المحتوى محمي
المحتوى محمي
بيئة العمل

ما هي الوظائف المهددة بالزوال والمرجّحة للنمو في المستقبل؟

يناقش المنتدى الاقتصادي العالمي في تقريره ما أصبح واضحاً، وهو أن الوقت ينفد الآن لملايين الوظائف، خاصة تلك التي تحاول مقاومة التحوّل الرقمي، قبل أن تسلك طريق جهاز الفاكس وتصبح من الماضي.

بقلم


money

(مصدر الصورة: فورتشن العربية، تصميم: أسامة حرح)

شاع مؤخراً القلق بشأن مخاطر استحواذ نظام تشات جي بي تي (ChatGPT) وأنظمة الذكاء الاصطناعي الأخرى على العديد من الوظائف، إذ كشف تقرير مستقبل الوظائف (Future of Jobs) الجديد الموسّع والصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (World Economic Forum)، وهو المنظمة غير الربحية التي انطلقت من دافوس في سويسرا إلى العالمية، أن ملايين الوظائف معرّضة لخطر الزوال. وهذه الأخبار غير سارّة بالتأكيد، لكن الخبر السار هو أن معظم الموظفين آمنون على المدى القريب.

إذ لا تنافس اختراعات الذكاء الاصطناعي القدرة البشرية على الإبداع، وذلك على الرغم من قدرتها على تنمية ذكائها بمعدل أسرع من البشر. كما أن العالم الملقب بـ "الأب الروحي للذكاء الاصطناعي"، جيفري هينتون، قد استقال مؤخراً من عمله مع شركة جوجل وبدأ في التعبير عن مخاوفه بشأن الإمكانات المذهلة لهذه التكنولوجيا. ويقول متسائلاً: هل تعلم أن لدى البشر ما يقرب من 86 مليار خلية عصبية في أدمغتهم، لكن نظام تشات جي بي تي لديه حالياً ما بين 500 مليار إلى تريليون خلية؟ "كيف سننجو من هذه المنافسة؟"

ويناقش المنتدى الاقتصادي العالمي في تقريره ما أصبح واضحاً، وهو أن الوقت ينفد الآن لملايين الوظائف، خاصة تلك التي تحاول مقاومة التحوّل الرقمي، قبل أن تسلك طريق جهاز الفاكس وتصبح من الماضي.

ويقدّر المنتدى الاقتصادي العالمي أن نحو 70 مليون فرصة عمل جديدة سوف تنشأ و83 مليون وظيفة سوف تزول في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2027، ويشكل هذا انخفاضاً في التوظيف بمقدار 14 مليون وظيفة، أو 2% من القوى العاملة العالمية.

لذا، إذا كنت تريد تحصين نفسك والبقاء خارج هذه الفئة التي ستصبح بلا عمل بحلول ذلك الوقت، عليك الانضمام إلى الوظائف الأسرع نمواً اليوم، وهي تلك المدفوعة بالتكنولوجيا والرقمنة والاستدامة.

وظائف المستقبل برأي المنتدى الاقتصادي العالمي

ليس غريباً أن معظم الوظائف الأسرع نمواً مرتبطة بالتكنولوجيا، إذ تربّع متخصصو الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة على رأس قائمة المنتدى الاقتصادي العالمي، يليهم متخصصو الاستدامة ومحللو ذكاء الأعمال ومتخصصو أمن المعلومات.

ووجد المنتدى الاقتصادي العالمي أنه مع تحرّك العالم تدريجياً نحو الطاقة المتجددة، فإن تخصصات مثل الهندسة المعمارية والمسح وهندسة الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية والنظم ستكون أيضاً وظائف عالية النمو.

وتتوافق هذه النتائج مع تأكيد المنتدى الاقتصادي العالمي على أن المهارات الثلاث الأولى التي ستصبح الأكثر أهمية خلال السنوات الخمس المقبلة هي التفكير الإبداعي والتفكير التحليلي والمعرفة التكنولوجية، وهي مهارات غير قابلة للأتمتة. وأوضح المنتدى أن رغبة الشركات في هذه المهارات تُظهِر الأهمية المستمرة لمهارات حل المشكلات المعقدة.

وعلى الجانب الآخر من التغيّر، فإن التدهور السريع لبعض الأدوار مرتبط أيضاً بظهور التكنولوجيا والأتمتة، وغالبية هذه الأدوار كتابية أو إدارية أو سكرتارية. ويتوقع المنتدى الاقتصادي العالمي أن تشهد أربعة مجالات على وجه الخصوص أسرع تدهور نسبياً، وهي: صرّافو البنوك، وكتّاب الخدمات البريدية، والصرافون وموظفو التذاكر، ومدخلو البيانات.

وحتى لو لم تكن وظيفتك مدرجة في هذه القائمة، ليس بالضرورة أن تكون محصّناً ضد فقدانها، إذ إن ما يقرب من ربع المهن عموماً ستتغير بطريقة ما، حتى تلك التي لن تنمو أو تتقلص بشكل كبير، وذلك سيكون نتيجة الذكاء الاصطناعي والرقمنة على مدى السنوات الخمس المقبلة حسبما يقول المنتدى الاقتصادي العالمي.

المهن النامية

وضع المنتدى الاقتصادي العالمي بالتعاون مع شركة لينكد إن (LinkedIn) جدولاً بالوظائف المائة التي كانت الأسرع نمواً بشكل متّسق وعالمي منذ عام 2018.

وتنتمي ست عشرة وظيفة من بين أفضل 100 وظيفة في القائمة المسماة "المهن النامية" إلى مجال التكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات. ومع ذلك، فإن الوظائف المتعلّقة بالمبيعات والتواصل مع العملاء تحتل الشريحة الأكبر بحصة 22 وظيفة ضمن القائمة، وهذا يكشف زيادة التركيز على توسيع مجموعات العملاء خلال فترة التقدم التكنولوجي السريع.

ومن المهن التي برزت في القائمة: المهن المرتبطة بالموارد البشرية واستجلاب المواهب، بما فيها مهنة محددة هي جذب الموظفين في مجال تكنولوجيا المعلومات (Information Technology Recruitment)، وأشار المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن ذلك قد يوضّح "الصعوبة المتزايدة وأهمية الوصول إلى المواهب في سوق عمل تنافسية عموماً".

كما شهدت مهنة محددة وهي منسّق مكان العمل (workplace coordinator) نمواً ملحوظاً بنسبة 39% منذ عام 2018 في قوائم الوظائف على منصة لينكد إن، وهذا قد يشير إلى أن الشركات تكافح من أجل تسهيل أنظمة العمل المختلطة الفعّالة والمُرضية.

ولحسن حظ الموظفين أنهم سوف يتمكّنون من المنافسة عن طريق صقل مهاراتهم وتحسينها، حتى لو كانوا يعملون في قطاعات مهددة بالتقلّص حسب تقييم المنتدى الاقتصادي العالمي. وقال الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة لينكد إن، دان شابيرو، لفورتشن (Fortune) إنه لا يعتقد أن النفوذ سيعود إلى الرؤساء في أي وقت قريب، وأوضح قائلاً " الاتجاه طويل الأجل واضح جداً حسبما أعتقد".

وأضاف: "ما يزال أصحاب الأعمال يواجهون صعوبة في العثور على الموظفين الذين يحتاجونهم، حتى في سوق العمل الحالية، وهذا ناجم عن أن الاتجاه طويل الأجل نحو المهارات التكنولوجية لا يمكن إنكاره أو الإفلات منه، ولا يمكننا مواكبة ذلك".


image
image