المحتوى محمي
المحتوى محمي
مالية ومصارف

البنك المركزي الأوروبي: لا نستبعد رفع أسعار الفائدة لكبح التضخم لكنها ستكون مدروسة

رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيسي على الودائع من 0.5% إلى 2.5% منذ الصيف الماضي من أجل مكافحة ارتفاع التضخم، وذلك بعد ثماني سنوات من أسعار الفائدة السلبية.

بقلم


money

كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي (مصدر الصورة: فريدريك فلورين - وكالة فرانس برس- غيتي إميدجيز)

اتضح مؤخراً أن التضخم أكثر رسوخاً بكثير مما كان يعتقده مسؤولو البنوك المركزية أو حتى العامة، وليس فقط في الولايات المتحدة، بل في جميع أنحاء العالم. وأحدث دليل على ذلك كان الانخفاض الضئيل للتضخم في منطقة اليورو، حيث فوجئ الاقتصاديون الأسبوع الماضي بانخفاض أقل من المتوقع على الرغم من انخفاض أسعار الطاقة.

وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي (European Central Bank)، كريستين لاغارد، خلال عطلة نهاية الأسبوع إن البيانات الحديثة تعني أن البنك المركزي الأوروبي سيضطر إلى الاستمرار في رفع أسعار الفائدة لضمان استقرار الأسعار، مضيفة إن رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في شهر مارس/آذار هو إجراء "محتمل جداً".

وقالت لصحيفة إل كوريو (El Correo) الإسبانية في مقابلة يوم الأحد: "سنفعل كل ما يلزم لخفض التضخم إلى مستوياته المطلوبة عند 2%"، وهو الهدف الذي حدّده البنك المركزي بشأن التضخم. وأضافت: "أرى أنه يجب أن تكون إجراءاتنا أكثر استدامة لأن التضخم عنيد وراسخ، وعلينا بذل الكثير لخفضه إلى الهدف المتمثّل في 2%".

وأفادت وكالة يوروستات (Eurostat) الأسبوع الماضي أن التضخم قد انخفض في منطقة اليورو على أساس سنوي من ذروته في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عند 10.6% إلى 8.5% في فبراير/شباط. لكن الاقتصاديين توقّعوا انخفاضاً أكبر إلى 8.2%، أما التضخم الأساسي، وهو التضخم الذي لا يشمل أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلّبة والذي يتابعه عن كثب محافظو البنوك المركزية، فقد خالف التوقّعات أيضاً وقفز من 5.3% في يناير/كانون الثاني إلى 5.6% في فبراير/شباط.

وقالت المحللة الرئيسية في بنك سويس كوت (Swissquote)، إيبيك أوزكاردسكايا، لفورتشن (Fortune) الأسبوع الماضي: "لم يكن التضخم مؤقتاً من الأساس، لكن تراجع التضخم يمكن أن يكون مؤقتاً"، مضيفةً إن أحدث بيانات التضخم في منطقة اليورو "أكّدت" إمكانية إقرار المزيد من الزيادات في أسعار الفائدة من البنك المركزي الأوروبي.

ورفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيسي على الودائع من 0.5% إلى 2.5% منذ الصيف الماضي من أجل مكافحة ارتفاع التضخم، وذلك بعد ثماني سنوات من أسعار الفائدة السلبية. ويتوقع الاقتصاديون أن يستمر البنك المركزي في زيادة أسعار الفائدة حتى تصل إلى 4%، وتتجاوز ذروتها في عام 2001 البالغة 3.75%.

ولم تصرّح لاغارد عن القيمة المحتملة النهائية التي سيرفع البنك المركزي بها سعر الفائدة يوم الأحد، لكنها قالت إن "هناك المزيد من العمل الذي يجب على البنك القيام به"، وذلك بحجّة أن التضخم الأساسي سيكون "أكثر ثباتاً على المدى القريب". ووعدت لاغارد أيضاً "بالاعتماد على البيانات" وفهم الآثار الاقتصادية لرفع أسعار الفائدة، وذلك وسط مخاوف من احتمال أن يؤدي رفع البنك المركزي الأوروبي أسعارَ الفائدة إلى حدوث ركود.

وقالت: "لا نريد التسبّب بكارثة اقتصادية، ليس هذا ما نريده. بل نعمل لكبح جماح التضخم، ورفع أسعار الفائدة هو الطريقة الرئيسية لذلك بالنسبة للبنك المركزي، إذ يسهم رفع أسعار الفائدة في إضعاف الطلب ويقلل الضغوط التضخّمية".

وأضافت لاغارد إن الاقتصاد ما يزال "مرناً" في الوقت الحالي، وسوق العمل قوية، وهذا يجعلهم واثقين بأن هناك مساحة للمزيد من رفع أسعار الفائدة. فقد وصل معدل البطالة في منطقة اليورو إلى 6.7% في يناير/كانون الثاني الماضي، وذلك بفارق ضئيل عن المعدّل القياسي في شهر أكتوبر/تشرين الأول والبالغ 6.6%.

ويعتقد معظم الاقتصاديين أن منطقة اليورو لن تواجه ركوداً هذا العام نظراً لقوة سوق العمل وأسعار الطاقة الأقل من المتوقع بسبب الشتاء الدافئ غير المعتاد، وذلك بعد توقعات متكررة في العام الماضي بحصول ركود. وأوضح بنك غولدمان ساكس (Goldman Sachs) أن "إمدادات النفط الروسية ما تزال صامدة"، حتى وسط العقوبات الغربية على الصادرات، ما يعني أن أسعار الطاقة يجب أن تظل منخفضة.

وقالت لاغارد يوم الأحد إن الحالة الجيدة لسوق العمل وأسعار الطاقة المنخفضة قد منحتاها نظرة أكثر إيجابية للاقتصاد الأوروبي في المستقبل القريب، وإنها لا تتوقع ركوداً في عام 2023.

وأضافت: "نتوقع نموّاً إيجابياً ونشاطاً متزايداً على مدار العام"، لكنها امتنعت عن ذكر أرقام محددة للتضخم أو الناتج المحلي الإجمالي.

وعلى الرغم من الجوانب الأفضل من المتوقع للاقتصاد الأوروبي، أشارت لاغارد إلى أن استمرار التضخم يعني أن الدعم المؤقت من الحكومات ما يزال مطلوباً لمساعدة "الفئات الأشد ضعفاً" على تحمُّل ارتفاع تكاليف المعيشة،  وقالت إن مستقبل الاقتصاد الأوروبي ما يزال معرّضاً للخطر بسبب الحرب في أوكرانيا.

وأضافت: "هناك قدر كبير من عدم اليقين، ولم نكن نتخيل منذ أكثر من عام بقليل أننا سنشهد حرباً على أعتاب أوروبا، ولا ندرك تماماً ما قد يحدث خلال الأشهر المقبلة".


image
image