على مدى السنوات الماضية، تمكنت سوق العقارات الفخمة في دبي من استقطاب مستثمرين من أصحاب الثروات العالية، واستطاعت المدينة في ظل وجود معالم مميزة، مثل جزيرة نخلة جميرا وبرج خليفة، ترسيخ مكانتها الرائدة في مجال الفخامة والرفاهية. وتُواصل دبي بفضل بيئتها الضرائبية المحفزة، وأسلوب الحياة العالي الجودة والنابض بالحياة والعالمي المستوى جذب الناس إليها من مختلف أنحاء العالم.

ونظراً للشعبية الكبيرة التي تحظى بها المدينة بين المستثمرين، فقد شهد قطاع العقارات الفاخرة ارتفاعاً كبيراً في الطلب من قبل أصحاب الثروات العالية مع بدء مرحلة التعافي من جائحة كوفيد-19. وقد أسهم هذا الواقع، إلى جانب الظروف السياسية والاقتصادية العالمية، بما فيها الحرب الأوكرانية الروسية وتداعياتها على أسعار الطاقة والتضخم، في تعزيز الاهتمام بعقارات دبي وارتفاع نسبة المبيعات، كما أشار تقرير حديث صادر عن شركة بيركشاير هاثاوي هوم سيرفيسيز. ولا تزال دبي، التي تمكنت من تخفيف حدة هذه الآثار بفضل ارتفاع أسعار النفط ومرونتها الاقتصادية، تمثل فرصاً استثمارية آمنة وذكية، خصوصاً أن أسعار العقارات الفاخرة فيها، مقارنة بالمراكز العالمية المنافسة مثل نيويورك أو لندن، أدنى بنحو أربع مرات، ما يمنح المستثمرين قيمة كبيرة مقابل رأس المال.

وحسب التقرير، صرح 54% من المتخصصين في قطاع العقارات أن جائحة كوفيد-19 أدت إلى زيادة الطلب على المنازل الفاخرة في جميع أنحاء المدينة، وسجل أكثر من ثلثي المتخصصين نمواً على مدار الاثني عشر شهراً الماضية. واستثمر عدد كبير من أصحاب الثروات حول العالم، بما في ذلك الهند والصين والولايات المتحدة وبعض البلدان الأوروبية كالمملكة المتحدة، في سوق العقارات في دبي، ويتطلع الكثير منهم لشراء منزل ثان.

ويشير التقرير إلى أنّ المستثمرين الأجانب يستحوذون على حصة كبيرة من الطلب على العقارات الفاخرة في دبي، علماً أن ثمة طلباً متزايداً من قبل السكان أيضاً. وفي ظل الإصلاحات الأخيرة التي طالت التأشيرات والتغييرات في قوانين الجنسية، يتطلع العديد من المقيمين إلى جعل دبي موطناً لهم على المدى الطويل، ما يؤدي إلى زيادة الاستثمارات في العقارات. ومن المتوقع أن يستمر المسار التصاعدي للطلب في ظل الجهود المتواصلة التي تبذلها حكومة دبي لتحويل المدينة إلى مركز عالمي لريادة الأعمال والشركات الناشئة والمواهب بشكل عام. ويدعم المتخصصون في القطاع العقاري المحلي وجهة النظر هذه، إذ يعتقد 79% منهم أن الهجرة ستلعب دوراً مهماً في مسار تطور السوق خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الإطار هو: عم يبحث أصحاب الثروات العالية في العقارات الفاخرة؟ فإلى جانب الطلب المتزايد على المساحات الخارجية بعد الفترة الطويلة التي قضاها الناس خلال جائحة كوفيد-19 في منازلهم، يلاحَظ أن محبي الرفاهية والفخامة والحياة الراغدة يبحثون في منازل أحلامهم عن مساحات مصممة خصيصاً لجمع مقتنياتهم التي تشمل القطع والأعمال الفنية والأزياء الفاخرة والسيارات الفارهة، ولحماية أصولهم الأكثر قيمة، كما أظهر التقرير.

وفيما يتعلق بالأعمال الفنية مثلاً، تعتبر الإضاءة مسألة ضرورية جداً لتلك الأعمال من أجل الاستمتاع بالنظر إليها، والإضاءة القابلة للتعديل مهمة لنقل العمل الفني. ويتطلع كثيرون إلى إنشاء غرف مخصصة لمجموعاتهم تشمل أدق التفاصيل عندما يتعلق الأمر بالتصميم المعماري؛ لضمان مساحة كبيرة على الحائط.

كما هو الحال مع الأعمال الفنية، يبحث المستثمرون العقاريون عن مساحات مخصصة للملابس والإكسسوارات الفاخرة القديمة. وتعد المساحات الجافة والخالية من أشعة الشمس مصدر قلق، خصوصاً فيما يتعلق بالمجوهرات ومجموعات الساعات. وكما هو الحال مع الأعمال الفنية، لا يتطلع المستثمرون إلى حماية مقتنياتهم فقط، بل يبحثون عن مساحات يمكنهم من خلالها الاستمتاع بتلك المجموعات والنظر إليها من حين إلى آخر.

ويجب ألا ننسى أيضاً المواقف المخصصة للسيارات؛ فبهدف ضمان الحفاظ على حالتها الأصلية، ينبغي تجنب أرضيات الإسمنت والسيراميك، حيث يفضل استخدام مادة البولي فينيل كلوريد "المعروفة أيضاً باسم (PVC) أو الفينيل"، أو الإيبوكسي المعدني؛ لأنها أكثر متانة وأسهل في التنظيف وتحدّ من نسبة الرطوبة. ويمكن أن تساعد مصاعد السيارات في زيادة مساحة الموقف إذا لزم الأمر.

مهما كان نوع المقتنيات، فإن الضوء ودرجة الحرارة والرطوبة أشياء مهمة تجب مراعاتها لحماية الأغراض والممتلكات القيّمة. لكن هذا يشير أيضاً إلى اتجاه أوسع، حيث تركز عمليات شراء العقارات في قطاع الرفاهية على تلبية أذواقٍ لأنماط حياة محددة، وعلى التفاصيل الدقيقة التي تجعل المنزل فريداً من نوعه حقاً. وعلى خلاف العواصم العقارية المكتظة في العالم مثل تورنتو أو سويسرا مثلاً، تمتلك دبي مساحة واسعة لتخصيص مساحات مصممة وفقاً لمتطلبات مالكها واحتياجاته.