"استطاعت المرأة على مستوى إمارة الشارقة ودولة الإمارات، أن تخطو خطوات كبيرة في مجالات مختلفة، وانطلاقاً من إيمان القيادة بالدور الحيوي الذي تؤديه السيدات في التنمية، فقد اتخذت خطوات ريادية بهدف تمكين المرأة وتشجيعها على المشاركة في جميع القطاعات". هكذا لخّصت مديرة نماء للارتقاء بالمرأة، ريم بن كرم، نظرتها تجاه دعم المرأة الإماراتية.
ونماء منظمة حكومية إماراتية تعمل مع منظمات محلية ودولية بهدف تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً. وتقول بن كرم لفورتشن العربية: "أعتقد أن مشاركة المرأة في الاقتصاد أمر بالغ الأهمية لتحقيق التنمية المستدامة في أي بلد كان، وقد شهدت الإمارات على التقدم الكبير الذي أحرزته المرأة في سوق العمل على مستوى القطاعات كافة، ما يعطي مؤشراً إيجابياً على ريادة المرأة الإماراتية وقدرتها على قيادة دفة المشاريع الاقتصادية والتنموية".
فورتشن: كيف أسهمت نماء بتعزيز المرأة وتمكينها في الشارقة والإمارات بشكل عام؟
بن كرم: في نماء، تتمثل رؤيتنا في بناء عالم منصف للسيدات، وتنبع جهودنا من إيماننا بأنّ تقدُّم المرأة شرط أساسي للتنمية المستدامة، لأنها نموذج ملهم لتقدم المجتمعات. وهذا ما دفعنا إلى العمل باستمرار على الارتقاء بالسيدات في الشارقة والإمارات العربية المتحدة بشكل عام من خلال تصميم وتنفيذ المبادرات التي تدعم المرأة عبر القطاعات الاقتصادية والمهنية والاجتماعية.
ومن خلال الجهات التي تندرج تحت مظلة نماء، وهي مجلس سيدات أعمال الشارقة ومجلس إرثي للحرف المعاصرة، تمكّنّا من إنشاء بيئة حاضنة للمرأة، بما يمكّنها من استثمار كل طاقاتها الكامنة. ونعمل في الوقت نفسه على الحد من الحواجز الاجتماعية والثقافية لإدماج المرأة في المجتمع على الأصعدة كافة، بما يعزز فرص وصولها إلى التمويل والمناصب القيادية، ويسهم في تطوير مهاراتها وقدراتها القيادية في مختلف القطاعات لتحقيق التنمية المستدامة التي لا بدّ أن تكون المرأة جزءاً لا يتجزأ منها.
وكما قلت من قبل، فإن النهوض بالمرأة لا يمثل واجباً أخلاقياً فحسب، بل ضرورة استراتيجية، نظراً لإسهامه في التنمية الشاملة لمجتمعاتنا واقتصاداتنا، ولهذا نحرص على الاستمرار في دعم المرأة وتعزيز مشاركتها في الاقتصاد وتزويدها بكل الأدوات اللازمة للنجاح، بما يحقق التنمية المستدامة والازدهار على مستوى إمارة الشارقة ودولة الإمارات.
فورتشن: ما الأمور التي ما زالت تواجهها المرأة وتصعّب مهامها في منطقتنا؟
بن كرم: على الرغم من التقدم الكبير الذي يشهده العالم في مجال تعزيز مشاركة المرأة وتمكينها، فما تزال هناك تحديات عدة تعيق تقدمها، ومنها بعض المعايير والمعتقدات الاجتماعية والثقافية التي تقيّد وصول المرأة إلى التعليم والعمل والمناصب القيادية.
وتواجه بعض السيدات أيضاً تحديات في الوصول إلى التمويل والموارد لبدء وتنمية أعمالهنّ الخاصة، الأمر الذي يعيق ازدهار ريادة الأعمال النسائية، كما يمكن أن تمثّل عملية الموازنة بين العمل والمسؤوليات الأسرية تحدياً حقيقياً أمام الكثير من السيدات، ما يؤثر على قدرتهنّ على المشاركة الفعّالة في سوق العمل.
