الأول هو التحوّل عن مصادر الطاقة غير النظيفة، فقد يعتقد البعض أن الإمارات ستقاوم هذا التحول بصفتها دولة غنية بالنفط، لكنها في الواقع انخرطت في هذا التحوّل وعدّته ضرورة ملحّة. وقد تحدثتُ مع رئيس شركة بترول أبوظبي الوطنية وشركة مصدر للطاقة المتجددة، سلطان أحمد الجابر، وهو أيضاً الذي سيرأس الاجتماع الثامن والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP 28) في دبي فور انتهاء منتدى فورتشن، وقال في رسالته لقادة الأعمال:
"نُدرِك ملياً أننا بحاجة إنجازات تحويلية، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بإسهام كافة أصحاب المصلحة القادرين على المشاركة في تحقيق نتائج إيجابية ضمن جهودنا. ولهذا السبب أحرص على ضمان أن يوفر مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي الثامن والعشرون مشاركة فعالة بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني. وينبغي على الشركات أيضاً أن تسهم بصورة واقعية وحقيقية في الحفاظ على الهدف المناخي، المتمثّل في الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض عند المُعدّل المتّفق عليه وهو 1.5 درجة مئوية، قابلاً للتحقيق".
التحدي الثاني مرتبط بالذكاء الاصطناعي وقدرته على تغيير ملامح القطاعات ومجالات الأعمال جميعها في السنوات القادمة، فقد استجابت الإمارات لهذا التحدي من خلال تعيين أول وزير دولة للذكاء الاصطناعي، وهو عمر العُلماء، وتأسيس أول جامعة متخصصة حصرياً في الذكاء الاصطناعي. وسألتُ العلماء عن رأيه بشأن قدرة دولة صغيرة نسبياً مثل الإمارات على منافسة الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين في سباق الذكاء الاصطناعي، فأجاب قائلاً:
"يمثّل حجم دولتنا دافعاً لقدرتنا على قيادة قطاع الذكاء الاصطناعي، وليس عائقاً أمامها. وتواجه معظم الدول تحديات معينة تحدّ من قدرتها على نشر التكنولوجيا بسرعة، سواء كانت مرتبطة بالبنية السياسية أو التركيبة السكانية. أما نحن فلا نواجه أياً من هذه التحديات في أي قطاع، سواءً كان ذلك في مجال الطائرات من دون طيار، والسيارات ذاتية القيادة، والروبوتات، والعديد من مجالات التكنولوجيا الأخرى، بل أعتقد في الواقع أن الإمارات ستكون من البلدان الأولى في العالم التي يتفاعل فيها الناس مع هذه التكنولوجيا بصورة واقعية.
أما الميزة الثانية فهي المواهب، إذ شهدنا على مدى السنوات الثلاث الماضية ارتفاعاً كبيراً في جودة المواهب، ونهدف إلى تدريب هذه المواهب وضمان أن المواهب الموجودة في الإمارات هي من الأفضل عالمياً، كما سنعمل على جذب أفضل المواهب أيضاً إلى دولتنا".
وهنا يبرز دور جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي (Mohamed bin Zayed University of Artificial Intelligence)، والتي يرأسها الخبير المخضرم إيريك شينغ من جامعة كارنيغي ميلون (Carnegie Mellon)، وتهدف إلى جذب الطلاب الموهوبين من جميع أنحاء العالم وتدريبهم وتمكينهم من العمل في أبوظبي. كما تأمل الجامعة أيضاً ضمن جهودها أن تجذب الشركات العالمية لبناء مرافق تكنولوجية متطورة في أبوظبي، وإليكم بعضاً مما قاله شينغ عن الطموحات الضخمة للجامعة:
"تتميز منطقة الشرق الأوسط بموقع فريد يربط الأطراف كافة، إذ إنها أشبه ببوابة بين الشرق والغرب، كما إنها قريبة من أوروبا، ووجهة جذّابة للصين والهند وأوروبا وهلمّ جرّاً. ويضم كادرنا التعليمي أساتذة جامعيين بمستويات مماثلة لأولئك الموجودين في أفضل الجامعات الأميركية، ونقدّم زمالة كاملة لجميع الطلاب، كما نوفر الإقامة ومزايا أخرى لهم".
وافق كلّ من الجابر والعلماء وتشينغ على المشاركة في منتدى فورتشن العالمي في نوفمبر/تشرين الثاني، والذي سيجمع الرؤساء التنفيذيين لشركات مدرجة على قائمة فورتشن غلوبال 500 (Fortune Global 500) التي انتشرت هذا الأسبوع على الرابط الآتي، بالإضافة إلى قادة بارزين عالميين وإقليميين آخرين في عالم الأعمال، ويمكنكم الاطلاع على المزيد بشأن المنتدى من هنا.