المحتوى محمي
المحتوى محمي
قصة ريادة

كيف مارست منصة تاجر التجارة بكل تفاصيلها إلكترونياً؟

إنّ البحث عن استثمارات لا يبرر نقل الشركة إلى السعودية، إلا إذا كان نموذج عمل الشركة يمكن تطبيقه بالمملكة، وهذا ما حدث مع منصة تاجر، التي حصلت على استثمارات أسهمت فيها شركة رائد السعودية قبل الانتقال إلى المملكة.

بقلم


money

محمد الحريشي، المؤسس والرئيس التنفيذي في منصة تاجر المصرية للتجارة الإلكترونية (مصدر الصورة: فورتشن العربية)

إن تنظيم سوق التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتسهيل خطوات البائعين بين شراء المنتجات وبيعها وشحنها، هو الهدف الذي أُنشئت من أجله منصة تاجر المصرية للتجارة الإلكترونية التي انطلقت في ديسمبر/كانون الأول 2019، وفقاً لمؤسسها ورئيسها التنفيذي محمد الحريشي.

تُمكّن تاجر أي شخص يريد بدء نطاق أعماله التجارية وتوسيعها عبر الإنترنت، من خلال تقديم حلول للتحديات الرئيسية التي يواجهها التجار مثل توريد المنتجات والخدمات اللوجستية والتسويق، حسب حديث الحريشي مع فورتشن العربية.

قبل تأسيس تاجر، عمل الحريشي عقب دراسته للاقتصاد مديراً للاستثمار في شركة إف إي بي كابيتال (FEP Capital) الكويتية، والتي لديها أعمال في العديد من الدول ومنها مصر. وكان دور الشركة هو شراء الشركات وإعادة هيكلتها ثم طرحها للبيع. يشير الحريشي إلى أنه اكتسب خبرات متنوعة في مجال الاستثمار وبناء منظومة العمل، خصوصاً أنه كان يفضل العمل في مجال الاقتصاد والاستثمار.

وجد الحريشي فجوة في قطاع التجارة الإلكترونية فانطلقت تاجر؛ لأن سوق التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يستحوذ عليها البائعون الصغار ويواجهون العديد من التحديات.

رأى الحريشي أن البائع الصغير يخوض رحلة طويلة تبدأ من التوجه إلى أسواق الجملة، مثل سوق العتبة في مصر أو سوق العزيزية بالمملكة السعودية أو سوق مراكش بالمغرب، ليشتري كميات صغيرة بأسعار مرتفعة من الموردين، ثم يخزّن المنتجات في منزله. بعدها يبحث عن شركة شحن صغيرة من أجل توصيل المنتجات إلى الزبائن، ويتعامل في كل تلك الخطوات بعيداً عن التكنولوجيا والكفاءة، إذ لا يوجد تنظيم جيد في هذه السوق بسبب غياب جهة تبني نموذج عمل لهذا البائع، يعتمد عليه ويسهّل كل تلك الخطوات.

تقديم خدمات شاملة

كان غياب أي منصة تقدم خدمة شاملة، فرصة كبيرة لتقديم شيء مفيد للمجتمع بالنسبة للحريشي الذي يضيف إنّ منصة تاجر لا تنافس أحداً في مجال التجارة الإلكترونية أو الشحن، لكنها تنظم السوق، مشيراً إلى أن الميزة التنافسية التي تقدمها المنصة هي جمعها لكل تلك الخدمات في مكان واحد.

لدى تاجر مخازن مركزية تمكّن أي شخص يريد العمل في مجال التجارة الإلكترونية بشكل عام من اختيار المنتج الذي يريد بيعه، حيث يجد منتجات الكثير من الموردين، والتي تعرضها تاجر على البائعين بدلاً من ضياع وقتهم في البحث عن المنتجات بالأسواق المحلية. ومن ثم، يبيع البائع المنتجات من خلال أي وسيلة يفضلها، سواء عن طريق موقع خاص به أو مواقع التواصل الاجتماعي، ثم تقوم تاجر بتوصيل المنتج للعميل من خلال شركات الشحن الموجودة على المنصة.

توسع تاجر

استطاعت تاجر أن تثبت وجودها عبر فروع في 3 دول على مدار السنوات الثلاث الماضية، وهي مصر والسعودية والإمارات. وتستهدف التوسع إلى البحرين والكويت وعمان وقطر في نهاية 2023، إلى جانب التوسع في المغرب أيضاً، وفقاً للحريشي.

يشير الحريشي إلى أن المنصة استطاعت تحقيق إنجاز بوجودها في عدد من الأسواق، كما أنها تُمكّن البائعين في كل مكان من البيع في أي سوق بوجود مورّدين من مختلف الدول على المنصة، فيمكن لبائع من مصر أن يبيع في السعودية أو أي دولة أخرى.

