المحتوى محمي
Al-Majarra Al-Majarra Al-Majarra
المحتوى محمي
مالية ومصارف

مجموعة سيتي: نتوقّع ارتفاع أسعار النحاس إلى مستويات قياسية خلال 3 سنوات

إن أسعار النحاس يمكن أن تشهد ارتفاعاً مماثلاً في الأسعار على مدى السنوات الثلاث المقبلة؛ لأن هذا المعدن قد أصبح المفضل لدى متداولي السلع الذين يبحثون عن الاستثمار في سوق انتقال الطاقة.

بقلم


money

(مصدر الصورة: شاترستوك - باريلوف)

عندما غزت روسيا أوكرانيا في أوائل العام الماضي، تسببت الفوضى اللاحقة في سلاسل التوريد والعقوبات الغربية بارتفاع ملحوظ في أسعار النفط كان أثره جلياً وفورياً على المستهلكين في جميع أنحاء العالم، ففي الولايات المتحدة مثلاً، أدّى ارتفاع تكلفة النفط الخام إلى ارتفاع متوسط ​​سعر غالون البنزين من 3.40 دولارات في يناير/كانون الثاني إلى مستوى قياسي تجاوز 5 دولارات بقليل بحلول يونيو/حزيران، لكن أسعار النفط والبنزين قد عاودت الانخفاض منذ ذلك الحين إلى أسعار ما قبل الحرب، وذلك في ظل تعافٍ أضعف من المتوقع بعد الإغلاق الناجم عن جائحة كوفيد-19 في الصين، والذي أثر في الطلب على النفط الخام. ومع استمرار الحكومات والشركات على مستوى العالم في تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري، هناك سلعة جديدة أقل شهرة قد تشهد ارتفاعاً في الأسعار عوضاً عن النفط.

فقد قال المدير الإداري لأبحاث السلع في مجموعة سيتي (Citi)، ماكس لايتون، في فيديو للعملاء صدر في أغسطس/آب 2018: "نعتقد في مجموعة سيتي أن النحاس هو الاستثمار الرابح المقبل في سياق انتقال الطاقة، وأن العالم يشهد أداءً ضعيفاً بشكل عام ضمن الدورة الاقتصادية حالياً، ما يعني أن التداول في حالة توقف مؤقتة، لكن الارتفاع المتوقع للنحاس من المرجح أن يكون هائلاً لدرجة أن الارتفاع الشهير لأسعار النفط في عام 2008 سيبدو بسيطاً أمامه".

ويشير لايتون هنا إلى الفترة التي ارتفعت فيها أسعار النفط قبل بداية الأزمة المالية العالمية، إذ ارتفعت الأسعار حينئذ من 50 دولاراً للبرميل في منتصف عام 2006 إلى 140 دولاراً بحلول أواخر عام 2007، وذلك في ظل اجتماع الطلب المرتفع من الأسواق الناشئة مع ركود إنتاج النفط الخام العالمي. ويعتقد محلل السلع المخضرم أن أسعار النحاس يمكن أن تشهد ارتفاعاً مماثلاً في الأسعار على مدى السنوات الثلاث المقبلة؛ لأن هذا المعدن قد أصبح المفضل لدى متداولي السلع الذين يبحثون عن الاستثمار في سوق انتقال الطاقة.

كما أن الدور الحاسم والأساسي للنحاس في بطاريات السيارات الكهربائية وغيرها من تكنولوجيا الطاقة الخضراء قد دفع البعض إلى تسميته "النفط الجديد"، في إشارة لأهميته، إذ يُستخدَم المعدن في الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والكابلات الكهربائية وحتى أجهزة الآيفون. وفي الواقع، يُستخدَم النحاس على نطاق واسع في البناء والتصنيع وإنتاج الإلكترونيات لدرجة أنه غالباً ما يُستخدم للتعبير عن النشاط الاقتصادي العالمي ويعد مؤشّراً للدورة الاقتصادية، وهذا منحه لقب "د. كوبر"، وذلك اصطلاحاً لأهميته في تشخيص حالة الاقتصاد العالمي.

لكن هذا المعدن الثمين يعاني من بعض التوعُّك في الآونة الأخيرة، وذلك مع سعي الاقتصاد العالمي للتعافي بعد جائحة كوفيد-19، فقد حصل انخفاض في أسعار النحاس، لكن مجموعة سيتي تعتقد أن هذا الانخفاض ضئيل بالنسبة لأداء النحاس عموماً.

