كشف تقرير مناخي جديد أن مجموعة قليلة من البشر ينتجون الكمية نفسها من انبعاثات الكربون مثل بلد أوروبي بأكمله. إذ كشفت دراسة نشرتها منظمة أوكسفام (Oxfam)، التي تُعنى بالتخفيف من الفقر، أن استثمارات 125 شخصاً من أغنى الأفراد في العالم لها بصمة كربونية تعادل انبعاثات فرنسا بأكملها، ونشرت المنظمة التقرير بالتزامن مع مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي كوب 27 (COP27) المنعقد في مصر، والذي يُتوقَّع أن يركز على المناقشات حول تمويل العمل المناخي والقدرة على الصمود.
وحللت الدراسة استثمارات المليارديرات في 183 شركة ووجدت أن حصصهم تصل إلى 2.4 تريليون دولار، وهذه الاستثمارات وحدها مسؤولة عن انبعاث 3 ملايين طن متري من ثاني أكسيد الكربون كل عام، وهو ما يتجاوز بمليون مرة متوسط انبعاثات الأفراد خارج الفئة الـ 10% الأغنى في العالم.
وتشير النتائج إلى أن 14% من الاستثمارات التي يملكها المليارديرات تندرج ضمن فئة "القطاعات الملوِّثة"، ومنها قطاعات الوقود الأحفوري والإسمنت، وواحد فقط من المليارديرات في المجموعة المستهدفة كانت لديه استثمارات في مجال الطاقة المتجددة.
وعلّق الرئيس التنفيذي لمنظمة أوكسفام، داني سريسكاندراجاه، قائلاً: "نادراً ما يُناقَش دور الأثرياء في دفع التغيّر المناخي، إذ يتحمل هؤلاء المستثمرون أصحاب المليارات الموجودون في قمة هرم قطاعات الأعمال مسؤولية ضخمة في قيادة الكارثة المناخية، وقد أفلتوا من المساءلة لفترة طويلة".
إن الأفراد من الفئات المنخفضة والمتوسطة الدخل، فأمامهم خيارات محدودة في استهلاك الكربون، أما الفئات الأكثر ثراء من السكان فهي في وضع يسمح لها باتخاذ خيارات واعية بشأن المناخ حسب المنظمة. وبيّن التقرير أيضاً أنه بصرف النظر عن الأفراد الأثرياء، فإن العديد من الشركات كانت تخرج عن المسار الصحيح في سياق تحويل أعمالها لصالح العمل المناخي من خلال وضع أهداف مناخية غير واقعية على المدى القريب مع وعود بتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.
وكتب الرئيس التنفيذي لمنظمة أوكسفام في بريطانيا العظمى، داني سريسكاندراجاه، في بيان: "يجب أن يفضح مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي الحالي الدور الذي تؤديه الشركات الكبرى ومستثمروها الأثرياء في الاستفادة من التلوث الذي يقود أزمة المناخ العالمية، ويعمل على تغيير هذا الدور".
ويوصي التقرير بفرض ضريبة كبيرة على الاستثمارات في القطاعات الملوِّثة، وتقدّر منظمة أوكسفام أن فرض هذه الضريبة يمكن أن يجمع ما يقرب من 1.4 تريليون دولار سنوياً، والتي يمكن استخدامها بعدئذ لتمويل الجهود المتعلقة بالعمل المناخي للدول النامية التي لا حيلة لها في مواجهة التغيّر المناخي.
كما سلّط التقرير الضوء على عدد قليل من المليارديرات بصفتهم أمثلة على المستثمرين الذين يمكنهم المساهمة في حماية البيئة، مثل إيفون شوينارد، مؤسس شركة الملابس الرياضية باتاغونيا (Patagonia)، الذي وضع ملكية الشركة في صندوق اتئماني لمكافحة تغير المناخ.
وفي سياق الاتفاقيات المناخية، حدد اتفاق باريس (The Paris Agreement)، الذي اعتُمِد في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي كوب 21 (COP21) في عام 2015، هدفاً للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عند أقل من 1.5 درجة مئوية. وكشف تقرير للأمم المتحدة الشهر الماضي أن جهود الدول التي وقعت على الاتفاقية كانت مفيدة ولكنها غير كافية، إذ إن هذه الجهود كفيلة بوضع العالم على مسار خفض الاحتباس الحراري حتى 2.5 درجة مئوية فقط.