظيفة بالانتعاش القوي للنمو الاقتصادي في أعقاب جائحة كوفيد-19، فضلاً عن المخاوف بشأن تقلب الأسعار وأمن الطاقة الناجم عن الحرب الروسية في أوكرانيا العام الماضي.
كما أشار تقرير الاستثمار في الطاقة العالمية إلى أن الدعم المعزز للسياسات، مثل قانون خفض التضخم الأميركي، الذي قدم 369 مليار دولار من الإعانات والإعفاءات الضريبية لتقنيات الطاقة النظيفة، أسهم أيضاً في زيادة الاهتمام بالاستثمار في الطاقة الشمسية.
ويشكل الوقود الأحفوري المصدر الرئيسي لنحو 85% من إنتاج الطاقة في العالم، لكن تنامي الوعي بتداعيات ظاهرة تغير المناخ دفع دول العالم للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، عوضاً عن الوقود الأحفوري الذي يسهم بثلثي انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري.
وتتوقع تقارير أن يصبح توليد الطاقة من الشمس والرياح أقل تكلفة من استخدام مولدات الفحم والغاز بحلول عام 2027، في الوقت الذي أكدت فيه أوبك بلس مؤخراً، أن المستهدف هو تخفيض الإنتاج اليومي لكل دولة بنحو 1.5 مليون برميل إضافية بحلول 2024.
ويضخ تكتل أوبك بلس نحو 40% من إنتاج النفط الخام العالمي، وتساعد قرارات الخفض التي يتخذها التحالف في زيادة أسعار النفط، ما يشجع الاستثمار بالطاقات البديلة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة بظل انخفاض المعروض.
وتأتي قرارات خفض إنتاج النفط كإجراء احترازي لتحسين استقرار السوق، حسب نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك.