المحتوى محمي
المحتوى محمي
قصة ريادة

منصّة الطبي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتضع الخدمات الصحية في متناول 20 مليون مستخدم شهرياً

تركّز منصة الطبي على جمع البيانات والمعلومات الضرورية التي ستمكّنها من تقديم خدمات صحية أفضل، وبتكلفة معقولة، ولعدد أكبر من الناس.

بقلم


money

جليل اللبادي، المؤسس والشريك والرئيس التنفيذي لمنصة الطبي (مصدر الصورة: فورتشن العربية)

رغم طفرة المنصات الرقمية التي توفر الخدمات الصحية؛ إلا أنها ما تزال غير قادرة على تقديم خدمة متكاملة، بحسب المؤسس والشريك والرئيس التنفيذي لمنصة الطبي (Al Tibbi) الأردنية والتي تأسست عام 2008، جليل اللبادي الذي أشار إلى أن شركته استطاعت التميز في هذا الجانب واستغلال هذه الثغرة.

يقول اللبادي في حديثه مع فورتشن العربية إن منصته تتيح رحلة رعاية متكاملة للمريض إذ: "يقدّم نموذج الرعاية المتكامل لديهم رحلة سلسة من المحتوى إلى الاستشارة إلى العلاج؛ ما يسهّل وصول الجميع إلى المعلومات الضرورية ويضع الرعاية الصحية في متناول الجميع". 

ويشير إلى أنّ منصة الطبي تركّز على جمع البيانات والمعلومات الضرورية التي ستمكّنها من تقديم خدمات صحية أفضل، وبتكلفة معقولة، ولعدد أكبر من الناس. "نعتقد إن مفتاح إنجاز ذلك بالنسبة لشركة الطبّي هو ربط المعلومات مع بعضها بعضاً في مجال تجربة المستخدم والبيانات الصحية؛ ما سيجعل جودة الرعاية أعلى وبتكلفة معقولة بالنتيجة".

المكوّن السحري للنجاح 

"وجدنا أن هناك نقصاً في الوعي حول  فوائد الخدمات الصحية الرقمية لدى أصحاب المصلحة الرئيسيين وشركات التأمين والجهات التنظيمية والمسؤولين الحكوميين والمستثمرين"، حسب اللبادي الذي أضاف أن: "جذب الاستثمار إلى الرعاية الصحية في البداية كان اختباراً حقيقياً إذ إن قطاع الرعاية الصحية لا يحصل على التمويل الذي تحصل عليه قطاعات أخرى في المنطقة مثل التكنولوجيا المالية". 

ومع ذلك، فإن تأسيس شركة اجتذبت أعلى تمويل في قطاع التكنولوجيا الصحية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حتى الآن بقيمة 44 مليون دولار، يؤكد أن شركة الطبّي تقدم ما يريده الناس وما تتطلبه السوق في آنٍ واحد.

يقول اللبادي إنّ المكوّن السحري لشركته هو الفريق الذي يؤمن تماماً بغاية الشركة في  تعزيز صحة الجميع. "وهذا ما أعطى شركتنا معنىً ووجّهنا في كل ما قمنا به منذ بدايتنا كواجهة إلكترونية لأول قاموس طبي عربي كتبه والدي" على حد تعبيره.

أمضى والد اللبادي حياته كطبيب للاجئين في مخيمات اللجوء في الأردن؛ حيث كتب أوّل قاموس طبّي عربي-إنجليزي. يقول مؤسس منصة الطبي: "نحن مدفوعون بهدفنا الأساسي وهو إعادة توصيل سلسلة القيمة في قطاع الرعاية الصحية، وأداء دور حاسم في تنظيم خدمات الرعاية الصحية الرقمية، وخفض التكاليف لأصحاب المصلحة الرئيسيين، وتحسين الجودة والراحة في نهاية المطاف لـ 400 مليون شخص في العالم العربي يفتقرون إلى الخدمات الصحية الأساسية". 

وتبقى نصيحة اللبادي لرواد الأعمال، وهي الحفاظ على دوافعهم والتركيز على تحقيق أهدافهم، من أبرز ما ساعده على تحقيق ما أنجزه.

تقنيات مبتكَرة 

تُعتبر التكنولوجيات المبتكَرة عاملاً حيوياً لضمان تلبية الطلب المتزايد على خدمات الرعاية الصحية عالية الجودة في العالم العربي، حسب اللبادي الذي شرح إنّه من خلال اعتماد تكنولوجيات مبتكَرة مثل تعلّم الآلة، تمكّنت الطبي من ضمان تقديم خدمات أسهل وأسرع وبأسعار معقولة.

