المحتوى محمي
Al-Majarra Al-Majarra Al-Majarra
المحتوى محمي
وجه

لينا ناير: رحلة صعود الشابة الهندية الطموحة إلى قمة سوق الموضة الفاخرة

"لطالما سمعت أقوالاً إنني لن أحقق أي شيء لأنني فتاة فقط، وخاصة في سن الطفولة والشباب، لكن بعد ذلك توقفت عن الاهتمام بتلك الأقوال".

بقلم


money

لينا ناير، الرئيسة التنفيذية في شركة شانيل (مصدر الصورة: فورتشن العربية)

تشتهر العلامة التجارية الفاخرة شانيل (Chanel) بالعديد من الجوانب مثل العطور وحقائب اليد المميزة التي تحمل شعار الشركة الشهير على شكل حرفَي C، لكن أحدث ما اشتهرت به الشركة هو تعيينها أول رئيس تنفيذي من أصل هندي على الإطلاق. فقد عيّنت دار الأزياء الفرنسية لينا ناير بصفة رئيسة عالمية لها في عام 2021، وتولّت رئاسة الشركة في العام الماضي.

الجدير بالذكر أن ناير ليست ذات خبرة سابقة في مجال الأزياء أو بصفة رئيسة تنفيذية، لكنها تتمتع بعقود من الخبرة القيادية في شركة السلع الاستهلاكية العملاقة يونيليفر (Unilever).

وقالت ناير في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال (Wall Street Journal) نُشِرت يوم الأحد: "لو أخبرني شخص ما أن مستقبلي المهني سيكون مع شركة شانيل، فلن أصدقه".

عملت ناير قبل انضمامها إلى شركة شانيل مع شركة يونيليفر بصفة الرئيسة التنفيذية للموارد البشرية، وهي الشركة التي تمتلك العديد من العلامات التجارية المشهورة مثل صابون دوف (Dove) ومثلجات بن آند جيريز (Ben & Jerry’s) بالإضافة إلى العديد من الشركات الأخرى.

وتعمل شركة يونيليفر حالياً في 190 دولة ويبلغ العدد الإجمالي للعلامات التجارية التابعة لها 400 علامة تجارية، لذا فإن ناير بحاجة لتغيير طريقة تفكيرها في سبيل التحول من نموذج العمل مع شركة يونيليفر إلى العمل مع علامة تجارية فاخرة تفرض أسعاراً مرتفعة مقابل منتجاتها وتفتخر بتفرّدها وحصريتها.

وعلّقت قائلة: "الفرق هو أن شركة يونيليفر تعتمد على إنتاج كميات هائلة من المنتجات وفي العديد من الأماكن، بينما تتمحور شركة شانيل حول المنتجات النادرة والقليلة، لذا فإننا نتحدث عن اختلاف جذري بين الشركتين".

الصعود نحو القمة

نشأت ناير في بلدة كولهابور الهندية الصغيرة التي تبعد ساعات قليلة جنوب مدينة مومباي. وقالت إن والدتها كانت تقلق في كثير من الأحيان بشأن ما إذا كان طموحها سيعيق فرص زواجها، إذ درست ناير درجة البكالوريوس في الإلكترونيات ثم ماجستير إدارة الأعمال لاحقاً، وكانت من بين قلة من النساء في الكلية التي درست فيها حينئذ.

وأضافت: "لطالما سمعت أقوالاً إنني لن أحقق أي شيء لأنني فتاة فقط، وخاصة في سن الطفولة والشباب، لكن بعد ذلك توقفت عن الاهتمام بتلك الأقوال".

بدأت مسيرة ناير المهنية بصفة متدرّبة صيفية في شركة يونيليفر في عام 1992. وأصبحت لاحقاً متدربة إدارية وفقاً لحسابها على موقع لينكد إن (LinkedIn)، وشغلت على مدار العقد التالي أدواراً إدارية مختلفة في عمليات شركة يونيليفر في الهند.

وانتهت مسيرتها المهنية في الهند عام 2012، وانتقلت بعد ذلك إلى المقر الرئيسي للمجموعة البريطانية في لندن. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال إن نسبة المديرات في الشركة قد ارتفعت من 38% إلى 50% تحت قيادتها.

وكانت أيضاً إحدى قادة جهود شركة يونيليفر في تعزيز الالتزامات الاجتماعية المختلفة، بما فيها دفع أجور معيشة لجميع العمال في كافة مراحل سلسلة التوريد بحلول عام 2030.

وأوضحت ناير قائلة: "لقد كنت الأولى من فئتي في كل عمل شغلته، أول امرأة، وأول شخص من ذوي البشرة السمراء، وأول آسيوية، وأول هندية، لكنني لا أريد أن أكون الأخيرة".

