ترى مايكروسوفت في تقريرها السنوي "مؤشر اتجاه العمل" لعام 2023؛ الذي طرح تساؤلاً مفاده: "هل الذكاء الاصطناعي سيحسن العمل"؟ أن الذكاء الاصطناعي قادر على خلق طريقة عمل جديدة كلياً، تساعد على تقليل كثافة العمل التي زادت على نحوٍ كبير مقابل إفساح مساحة أكبر للإبداع غير موجودة حالياً؛ إذ تقول الشركة إن الناس يكافحون لتحمل ثقل كم البيانات والمعلومات والاتصالات.
استطلعت مايكروسوفت 31 ألف موظف بدوام كامل أو العاملين لحسابهم الخاص في 31 دولة، وحللت تريليونات من إشارات إنتاجية (Microsoft 365) وهي عائلة منتجات من برامج الإنتاجية والتعاون والخدمات المستندة إلى السحابة، بالإضافة إلى اتجاهات العمل من فريق إيكونوميك غراف من لينكدإن (LinkedIn Economic Graph) الذي يعمل مع قادة العالم لتحليل أسواق العمل والتوصية بحلول سياسية لإعداد القوى العاملة العالمية.
وحسب تقرير الشركة؛ يشعر قادة الأعمال بالضغط نتيجة سعيهم إلى زيادة الإنتاجية وسط عدم اليقين الاقتصادي، وباتوا يقضون المزيد من الوقت في تفاصيل العمل على حساب الإبداع. وقال رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي في مايكروسوفت، ساتيا ناديلا إن: "الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي سوف يزيل عناء العمل الشاق ويطلق العنان للإبداع"، وأضاف: "ثمة فرصة هائلة للأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي للمساعدة على تخفيف الديون الرقمية، وبناء كفاءات الذكاء الاصطناعي، وتمكين الموظفين".
تأثيره في المساحة الإبداعية
تجاوز تدفق البيانات ورسائل البريد الإلكتروني والاجتماعات والإشعارات قدرة البشر على معالجة كل شيء. وبما أن وتيرة العمل آخذة في الازدياد؛ يقضي الموظفون أغلب أيام عملهم في محاولة للخروج من المنطقة الحمراء (الضغط) بحسب الشركة التي أجرت استطلاعاً قال فيه 2 من كل 3 أشخاص (64%) إنهم يكافحون من أجل الحصول على الوقت والطاقة للقيام بأعمالهم، وهؤلاء الأشخاص أكثر عرضة بمقدار 3.5 أضعاف للصراع مع الابتكار والتفكير الاستراتيجي.
ويشعر 2 من كل 3 قادة (60%) بالافتقار إلى الابتكار أو الأفكار غير التقليدية في فرقهم ما يمثل مصدر قلق لهم. وهذه المشكلة وصفتها الشركة في التقرير بـ "الدَين الرقمي"؛ حيث يُقضى الوقت بالعمل على معالجة بعض الأمور الرقمية على حساب الإبداع.
وقال 87% من العاملين في الأدوار الإبداعية ممن هم على دراية تامة بالذكاء الاصطناعي إنهم سيكونون مرتاحين لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الجوانب الإبداعية لوظائفهم.
نتيجة غير متوقَّعة
ثمة مخاوف مستمرة من توجه الشركات نحو الاستغناء عن بعض الوظائف والموظفين مقابل توظيف الذكاء الاصطناعي؛ لكن التقرير كشف عن شيء غير متوقَّع، وهو أن الموظفين حريصون على استخدام الذكاء الاصطناعي لرفع ثقل العمل عن أنفسهم أكثر من خوفهم من فقدان وظائفهم بسببه.
وفي حين يقول 49% من الأشخاص إنهم قلقون من أن الذكاء الاصطناعي سوف يحل محل وظائفهم، فإنّ 70% منهم متحمسون لتفويض الذكاء الاصطناعي بأكبر قدر ممكن من العمل لتقليل الأعباء عليهم.
وقال أستاذ علم النفس التنظيمي والمؤلف، آدم غرانت: "إنه لأمر مدهش أن يكون الناس أكثر حماساً بشأن إنقاذهم للذكاء الاصطناعي من الإنهاك أكثر من قلقهم بشأن إلغاء وظائفهم"!
وعندما طُلب من المستطلعين تخيل العمل في عام 2030، قالوا إنهم سيقدرون التغييرات التي وفرت لهم الوقت؛ مثل إنتاج عمل عالي الجودة وتعلم مهارات جديدة على نحوٍ أسرع. ونتيجة استخدام الذكاء الاصطناعي وانعكاسه على توفير الوقت؛ يرى 33% من المستطلعين أنهم سيقومون بالمهام بجودة أعلى وبنصف الوقت، و30% سيكونون قادرين على تعلم مهارات جديدة، و21% منهم سيكونون قادرين على خفض اجتماعاتهم للنصف.
وأكد معظم الموظفين المستطلعين أنهم سيكونون مرتاحين لاستخدام الذكاء الاصطناعي في كل جانب من جوانب عملهم تقريباً، بدءاً من المهام الإدارية إلى العمل التحليلي والإبداعي. بينما قال القادة المشاركون في الاستطلاع إنهم يأملون أن يساعد الذكاء الاصطناعي موظفيهم في المهام الضرورية المتكررة، ويزيد رفاهيتهم، ويقضي على الوقت المهدور في أنشطة منخفضة القيمة، ويعزز قدرات الموظفين، ويسرّع وتيرة عملهم.
ويشير 60% من الأشخاص إلى إنهم لا يمتلكون حالياً القدرات المناسبة لإنجاز أعمالهم؛ لكن الذكاء الاصطناعي سيفتح مسارات جديدة للتعلم، ويعتمد النجاح في ذلك على قيام القادة بتجهيز الموظفين لمستقبل مدعوم بالذكاء الاصطناعي. ويقول 82% من القادة إن موظفيهم سيحتاجون إلى مهارات جديدة ليكونوا مستعدين لنمو الذكاء الاصطناعي.
وبحسب التقرير؛ ارتفع عدد منشورات لينكدإن حول موضوعات مثل الذكاء الاصطناعي وتشات جي بي تي (ChatGPT) بنسبة 3300% على أساس سنوي، بينما ارتفعت إعلانات الوظائف في الولايات المتحدة التي تذكر روبوتات المحادثة بنسبة 79%.
قالت كبيرة الاقتصاديين في لينكدإن، كارين كيمبرا عن دور الذكاء الاصطناعي: "لقد بدأنا بالفعل في إعادة تشكيل سوق العمل، وسيؤدي هذا التحول إلى توسيع الفرص وإنشاء أدوار جديدة وزيادة الإنتاجية".