المحتوى محمي
Al-Majarra Al-Majarra Al-Majarra
المحتوى محمي
قصة ريادة

"طماطم" بصمة عربية في سوق الألعاب الإلكترونية

بدأت "طماطم" خطواتها بموظف واحد في 2013، ولديها اليوم أكثر من 100 موظف، وما يزيد عن 100 مليون عملية تحميل لألعابها، وتضم أكثر من 3.5 مليون لاعب نشط شهرياً.

بقلم


money

حسام حمو مؤسس "طماطم" (مصدر الصورة: فورتشن العربية)

قبل نحو 10 سنوات، دخلت شركة "طماطم" الأردنية سوق الألعاب الإلكترونية محاولةً تغيير موازين اللعبة في المنطقة العربية، بتقديم ألعاب تحمل هوية وثقافة اللاعبين العرب ولغتهم، لا سيما أن نسبة المحتوى العربي على الإنترنت في هذه الصناعة لم تكن تتجاوز 1%، في تلك الفترة. 

وبمدة قصيرة، تمكنت بروح اللاعب المتقن لقواعد المنافسة التي تحتاج صبراً ونفساً طويلاً وتكتيكاً، من كسب كل مرحلة من خلال الاهتمام  بما يبحث عنه المستخدمون، ربما لأنه وصلت إلى هواتف العرب المحمولة بسهولة وبساطة واقتربت من تاريخهم ومجتمعهم بألعابها.

و"طماطم" التي بدأت لعبة التحدي مع كبرى شركات الألعاب بموظف واحد في 2013 وهو مؤسسها الشاب الأردني حسام حمو، لديها اليوم أكثر من 100 موظف، وما يزيد عن 100 مليون عملية تحميل لألعابها، وتضم أكثر من 3.5 مليون لاعب نشط شهرياً، وتتوسع طموحاتها وأهدافها وأرقامها، مع ازدياد حجم هذه السوق التي لا تهدأ في المنطقة والعالم.

ولدت من فشل

رأى حمو أن الفرصة أمامه كبيرة في سوق الألعاب الإلكترونية بالمنطقة العربية التي كانت تحتاج لمن يدمج الهوية والثقافة العربية في هذه الصناعة، فشارك بتأسيس شركة "وزيردز برودكشنز" (Wizards Productions) المتخصصة بتصميم الألعاب عام 2008، لكن لم يكتب لها النجاح وأغلقت بعد أربع سنوات من انطلاقها.

فشل "وزيردز" مهد طريق النجاح  أمام حمو، حيث أدرك من محاولته الأولى أهمية البحث عن ممول يؤمن بفكرته ويقدم له الدعم اللازم، وبعد عدة محاولات وتواصل مع العديد من المستثمرين استجابت له مسرعة أعمال "500 ستارت أبس" (500 Startups) في "وادي السيليكون" بالولايات المتحدة الأميركية، وساعدته إلى أن استطاع تأسيس "طماطم" التي تسعى إلى نشر ألعاب فيديو باللغة العربية على الإنترنت والهواتف الذكية من خلال التواصل مع شركات ومبرمجين أجانب حول العالم ثم تعريب محتواها وإدخال تعديلات على تفاصيلها، لتصبح مناسبة للثقافة العربية، إضافة إلى تصميم ألعاب جديدة خاصة بالشركة، حيث صممت أكثر من 50 لعبة مختلفة بين 2013 و2018. وفي 2017 و2018 توجهت لتعريب الألعاب الأجنبية، حسب ما أوضح حمو في حديثه لـ"بلومبرغ الشرق" في 20 يناير/كانون الثاني من العام الحالي.

نمو وسط الركود 

استمرت "طماطم" بشق طريقها ممسكة زمام اللعبة في المنطقة العربية مطوعةً الأزمات والتحديات العالمية لصالحها، وفي الوقت الذي كانت تلجأ فيه الشركات على مستوى العالم، إما لاتخاذ إجراءات لتخفيف نفقاتها وتسريح موظفيها، وبعضها أغلق أبوابه خلال أزمة كوفيد-19، كانت الشركة الأردنية تتسع وتنمو بسرعة موظفة أفراد جدد في فريقها كل أسبوع، ليصل عدد الموظفين إلى  نحو 100 موظف حتى 2022.

ربما كغيرها من الشركات الناشئة التي تعمل عبر الإنترنت وتسخر أدوات العصر الرقمي، استفادت "طماطم" من تبعات الجائحة،  ومنها حظر التجوال الذي لعب دوراً في تنامي الطلب على الألعاب الإلكترونية للتسلية وازدياد عدد اللاعبين.