"تسمح لنا التكنولوجيا الحديثة بتحسين أنظمة الرعاية الصحية ومحاولة إيجاد طرق جديدة لإتاحة الوصول إلى خدمات رعاية صحية عالية الجودة دون الاضطرار إلى المرور بما مرت به الدول الغربية على مدار المائة عام الماضية لتصل إلى الهدف نفسه. ويضيف: "أحد الأمثلة على ذلك هو نجاحنا في تحليل البيانات المتزايدة وتفسيرها باستخدام الذكاء الاصطناعي لتوفير رؤىً طبية أكثر دقة، وضمان زيادة وصولنا إلى المرضى".

ويرى اللبادي إنّ الذكاء الاصطناعي حجر الزاوية في عمل شركة الطبي، ويسهم في ضمان جودة الخدمات الطبية ومساعدة الأطباء على التعامل مع الطلب المتزايد. ويقول: "نستخدم على وجه التحديد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لمساعدة الأطباء على توفير تشخيصات وإحالات ووصفات أدق لمزيد من المرضى في جميع أنحاء المنطقة؛ إذ تساعدنا هذه التقنيات على إجراء تحليل عميق لبيانات المستخدمين لدينا لتحديد أين يجب دعم الرعاية الصحية وكيفية الوصول إلى المرضى بأفضل شكل". 

تقود تكنولوجيات مثل الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة الابتكارات العامة والخاصة في مجال الرعاية الصحية في جميع أنحاء المنطقة، فعلى سبيل المثال؛ أعلنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية مؤخراً بالتعاون مع جامعة الإسكندرية عن تطوير نظام للكشف عن العلامات المبكرة لاعتلال الشبكية السكري. 

يضيف اللبادي: "إذا نظرنا على نطاق أوسع في جميع أنحاء المنطقة، نلاحظ زيادة في استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية، من التشخيص الآلي إلى توقع إشغال أسرة المستشفيات، مع ترحيب العديد من الحكومات أيضاً بإمكاناته كما رأينا في رؤية المملكة العربية السعودية 2030".

ولطالما روّجت منصة الطبي بأنها أنّها تتصدى لفقدان الخدمات الصحية الأساسية الذي يعاني منه 400 مليون عربي. ويشرح اللبادي إن إحدى غايات الطبي الأساسية هي تقليل عدد العرب الذين يفتقرون إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية، وقد مكّنتنا قدراتنا الرقمية المتقدمة من إتاحة وصول الملايين إلى الرعاية الصحية وتخفيف الضغط على أنظمة الرعاية الصحية الوطنية.

منظومة طبية تخدم 14 دولة في مجالات متنوّعة

تتميز الخدمات الصحية الرقمية بإمكانية تقديمها لجميع الناس أينما كانوا دون الحاجة لاستثمارات كبيرة، وهذا القطاع ينمو بسرعة. ويلفت اللبادي إلى أنّهم يركّزون في الطبي على ضمان حصول الجميع، بدءاً من الذين يعيشون في المناطق النائية، على تشخيص دقيق من منازلهم دون الحاجة إلى السفر عدة مرات لإجراء الاختبارات وما إلى ذلك؛ وبالتالي تحسن الوصول إلى الرعاية الصحية للمجتمعات الريفية التي باتت أكثر معرفة بالتكنولوجيا.

تعمل الطبي حالياً في 14 دولة بما في ذلك دول الخليج العربي والأردن ومصر. ويشرح اللبادي إنّ المنصة أقامت في وقتٍ سابق من هذا العام شراكة مع الحكومة المصرية لإطلاق مشروع بلازما الدم (Blood Plasma project) الوطني، وهو جزء من تعاون الطبي مع الحكومتين المصرية والأردنية لتقديم خدمات الرعاية الصحية عن بُعد من خلال الخطوط الساخنة الوطنية للتعامل مع جائحة كوفيد-19.

وتخضع الحكومات المختلفة لضغوط تقديم المزيد من الخدمات الطبية مع ضغط الاقتصاد في النفقات، "لذا نقدّم مساعدة في تخفيف هذا الضغط" في الطبي بحسب اللبادي الذي أشار إلى شراكات حكومية بين المنصة وحكومتيّ الأردن ومصر خلال جائحة كوفيد-19.