تولّت ناير منصبها الإداري التنفيذي في شركة شانيل خلفاً للرئيس آلان فيرتهايمر، وهو حفيد بيير فيرتهايمر، الشريك التجاري لمؤسِّسة شركة شانيل، كوكو شانيل. وبعبارة أخرى، تعد ناير دخيلة فريدة إلى الشركة من ناحية عائلة شانيل وقطاع الأزياء على حد سواء.

ولكن الآن، بعد ما يقرب من عامين من تولّيها منصب الرئيس التنفيذي العالمي لثاني أكبر علامة تجارية فاخرة في العالم، بات أثرها ملحوظاً.

فقد زادت ناير التمويل المقدم لمؤسسة شانيل (Fondation Chanel) إلى 100 مليون دولار سنوياً، وتدعم هذه المؤسسة النساء والفتيات في تحقيق أهدافهن المهنية والعمل في المهن التي يردنها. كما ركّزت العلامة التجارية الفاخرة على جهود الاستدامة والطاقة المتجددة ووضعتها على رأس أولوياتها لجذب المتسوّقين المستقبليين المهتمين بالمناخ، وأطلقت مجموعة مستحضرات التجميل التي تركز على الاستدامة والمُسماة (N°1 de Chanel) في عام 2022.

وأعلنت شركة شانيل تحت قيادة ناير أيضاً عن خطط للاستفادة من مكانتها بين المتسوقين فائقي الثراء من خلال إطلاق متاجر خاصة وحصرية قائمة على الدعوة. وتخطط الشركة لمضاعفة حجم مقرّها الرئيسي في لندن عام 2025، حيث ستنتقل فرقها إلى مساحة مكتبية تبلغ 86 ألف قدم مربع (نحو 7989 متراً مربعاً) في منطقة مايفير (Mayfair) الراقية بلندن في ظل استمرار الشركة في جذب انتباه العملاء المتميّزين.

وعلى الرغم من أن ناير نجحت في إجراء الكثير من التغييرات خلال فترة عملها القصيرة مع شركة شانيل، فقد قالت لصحيفة وول ستريت جورنال إن ما جذبها لهذا المنصب "لم يكن النفوذ المرتبط به أو أي ميزات أخرى لمنصب الرئيس التنفيذي، بل الأثر والبصمة التي يمكن للشركة أن تتركها".

التعافي بعد جائحة كوفيد-19 وخطط الطرح للاكتتاب العام الأولي في البورصة

كانت جائحة كوفيد-19 فترة صعبة بالنسبة لشركة شانيل، حالها في ذلك حال العديد من العلامات التجارية الفاخرة الأخرى، فقد تضرّر تجار التجزئة في جميع المجالات بشدة بسبب عمليات الإغلاق في أنحاء العالم.

لكن دار الأزياء الفرنسية قد شهدت تغييرات منذ ذلك الحين، إذ سجّلت زيادة في المبيعات بنسبة 17% وزيادة في الأرباح بنسبة 6% لعام 2022 مقارنة بالعام السابق.

وتجاوزت أرباحها التشغيلية البالغة 5.7 مليارات دولار مستويات ما قبل الجائحة بعد انخفاضها بأكثر من 40% في عام 2020 بسبب تأثير عمليات الإغلاق الناجمة عن جائحة كوفيد-19.

ارتبطت الزيادة في إيرادات شركة شانيل في العام الماضي بانتعاش الإنفاق في أوروبا على الرغم من أن إحدى أسواقها الرئيسية، وهي الصين، ما تزال تكافح من أجل العودة إلى مستويات ما قبل الجائحة فيما يتعلق بالتسوق الفاخر، وذلك نتيجة سياسة الحد من انتشار جائحة كوفيد-19 والتي استمرت فترة طويلة في الصين.

كما تمكّنت الشركة أيضاً من الحفاظ على مرونتها في مواجهة التكاليف المتصاعدة، إذ تعد سوق المنتجات الفاخرة عموماً مقاومة للتضخم نوعاً ما لأن قاعدة عملائها لا يمانعون دفع أسعار مرتفعة. لكن بعض منتجات شركة شانيل قد شهدت ارتفاعاً يصل إلى 74% في المملكة المتحدة منذ عام 2019 وفقاً لبنك جيفريز (Jeffries) الاستثماري.

يُذكَر أن ناير جادلت في الماضي بقولها إن مثل هذه الزيادات في الأسعار تعكس ارتفاع تكاليف العمالة والمواد الخام بالإضافة إلى تقلّبات أسعار الصرف.

وانتشرت شائعات مفادها إن شركة شانيل كانت تفكّر سابقاً في الطرح للاكتتاب العام الأولي في البورصة ضمن جهودها لتوسيع نطاق وجودها الدولي، لكن ناير تعتقد أنه يجب على الشركة أن تحتفظ بهويتها الخاصة، أي أن تبقى شركة خاصة. وأصرّت ناير في مقابلة أجرتها مع صحيفة فايننشال تايمز (Financial Times) في أبريل/نيسان قائلة: "سنبقى شركة خاصة ومستقلّة".


image
image