تسارعت خطوات الشركة الأردنية ونمت وأصبحت محط أنظار المستثمرين، حيث جذبت في 2021 أنظار عدة مستثمرين مثل شركة "كرافتون" (Krafton) الكورية الجنوبية لألعاب الفيديو و"فنتشر سوق" (Venture Souq) لرأس المال الجريء، وشركة "إنديفور كاتاليست" (Endeavor Catalyst) الأميركية للاستثمار، وحصدت الشركة الأردنية منهم تمويلاً بقيمة 11 مليون دولار.

وتوسعت طموحات الشركة، لتتخطى تصميم وتطوير الألعاب، إلى تنشئة جيل من المبرمجين القادرين على تصميم ألعاب تتناسب مع متطلبات السوق، من حيث التعاون مع الجامعات الأردنية لتطوير المنهاج في مجال البرمجة وإضافة ما يساعد بتعلم تصنيع الألعاب بشكل صحيح وتأسيس مركز لتدريب الراغبين في تصميم الألعاب.

منافسة شرسة

ربما لن تكون المهمة سهلة أمام "طماطم" الأردنية في سوق يزداد عدد المنافسين فيه بشكل متسارع، ويتوقع أن يصل حجمه عالمياً إلى 314 مليار دولار عالمياً، فيما تجاوزت قيمته العام الماضي الـ6 مليارات دولار في الشرق الأوسط.

وكذلك المنافسة تحتدم في المنطقة العربية، لا سيما من السوق الخليجي الذي يتجاوز حجمه الـ800 مليون دولار، ويشهد توجهاً كبيراً نحو صناعة الألعاب الإلكترونية، بالتزامن مع توجه حكومي نحو هذا المجال، تمثل بإطلاق السعودية على سبيل المثال لمجموعة "سافي" للألعاب الإلكترونية والمدعومة من "صندوق الاستثمارات العامة"، ما قد يفرز منتجات منافسة جداً في المنطقة

الساحة العربية قد تتسع أكثر لكثير من عمالقة صناعة الألعاب ففهي  تعد من أسرع أسواق الألعاب الإلكترونية في العالم، لكن  "طماطم" تدير اللعبة من خلال استراتيجية منظمة ومدروسة قد تعطيها نقاط قوة تقوم على عدة أسس:

  • جذب اللاعبين العرب عاطفياً من خلال تصميم ألعاب تتناسب مع الثقافة والهوية العربية، وتحويل الألعاب الأجنبية إلى عربية بالكامل من حيث أصوات الشخصيات وأسمائها والموسيقى المصاحبة والملابس والأجواء وكل التفاصيل، وبناء قصة واضحة ومن السهل التعامل معها ومعرفة لعبها.
  •  العمل على توجيه الألعاب وفق ثلاث اتجاهات: تصميم ألعاب ورق، وتوجيهها إلى منطقة الخليج العربي، والاتجاه الثاني تقديم ألعاب مخصصة للفتيات، والثالث طرح ألعاب للمحترفين مثل "تحدي الملوك" و"غضب الشجعان". 
  • إطلاق قسم تحليل بيانات في الشركة ومهمته دراسة أي لعبة أجنبية سيتم تطويرها وترجمتها لاصطيادها وضمها إلى مكتبتها، حيث يتم تحليل عدد المستخدمين لها، والأرباح التي تحققها والأشخاص الذين يكررون اللعب وعدد اللاعبين النشطين يومياً وشهرياً، ثم تأتي المرحلة التالية وهي اختبار اللعبة بطرحها على مجموعة من اللاعبين قبل طرحها في السوق، لكي تعرف طريقة تفاعلهم مع هذه اللعبة، وتفادي الفروق بين حالة اللعبة في السوق الأم الذي ولدت فيه، والسوق العربي.

3 دروس

تقدم تجربة "طماطم" 3 دروس لرواد الأعمال الشباب في تأسيس مشاريعهم وكيفية الاستمرار بها. الدرس الأول استثمار الفشل من حيث دراسة الأخطاء التي أدت إليه لتأسيس مشروع جديد، والعمل على تخطيها في التجارب التالية.

والدرس الثاني الصبر والاستمرار بالمحاولة لتحويل الفكرة إلى مشروع حقيقي على أرض الواقع. وبمنظور المؤسس ما ساعد "طماطم" في النجاح هو محاولات التأسيس التي تخطت 20 مرة، والتحدي وسط صعوبات إطلاق مشروع ناشئ في العالم العربي والاستمراية فيه.

والدرس الثالث هو أهمية البحث عن ممول وداعم للمشروع يؤمن بالفكرة ويقدم ما يلزم من دعم قبل البدء بعمليات التأسيس.


image
image