ولأننا في نماء ندرك هذه التحديات، فقد عملنا على معالجتها من خلال مبادراتنا وشراكاتنا، للإسهام في تقدم المرأة ومساعدتها على تخطي كل الحواجز الاجتماعية والثقافية، وذلك عبر تقديم كل الدعم اللازم لها لتعزيز ثقافة تقدير إسهامات المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
فورتشن: ما أبرز التحديات التي اعترضت مسيرتكِ وكيف تخطيتِها؟
بن كرم: واجهتُ الكثير من التحديات طوال مسيرتي المهنية، ولكنني اعتقدت دائماً أنه ينبغي النظر إليها على أنها فرص للنمو والتعلم. وكان أبرزها هو كسر الصور النمطية التي تقيّد أدوار المرأة وإمكاناتها، إذ لم يكن من السهل إقناع الناس أن هناك سيدات يتمتعْنَ بنفس القدرات والمؤهلات التي يتمتع بها رجال من ناحية القدرة على القيادة الناجحة واتخاذ القرارات التي تسهم في نمو مجتمعاتنا وتطورها.
وللتغلب على هذه التحديات، ركزت على اكتساب مهارات جديدة وبناء قدراتي المعرفية من خلال التعلم المستمر، والبحث عن الإرشاد والتوجيه من ذوي الخبرة، والإيمان بقدراتي والعمل وفق قيمي ومعتقداتي، وأنا ممتنة أنْ أتيحت لي الفرصة للعمل مع فريق من الأفراد الملهمين الذين يشاركونني نفس الرؤية والشغف بتمكين المرأة، وفخورة بكوني جزءاً من بلدٍ يقدّر المرأة ويولي أهمية كبيرة لتمكينها وتحقيق المساواة بين الجنسين.
فورتشن: هل تعتقدين أن هناك قبولاً أكثر لدور المرأة في بعض المجالات كالرعاية والصحة والعمل الاجتماعي على حساب قطاع الأعمال والمال مثلاً؟
بن كرم: نحن في نماء للارتقاء بالمرأة، نعتقد اعتقاداً راسخاً أنه ينبغي أن تُتاح للمرأة المتمكّنة فرص متساوية للمشاركة في جميع قطاعات الاقتصاد. صحيح أننا نشهد تقدماً ملحوظاً في مجال تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين في مختلف القطاعات، لكنْ ما يزال أمامنا الكثير من العمل الجاد من أجل تعزيز وصول المرأة إلى بعض المجالات التي ما زالت تواجه فيها بعض التحديات.
ونحن إذ ندرك أن السيدات عادةً ما يؤدين أدواراً مهمة في قطاعات مثل الرعاية والصحة والعمل الاجتماعي، فإن ذلك ينبغي ألا يأتي على حساب استبعاد النساء من قطاعات حيوية أخرى مثل الأعمال والمال مثلاً.
ولهذا نحن في نماء ملتزمون بدعم ارتقاء المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين في جميع القطاعات من خلال تبني سياسات وممارسات تسهم في تعزيز مشاركة المرأة في المجتمع وتولّيها مناصب قيادية في المجالات كافة، بما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
فورتشن: ما نصيحتك للسيدات اللواتي ما زلن يترددن في المضي قدماً في أحلامهن وتحقيق ذواتهنّ؟
بن كرم: نصيحتي للسيدات اللواتي يترددن في متابعة أحلامهن هي "اغتنمنَ كل فرصة لاكتساب مهارات جديدة وتوسيع أفقكنّ وبناء قدراتكنّ، بالإضافة إلى البحث عن مصدر الإلهام والتركيز على نقاط القوة"، كما يجب أن يتذكرنَ أن الخطوة الأولى نحو تحقيق النجاح وبلوغ أهدافهنّ هي الثقة بأنفسهن والإيمان بقدراتهنّ وعدم السماح للخوف والتردد بإعاقتهنّ عن تحقيق ما يصبونَ إليه.
ونحن إذ نعيش في عالم مليء بالفرص، فمع التصميم والإرادة يصبح كل شيء ممكناً. ولهذا، أنصح السيدات بالبحث عن فرص للنمو الشخصي والمهني، مثل حضور ورش العمل والمؤتمرات والفعاليات التي من شأنها أن تساعدهنّ على تحقيق أهدافهنّ بما يدعم تقدم مسيرتهن المهنية، بالإضافة إلى الحصول على التوجيه والإرشاد من السيدات الناجحات والاستفادة من خبراتهنّ وتجاربهنّ.
ومن المهم أيضاً أن يُحِطن أنفسهن بشبكة داعمة من العائلة والأصدقاء والزملاء ممّن يؤمنون بإمكاناتهنّ، ما يجعلهن أكثر مرونة وقدرة على تحويل التحديات إلى فرص للتعلم والنمو وتحقيق النجاح الذي يطمحنَ إليه.