شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نمواً غير مسبوق على مدار السنوات الماضية، وهناك توقع باستمرار الالتزام بالتفوق في المستقبل، وهذا ما دفع شركة فيزوفيو لابز (Vesuvio Labs) البريطانية للتواجد بالمنطقة انطلاقاً من قطر لدعم رواد الأعمال، وفقاً لرئيس النظام البيئي بالشركة بيدرو كايتانو (Pedro Caetano).
طفرة في الاستثمار بالمنطقة
حققت المنطقة طفرة في الاستثمار بالشركات الناشئة على مدار السنوات الماضية، حسب تقرير ماغنيت، إذ نجحت الشركات الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من جمع تمويلات بقيمة 863 مليون دولار في 2018، ارتفعت إلى 923 مليون دولار في 2019، ثم 1.07 مليار دولار في 2020، لترتفع الاستثمارات في 2021 إلى 2.9 مليار دولار، ووصلت إلى 3 مليارات دولار في 2022.
يرى الخبراء أن انجذاب المستثمرين والشركات الأجنبية إلى الشركات الناشئة في المنطقة هو بسبب فرص النمو، إضافة لانخفاض تقييمات هذه الشركات مقارنة بشركات مماثلة في أميركا وأوروبا.
مساعدة رواد الأعمال
يقع المقر الرئيسي لشركة فيزوفيو لابز في المملكة المتحدة. تستمع فيزوفيو لابز إلى الأفكار من رواد الأعمال، وتقيّم ما إذا كان من الممكن تنفيذها ونجاحها، وذلك يتيح للمؤسسين مزيداً من التركيز على إدارة الأعمال فقط، بينما تتولى هي مهمة التكنولوجيا اللازمة لتنفيذ الفكرة وخطط جدوى الأعمال وأفضل استراتيجية للوصول إلى السوق، لإطلاق تلك الفكرة، وفقاً لحديث كايتانو مع فورتشن العربية، والذي يشير إلى أن شركته أكثر من مجرد مزود برمجيات، إذ إنها تصبح جزءاً من العمل أيضاً، أي تصبح أحد المؤسسين، وتساعد الأعمال التجارية على الأداء والنمو بنشاط.
تطوير الحلول التقنية
وقّعت فيزوفيو على مشاريع في قطر، من أجل تطوير الحلول التقنية بشكل مشترك في مجال التكنولوجيا المالية، وتقضي فيزوفيو من 6 إلى 8 أسابيع في فهم الفكرة ودراستها وتحسين نموذج العمل وتحديد الجمهور ودراسة المنافسين، وصولاً إلى تحديد أفضل الممارسات في الصناعة، ثم تقوم بتطوير التكنولوجيا وإطلاق المنتج، لكن مؤسسي تلك المشاريع يريدون عدم الكشف عن هويتهم في الوقت الحالي حسب كايتانو.
يشير كايتانو إلى أن رواد الأعمال الذين يبحثون عن مؤسس مشارك يجدون في فيزوفيو مستثمراً جاهزاً لإنشاء مشروع مشترك، وفريقاً يبني التكنولوجيا ويدرس السوق ويقوم بإجراء دراسات الجدوى ويدير المشروع، ويدعم بخدمات أخرى قد يتطلبها تنفيذ الفكرة. ثم تساعد في جمع الاستثمارات الأولية للمساعدة في تمويل العمليات التشغيلية وأنشطة التسويق النهائية المطلوبة.
الشراكة مع الجامعات
دور آخر تقوم به فيزوفيو في قطر، إذ يعمل فريق البحث والتطوير لديها مع خريجي الجامعات لدعمهم في تنفيذ أفكارهم، بالاستفادة من أحدث الأدوات التي تدفع الكفاءات التشغيلية لأعمالهم للنمو، حسب كايتانو الذي يشير إلى أن الشراكة مع الجامعات في قطر تعد إحدى أهم أولويات فيزوفيو لعام 2023، من أجل العمل مع الموهوبين الذين يريدون تطوير الأعمال التجارية من الصفر بقطر.