ويقول عملنا بشكل وثيق مع الحكومتين لتوفير خدمات الرعاية الأولية الرقمية، وكان أثر هذه الشراكات هو الحد من الأزمة والاكتظاظ في المراكز الصحية، وبخاصة في بداية الأزمة، وتعزيز وعي الناس بالموارد المتاحة". 

ويضيف: "نتطلع قدماً إلى استمرار التعاون على شكل شراكات عامة وخاصة وإقامة مشاريع مستقبلية تتماشى مع أهدافنا المتمثلة في تخفيف العبء الصحي على المواطنين، مع إبراز أهمية الصحة الرقمية ودورها في تقديم الخدمات التي توفر الوقت والجهد وتضمن أعلى مستويات جودة الخدمات الطبية".

أمّا عن توسيع رقعة خدماتها جغرافياً، فتنوي الطبي تعزيز وجودها في مصر والسعودية. ويقول اللبادي: "سيتم تخصيص جزء من أموال الجولة التمويلية من الفئة الثانية (ب) التي جمعنا فيها 44 مليون دولار، لتعزيز النمو في المملكة العربية السعودية ومصر، مع توسيع خدمات منصتنا لتشمل الصيدليات والتشخيص الإلكترونيَّين".

ويضيف اللبادي: "بعد جولة التمويل الأخيرة، نركّز على توسيع خدمات منصتنا لتشمل الصيدليات والتشخيصات على الإنترنت. ونرغب أيضاً في مواصلة زيادة استثماراتنا في تعلّم الآلة لدعم الأطباء في توفير التشخيصات الدقيقة والإحالات والوصفات الطبية. ومن المهم أيضاً أن نواصل التركيز على ضمان تقديم أفضل شكل من الدعم من خلال مجموعة كاملة من خدمات الرعاية الصحية الرقمية الشاملة".

وتفاخر المنصة في أنّها قدمت ما يفوق 4.5 مليون استشارة حتى الآن لأكثر من 20 مليون مستخدم شهرياً. ويشرح اللبادي قائلاً إنّه من الصعب تحديد مجال الرعاية الصحية الذي يستقبل القسم الأكبر من طلبات الاستشارات؛ "لكننا شهدنا زيادة كبيرة في عدد المرضى الذين يسعون للحصول على المشورة أو الخدمات المتعلقة بالصحة العقلية والتي لا تحصل على الاهتمام الكافي واللازم غالباً". 

ويضيف: "شهدنا على منصّتنا زيادة بنسبة 270% في مشاهدات الصفحة على المحتوى المتعلق بعلم النفس منذ العام الماضي؛ كما زادت الاستشارات بخصوص الاكتئاب وعلاجه بنسبة 70%، واستشارات القلق بنسبة 36%، واستشارات الكوابيس بنسبة أكثر من 29%، واستشارات العوامل النفسية والسلوكية المرتبطة بأمراض أو اضطرابات أخرى بنسبة 81%".

وبالإضافة إلى الرعاية الصحية عن بعد، تقدّم شركة الطبّي أكثر من مليونيّ صفحة من المحتوى على منصة التشخيص الإلكترونية التي تضم أكثر من 20,000 طبيب معتمد نشط. ويلفت اللبادي إلى أنّ أكثر من 300 مليون مريض قرؤوا حتى الآن مقالات المنصة واستفادوا من محتوى الموقع الإلكتروني، وتلقّى 5 ملايين مريض أيضاً استشارات عالية الجودة من أطباء الطبي في مجال الرعاية الصحية عن بُعد؛ ما قلل من وقتهم الضائع لزيارة العيادة والانتظار إلى جانب توفير التكاليف أيضاً.

خدمات جديدة

في عام 2021، أطلقت الطبي الأكاديمية الطبية التي تتضمّن جميع الدورات التدريبية المعتمَدة من قبل الكلية الملكية للممارسين العامين في المملكة المتحدة، وتُقدَّم من خلال شراكة مع مؤسسة الرعاية الأولية الدولية؛ وهي مؤسسة اجتماعية تهدف لتعزيز الرعاية الصحية الأولية على مستوى العالم.

بالنظر إلى المستقبل، تركّز منصة الطبي على الاستمرار في توسيع وجودها في الدول العربية، وفي المملكة العربية السعودية ومصر على وجه الخصوص، مع العمل على جعل الخدمات أعلى جودة وأقل ثمناً في الوقت نفسه، بهدف تحسين صحة الجميع. 


image
image