على الرغم من ازدياد تَبنّي الشركات "لمجالس الظل"، فإن هذا لا يدعو إلى القلق. مجلس الظل هو لجنة من الموظفين الأصغر سناً الذين يجتمعون داخل الشركة لتقديم المشورة لفريق الإدارة بشأن الموضوعات الرئيسية، مثل ثقافة الشركة وتسويق المنتجات والتوجهات التكنولوجية وجهود الاستدامة.
هذا ليس مجلساً رسمياً بالطبع، لكن وجهات نظر أعضائه غالباً ما تكمل آراء مدراء الإدارات الأكبر سناً ذوي الخبرة والقادة في المناصب التنفيذية العليا.
يبدو أن مجالس الظل بدأت تحظى بشعبية في الوقت الحالي، إذ يقول الخبراء: ربما لأنها تستطيع دعم الشركات في الوقت الذي من المهم فيه للقادة البقاء على اتصال بثقافة الشباب في ظل التحولات الكبيرة، مثل الضغوط الناجمة عن التغير المناخي والحركة العمالية المتصاعدة والتوقعات باستجابة الشركات للحركات الاجتماعية. علاوة على ذلك، تمنح هذه المجموعات الاستشارية بعض الشركات لمحة عن أذواق عملائها وشغفهم. ولهذا تبنت شركات مثل ذا بودي شوب (The Body Shop) وفنادق ومنتجعات موفنبيك (Mövenpick Hotels & Resorts) هذا التوجه.
صرّحت أوريانا روزا رويال لفورتشن مؤخراً إن ما ألهم ذا بودي شوب لإنشاء مجلس ظل من المستشارين الذين تقل أعمارهم جميعاً عن 30 عاماً، هو أنها أدركت الفجوة بين أصغر العاملين في الشركة وفريق القيادة ومدراء الإدارات. وقال عضو مجلس الإدارة والمدير الدولي للاستدامة في الشركة، كريس ديفيس: "أدركنا أننا إذا كنا نفتقر إلى أصوات الشباب [في مجلس إدارتنا]، فكيف يمكننا أن نقول بصدق إننا نبني شركة يمكننا نقلها إلى الجيل التالي؟".
أنشأ الرئيس التنفيذي لشركة أوليفر وايمان (Oliver Wyman) وهي شركة استشارية ضمن مجموعة مارش ماكلينان (Marsh McLennan)، نيك ستودر، مجلس ظل يسمى "مجلس فريق القيادة العالمي"، يقدم المشورة لفريق إدارة الشركة. أوضح ستودر إنه طبَّق الفكرة بعد توليه القيادة في عام 2021، بعد أن شاهدها تنجح بأشكالها المختلفة لدى العديد من عملائه من الشركات.
ويقول إن أعضاء المجلس المتنوعين الذين دون مستوى الشريك، وبالتالي تقل أعمارهم عموماً عن منتصف الثلاثينات أو يشغلون أدواراً غير استشارية في الشركة، دائماً ما يعرضون وجهات نظر أكثر فائدة للرئيس التنفيذي من تلك التي يعرضها فريق الإدارة العليا. إذ يقول: "إنهم أكثر انفتاحاً وطموحاً من اللجنة التنفيذية". قد يتردد كبار المسؤولين التنفيذيين في طرح أسئلة واضحة ويخاطرون بأن يبدوا غير مطلعين، "أما المجموعة الأصغر سناً، فهي أكثر جرأة".
درس باحثان في مجال الإدارة من كلية الأعمال بالمعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا مجالس الظل، وكتبا في هارفارد بزنس ريفيو العام الماضي إن الشركات التي تستفيد من تلك المجالس يمكنها اختبار المشاريع والمنتجات المهمة للموظفين والعملاء الأصغر سناً بفعالية أكبر، كما إن لديها قدرة أفضل على خلق الترابط في مساحات العمل التي تضم موظفين من أجيال متعددة.
وصرّح خبراء آخرون في مجالس إدارة الشركات لفورتشن إن العمل مع مجالس الظل يسمح لمدراء الإدارات والإدارة العليا بتحديد قادة المستقبل، بينما يتعرّف أعضاء مجلس الظل الذين يتواصلون مع مجالس الإدارة الفعلية على عالم حوكمة الشركات الغامض. وبالتالي يمكن أن يكون هذا مكسباً للجميع.
لكن الشركات التي عملت مع مجالس الظل تقول إن هذا الإجراء يتطلب تخطيطاً صارماً. ينصح ديفيس، من ذا بودي شوب، الشركات بوضع إرشادات واضحة للعمل الذي يُتوقع من الموظفين الشباب في هذه المجالس الاضطلاع به. وإن لم يحدث ذلك، فيمكن استغلال أعضاء المجموعة "بوصفهم نوعاً من المستشارين المتاحين داخل الشركة لاستشارتهم مجاناً"، كما أخبر فورتشن.
يقول ستودر إنه يتعين على القادة ومجالس الإدارة أيضاً أخذ مجلس الظل على محمل الجد ومنحه أهمية فعلية من خلال مشاركة معلومات حقيقية وتنفيذ أفضل توصياته. في أوليفر وايمان، يجب على الموظفين التقدم بطلب للحصول على هذا الدور، ويجب على مَن اخْتِيرُوا توقيع اتفاقيات عدم إفصاح مفصلة قبل بدء فترة عملهم التي تبلغ عاماً واحداً، لأنهم سيشاهدون العروض التقديمية جميعها المقدَّمة إلى فريق الإدارة العليا ويقيّمونها. يؤكد ستودر أن القيادة الشاملة تتطلب أن يكون القائد "مستعداً للتنازل عن السلطة".