لماذا قطر؟
وجدت فيزوفيو أن النمو الاقتصادي بالمنطقة العربية يواكبه تزايد الطلب على المنتجات والخدمات والابتكارات الجديدة، ورأت أنها يمكن أن تلبّي ذلك، وتواجدت في قطر منذ سبتمبر 2021، حيث وجدتها البلد "الأكثر نضجاً للابتكار وريادة الأعمال والنمو بالمنطقة"، على حد تعبير كايتانو.
ونوّه إلى أن قطر ملتزمة بالتحول الرقمي، كما أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي مرتفع (تحتل قطر المرتبة الأولى عربياً من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي بنحو 183.1 ألف دولار سنوياً)، وتعمل على تطوير البنية التحتية بسرعة عالية. بالإضافة إلى ذلك، يرى كايتانو أن قطر دولة مناسبة لإطلاق برامج تجريبية وتحسين المنتج ثم طرحه في جميع أنحاء المنطقة.
اختارت الشركة قطر مقراً رئيسياً لها في المنطقة، ولكنها منفتحة على التنسيق في الأنشطة التجارية عبر دول مجلس التعاون الخليجي من قطر في الوقت الحالي، على حد تعبير كايتانو.
وعلى حد تعبيره، بعض رجال الأعمال يختارون المزيد من الاستثمارات التقليدية مثل الأطعمة والمشروبات أو العقارات، إلا أن هناك إقبالاً متزايداً على الاستثمار في الأفكار التقنية التي يمكن أن تنمو بشكل أسرع في التقييم والأرباح، وتؤثر بشكل إيجابي على حياة المزيد من الأشخاص، بسبب قابلية التوسع للتكنولوجيا، وهو الدور الذي تقوم به فيزوفيو.
شراكة رواد الأعمال
يضيف كايتانو أن بعض رواد الأعمال بالمنطقة يميلون إلى العمل في شركاتهم الخاصة بجانب وظائف أخرى، إذ يتعاملون مع شركاتهم بدوام جزئي، لذا يتوافق هذا النموذج مع ما تقوم به فيزوفيو. "هؤلاء المؤسسون يحتاجون إلى شريك تقني مكرّس للقيام بباقي العمل وتوزيع المهام ومشاركة المسؤوليات".
يمكن أن تصبح فيزوفيو الشريك المسؤول الذي يعتمد عليه رواد الأعمال، مع مجموعة واسعة من خدمات الأعمال والتكنولوجيا المهنية التي يمكن أن يقدمها الفريق، وفقاً لكايتانو الذي كان يدير الشراكات في جمعية لندن للابتكار (London Innovation Society) قبل انتقاله للعمل في فيزوفيو في 2019. تعمل جمعية لندن للابتكار في تدريب وتأهيل الشباب وتعزيز البيئة والمهارات الإبداعية لتمكين الابتكار، ومساعدتهم في الحصول على فرص التمويل.
يضيف كايتانو إن رواد الأعمال الناجحين قد يمتلكون أفكاراً ولكن لا يمتلكون بالضرورة الوقت اللازم لإنشاء أعمال تقنية جديدة بأنفسهم، لذا تشارك فيزوفيو في تأسيس شركات جديدة والاستثمار فيها من الصفر في نموذج مشترك للمسؤوليات والأدوار.
تجميع نظام بيئي عالمي
تتركز مهمة كايتانو في قطر على تجميع نظام بيئي عالمي من الشركات الناشئة والموارد التكنولوجية، وخبراء في مجال الخدمات المالية، لبناء وإطلاق أعمال تقنية مشتركة من الصفر.
ويشرح ذلك قائلاً "يسمح لنا وجود فريقنا الذي يعمل كمؤسس مشارك في العديد من الأعمال ببناء نظام بيئي يكمّل الأعمال التجارية المستقبلية التي ننضم إليها ونشارك في تأسيسها، بجانب العمل على تعظيم الموارد وزيادة احتمالية نجاح الأعمال الجديدة. يساعد الفريق أيضاً في توسع الشركات الناشئة، من خلال أن يكون لديها شركاء في المملكة العربية السعودية للأعمال التي تنشأ من قطر".