جذبت المنصة أكثر من 30 ألف بائع و400 مورّد من مختلف الجنسيات. فإلى جانب وجودها في مصر والسعودية والإمارات، يمكن لمورّدي الدول الأخرى عرض منتجاتهم على المنصة التي تضم أكثر من 5 آلاف منتج. وحسب الحريشي، استطاعت تاجر تحقيق نمو بمعدلات كبيرة على مدار السنوات الماضية، مشيراً إلى تركيزها على الكفاءة والربحية.

تحصل تاجر على عمولة من المورّدين تختلف باختلاف المنتج والدولة، إذ إنها ساعدت هؤلاء على تحقيق أرباح أعلى، وفقاً للحريشي الذي يشير إلى أن البائع يحصل على أمواله من خلال العديد من الطرق، منها بايونير وباي بال وغيرها من المنصات العالمية أو المحافظ الإلكترونية والتحويلات البنكية.

تحديات واجهت تاجر

هناك تحديات واجهت تاجر في بدايتها، إذ يشير الحريشي إلى أن المنصة تبني نموذج عمل لم يُبنَ من قبل، إذ تعوّد كلٌّ من البائع والمورّد على طريقة تقليدية في العمل. لذلك، كان هناك تحدٍّ في إقناع الطرفين بطريقة العمل الجديدة، خصوصاً إقناع المورّد بأن يمنح المنصة مساحة من منتجاته ويثق في المنظومة.

ومن تلك التحديات أيضاً بناء منظومة لوجستية متكاملة قادرة على تحقيق الخدمة الإلكترونية الأمثل للبائع، من خلال التواصل مع شركات الشحن وضمِّها للمنصة، إذ يشير الحريشي إلى أن بناء أي نظام جديد يكون صعباً في بدايته.

وأضاف إن من ضمن التحديات التي واجهت المنصة: حل المشاكل بالتكنولوجيا، وبناء نموذج ذكاء اصطناعي يرشّح للتاجر المنتجات بناءً على بعض البيانات التي جمعتها تاجر، إلى جانب تسعير المنتج، وبناء رحلة مفصّلة للبائع ليبيع أكثر باستخدام التكنولوجيا، فكل ذلك كان صعباً في البداية.

النمو المربح

يؤكد الحريشي أنه تعلم مع فريق عمل المنصة على مدار السنوات الماضية التوازن بين النمو السريع والنمو المربح، مشيراً إلى أن الشركات تحتاج في أوقات كثيرة إلى درجة من الربحية تعزز من قوة النمو واستدامته، وإلى أنّه يسعى في قيادة المنصة إلى الموازنة بين النمو والاستدامة.

ويقول الحريشي إنّه لا يبحث عن النمو السريع على حساب الربحية، إذ إن المنصة لم تلجأ لبيع منتج سعره 100 جنيه مصري بسعر 90 جنيهاً فقط من أجل النمو. وقد حصلت الشركة على استثمارات بقيمة 6.4 ملايين دولار تصرفها في بناء البنية التكنولوجية واستقطاب أفضل المواهب في السوق، ما يجعل صرف الأموال للاستثمار وليس للحرق. ويشير الحريشي إلى أهمية الحصول على استثمار لبناء منظومة تخدم الشركة في المستقبل، مؤكداً أن تاجر سوق تصل خلال 2023 إلى نقطة التعادل كبداية للتحول إلى الربحية التي لم تصل إليها بعد.

مقر جديد بالسعودية

أسست تاجر مقراً جديداً بالمملكة السعودية، ويقول الحريشي إنه اختار السعودية لتكون مقراً إقليمياً لأعمال الشركة في منطقة الشرق الأوسط، مع البقاء على مصر كمقر إقليمي مخصص لإفريقيا.

وعن أسباب التوجه إلى السعودية يقول الحريشي "المملكة سوق كبيرة والقوة الشرائية فيها مرتفعة، كما أن التوسع بها امتداد منطقي لما بنيناه في مصر، وأنجح نماذج الأعمال هي القادرة على التكرار في دول عديدة، كما أن التوسع بالمملكة كان بناءً على طلبات الكثير من البائعين والموردين، ومن الطبيعي عندما تقوم شركة بتأسيس مقر إقليمي أن تبحث عن أكبر دولة بالمنطقة وهذا ما فعلناه".

