المحتوى محمي
Al-Majarra Al-Majarra Al-Majarra
المحتوى محمي
قصة ريادة

كيف قادت فور سيل تحوُّل سوق الإعلانات المبوّبة في الكويت؟

تحوّلت منصة فور سيل إلى لاعب رئيسي في سوق الإعلانات بالكويت، وهي تطرح إعلانات عقارات وسيارات وإلكترونيات وغيرها من المنتجات، وتعرض أكثر من 4 آلاف إعلان في اليوم.  

 

بقلم


money

طارق صقر، المؤسس والرئيس التنفيذي في منصة فور سيل (مصدر الصورة: فورتشن العربية)

تسعى منصة فور سيل (4Sale)، مقرها الكويت وتختص بتقديم خدمات الإعلانات المبوّبة عبر الإنترنت، إلى التوسع بشكل أكبر بالكويت حالياً بدلاً من التفكير في التوسع خارجها. فوفق مؤسسها ورئيسها التنفيذي رائد الأعمال المصري طارق صقر، تتميز سوق الإعلانات في الكويت بمكاسب كبيرة على الرغم من عدد السكان الذي يزيد قليلاً على 4 ملايين نسمة. 

الانتقال من القطاع المصرفي إلى ريادة الأعمال

درس صقر إدارة الأعمال في جامعة بيبردين (Pepperdine University) الأميركية، وعقب التخرج عمل في قطاع البنوك، ثم وقعت أحداث سبتمبر 2001 ولم يستطع تجديد تأشيرته، فاضطر للعودة إلى مصر، وفقاً لحديثه مع فورتشن العربية.

في عام 2004، وخلال سفره مع والده لزيارة بعض الأصدقاء في الكويت، قابل صقر أحد مسؤولي البنك الأهلي الكويتي، والذي عرض عليه العمل بالبنك؛ فوافق، وعمل بالبنك مدة عامين.

لكن بداية انتقال صقر من القطاع المصرفي إلى ريادة الأعمال حصلت عندما كان يريد شراء سيارة حسب حديثه؛ فبسبب درجة الحرارة المرتفعة وانشغاله بالعمل بالبنك، كان يبحث عن طريقة للشراء عبر الإنترنت، ووجد موقعاً اسمه كويت كار (Q8Car) كان يعرض إعلانات لـ 5 سيارات في اليوم، فوجد صقر أن الموقع ضعيف، إذ كانت الكويت تفتقر إلى مواقع متطورة في ذلك الوقت.

شغل هذا الموقع تفكير صقر، إلى أن عرض على صديقه حمد الحميزي شراءه وتطويره. إلا أنّ تركيزه منذ صغره على العمل بالبنوك، تأثراً بعمل والده بها، وتدرّبه في أثناء إجازاته من الجامعة بالبنوك، جعلاه يخشى الابتعاد عن هذا القطاع والتوجه لتأسيس مشروع خاص. فإذا ما فشل المشروع سيكون من الصعب العودة للعمل بالقطاع المصرفي مرة أخرى؛ لأنه بذلك سيكون قد فشل ويحتاج إلى أن يبدأ من الصفر، وفقاً لحديثه.

بيع السيارات المستعملة وشرائها

بعد تفكير، قرر صقر خوض التجربة لمدة 8 أشهر فقط، من ثم يقيّم ما يحصل معه. فوضع 80% من مدخراته إلى جانب أموال من شريكه الحميزي، واشتريا الموقع بسعر 400 ألف دولار في 2006، ليعملا على تحويله إلى منصة لبيع السيارات المستعملة وشرائها.

يشير صقر إلى أنها كانت مخاطرة كبيرة، فلم تكن هناك صناديق استثمار لتمويل الشركات الناشئة مثل الآن، وكان عليه أن يبني شركة تحقق أرباحاً كي تعيش، وقد كان خائفاً من الفشل. فكان يبذل قصارى جهده من أجل نجاح المشروع، ويذهب بنفسه إلى وكالات السيارات من أجل عرض سياراتهم المستعملة على موقعه.

وجد صقر أن هناك انتشاراً كبيراً لجريدة الوسيط بالكويت، وهي جريدة مخصصة للإعلانات المبوّبة، ولكنها لم تتجه إلى الإنترنت في ذلك الوقت. فاتفق صقر مع إدارة الجريدة على عرض إعلانات السيارات على موقعه مجاناً. وفي ذلك الوقت، كان يتعامل مع شركات بالهند للاهتمام بالجانب التقني بالموقع. ثم وجد مواهب تقنية جيدة بمصر فانتقل للتعامل مع شركة مصرية للاهتمام بالجانب التقني للموقع.

