عتبة الفقر المائي (Water Poverty Threshold) هي معيار عالمي حددته الأمم المتحدة لنصيب الفرد من الماء العذب، وقدرته بمستوى 1000 متر مكعب سنوياً من المياه السطحية والجوفية المتجددة.
والفقر المائي يعني أن إمدادات المياه العذبة قد لا تكون كافية لتلبية احتياجات سكان العالم خلال الفترة المقبلة، في ظل النمو السكاني المطرد حالياً، وإصابة بعض الدول بما يعرف بالإجهاد المائي (Water Stress) وهو ضعف حاد في موارد المياه، لأسباب عدة أبرزها الجغرافيا السياسية أو النزاعات المتعلقة بالمياه بين الدول المتجاورة.
وصنف معهد الموارد العالمية البلدان التي تعاني من الإجهاد المائي لخمسة أصناف هي:
- إجهاد مائي مرتفع للغاية، مثل البلدان التي تسيء استغلال مواردها المائية وتستنزفها بكثرة ما يهددها بالبقاء تحت خط الفقر المائي.
- إجهاد مائي عالٍ، مثل البلدان التي فيها ماء عذب لكن يتم إهداره واستنزافه بنسب عالية.
- الإجهاد المائي المتوسط المرتفع، مثل البلدان التي يرتفع فيها هدر المياه العذبة بأكثر من المتوسط.
- إجهاد مائي منخفض إلى متوسط، وهي البلدان التي تعاني من إهدار وإهمال في إدارة الموارد المائية بنسبة شبه متوسطة.
- إجهاد مائي منخفض، وهو أن تكون هناك نسبة ضعيفة من سوء استغلال الموارد المائية.
ومنذ عام 1992 حددت الأمم المتحدة يوم 22 مارس/آذار من كل عام ليصبح اليوم العالمي للمياه، وموضوع هذا العام هو تقدير أهمية المياه، وتشير المنظمة الأممية من خلال موضوع اليوم العالمي للمياه لعام 2023، إلى أهمية المياه وطرق الحفاظ عليها، وذلك بعدما أصبحت المياه أداة مالية قابلة للتداول مثل الذهب والنفط، حيث تم تدشين أول سوق مستقبلية للتجارة بالمياه في يناير/كانون الأول 2020، وهو مؤشر لما سيعانيه العالم مستقبلاً نتيجة التغير المناخي وندرة المياه.
تقرير للأمم المتحدة صدر في 22 أغسطس/آب 2021 كان بمثابة جرس إنذار للعديد من الدول العربية، عندما كشف أن هناك 19 دولة مصنفة في فئة المعاناة من الإجهاد المائي المرتفع للغاية، وأبرزها لبنان وإيران والأردن وقطر وإسرائيل وليبيا والكويت والسعودية والإمارات وإريتريا وسان مارينو والبحرين والهند وباكستان وتركمانستان وسلطنة عمان وبوتسوانا.
وتقع 12 دولة من الدول المذكورة أعلاه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بسبب مناخها الصحراوي وتزايد طلبها على المياه، حيث تؤكد الأمم المتحدة أن المنطقة العربية هي إحدى أكثر المناطق ندرةً في المياه بالعالم.
وفي 29 يوليو/تموز 2022، قال مقرّر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في الحصول على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي، بيدرو أروخو-أغودو، إنه يجب على الحكومة التونسية أن تعمل على تحسين إدارة شبكة المياه والحد من الاستغلال المفرط للمياه الجوفية، حيث تقبع تونس تحت خط الفقر المائي، بمعدل 420 متراً مكعباً للفرد سنوياً، وسط توقعات بتراجع النسبة إلى حدود 370 متراً مكعباً في عام 2050، فيما يبلغ المعدل العالمي للشحّ المائي 500 متر مكعب للفرد، بينما يبلغ المعدل الطبيعي المائي للفرد عالمياً 1000 متر مكعب.
ونشرت الأمم المتحدة الإسكوا في سبتمبر/أيلول 2022 تقريراً بعنوان "المياه الجوفية في المنطقة العربية"، أوضحت خلاله أن المياه الجوفية العذبة تشكل ما يزيد على 50% من مصادر المياه في 60% من المنطقة العربية، وتصل إلى أكثر من 80% في السعودية وليبيا وفلسطين وجيبوتي ولبنان، وتأتي قطر على رأس دول مجلس التعاون الخليجي في الاعتماد على المياه المُحلّاة، تليها البحرين والكويت والإمارات وسلطنة عُمان، وبعدها الأردن من خارج مجلس التعاون الخليجي.
وفي العراق، وتحديداً خلال يونيو/حزيران 2022، جف جزء من خزان سد الموصل على نهر دجلة، ما أسفر عن ظهور مدينة زاخيكو التي تعود إلى الإمبراطورية الميتانيّة بعد 3400 عام كانت تغمرها المياه حينها.
وبالحديث عن سوريا تسبب انحسار نهر الفرات لما يقارب 7 أمتار، إلى الكشف عن مدينة أثرية في ريف الرقّة، وأظهر تقرير أعدته وكالة ناسا الأميركية في يناير/كانون الثاني 2022 أن الجفاف الذي شهدته منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط من المحتمل أن يكون الأسوأ خلال القرون التسعة الماضية.
ويعاني المغرب خلال الفترة الأخيرة من ظاهرة الفقر المائي والتصحر، حيث يعتبر المغرب من دول الصحراء الكبرى الإفريقية شديدة الجفاف، وعلى الرغم من أن الظروف الطبيعية في المغرب جعلتها أكثر الدول في شمال إفريقيا حصولاً على مياه أمطار، إلا أن المغرب يعاني من الفقر المائي ويقدَّر نصيب الفرد هناك بأقل من 800 متر مكعب سنوياً، وهي أقل من المعدل العالمي البالغ 1000 متر مكعب/سنة للفرد.