نص القانون الجديد للشركات العائلية في الإمارات، الذي دخل حيز التنفيذ في شهر يناير/كانون الثاني 2023، على وثيقة تحدد قيم العائلة صاحبة الشركة وأهدافها وسبل حل الخلافات العائلية ذات الصلة بالشركة العائلية، وهي الوثيقة التي أسماها القانون "ميثاق العائلة" في مادته السادسة.
وتمثل الشركات العائلية 90% من الشركات الخاصة في الإمارات، وتتوزع استثماراتها على قطاعات العقارات وتجارة التجزئة والسياحة والصناعة والتكنولوجيا والشحن والخدمات اللوجستية.
ويهدف قانون الشركات العائلية، لاسيما من خلال ميثاق العائلة، إلى توفير الآليات المناسبة لحل النزاعات داخل هذا الصنف من الشركات، وتنظيم ملكيتها وحوكمتها وتيسير انتقالها بين الأجيال.
فماذا ينظم هذا الميثاق بالضبط؟ ومن أين تبدأ الشركات العائلية صياغة ميثاقها الخاص؟
4 مجالات ينظمها الميثاق
ينظم ميثاق العائلة 4 مجالات أساسية هي:
(1) أهداف الشركة العائلية.
(2) توزيع الأرباح بين مكوناتها.
(3) آليات فض النزاعات.
(4) الحد الأدنى للمؤهلات العلمية والخبرات العملية التي يجب أن تتوفر في الشركاء وأفراد العائلة للعمل في الشركة العائلية.
وتتم الموافقة على ميثاق العائلة بأغلبية أعضاء مجلس العائلة أو بأغلبية الشركاء من العائلة في حال لم يكن لها مجلس. وتبقى القوة الإلزامية للميثاق أضعف من عقد تأسيس الشركة العائلية، إذ ينص القانون صراحةً على أنه "في حال التعارض بين عقد التأسيس والميثاق، تسري أحكام عقد التأسيس".
تعزيز الثقة بالعائلة
وترى مستشارة الأعمال، ياسمين عمري، أن ميثاق العائلة يسعى في عمقه إلى تعزيز الثقة بالعائلة وأعمالها والقضاء على أي التباس أو شكوك أو تحريف لقيم الشركة العائلية.
وتضيف عمري، في ندوة عن بعد حول "تطبيق دستور الشركات العائلية في الإمارات" نظمتها "مبادرة بيرل" مؤخراً، إن على الميثاق أن يحدد "القيم الأساسية للعائلة ورؤيتها على المدى البعيد ويترجم التزامها بالبقاء موحدة".
وتؤكد أن صياغة ميثاق العائلة مسار تشاركي وتمرين مفيد للعائلة بما أنه يمكّنها من استكشاف الديناميكيات والرؤى التي تتفاعل داخلها.
مضمون الميثاق
ترى عمري، التي تشغل أيضاً منصب مديرة في مكتب الاستشارات "إي واي برايفت"، أن ميثاق العائلة يجب أن يحدِّد، ضمن أمور أخرى، حقوق وواجبات كل فرد من أفراد العائلة وطموحاته وأهدافه بعيدة المدى.
كما يجب أن يحدد الميثاقُ مسار اتخاذ القرار وطريقة انتقال الشركة بين أجيال العائلة ويوفر آلية لحل النزاعات داخلها.
ومن البنود التي يتضمنها عادة ميثاق العائلة، وفقاً للخبيرة في الأعمال، "قيم العائلة" و"رؤية العائلة ورسالتها" و"هيكل ملكية الشركة" و"حوكمة جمعية المساهمين" و"تركيبة مجلس الإدارة وتمثيلية العائلة به".
كما يمكن أن يتضمن الميثاق "سياسة توظيف أفراد العائلة" و"القيود على الشركات الخاصة لأفراد العائلة" و"سياسة توزيع الأرباح وتمويل الشركة"، و"المبادرات الخيرية للشركة"، و"مدونة السلوك والأخلاقيات".
طريقة صياغة الميثاق
حسب دليل حول كتابة "دساتير الشركات العائلية" أنجزه مكتب استشارات متخصص في إدارة الشركات العائلية، يمر إعداد ميثاق الشركة العائلية بست خطوات أو مراحل هي:
- فهم الثقافة السائدة داخل العائلة وتشخيص طريقة التواصل بين أفرادها.
- أخذ آراء كل فرد حول هذا التشخيص الأولي.
- تشكيل لجنة عائلية لصياغة الميثاق.
- صياغة الميثاق.
- تنفيذ الميثاق.
- تقييم الميثاق.
وتهدف المرحلة الأولى إلى فهم الثقافة السائدة داخل العائلة وطرق التواصل بين أفرادها وأفكارهم وتوجهاتهم وتطلعاتهم، وللشركة أن توكّل خبيراً بقيادة هذه العملية وإجراء مقابلات مباشرة لرصد رؤى أجيالها، ليتم في المرحلة الثانية عرض هذه الرؤى والأفكار على سائر أفراد العائلة بهدف تقريب وجهات النظر وحل أي خلافات محتملة.
وخلال المرحلة الثالثة، يتم تشكيل لجنة مصغرة من العائلة تراعي في تشكيلها الجمع بين مختلف أجيالها، وتتولى مراجعة قيم العائلة وتدقيق أهدافها ونظام حوكمتها وهياكلها بغرض صياغة ميثاق يعبر عن كل ذلك.
وفي المرحلة الرابعة، تجري صياغة الميثاق الذي يتضمن بنوداً من تلك التي أشارت إليها ياسمين عمري وما في حكمها من قبيل "إدارة الأصول" و"قياس الأداء" و"توزيع الأرباح".
وتتصل المرحلة الخامسة بتنفيذ مضامين الميثاق، والحرص على ألا تبقى مجرد حبر على ورق، فيما تُعنى المرحلة السادسة بتقييم التقدم المنجز في تحقيق أهداف الشركة المضمنة بالميثاق، وفعالية هياكل الحوكمة، وإجراء أي تعديلات على الميثاق، أو تبني بعض الممارسات الفضلى.