يعتبر كتاب أغنى رجل في بابل لرجل الأعمال الأميركي جورج صامويل كلاسون والمنشور عام 1926، من أهم الكتب التي تناقش مبادئ تكوين الثروة. يتناول الكتاب مجموعة مبادئ اقتصادية في إطار قصص ملهمة، تتضمن مجموعة نصائح مالية لسكان مدينة بابل القديمة الذين عاشوا منذ 6 آلاف سنة، والمفارقة أن تلك النصائح تناسب كل زمان ومكان.
لماذا اختار الكاتب بابل بالتحديد؟
عند الحديث عن بابل يتبادر للذهن الثراء الفاحش والفخامة والكنوز الكثيرة. فالمدينة كانت تتمتع بموقعٍ جغرافي استراتيجي ومحاطة بالموارد الطبيعية وغنية بمناجم الذهب، إلا أن الأهم من هذا كله هو أن الإنسان هو من بنى مجد المدينة وحضارتها.
أغنى رجل في بابل يدعى أركاد، وهو رجل يتصف بالحكمة والتواضع وحب مساعدة الآخرين، وقد حقق ثروة ضخمة جداً وأصبح مشهوراً بثرائه الفاحش في المدينة بعد أن كان فقيراً. قصد أركاد كثيرون طالبين منه النصائح لبناء ثروة، حتى إن ملك بابل طلب منه شخصياً أن يعلّم رجال المدينة أسراره.
لم يكن أركاد في الماضي متفوقاً دراسياً ولا ينحدر من عائلة كبيرة ذات شأن، لكن ما كان يميزه عن الآخرين هو رغبته الشديدة في تحقيق ثروة، وإيمانه بأنه يستطيع أن يحققها من خلال تعلم الطرق الصحيحة، والسعي المستمر نحو تحقيق أهدافه.
أحداث قصة الكتاب تبدأ من صانع أحذية يدعى بانسر يعمل في صناعة الأحذية الفاخرة للأثرياء، وهو يتأمل منزله الفقير بإحباط لأنه كان يحلم دائماً بأن يصبح ثرياً.
كان صانع الأحذية يعمل بجد سنوات طويلة، وهذا ما يقوم به صديقه عازف القيثارة كوبي الذي يشاطره حلم الثراء أيضاً، لكن لم يحقق أحد منهما ذلك الحلم، وهما بالكاد يستطيعان تلبية احتياجاتهما الأساسية فقط. وذات يوم، كان كوبي يفكر هو وصديقه بانسر في سبب عدم وصولهما لحلم الثراء المادي على الرغم من أنهما يعيشان في مدينة بابل الثرية.
اقترح كوبي على صديقه أن يذهبا إلى أركاد وطلب المشورة منه، وهذا ما حدث. بدأ أركاد بعرض سبع قواعد للتعامل مع المال وأسماها المبادئ السبعة للتغلب على المحافظ الخاوية، مبيناً لهما أنهما بحاجة لامتلاك عنصرين أساسيين هما: الوقت والدراسة حتى يتمكنا من تحقيق الثروة، والالتزام بالمبادئ التالية:
المبدأ الأول: ضع جزءاً من الراتب للتوفير
إذا كانت لدى الإنسان رغبةٌ في بناء ثروة لنفسه يجب عليه أن يبدأ بوظيفة توفر له دخلاً معيناً سواء يومياً أم شهرياً، وبعدها يستطيع أن يستفيد من مصدر الدخل هذا بادخار نسبة بسيطة منه بشكل مستمر. هذا الادخار البسيط سيتراكم شيئاً فشيئاً حتى يكوّن مبلغاً لا بأس به من الأموال.
الخطوة الأولى لتحقيق ذلك حسب أركاد هي "أن تدفع لنفسك أولاً قبل أن تدفع للآخرين"، وذلك عن طريق ادخار 10% على الأقل من إجمالي دخلك الشهري أو الأسبوعي، ثم تقسيم الـ 90% المتبقية على الالتزامات والنفقات والحاجات الأساسية.
يجب أن تكون تلك التصرفات عادة مستمرة دون الاكتراث بحجم الدخل، كبيراً كان أم صغير. حسب أركاد، بمجرد تطبيق هذا المبدأ، سوف تخطو أول خطوة في طريق صناعة الثروة. فالثروة تُصنع من بذرة صغيرة وإذا انتظمت في الاعتناء بها سوف تنمو وتزدهر مع الوقت. وقد ذكر أركاد أن "ادخار المال هو مجرد البداية".
المبدأ الثاني: ضع ميزانية مصروفاتك
يشكو معظم الناس من أن الراتب الشهري غالباً لا يكفي لتلبية النفقات الأساسية بينما يكون لدى البعض فائضاً من المال. لا شك أن احتياجات الأفراد تختلف من شخص لآخر، وسواء كنت هذا الشخص أو ذاك، فإن الادخار هو شيء ضروري للجميع.