حقق الموقع نجاحاً كبيراً لدرجة أزعجت جريدة الوسيط التي ألغت تعاقدها مع صقر، لتتجه هي أيضاً إلى الإعلانات عبر الإنترنت. إلا أنّ موقع كويت كار كان قد أصبح الأول على مستوى الكويت في عرض إعلانات السيارات. فقد كان يعرض 500 سيارة باليوم، وفقاً لصقر الذي لفت إلى أن أول شركة في أي سوق هي التي تقودها وتضع أسعارها، لذلك كان من الصعب على أحد أن ينافس موقعه.

وجد صقر بعد ذلك أن لعرض الإعلان بشكل مجاني جوانب سلبية، منها عرض الإعلان أكثر من مرة أو وجود إعلانات وهمية. لذلك اتجه صقر إلى وضع الإعلانات لقاء بدل، عوضاً عن الحصول على عمولة من عملية البيع.

مرحلة فور سيل

في 2013، وجد صقر أن هناك تطبيقاً طُرِح في آب ستور (App Store) بالكويت اسمه فور سيل (4Sale)، وكان متخصصاً في الإعلانات عبر الإنترنت. أُعجب صقر بفكرته، إذ كان يحلم بتأسيس موقع متخصص في البيع والشراء لكل شيء وليس للسيارات فقط. فقامت كويت كار بشراء فور سيل بقيمة تقترب من مليون دولار. وبعد 6 أشهر، نجح فريق العمل في إقناع المستخدمين بالدفع الإلكتروني عبر الموقع، إذ لم يكن ذلك متاحاً بالكويت قبل ذلك، وفقاً لصقر. وتحدث صقر عن التحسينات التي قام بها فريق العمل على صعيد الموقع، فضلاً عن إطلاق نسخة جديدة منه. وخلال 4 سنوات، تحوّل فور سيل إلى لاعب رئيسي في سوق الإعلانات بالكويت، وهو يطرح إعلانات عقارات وإلكترونيات وغيرها من المنتجات، كما يعرض أكثر من 4 آلاف إعلان في اليوم، ولدى الشركة فريق عمل تقني يعمل من مصر.

استثمارات

في 2017، فكر صقر في أن يدعم نمو الموقع من خلال جذب مستثمرين، وفي نهاية 2018 قام هو وشريكه ببيع 56% من الشركة إلى البنك الوطني الكويتي دون الإفصاح عن قيمة الصفقة، إذ كان صقر يمتلك 75% من أسهم الشركة، وما زال يمتلك 29% من الشركة إلى جانب تولّيه منصب الرئيس التنفيذي، مشيراً إلى أن تلك الخطوة قللت من المخاطرة التي كان يتحملها.

وجد صقر أن وجود البنك الوطني الكويتي كان داعماً للموقع، إذ إن وجود مستثمر كويتي بالشركة كان دافعاً لتعيين موظفين من الكويت، إلى جانب تطوير الإعلانات ليصبح الموقع شاملاً لكل شيء، فضلاً عن النمو.

يشير صقر إلى أن الموقع حصل على عروض استثمار أخرى على مدار الفترة الماضية، ولكنه يرى أن سوق الإعلانات ما تزال تحوي الكثير من الفرص والمكاسب، لافتاً إلى الاستقرار الذي تشهده السوق الكويتية الآن مقارنة بالسابق، وإلى أنّ هناك فرصاً لتحقيق نجاح أكبر.

التوسع خارج الكويت

لم يقتنع صقر بفكرة التوسع بفور سيل خارج الكويت، إذ يرى أنّ هناك شركات تلجأ للتوسع في أكثر من دولة بالمنطقة من أجل زيادة القدرة على بيع الشركة لمستثمرين في فترة معينة. ويضيف إنّ فور سيل لديها الأموال التي تساعدها على التوسع بأكثر من دولة، ولكنه يرفض ذلك حتى لا يكون في المرتبة الثانية أو الثالثة بأي سوق أخرى بدلاً من وجوده في المرتبة الأولى بالكويت. فالمنصة تنمو على حد تعبيره، وهو لا يرغب في إضاعة الوقت والمال بالتوسع في دول أخرى، إذ إن الكويت لديها عملة قوية، ومعدل تجارة مرتفع.

يضيف صقر إن هناك إمكانيات مرتفعة بقطاع الإعلانات في السوق الكويتية، خصوصاً فيما يتعلق بإعلانات السيارات والعقارات، إذ إن العميل يقوم بدفع 7 دنانير مقابل الإعلان، لكنه تحفّظ عن ذكر عدد عملائه. 

هناك جانب آخر لم تدخل فيه الشركة حتى الآن؛ وهو ما يتعلق بالفحص قبل الشراء بالنسبة العميل. ويتحدث صقر عن شركة تريد مي (Trade me) النيوزيلندية التي تقوم بذلك إلى جانب عرض الإعلانات، وقد وصلت قيمتها إلى 2.4 مليار دولار، وحققت أرباحاً بقيمة 140 مليون دولار في دولة عدد سكانها حوالي 5 ملايين نسمة، ما شجع صقر على سلك الطريق نفسه. 

