يتخذ المستشارون القانونيون، أو رجال القانون، أو الوكلاء القانونيون، أو المتعارف عليهم باسم المحامون مسؤولية حماية الآخرين ومصالحهم. وغالباً ما يُنظر إليهم كأبطال القضايا الصالحة وأوصياء القانون. ينبثق مصطلح "محامٍ" من فكرة أن المحامين لديهم واجب مقدس لصون العدالة والعمل كمدافعين نيابة عن موكليهم. وعلى الرغم من هذا الأصل المشرّف، إلا أن كلمة "محامٍ" تحمل دلالات سلبية نسبياً في العالم العربي، ما يجعل من الصعب على المحامين الحصول على الثقة والاحترام اللذين يستحقونهما من موكليهم.
أسباب السمعة السيئة
إن الثقافة العربية مبنية على المجاملة إلى حد كبير، إذ يتحدث الناس غالباً بشكل جيد بعضهم عن بعض، ويظهرون الكرم في منح وقتهم لمساعدة الآخرين. ومع ذلك، فإن طبيعة الممارسة القانونية المتمثلة ببيع المحامين وقتهم ودقة معلوماتهم لا تتماشى دائماً مع قيم الثقافة العربية. إن المهارات والخبرات التي يمتلكها المحامون، مثل سنوات خبرتهم وقدرتهم على صياغة المرافعات القانونية المعقدة، لا تحظى دائماً بتقدير أو فهم متعمق من قبل الجمهور.
بالإضافة إلى ذلك، أسهم الافتقار إلى الانضباط وعدم التخصص في مهنة المحاماة أيضاً بتلك التصورات السلبية. غالباً ما يتولى المحامون الذين ليست لديهم معرفة أو خبرة محددة قضايا هم غير مجهزين للتعامل معها، ما يؤدي إلى تمثيلٍ دون المستوى ونتائج مخيبة للآمال بالنسبة للعملاء. وقد أدى ذلك إلى انعدام الثقة بشكل عام في المحامين، والتصور العام بأن خدماتهم قد لا تكون دائماً موثوقاً بها أو فعالة.
بُعد المجال القانوني عن الحياة اليومية
لا تقتصر النظرة السلبية للمحامين في العالم العربي على العوامل الثقافية فحسب، إذ يبقى الشخص العادي في العالم العربي بعيداً عن المجال القانوني في الحياة اليومية إلى حين ظهور مشكلة تتطلب تدخلاً قانونياً. لذلك، فإن معظم الناس محدودون في تجربتهم الشخصية مع عالم القانون، وينتهي بهم الأمر إلى تكوين تصوراتهم بناءً على حالات متحيزة؛ تشمل معارفهم، أو القصص الإخبارية، أو الأفلام الشعبية التي غالباً ما تعطي المهنة صورة سلبية.
إن مهنة المحاماة معقدة ومتعددة الأوجه. ويحكم القانون العديد من المكونات الرئيسية للنظام البيئي الشخصي والمؤسسي، ويضمن عمله بشكل سليم؛ من عقود العمل والإشعارات القانونية إلى مطالبات التأمين والنزاعات المدنية.
كما أسهمت حقائق مهنة المحاماة، مثل الرسوم المرتفعة والإجراءات القانونية المطولة والعقبات البيروقراطية، في مضاعفة التحديات التي يواجهها المحامون لكسب ثقة موكليهم واحترامهم. أدت هذه العوامل إلى تصورات سلبية بأن مهنة المحاماة منفصلة عن واقع الحياة اليومية، وأنه لا يمكن للناس العاديين الوصول إليها دائماً أو بأسعار معقولة.
دعوة إلى العمل من أجل كسب الاحترام وتعزيز الممارسات الأخلاقية
بهدف تعزيز الممارسات الأخلاقية للقانون في العالم العربي؛ من الضروري أن يتبنى المحامون نهجاً أكثر إنسانية لتفاعلاتهم مع العملاء. ويشمل ذلك إزالة الغموض عن العمليات القانونية، وإتقان تقنيات الصياغة والتواصل الحديثة بعيداً عن المصطلحات القانونية المعقدة، واستثمار الوقت الكافي في فهم القضايا وشرحها وتلخيصها مع العملاء. فالشفافية في عمليات الفوترة، على سبيل المثال، أمر بالغ الأهمية أيضاً في بناء الثقة مع العملاء، ومنْحِهم فهماً واضحاً للخدمات التي يتلقونها والتكاليف المرتبطة بها.
ومن المهم لمكاتب المحاماة والمؤسسات القانونية في العالم العربي العمل على تنفيذ لوائح موحدة وإرشادات أخلاقية تعزز الاتساق والموثوقية في الممارسات القانونية. ويشمل ذلك تطوير معايير السلوكيات المهنية الحسنة وتنفيذها، والتعليم المستمر، ومساءلة المحامين.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي بذل الجهود لتثقيف الجمهور حول الدور الحيوي للمحامين في صون العدالة وحماية الحقوق وتعزيز سيادة القانون. إن تبديد المفاهيم الخاطئة حول كون المحامين مثيرين للانقسامات، وتعزيز ثقافة تقدير المحامين ووقتهم وخبراتهم يُعدّان من بين الأمور بالغة الأهمية.
كما أنه من الضروري لممارسي المحاماة في العالم العربي أن يجتمعوا ويتخذوا إجراءات لتغيير النظرة السلبية حول المهنة. فمن خلال تعزيز الممارسات الأخلاقية، واعتماد نهج أكثر إنسانية لتفاعلات العملاء، وتنفيذ لوائح موحدة، وتثقيف الجمهور يمكننا العمل معاً من أجل كسب الاحترام والتقدير الذي يستحقه المحامون.