في الصراع على مستقبل العمل من المنزل، يأمل وادي السيليكون في التغلب على وول ستريت والفوز بأفضل المواهب على وجه الأرض، وذلك من خلال منح الموظفين مرونة غير مسبوقة للعمل عن بعد.
وكشفت شركة "سيلز فورس" (Salesforce) العملاقة لبرامج الأعمال أن أكثر من 90% من موظفيها يريدون أن يقرروا بأنفسهم متى وأين يعملون.
ووفقاً للرئيس التنفيذي الشريك بريت تايلور، سيترتب على الشركات الالتزام بمطالب الموظفين بغض النظر عما إذا كانت بنكاً استثمارياً في نيويورك أو شركة تكنولوجية مقرها في سان فرانسيسكو مثل شركة "سيلز فورس".
وقال تايلور لصحيفة "فيلت أم زونتاغ" (Welt am Sonntag) الألمانية الأسبوعية التي تصدر يوم الأحد: "الشيء الوحيد الذي تغير بالنسبة لنا وللعديد من الشركات الأخرى هو أننا لم نعد ننشر الوظائف الشاغرة حسب المدينة بل المناطق الزمنية. لقد علمنا الوباء أنه لا يهم في أي مدينة تعيش، بل ما يهم هو المنطقة الزمنية للتواصل والعمل معاً في هذا الوضع الجديد".
وفي حين أن هناك فوائد غير ملموسة لعمل الموظفين من المكتب، مثل التعاون التلقائي، فإن توفير فرصة للناس للعمل عن بُعد من منازلهم لها فوائد مشابهة أيضاً.
وهذا هو السبب في أن شركة "سيلز فورس" توسّع نطاق بحثها خارج مدن مثل سان فرانسيسكو ونيويورك وسياتل حيث تمتلك الشركة مكاتب كبيرة؛ إلى أي مكان في العالم، وكل ما يحتاجه الموظفون الآن هو اتصال بالإنترنت.
وقال تايلور: "بطريقة ما؛ لم يعد يوصف وادي السيليكون بأنه مكان محدد نظراً لانتقاله إلى السحابة بشكل أو بآخر منذ بدء الجائحة".
وإن توسيع نطاق الوظيفة ليشمل المرشحين عبر منطقة زمنية كاملة وليس فقط من منطقة معينة يزيد بشكل كبير من إجمالي مجموعة المواهب التي يمكن توظيفها.
وعلاوة على ذلك؛ يمكن أن يشمل هؤلاء المرشحون الأجانب الذين قد يحتاجون في الحالات المعتادة إلى كفيل للحصول على تأشيرة عمل في الولايات المتحدة، وهي عقبة كبيرة أمام صاحب العمل في كثير من الحالات، وكذلك أولئك الذين يمكنهم الحصول على أجر أقل لأن تكلفة المعيشة في بلد ما يمكن أن تكون أقل.
ويمكننا الحديث عن تجربة شركة "سيلز فورس": فمنذ انتشار جائحة كوفيد، تضاعف عدد موظفي الشركة تقريباً، حيث نما العدد من 30,000 موظف جديد إلى 75,000 في الوقت الحالي، وفقاً لتايلور.
وقال في المقابلة "إن معظم الموظفين الجدد لم يأتوا أبداً إلى أيٍّ من مكاتب شركة "سيلز فورس" أو يلتقوا شخصياً بمشرفيهم أو زملائهم".
رهان بقيمة 28 مليار دولار على شركة "سلاك" (Slack)
على عكس أكبر منافسيها شركة "أوراكل" (Oracle) التي يرأسها لاري إليسون وشركة "إس أيه بي" (SAP) الألمانية، لم تُشغّل شركة "سيلز فورس" برامجها أبداً على خوادم محلية تقع مباشرة في مقر الشركة. حيث تأسست الشركة في عام 1999 وتخصصت حصرياً في برامج الأعمال التجارية الأصغر حجماً، والتي عادة ما تكون ميسورة التكلفة، وموحدة يمكن تنزيلها بسهولة مباشرة من الإنترنت.
وقفزت عائدات شركة "سيلز فورس" في العام الماضي بنسبة 24% لتصل إلى أكثر من 21 مليار دولار في طريقها إلى هدف قدره 50 مليار دولار بحلول عام 2026.
وقد أثبتت أن تركيزها الفريد كمزود برمجيات قائم على السحابة منذ البداية هو اتجاه ناجح جداً لدرجة أن المنافسين المحليين قد اضطروا للارتكاز على الفكرة ذاتها وسلوك طريقها في الخدمات السحابية المخصصة الخاصة بهم في السنوات الأخيرة.
وتتطلع شركة "سيلز فورس" الآن إلى اكتساب ميزتها التنافسية التالية من خلال استحواذها على شركة خدمات المراسلة والإنتاجية "سلاك" بقيمة 28 مليار دولار.
وحتى في الوقت الذي تسعى فيه العديد من بنوك وول ستريت مثل "جيه بي مورغان"، و"غولدمان ساكس"، و"مورغان ستانلي" إلى إجبار موظفيهم على العودة إلى المكتب من خلال الإجراءات الإجبارية إذا لزم الأمر؛ فإن العديد من شركات وادي السيليكون ترغب في جذب نوع مختلف من الموظفين الأقل استعداداً لقبول الهياكل الصارمة التي عفا عليها الزمن.
وقال الرئيس التنفيذي الشريك لشركة "سيلز فورس" بريت تايلور الذي حصل على ترقية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي للعمل بجانب المؤسس الشريك مارك بينيوف: "يجب على كل من يريد جذب أفضل المواهب وإلهامها، سواء كان مقدم خدمة، أو شركة تكنولوجية، أو شركة تجزئة ، أن يوفر لهم هذه المرونة للعمل أينما يرغبون وحينما يرغبون".
وقال تايلور الذي يعد القوة الدافعة وراء صفقة الاستحواذ على شركة "سلاك" بصفته رئيساً تنفيذياً للعمليات حالياً، إنه من المستحيل أن يقبل الموظفون العودة ببساطة إلى نموذج العمل قبل الجائحة.
وقال إن استمرار هذا الاتجاه في المستقبل هو "أكبر رهان لشركة "سيلز فورس" عندما أكملت عملية الاستحواذ على شركة سلاك".