ويلفت صقر إلى أن فريقه لا يتوقف عن تطوير المنصة، ما يخوّله الدخول في عرض إعلانات أي قطاع، سواء عقارات أو إلكترونيات أو مقاولات أو حتى الوظائف، كما يقدم الموقع معلومات للمعلن حول مردود الإعلان وعدد المشاهدين.

يضيف صقر إن سوق العمولة في قطاع العقارات بالكويت يصل إلى 2 مليار دينار (6.488 مليارات دولار) في السنة، وهو رقم كبير على حد تعبيره، ولذلك تسعى فور سيل إلى التركيز في هذا القطاع بشكل أكبر.

الاستثمار في الشركات الناشئة

إلى جانب فور سيل، اتجه صقر إلى الاستثمار في بعض الشركات الناشئة، إذ يقول إنه بعد نجاح فور سيل وبيع جزء من أسهمه بها، وجد أنه يمكن أن يساعد رواد أعمال آخرين ليحققوا النجاح. ومن بين تلك الشركات منصة المنيوز (Elmenus) المصرية لتوصيل الطعام، وإفرشلي (Efreshli) المصرية لتوفير خدمات الأثاث.

ثم توقف صقر عن الاستثمار بعد أن وجد مبالغة في تقييم الشركات، إذ يشير إلى أن بعض المستثمرين وضعوا أموالهم في شركات لم تحقق الأرباح التي تعادل تلك الاستثمارات، لذلك وجّه صقر استثماراته لصناديق استثمار خارج المنطقة.

يرى صقر أن المنطقة تأثرت بانخفاض الاستثمارات بالشركات الناشئة على مستوى العالم بسبب الظروف الاقتصادية، فضلاً عن انخفاض تقييم الشركات. لكنه يعتبر أن هذا الانخفاض نقطة إيجابية، إذ إن الاستثمار سيوجَّه إلى شركات قادرة على تحقيق الأرباح، عكس ما كان يحدث في السابق من البحث عن النمو بأي ثمن، مضيفاً إن شركتي المنيوز وإفرشلي اللتين استثمر فيهما يركز مؤسسوهما على تحقيق الربح، وهذا ما يجب أن يحدث.

ويشرح صقر إن بعض المستثمرين في المنطقة "حاولوا تقليد السوق الأميركية، من خلال الاستثمار في 200 شركة، على سبيل المثال، ونجاح شركتين فقط يعوّض الخسائر في بقية الشركات، ولكن الوضع لدينا مختلف، إذ إن حجم السوق بأميركا يسمح بذلك".

لذا، ينصح صقر مؤسسي الشركات أن يعملوا باجتهاد من أجل بناء شركات تحقق أرباحاً، مشيراً إلى أنه كان من الممكن أن يتوقف عن العمل منذ فترة بسبب المكاسب التي حققها، لكنه يتابع العمل بجد يومياً من أجل استمرار الرحلة. ويرى أن من سيدخل السوق بشركته خلال الفترة القادمة يجب أن تكون لديه الرغبة في منح 10 سنوات من حياته لبناء شركة حقيقية، إنما من يؤسس شركة من أجل جمع الأموال سريعاً، فهو لن يستمر. ويضيف: "على مؤسس الشركة أن يمتلك الشغف الذي يجعله يبذل قصارى جهده لسنوات من أجل بناء شركة مربحة".

سيكون هناك تدقيق كبير من قبل المستثمرين لاختيار الشركات التي يضخون فيها أموالهم، وسيبحثون عن الشركات المربحة، وفقاً لصقر الذي يشير إلى أن ذلك سيشجعه على العودة للاستثمار مرة أخرى.

أهداف

يسعى صقر إلى تعليم أحد الأشخاص داخل الشركة ونقل خبراته إليه، حتى يمتلك القدرات التي تمكنه من الحصول على منصب الرئيس التنفيذي لفور سيل خلال سنتين أو ثلاث. ويقول صقر إن ذلك يمكن أن يراه البعض صعباً بعد السنوات التي قضاها في الشركة، لكن هذا ما يقوم به بالفعل وهو فخور به، والهدف من وراء ذلك أن يبيع صقر بقية أسهمه في الشركة ويتخارج بشكل كامل منها، لبدء رحلة جديدة.

تلك الرحلة ستكون مع الاستثمار في شركات يكون له دور في إدارتها، حسب حديثه، إذ يريد الاستثمار في شركات أفكارها جيدة ويستطيع مساعدتها للنجاح، ليس من خلال أمواله فحسب، بل من خلال خبرته وأفكاره بشكل أساسي. 


image
image