تاجر منظومة عمل تزدهر بوجود مناخ قوي لمواقع التواصل الاجتماعي، إذ إنها تعتمد بشكل كبير على البائعين عبر تلك المواقع، وهو سبب آخر لاختيار السعودية، لكونها من أعلى الدول في استخدام تلك المواقع على مستوى العالم، وفقاً للحريشي الذي يشير إلى أن المنصة كان لديها بائعون من السعودية قبل التوجه نحوها، وبالتالي، فإن إنشاء مقر إقليمي هناك ينبع من التوسع الكبير للمنصة.

ويضيف الحريشي إن المملكة تعمل منذ فترة على دعم الشركات التي تؤسس مقرات لها هناك، حيث تمنح المساحة للشركات في جذب الكفاءات ودعم تأسيس المقر وتمويل جزء من تعيينات السعوديين، وكلها مميزات إضافية استفادت منها تاجر.

وبمقارنة السوق المصرية بالسعودية يشير الحريشي إلى أن السوق المصرية لديها عدد سكان أكبر، ولكن ثقافة الشراء الإلكتروني أعلى بالسعودية. بلغ حجم قطاع التجارة الإلكترونية بالمملكة السعودية 74.3 مليار ريال (حوالي 19 مليار دولار) في 2021، بينما بلغ حجم القطاع في مصر نحو 5 مليارات دولار خلال عام 2021.

انتقال الشركات المصرية إلى السعودية

وعن أسباب توجه بعض الشركات المصرية الناشئة لنقل مقراتها إلى السعودية، يشير الحريشي إلى أن وجود الشركات بالسعودية تطور طبيعي لنظم الأعمال الناجحة في مصر، ولكنه في ذات الوقت ضد الانتقال إلى السعودية بحجة الحصول على استثمارات، إذ يشير إلى أن الاستثمار موجود في كل مكان، وأن أي شركة لن تحصل على الاستثمارات وتعمل بسهولة بعد الانتقال للسعودية، فيجب عليها فهم السوق والعملاء جيداً بدايةً، وأن يكون لديها شيء مميز لأن المنافسة هناك مرتفعة.

لدى السعودية مستثمرون محنكون لن يدفعوا أموالهم لمجرد الانتقال إلى المملكة، وسوف يسألون المؤسس عن سبب الانتقال فإذا لم يكن لديه مشروع مكتمل وكان مبرره فقط الانتقال من أجل الأموال فلن ينجح، وفقاً للحريشي الذي يقول إن المشروع الناجح يستطيع جذب الأموال في أي مكان، والمستثمر يضخ أمواله في الشركة بغض النظر عن مكانها.

ويضيف إن نقص العملات الأجنبية في السوق المصرية ليس مبرراً للخروج منها، فهي أزمة مرت بها مصر كثيراً على مدار سنوات. ربما كانت الأزمة الحالية أشد تحت وطأة الظروف العالمية، لكنها ستمر.

يؤكد الحريشي أن من يمتلك شركة حقيقية تقدم قيمة فعلية سيستطيع الاستمرار فيها في أي دولة، والبحث عن استثمارات لا يبرر نقل الشركة إلى السعودية، إلا إذا كان نموذج عمل الشركة يمكن تطبيقه في السعودية فلا مانع من التوسع هناك، وهذا ما حدث مع تاجر التي حصلت على استثمارات أسهمت فيها شركة رائد السعودية قبل الانتقال إلى المملكة.

فريق عمل بخبرات متنوعة

كانت تاجر قد حصدت 6.4 ملايين دولار في جولة تمويل تأسيسية في 2021، ويشير الحريشي إلى أن منصته اعتمدت على عوامل عدة لجذب تلك الاستثمارات، منها قوة نموذج العمل، والقدرة على النمو بشكل متوازن، وامتلاكها فريق عمل بخبرات متنوعة، إذ يضم الفريق موظفين سابقين في أمازون وكريم وجوميا وأوبر وغيرها، كما لديها موظفون من مصر والمغرب وليتوانيا وقبرص وكرواتيا وكينيا والسعودية وفرنسا وإسبانيا وغيرها من الجنسيات، ما يجعله فريقاً قادراً على بناء شركة كبيرة.

تتمثل أهداف الشركة خلال الفترة القادمة بالمزيد من التوسعات واستقطاب البائعين من كل دول العالم، حسب الحريشي الذي يشير إلى أنه يهدف لبناء منظومة تسويق عالمية. ومن أهداف الشركة أيضاً، الاستمرار في النمو وتحقيق الأرباح، إذ إنها تمكنت من بناء بنية تحتية تكنولوجية قوية مدعومة بالذكاء الاصطناعي خلال الفترة الماضية، ويريد الحريشي الاستمرار في تطويرها، والتوسع بشكل أقوى في المنطقة التي تتمتع بمستقبل واعد في قطاع التجارة الإلكترونية.


image
image