تحديات بسيطة أمام المعدن المفضل في سوق انتقال الطاقة

تراجعت أسعار النحاس في عام 2023 وسط الطلب الأضعف من المتوقع، وذلك بسبب اقتصاد الصين المتعثر وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، إذ إن السعر النقدي للنحاس في بورصة لندن للمعادن (London Metal Exchange) منخفض حالياً بنسبة 11% من الذروة التي بلغها في منتصف يناير/كانون الثاني والتي تجاوزت 9,400 دولار للطن المتري ليصل حالياً إلى 8,359 دولاراً فقط، لكن لايتون من مجموعة سيتي يعتقد أن هذا التراجع يمثّل فرصة فريدة.

ونظراً لأن سعر النحاس يميل إلى الارتفاع والانخفاض بالتزامن مع النشاط الاقتصادي العالمي، فقد اضطر العديد من متداولي السلع إلى الانتظار والترقُّب حتى يتحسن النمو الاقتصادي العالمي قبل شراء النحاس، ما خلق "طابوراً طويلاً" لشراء المعدن حسب مجموعة سيتي.

وقال لايتون إن من المنطقي أن يتوخّى المستثمرون "الحذر" بشأن تداول النحاس خلال النصف الثاني من عام 2023، ويرجع ذلك جزئياً إلى الاقتصاد الصيني المتعثر.

وذلك لأن دور الصين بصفتها مركزاً عالمياً للتصنيع وعملها الدؤوب لتطوير البنية التحتية ومشاريع الإسكان منحاها مكانة كبيرة في سوق النحاس على مدى العقود الأربعة الماضية، وحتى وسط الأزمة المستمرة في قطاع العقارات في البلاد، بقيت الصين أكبر مستهلك للنحاس على مستوى العالم في عام 2022 باستخدام بلغ 55% من المعروض العالمي. لكن خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2023، ومع تدهور سوق العقارات والصناعات التحويلية، استوردت الصين 1.65 مليون طن متري فقط من النحاس المُكرَّر، أي أقل بنسبة 12% مما استوردته قبل عام.

والخبر السار هو أن لايتون لا يتوقع أن يستمر هذا الاتجاه، وأوصى المستثمرين بالشراء المدروس والبطيء للنحاس خلال الأشهر الـ 12 المقبلة، بحجة أن الانتعاش الاقتصادي الحتمي في الصين وانتقال الطاقة سيؤديان إلى ارتفاع الأسعار إلى 15,000 دولار للطن المتري على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وقال عن هذا السيناريو "المتفائل" إن "العوائد المتوقعة هائلة وتتراوح بين 50% إلى 100% بحلول عام 2025".

من ناحية أخرى، طرحت مجموعة سيتي أيضاً سيناريوهاً هبوطياً يمكن أن تنخفض أسعار النحاس فيه بنسبة 10% إلى 7,500 دولار بحلول عام 2025 في مذكرة أصدرتها في يوليو/تموز. يقترح هذا السيناريو أن التعافي الاقتصادي في الصين سيكون أبطأ وأقل حدة من المتوقع، وسوف يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وأوروبا إلى "تأثير أكبر من المتوقع" على النمو العالمي، ما يؤدي إلى ضعف الطلب على النحاس.

ومع ذلك، أيّد مجلس إدارة شركة التعدين البولندية العملاقة كيه جي آتش إم بولسكا ميدز (KGHM Polska Miedź)، والتي تعد ثامن أكبر منتِج للنحاس على مستوى العالم، التوقعات الصعودية (المتفائلة) من مجموعة سيتي في وقت سابق من هذا الشهر في تقرير الشركة لأرباح الربع الثاني.

وقالت الشركة وفقاً لترجمة قدمتها شركة ألفا سينس (AlphaSense) إن أسعار النحاس "تراجعت بسبب التباطؤ في الاقتصاد الصيني" في عام 2023، مشيرة إلى أن توقعات حدوث انتعاش سريع بعد جائحة كوفيد-19 في الصين هذا العام قد تبدَّدت، لكن على المدى الطويل، ومع تعافي الاقتصاد الصيني، فإن انتقال الطاقة وظهور المركبات الشخصية الكهربائية، من السيارات إلى الدراجات الإلكترونية، سيبقي الطلب العالمي على النحاس مرتفعاً برأي شركة كيه جي آتش إم.  ومن المفترض أن تبقى أسعار النحاس مرتفعة لسنوات مقبلة استناداً إلى ارتفاع الطلب على النحاس ومحدودية العرض بسبب القيود الكبيرة المفروضة على مشاريع التعدين الجديدة في جميع أنحاء العالم، مثل زيادة الضرائب والمتطلبات التنظيمية البيئية.

وكتب مجلس إدارة شركة كيه جي آتش إم إن "أسعار النحاس ستبقى مرتفعة على المدى الطويل نتيجة القيود المذكورة على العرض، إلى جانب التوجه الهائل نحو التنقل الكهربائي وثورة التكنولوجيا الخضراء التي تحفز وتيرة نمو الطلب على النحاس".


image
image