طفلٌ كان يحصل بصعوبة على مصروف جيبه، يعيش مع والديه وإخوته الثلاثة في منزل من غرفتين فقط في مدينة مومباي الهندية، يتربع اليوم على عرش قائمة فوربس لأثرياء آسيا، بثروة تزيد 31,202 دولار كل دقيقة حسب "بزنس إنسايدر"، مدفوعاً بحب المنافسة الشرسة التي مارسها حتى مع أخيه دافعاً إياه لإغلاق شركته، ثم قارع العملاق "أمازون".
ولد موكيش أمباني عام 1957، واستمر بدراسته إلى أن اتخذ قراراً بإنهاء رحلة العلم ودخول عالم الأعمال لمساعدة والده في إدارة مصنعه، فاضطر لترك ماجستير إدارة الأعمال في "جامعة ستانفورد" عام 1980، ليتوقف تحصيله العلمي عند مرحلة بكالوريوس الهندسة الكيميائية التي حصل عليها من "هيل جرانج هاي سكول" في الهند.
أثر موكيش على شركة أبيه
"شركة ريلاينس" الصغيرة لتصنيع المنسوجات، التي أسسها والده ضيروبهاي أمباني عام 1966، لم تبقَ كما هي بعد دخول موكيش، بل أخذت تتوسع وتكبر شيئاً فشيئاً لتدخل قطاعات أخرى، فبعد صناعة خيوط البولستر وأقمشة البولستر عام 1980، دخلت في الاستثمار بقطاعات مختلفة كالبتروكيماويات، ثم ذهبت باتجاه تكرير النفط واستخراج الغاز وغيرها من القطاعات.
بعد 3 سنوات من وفاة والده، قُسّمت الشركة عام 2005 إلى قسمين، الأول تحت إدارة موكيش أمباني والذي يضم أنشطة النفط والغاز والبتروكيماويات والتكرير، والثاني بإدارة أخيه أنيل والذي ينشط بقطاع البناء والاتصالات وإدارة الأصول والترفيه وتوليد الطاقة.
لم يتوقف موكيش عند الأنشطة التي ورثها، بل توسع بمجالات الاستثمار ليدخل عالم التجارة بالتجزئة عبر "شركة ريلاينس للتجزئة" التي تحوّلت فيما بعد إلى أكبر شركة للبيع بالتجزئة في الهند بنحو 12 ألف متجر حول البلاد، مبرمةً خلال 2020 صفقة بقيمة 3.38 مليار دولار للاستحواذ على نشاط التجزئة لـ "فيوتشر جروب" الهندية المنافسة.
منافسة أمازون
جذب أمباني خلال "ريلاينس للتجزئة" استثمارات بقيمة 5.14 مليار دولار، مع طموح بجذب المزيد من المستثمرين، من أجل توظيفها في تنمية نشاطها بمجال البيع عبر الإنترنت لمزاحمة منافسين مثل "فليبكارت" التابعة لـ "شركة وول مارت" الأميركية، وذراع "أمازون.كوم" في الهند.
أدى استحواذ "ريلاينس" على نشاط التجزئة التابع لـ "فيوتشر جروب" إلى إشعال المنافسة مع "أمازون" التي ترى في الهند سوقاً نامياً كبيراً لا سيما بعد توقفها عن العمل في الصين العام الماضي. كل ذلك، دفع "أمازون" لرفع دعوى على "ريلاينس" بحجة أن صفقتها مع "فيوتشر" انتهاك لعقد استحواذ وقعته للحصول على حصة أقلية غير مباشرة في "فيوتشر" عام 2019.
لم تكن أمازون الوحيدة التي نافسها أمباني، فقد سبق له وأن دخل بمنافسة مع أقرب الناس إليه وهو أخوه أنيل، حين أطلق عام 2016 "شركة جيو بلاتفورمز" لتقديم الخدمات الرقمية، التي تسببت بإفلاس "شركة آركوم" للاتصالات التي يملكها أنيل عام 2018.
جعل أمباني من "جيو بلاتفورمز"، أكبر شركة اتصالات في الهند وثالث أكبر شركة اتصالات في العالم بالنظر إلى عدد الاشتراكات، فقد تمكنت من جذب استثمارات بأكثر من 25 مليار دولار من مستثمري وادي السيليكون، وذلك في عام 2020، ومنها شركة "ميتا" و"جوجل"، وفقاً لـ "بلومبرغ".
احتل أمباني المركز 21 في "قائمة فوربس" لأثرياء العالم عام 2020 بثروة 72.2 مليار دولار، وتبلغ إيرادات استثمارات شركاته في مجالات البتروكيماويات والنفط والغاز والاتصالات والبيع بالتجزئة سنوياً حوالي 88 مليار دولار.
لا يزال أمباني متمسكاً بخصال الطفولة، فهو فضولي كالأطفال، يبقى مستيقظاً حتى وقت متأخر من الليل مدفوعاً بحب الاطلاع والقراءة، لا سيما الأخبار المتعلقة بالأعمال الناشئة، حسب ما نقلت "صحيفة فايننشال تايمز" البريطانية عن أحد المقربين منه.
رجل الأعمال الستيني الذي عاش طفولته في منزل مكون من غرفتين مع كل العائلة، يعيش حالياً مع زوجته وأولاده في بناء مكون من 27 طابقاً تقدر قيمته بأكثر من 1 مليار دولار، ويديره طاقم خدم مكون من 600 موظف.
موكيش متزوج من نيتا ولديهما ثلاثة أولاد أكاش، وأيشا، وأنانت. وهو يهتم كثيراً بعائلته، ويكثر الحديث عنها وعن المناسبات الخاصة بها، وأقام لابنه أكاش عام 2019 حفل زواج أسطوري حضرته كبرى الشخصيات منها رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وزوجته، والمدير التنفيذي لـ "شركة جوجل" ساندر بيتشاي.
وينشغل موكيش حالياً بالإعداد لخلافته في مجموعته العملاقة، إذ عين ابنه أكاش رئيساً لشركة الاتصالات اللاسلكية الأولى في الهند "ريلاينس جيو إنفوكوم"، كما عين أيشا، رئيسة ذراع البيع بالتجزئة لـ "ريلاينس"، حسب ما كشفت مصادر مطلعة لـ "بلومبرغ" نهاية يونيو/حزيران الماضي.
ومن المقرر أن يواصل أمباني، الذي استقال مؤخراً من مجلس إدارة "إنفوكوم"، بإدارة شركة "جيو بلاتفورمز" (Jio Platforms)، للتكنولوجيا، والتي يتم العمل على الطرح العام الأولي لها.