تجذب شركة مايكروسوفت الاهتمام حالياً في ميدان الذكاء الاصطناعي، إذ أصدرت الشركة يوم الثلاثاء تحديثاً لمحرك البحث الخاص بها بينغ (Bing) يتضمن تكنولوجيا من شركة أوبن أيه آي (OpenAI) التي أنشأت تطبيق تشات جي بي تي (ChatGPT)، وذلك بعد أن كانت شركة مايكروسوفت تسعى لضم هذه التكنولوجيا منذ سنوات.
أما شركة جوجل التي تهيمن على قطاع محركات البحث منذ فترة طويلة، متقدمة بفارق شاسع على شركة مايكروسوفت ومحرك بحثها، فقد تفاجأت بسرعة إطلاق شركة مايكروسوفت لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، حيث تخطط الشركة التي تنتج برامج ويندوز (Windows) لدمج تكنولوجيا شركة أوبن أيه آي مع المزيد من منتجاتها. وقال الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، ساتيا ناديلا، لمنصة ذا فيرج (The Verge) الإخبارية هذا الأسبوع إن شركة جوجل هي عملاق مهيمن على السوق لكنّه يأمل أن تكون تحرّكات شركته في ميدان الذكاء الاصطناعي كفيلة بأن تزعزع هذه الهيمنة. وتواصلت فورتشن (Fortune) مع شركة جوجل للتعليق، لكن الثانية لم تستجب فوراً.
ومع ذلك، ربما كان الفشل الذريع سابقاً لشركة مايكروسوفت هو الذي ساعدها على تحقيق هذا الإنجاز حالياً، ففي عام 2016، أطلقت الشركة روبوت محادثة مدعوم بالذكاء الاصطناعي عبر منصة تويتر (Twitter) يُسمى تاي (Tay) ثم أوقفته في غضون يوم واحد. وذلك لأن الروبوت المدعو تاي أصبح يحاكي السلوك العدواني المتعمد لمستخدمي تويتر الآخرين وينشر تغريدات تحريضية من تلقاء نفسه.
وتحدّث الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في شركة مايكروسوفت، كيفن سكوت، عن تلك التجربة في مقابلة مع المدونة الصوتية (بودكاست) هارد فورك (Hard Fork) صدرت مؤخراً، قال فيها: "أحد الدروس المستفادة من تجاربنا السابقة في هذا السياق ليس الامتناع عن العمل في هذا الميدان، بل يجب علينا العمل بجد والتركيز على سلامة الذكاء الاصطناعي وأخلاقياته".
وقال ناديلا خلال حدث لشركة مايكروسوفت في مارس/آذار 2016 بعد وقت قصير من كارثة الروبوت تاي: "نتطلع إلى بناء تكنولوجيا تخدم البشرية وتساعدها على تحقيق الأفضل والتقدم، وليس التراجع إلى حال أسوأ".
وأضاف سكوت: "تجاربنا السابقة هي ما حفّزنا على التفكير ملياً والعمل الجاد في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ لطالما اعتقدنا أن هذه التكنولوجيا ستكون من بين أهم الإنجازات التي سنشهدها في حياتنا، إن لم تكن الأهم على الإطلاق، وأنّ علينا حل كافة العقبات والتحديات التي واجهتنا سابقاً لتجنّب الوقوع في المشاكل والأخطاء نفسها".
وقد دفع ذلك شركة مايكروسوفت للمسارعة في التعاون مع شركة أوبن أيه آي، حيث استثمرت مليار دولار في الشركة عام 2019، ثم أضافت ملياري دولار عام 2021، كما أعلنت في الشهر الماضي أنها ستستثمر مليارات أخرى في الشركة.
وهذا الاهتمام المبكّر في الذكاء الاصطناعي هو الذي أدّى إلى ظهور محرك بحث بينغ المحسّن الجديد، والذي يوفر الآن إلى جانب نتائج البحث التقليدية تلك الإجابات التي تبدو بشرية والتي أبهرت مستخدمي تطبيق تشات جي بي تي خلال الأشهر القليلة الماضية. وتتيح شركة مايكروسوفت حالياً إمكانية الحجز في قائمة انتظار لتجربة هذا الإصدار، كما تخطط الشركة لإتاحة الإصدار الجديد لملايين المستخدمين في الأسابيع المقبلة، ويمكن تخطي قائمة الانتظار عن طريق تنزيل تطبيق بينغ الذي شهد نمواً مفاجئاً في التنزيلات.
وأعلنت شركة جوجل هذا الأسبوع عن نظام منافس لتطبيق تشات جي بي تي أسمته بارد (Bard)، لكنها لم تدمجه بعد في محرك البحث الخاص بها، بل أعلنت عنه في عرض مباشر أفسده نظام بارد بارتكابه خطأ في الوقائع، وخسرت الشركة إثر ذلك نحو 100 مليار دولار من القيمة السوقية بعد هذا العرض المباشر، ما عزز الآراء القائلة إنها تفقد نفوذها لصالح شركة مايكروسوفت.
وأقرّ سكوت لمدونة هارد فورك بأن شركة مايكروسوفت قد تواجه عقبات ومشاكل في محرك البحث بينغ المدعوم بتكنولوجيا شركة أوبن أيه آي، لكنه أضاف أن الشركة تحاول الحديث دائماً عن مبادئ نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بها وتوضيحها، وذلك عقب كارثة الروبوت تاي، وأن هذا الاتجاه ليس فقط للأغراض التسويقية بل لدمج تلك المبادئ في أعمالها. وقال: "بذلك، لم نواجه أي ردود أفعال قاسية عند الإعلان عن ابتكار شركة أوبن أيه آي، لأننا ببساطة تعلّمنا ما يجب وما لا يجب فعله، وعملنا بثقة".