بدأت أسعار السلع الأساسية في الانخفاض مؤخراً حتى مع استمرار التضخم في الارتفاع إلى أعلى مستوياته في 40 عاماً، لكن البولي سيليكون، وهو أحد المواد المهمة، يسير في الاتجاه المعاكس.

فقد ارتفع سعر المادة فائقة التوصيل الضرورية لإنتاج الألواح الشمسية بنسبة 2.3% يوم الأربعاء إلى 38.05 دولاراً للكيلوغرام الواحد، وقفزت أسعار البولي سيليكون منذ يناير/كانون الثاني 2021 أكثر من 190% إلى أعلى مستوى لها منذ عقد وفقاً لمذكرة بحثية يوم الأربعاء من شركة سولارب (Solarbe) الصينية لتحليلات سوق الطاقة الشمسية.

ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار عقود الطاقة الشمسية للمشاريع الكبيرة أكثر من 25% عن العام الماضي حسب ما ذكرته وكالة رويترز يوم الخميس.

يعتقد محللو شركة سولارب أنه إذا استمرت الزيادات في أسعار البولي سيليكون فقد تصبح مشاريع الطاقة الشمسية الكبرى في جميع أنحاء العالم غير مجدية اقتصادياً، ما يؤدي إلى إبطاء وتيرة اعتماد مصادر الطاقة النظيفة.

وقالوا: "إذا استمرت أسعار البولي سيليكون عند مستوى مرتفع، فإن جميع مشاريع المرافق الكبيرة ستتوقف".

ودعماً لهذا الادعاء، قال محللون من بنك مورغان ستانلي (Morgan Stanley) في مذكرةٍ الأسبوع الماضي إن الشركة الصينية لونغي غرين إنيرجي تكنولوجي (Longi Green Energy Technology)، أكبر مطور لمعدات ومشاريع الطاقة الشمسية في العالم، تعتقد أن قطاع الطاقة الشمسية يقترب من الحالة التي ستصبح فيها الأسعار غير منطقية لمطوري مشاريع الطاقة الشمسية واسعة النطاق حسب ما ذكرت وكالة بلومبرغ هذا الأسبوع.

كيف وصلنا إلى تلك الحالة؟

بدأ الارتفاع المذهل في أسعار البولي سيليكون مع زيادة الطلب على الطاقة الشمسية في عام 2021 من كل من الشركات والحكومات في جميع أنحاء العالم.

فعلى سبيل المثال، أنشأت الصين مشاريع ضخمة للطاقة الشمسية بقدرة 54.88 غيغاوات في العام الماضي، وفي عام 2022، يتوقع المسؤولون الصينيون مضاعفة هذا الرقم وإضافة 108 غيغاوات من الطاقة الشمسية في جميع أنحاء البلاد.

واشترت الشركات في جميع أنحاء العالم أيضاً مستويات قياسية بلغت 31 غيغاوات من الطاقة النظيفة من خلال مشاريع طويلة الأجل في عام 2021، مع تخصيص ثلثي الإنفاق لمشاريع الطاقة الشمسية.

وأدّى كل هذا الطلب الإضافي إلى ارتفاع أسعار المواد الخام المستخدمة في إنتاج الألواح الشمسية، بما فيها البولي سيليكون. ومن جهة أخرى، أدّى انفجار في مصنع لتصنيع البولي سيليكون في شينجيانغ بالصين خلال يونيو/حزيران إلى تفاقم المشكلة.

هيمنة الصين على قطاع الطاقة الشمسية

قال مسؤولون في وكالة الطاقة الدولية (International Energy Agency) في تقرير حديث إنه على مدار العقد الماضي، أصبحت الطاقة الشمسية أرخص مصدر للطاقة النظيفة في جميع أنحاء العالم ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى دور الصين "الأساسي" في تصنيع الألواح الشمسية منخفضة التكلفة.

والمشكلة الوحيدة هي أن العالم الآن يعتمد "بشكل كامل" تقريباً على الصين لتزويد المعادن الأساسية المستخدمة في إنتاج الألواح الشمسية، وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يستمر الحال كذلك حتى عام 2025، وقد يصبح هذا الاعتماد مشكلةً إذا استمر الطلب على الطاقة الشمسية بالازدياد في ظل عدم قدرة مصنّعي البولي سيليكون في الصين على زيادة الإنتاج بشكل كافٍ أو عدم رغبتهم بذلك.

وقال مسؤولو وكالة الطاقة الدولية: "هذا المستوى من التركيز في أي سلسلة إمداد عالمية يمثّل نقطة ضعف كبيرة، وسوق الطاقة الشمسية الكهروضوئية ليست استثناءً".

علامات ارتياح في الأفق

النبأ السار هو أنه يتوقّع أن يكون هناك بعض الارتياح في سوق الطاقة الشمسية في أغسطس/آب.

فقد قال اتحاد صناعة السيليكون الصيني (Silicon Industry Association) في تقرير نشره في 6 يوليو/تموز إنه يتوقع أن تنخفض أسعار البولي سيليكون بشكل طفيف الشهر المقبل بسبب زيادة الإنتاج المحلي.

يُصنَع البولي سيليكون باستخدام السيليكون الفلزّي الذي يتم تكريره بعد ذلك من خلال عملية تنقية كيميائية تسمى عملية سيمنز (Siemens process). ويقول اتحاد صناعة السيليكون الصيني إن المصانع التي تستخدم هذه العملية قد زادت الإنتاج مؤخراً للمساعدة في تلبية الطلب المحلي والغربي المتزايد.

كما أعلنت إدارة الرئيس الأميركي بايدن الشهر الماضي أنها لن تفرض أي تعرفات جمركية جديدة على الواردات المتعلقة بالطاقة الشمسية لمدة عامين من أجل خفض أسعار الطاقة الأميركية، ومنح الرئيس بايدن إذناً باستخدام قانون الإنتاج الدفاعي (Defense Production Act) للمساعدة في تشجيع الولايات المتحدة على إنتاج الألواح الشمسية ومواجهة هيمنة الصين على السوق.

يجب أن يساعد هذا الانخفاض في تكاليف الصناعة والزيادة في توريد الألواح الشمسية على عودة أسعار البولي سيليكون إلى مستوياتها في السنوات القادمة.