كقاعدة مالية، يجب أن نعطي الأولوية للإنفاق على الضروريات لا الكماليات. ولكي نفعل ذلك يجب علينا تخصيص ميزانية من خلال كتابة جميع المتطلبات التي نحتاج الإنفاق عليها شهرياً أو يومياً، ثم بعد ذلك نرتبها حسب ضرورتها.
أوصى أركاد بضرورة التقليل من الإنفاق على الأشياء غير الضرورية، والتمييز بين النفقات الضرورية والكماليات التي لا حدود لها بكتابة كل شيء يرغب الشخص في الإنفاق عليه ثم اختيار الأشياء الضرورية فقط، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه النفقات لا تتعدى حدود نسبة 90% من دخلهم، ويجب عليهم ألا يمسوا الـ 10% المتبقية.
المبدأ الثالث: استثمر ما توفره في مشروع ناجح
بعد ادخار جزء بسيط من الإيرادات والتحكم في النفقات، يجب العمل على تنمية المدخرات عن طريق الاستثمار. بمجرد تطبيقك الخطوات السابقة تكون سلكت الطريق الصحيح في تحقيق الثروة.
لم يكن أركاد محظوظاً في تجربته الأولى للاستثمار، فقد فشل وخسر مدخراته، ولكنه لم ييأس وتعلم من خطئه وقام بالاستثمار مجدداً، وكذلك بمشاركة مدخراته مع متخصصين ماهرين في التجارة التي يقومون بالعمل فيها، وأضاف إنه لم يكتفِ بتحقيق ربح من مدخراته، ولكنه قام باستثمار مدخراته مع الأرباح في كل مرة ليحقق ربحاً أكبر.
المبدأ الرابع: ابحث جيداً في مخاطر كل مشروع تريد الاستثمار به
باختصار، حافظ على الثروة من الضياع عن طريق دراسة الاستثمار بشكل جيد من جميع النواحي، وأيضاً دراسة جميع الاحتمالات ومدى خطورة الاستثمار في أي منها. أركاد يرى أن أول خطوة لضمان الاستثمار هي حماية رأس المال من خلال اتباع بعض النقاط المهمة، وهي:
- لا تنخدع بالأرباح الكبيرة عند وجود احتمالية خسارة كل رأس المال عند الدخول في مشروعات لا تمتلك الخبرة والمعرفة الكافية فيها.
- تأكد من الخبرة العملية وسمعة وأمانة الشخص الذي ستقوم بمشاركته رأس مالك أو الشركة التي تريد الاستثمار فيها.
- كن على دراية بمخاطر الاستثمار في المجال الذي ترغب فيه وادرسها جيداً قبل أن تقرر الاستثمار في ذلك المجال.
- اطلب النصيحة من الأشخاص المختصين والخبراء في كيفية التعامل مع المال.
المبدأ الخامس: اجعل من منزلك استثماراً مربحاً
نصح أركاد أصدقاءه نصيحة ذهبية، وهي الاستثمار في الأصول الثابتة، وهي العقارات التي تعد أفضل أنواع الاستثمارات المضمونة المربحة التي تتضاعف قيمتها بمرور الوقت. وشجعهم على السعي في امتلاك منزلهم الخاص والذي سيرتفع سعره في المستقبل ومن الممكن أن يساعد على امتلاك ثروة بشكل أسرع.
يعد الاستثمار في الأصول الثابتة استثماراً ذكياً سوف يساعدك على رفع مستوى معيشتك وتوفير حياة كريمة لك ولعائلتك. وامتلاك منزل خاص بك يحررك من تكلفة وجهد التنقل بين المنازل المستأجرة ويوفر لك الاستقرار والأمان المادي.
المبدأ السادس: اجعل لك دخلاً ثابتاً في المستقبل
وهذا يمنع الخوف من المستقبل والنفقات المفاجئة على المدى البعيد. تحت هذا المبدأ، طلب أركاد التفكير في مصدر دخل يستطيع الفرد من خلاله ضمان دخل ثابت في المستقبل. فالدخل الثابت يساعدك على ضمان حياة كريمة عند الكبر حينما لا تكون قادراً على العمل بنفس القدر الذي تعمل به في الوقت الحالي. بعد ذلك قدم أركاد نصائح تساعد على ذلك:
- يعد شراء العقارات والبيوت التي يتم اختيارها بحكمة من مصادر الدخل الثابت نظراً لإيراداتها من التأجير.
- توفير مبالغ صغيرة من المال وبعد ذلك استثمارها واستثمار أرباحها على مدار سنوات طويلة ثم تخصيص هذا المال للاستفادة منه في المستقبل، طريقة أخرى لتشكيل مصدر دخل ثابت.
المبدأ السابع: طور من قدراتك في جميع مجالات الحياة
ختم أركاد مبادئه السبعة بالتوجيه لضرورة تعلم المزيد من المهارات في مهنتهم والتي ستزيد مستواهم ليتحولوا من مبتدئين إلى خبراء ما يضمن لهما زيادة في فرص الحصول على المال أضعافاً مضاعفة من الدخل.
زد من قدرتك على الكسب وهذا يكمن في استثمار الوقت والجهد في تنمية مهارات متعددة قد تكون مصدر دخل محتمل في المستقبل.