المحتوى محمي
المحتوى محمي
بيئة العمل

ما هي دوافع ارتداد الموظفين وكيف يمكن الحد منها؟

ظاهرة ارتداد الموظفين، سبقتها ظاهرة طارئة عرفت باسم الاستقالات الكبرى عندما فضّل العديد من الموظفين تقديم استقالاتهم لرفضهم أوضاع العمل الجديدة بعد جائحة كوفيد-19 والعودة للعمل التقليدي من المكتب بعد فترة طويلة من نظام العمل المرن.

بقلم


money

(مصدر الصورة: فورتشن العربية، تصميم: أسامة حرح)

الموظفون المرتدون إلى العمل (Boomerang workers) هم الموظفون الذين استقالوا من وظائفهم ثم عادوا مرة أخرى لعملهم، وقد انتشرت هذه الظاهرة بكثرة خلال السنوات الثلاث الماضية.

ظاهرة ارتداد الموظفين، سبقتها ظاهرة طارئة عرفت باسم الاستقالات الكبرى (Great Resignations)؛ عندما فضّل العديد من الموظفين تقديم استقالاتهم لرفضهم أوضاع العمل الجديدة بعد جائحة كوفيد-19 والعودة للعمل التقليدي من المكتب بعد فترة طويلة من نظام العمل المرن، والبحث عن بيئة عمل أكثر مرونة وأعلى أجراً، وتسببت هذه الظاهرة في تفريغ المؤسسات من العديد من الكفاءات.

وسُميت ظاهرة عودة الموظفين المستقيلين أو المقالين إلى وظائفهم باسم بومرانغ (Boomerang) نسبة إلى لعبة بومرانغ الأسترالية، وهي عبارة عن عصا ملويّة تقذف بها في الهواء فترتدّ إليك مرة أخرى، وكانت تُستخدم في الصيد ثم تحولت إلى رياضة فيما بعد، تم اكتشافها في أستراليا عام 1973، لكن تاريخها يعود لنحو 10 آلاف عام مضت.

كانت هارفارد بزنس ريفيو (Harvard Business Review) قد نشرت تحليلاً شمل 3 ملايين موظف في أكثر من 120 مؤسسة كبرى خلال الفترة من 2019 إلى 2022، عرض 3 أسباب لظاهرة رحيل الموظفين عن العمل ثم ارتدادهم مرة أخرى وشعورهم بالأسف لترك وظائفهم، كما تعتبر تلك الأسباب مؤشراً لاحتمال حدوث ظاهرة بومرانغ قريباً.

السبب الأول لارتداد الموظفين، هو خيبة أمل الموظفين في مؤسستهم الجديدة، حيث لا يتماشى النظام الجديد المطبق فيها مع تطلعاتهم في الترقية والحصول على المزايا الوظيفية المتوقعة، وإلزامهم بنظام عمل غير مناسب. 

وحينها يشعر الموظف بانتهاك حقوقه النفسية عبر نظام العمل الجديد، لذلك يفضّل العودة إلى نظام العمل القديم الذي كان يتمتع خلاله بالمزيد من الصلاحيات والأريحية في العمل.

والسبب الثاني لظاهرة بومرانغ هو العلاقات الاجتماعية القوية التي تربط الموظفين بزملائهم القدامى في العمل، وهذا الأمر يدفعهم إلى لعودة لعملهم السابق؛ نظراً لأن بيئة العمل تكون أكثر انسيابية بالنسبة لهم.

أما السبب الثالث والأخير، فهو المال، حيث يحصل أغلب الموظفين المرتدين إلى عملهم السابق على زيادة نسبتها في المتوسط 25% عند عودتهم، في محاولة من الشركة لجذب الكفاءات مرة أخرى والحفاظ عليها.

وبالنسبة لصاحب العمل يكون الموظف المرتد أفضل من حيث الخبرة والدراية بتفاصيل نظام العمل، وذلك مقابل الموظف الجديد الذي يتطلب وقتاً ومجهوداً كبيراً لتأهيله.

شركة بايتشيكس (Paychex) لهيكلة الأجور، نشرت دراسة في فبراير/شباط 2023، أظهرت أن 80% ممن تخلوا عن وظائفهم عام 2020 يأسفون لذلك، أما من غيّروا نمط وظائفهم بالكامل (Career Shift) خلال فترة الحجر الصحي وتوقف الأعمال فهم أكثر عرضة -بنسبة 25%- لاعتبار أنفسهم أكثر ندماً مقارنة مع نظرائهم الذين تمسكوا بأعمالهم.

الرئيس التنفيذي لوكالة التوظيف ريد بالون (Red Balloon)، أندرو كرابوتشيتيس، أكد في تصريحاته لفورتشن الأميركية على مقولة: "المال لا يشتري السعادة"؛ حيث أظهر الاستطلاع الأخير توجهاً للعديد من الباحثين عن العمل نحو الشعور بالسعادة في العمل من خلال بيئة عمل متوازنة وإيجابية تجمع بين العمل والحياة.

"%40 ممن شاركوا في ظاهرة الاستقالات الكبرى ندموا على قرارهم، بل أكثر من 20% منهم ارتد بالفعل لوظيفته القديمة"، حسب تقرير أعدته شركة البرمجيات يو كيه جي (UKG) في أبريل/نيسان 2022.

وبالإجابة عن سؤال كيف يمنع أصحاب العمل ظاهرة رحيل الموظفين ثم ارتدادهم، تنصح هارفارد بزنس ريفيو أرباب العمل بالتزام الصدق والثبات في القرارات مع إعطاء الموظفين صورة واقعية للوظيفة، كما تنصح بإجراء مقابلات بين الإدارة والموظفين بانتظام لسد فجوة سوء التواصل.

ومن النصائح للتصدي لظاهرة ارتداد الموظفين: عدم إعطاء الموظفين المرتدين مزايا تفضيلية في المعاملة عن زملائهم الحاليين، حيث تقول هارفارد بزنس ريفيو "لا شيء يضعف الثقة والالتزام مثل رؤية موظف سابق يعاد تعيينه بأجر أعلى، فيما لا يتلقى الموظفون الحاليون تعديلات في الأجور أو ترقيات".

وثمة تحذير أخير من إغراق الموظف الحديث بحوافز لضمان بقائه في العمل وتجاهل الموظف القديم، فهذا قد يصيب الموظفين القدامى بالاستياء، حتى أكثرهم ولاءً.


image
image