المحتوى محمي
المحتوى محمي
نفط وطاقة

مصادر الطاقة النظيفة في طريقها إلى القمة بحلول 2025

بعد انخفاض استهلاك الكهرباء في عام 2022 بسبب ارتفاع الأسعار والتباطؤ الاقتصادي، من المتوقع أن يعود الاستهلاك العالمي للكهرباء إلى النمو في السنوات المقبلة بزيادة سنوية قدرها 3%.

بقلم


money

(مصدر الصورة: Zhou Mu- XIinhua Getty Images)

أثار الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط المنصرم وأزمة الطاقة العالمية مخاوف من عرقلة أهداف الطاقة النظيفة وصافي الانبعاثات الصفرية بذريعة تحقيق أمن الطاقة، ولكن كما اتضح، كان الارتفاع المفاجئ في استخدام الوقود الأحفوري مجرد ارتفاع طفيف، حيث من المقرر أن تشهد السنوات القليلة القادمة تحقيق مصادر الطاقة منخفضة الانبعاثات (النظيفة) حصة قياسية من إنتاج الكهرباء في العالم.

فبعد انخفاض استهلاك الكهرباء في عام 2022 بسبب ارتفاع الأسعار والتباطؤ الاقتصادي، من المتوقع أن يعود الاستهلاك العالمي للكهرباء إلى النمو في السنوات المقبلة بزيادة سنوية قدرها 3% أكثر من مستويات 2022 من الآن وحتى عام 2025، وذلك وفقاً لتقرير صدر عن الوكالة الدولية للطاقة يوم الأربعاء الماضي.

ومع ارتفاع الاستهلاك، فإن انتقال الطاقة مستمر معه أيضاً، حيث من المتوقع أن ينخفض استخدام الوقود الأحفوري مقابل ارتفاع إسهام مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية في تلبية الطلب الجديد إلى أكثر من 90%، وتشير التوقعات الحالية إلى أن مصادر الطاقة النظيفة، بما فيها طاقة الرياح والطاقة الشمسية، ستشكّل نحو 35% من إنتاج الطاقة العالمي في عام 2025، وهذا أعلى من إسهامها في العام الماضي والبالغ 29%. كما يُتوقّع أن تنمو نسبة إسهام الطاقة النووية بنسبة 4% تقريباً سنوياً من الآن وحتى عام 2025.

وقال المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة، فاتح بيرول، في بيان إن ارتفاع الطلب العالمي على الكهرباء خلال السنوات الثلاث المقبلة سيضاعف الاستهلاك الحالي للكهرباء في اليابان.

وأضاف إن "النبأ السار هو أن مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية تنمو بسرعة كافية لتلبية كل هذا الطلب الإضافي تقريباً، ما يشير إلى أننا نقترب من نقطة تحول بالنسبة لانبعاثات قطاع الطاقة".

ولكن حتى مع تسارع الدول في أوروبا والأميركتين لاستبدال محطات الطاقة العاملة بالوقود الأحفوري بمصادر طاقة متجددة وتحقيق انتقال الطاقة، فإن هذا لا يعني أن بقية العالم يتحرك بالوتيرة نفسها، إذ حذّرت الوكالة الدولية للطاقة من أن البلدان الأسرع نمواً من حيث الاقتصادات وحجم السكان ما تزال متأخرة كثيراً عن الركب.

انتقال الطاقة يعود إلى مساره

أثارت الحرب في أوكرانيا خلال العام الماضي قلق الكثيرين من إمكانية إعاقتها لخطط انتقال الطاقة الرامية لتخفيف آثار التغير المناخي، وكانت المخاوف من أن يكون ذلك غير قابل للإصلاح.

وأثار الغزو الروسي لأوكرانيا أزمة في إمدادات الغاز الطبيعي العالمية وهدد بأزمة طاقة في العديد من البلدان حول العالم. وكانت أوروبا على وجه الخصوص في حالة تأهب قصوى خلال العام الماضي بعد نضوب إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا، كما كانت محطات الطاقة النووية الأوروبية بحاجة للصيانة، وخفضت درجات الحرارة المرتفعة من قدرة الطاقة الكهرومائية على تعويض الفارق.

وأدّت الأزمة إلى ارتفاع قياسي في استخدام الفحم في القارة عام 2022، حيث أعادت ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وغيرها تشغيل محطات الطاقة العاملة بالفحم لتعزيز إنتاج الطاقة المحلي. وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في شهر مارس/آذار المنصرم من أن الأهداف المناخية الأكثر طموحاً في العالم كانت "متوقفة تقريباً" حيث تهدد الحرب بكبح خطط انتقال الطاقة.

لكن الأجواء الدافئة نسبياً في الشتاء الأوروبي الحالي وترشيد الطلب على الطاقة قد أدّيا إلى تخفيف وطأة الأزمة، ويبدو أن أوروبا نجت من أزمة الطاقة هذا العام. وأعلن الاتحاد الأوروبي في مايو/أيار الماضي عن خطة استثمار في الطاقة النظيفة بقيمة 210 مليارات يورو (نحو 225 مليار دولار) بين عامي 2022 و2027، وذلك إثر تقدير متجدد لمخاطر الاعتماد على المصادر الخارجية للحصول على الطاقة. بينما خصّص قانون خفض التضخم الأميركي (Inflation Reduction Act) نحو 369 مليار دولار للإنفاق على المناخ والطاقة بشكل استثمارات وإعفاءات ضريبية في الولايات المتحدة.

وقد تغيّرت ملامح الحديث حول عواقب حرب أوكرانيا على انتقال الطاقة في أواخر العام الماضي، وتوقعت الوكالة الدولية للطاقة في أكتوبر/تشرين الأول أن الانخفاض في صادرات الوقود الأحفوري الروسي وزيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة من شأنهما تسريع التغييرات (الانتقال) في معظم أنحاء العالم.

وقال بيرول في ذلك الوقت: "لقد غيّرت الحرب الروسية في أوكرانيا أسواق الطاقة وسياساتها لعقود قادمة، وليس فقط على المدى القريب".

تفاوت في سوق الطاقة

في حين أن الحرب قد سرّعت انتقال الطاقة المتجددة في العديد من البلدان، ما تزال هناك بلدان خارج السرب تعتمد على الوقود الأحفوري، والنبأ السيئ هو أن هذه البلدان قد تكون من أكبر الاقتصادات في العالم خلال السنوات المقبلة.

إذ ستشكّل آسيا نصف الطلب العالمي على الكهرباء بحلول عام 2025 وفقاً للوكالة الدولية للطاقة، ومن المقرر أن يكون ما يزيد على 70% من النمو في الطلب على مدى السنوات الثلاث المقبلة من الصين والهند وجنوب شرق آسيا. وتعد هذه المناطق الثلاث متأخرة عن أوروبا والأميركتين في سياق الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة.

وتشير التوقعات إلى أن الطلب على الكهرباء في الصين وحدها سيتجاوز الاستهلاك في أوروبا والهند والولايات المتحدة مجتمعة، وهو ما سيمثل ثلث الاستهلاك العالمي في عام 2025، وينطوي الطلب الهائل على الطاقة في الصين على أن إنتاجها للكهرباء من الفحم والغاز قد بلغ مستويات قياسية في العام الماضي، وأنها أعلنت عن نيتّها الاستمرار في رفع هذه المستويات حتى عام 2025 لتعزيز أمن الطاقة، وذلك على الرغم من أنها تنتج كهرباء من الطاقة المتجددة أكثر من أي دولة أخرى.

وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يستقر إنتاج الكهرباء من الوقود الأحفوري عند مستويات ثابتة من الفترة الحالية حتى عام 2025، حيث سيقابل الانخفاض في استخدام الفحم والغاز في الغرب ازدياداً في هذا الاستخدام في آسيا والشرق الأوسط، ومع توقعات بعودة استهلاك الطاقة في الصين إلى وضعه السابق بعد التباطؤ خلال العام الماضي نتيجة الجائحة، فإن الاتجاه الذي ستأخذه سوق الطاقة في الصين سيؤدي دوراً مهماً في انتقال الطاقة العالمي.

وعلّقت الوكالة الدولية للطاقة قائلة: "سوف تبقى التطورات في الصين عاملاً رئيسياً في سوق الطاقة العالمية، إذ إن الصين مسؤولة عن أكثر من نصف إنتاج الطاقة من الفحم في العالم".


image
image