المحتوى محمي
Al-Majarra Al-Majarra Al-Majarra
المحتوى محمي
مقابلة

الرئيس التنفيذي في شركة كورسيرا: الذكاء الاصطناعي التوليدي سيساعدنا على الوفاء بوعد تقديم التعلم المخصص والتفاعلي على نطاق واسع

إن النمو السريع للذكاء الاصطناعي التوليدي هو نقطة تحول أخرى في التعليم، ما يبشر بعصر جديد من التعلم المخصص والتفاعلي على نطاق واسع.

بقلم


money

جيف ماجيونكالدا، الرئيس التنفيذي لشركة كورسيرا (مصدر الصورة: فورتشن العربية)

"للذكاء الاصطناعي دور محوري في تصميم تجربة تعليمية أكثر تخصيصاً وتأثيراً، ولكن يجب استخدامه بطريقة مسؤولة. إذ يجب تعليم الطلاب كيفية استخدامه بطريقة أخلاقية وبفعالية. ومن الضروري امتلاك مهارات التفكير النقدي، وينبغي للطلاب فهم حدود الذكاء الاصطناعي، واستخدامه بوصفه مساعداً في الكتابة وشريكاً في التفكير لا أداة تفكّر نيابة عنهم". هكذا لخّص الرئيس التنفيذي في شركة كورسيرا المتخصصة بالتعليم عبر الإنترنت، جيف ماجيونكالدا، نظرته للدور الذي سيلعبه الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم خلال حديثه مع فورتشن العربية.

فورتشن: انضممت إلى منصة كورسيرا رئيساً تنفيذياً في يونيو 2017، وساعدت على نموها بدرجة كبيرة. كيف تغير عالم التعليم منذئذ؟ وأيضاً كيف تغيرت التصورات بشأنه؟

ماجيونكالدا: منذ أن بدأت العمل في كورسيرا في عام 2017، شهد التعليم تحولاً جذرياً. وكانت جائحة كوفيد-19 في عام 2020 نقطة تحول مهمة. فقد أُجبِر المعلمون والطلاب في جميع أنحاء العالم على التعلم من المنزل، ما أظهر على نطاق غير مسبوق فوائد التعليم عبر الإنترنت: وهي المرونة والتكلفة الميسورة والفعالية.

حتى مع تجاوزنا الجائحة، من الواضح أن التعلم عن بُعد سيستمر، ما سيغير نظرتنا إلى التعليم والعمل جذرياً. إن النمو السريع للذكاء الاصطناعي التوليدي هو نقطة تحول أخرى في التعليم، ما يبشر بعصر جديد من التعلم المخصص والتفاعلي على نطاق واسع. فهو يعيد تشكيل طريقة تصميم التعليم وتقديمه ويسهّل الحصول على تعليم بمستوى عالمي، بغض النظر عن المكان الذي تعيش فيه أو اللغة التي تتحدثها.

لم يُحدِث الذكاء الاصطناعي التوليدي تحولاً في التعليم فقط، بل غيّر طريقة عملنا أيضاً؛ إذ ستترافق مع الذكاء الاصطناعي التوليدي حاجة ملحة وماسة للمرونة في تسيير الأعمال. تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من نصف المهام يمكن تنفيذها باستخدام نماذج اللغات الكبيرة ( LLMs large language models)، وهذا يعني أننا سنحتاج إلى صقل مهارات الموظفين بسرعة كبيرة وعلى الصعيد العالمي.

وبالتالي، ستتزايد الحاجة إلى التعلم مدى الحياة. وستكون القدرة على اكتساب مهارات (شخصية وتقنية) ومعارف جديدة باستمرار بالغة الأهمية للحفاظ على الريادة والمرونة في عالم يزداد تأثراً بالتغيرات الناجمة عن الذكاء الاصطناعي.

فورتشن: كورسيرا شركة عالمية رائدة في سوق الدورات التدريبية عبر الإنترنت والدراسة المستمرة. كيف تقيّم وجودها في سوق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟ وأي الدول هي الأكثر نشاطاً في رأيك؟

ماجيونكالدا: تخدم كورسيرا حالياً أكثر من 8 ملايين متعلم في أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وفي الربع الثاني من عام 2023 وحده، شهدنا نمواً بنسبة 28% مقارنة بالعام الماضي، فقد اتخذ أكثر من 380 ألف متعلم مسجل جديد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خطوات لصقل مهاراتهم واكتساب مهارات جديدة عبر كورسيرا.

وجدير بالذكر أن لدينا حضوراً قوياً في الإمارات العربية المتحدة (867 ألف متعلم) والمملكة العربية السعودية (990 ألف متعلم) ومصر (2.4 مليون متعلم)،ونفخر بتعاوننا مع هيئات حكومية ومؤسسات أكاديمية وشركات في جميع أنحاء المنطقة. على سبيل المثال، في الإمارات العربية المتحدة، درّبنا أكثر من 60 ألف موظف في أكاديمية أبوظبي الحكومية، ودعمنا مبادرات تحوّل المواهب في هيئة دبي الرقمية وشرطة دبي ووزارة الصحة ووقاية المجتمع.

نتعاون أيضاً مع وزارة التربية والتعليم بالإمارات لبناء نظام مبتكَر للتعلم مدى الحياة، بحيث يعزز المحتوى الموصى به حسب الساعات المعتمدة ويدعم مؤسسات التعليم العالي في الإمارات في منح شهادات مصغرة حسب الساعات المعتمدة. نشهد قصص نمو مماثلة في السعودية حيث نعمل مع مؤسسات مثل المركز الوطني للتعليم الإلكتروني والهيئة الملكية لمحافظة العلا والبنك المركزي السعودي، لإطلاق برامج لتنمية المهارات على مستوى البلاد وتوفير محتوى متخصص لتزويد المواهب السعودية بالمهارات الرقمية المطلوبة.

فورتشن: ما التوجهات التي تشكل عالم العمل والتعليم في المنطقة؟ وما التحديات التي تتوقعها؟

ماجيونكالدا: تتغير المهارات المطلوبة في مكان العمل مع التطور المستمر في التكنولوجيا، وهذا يعني أن نهجنا في التعليم يجب أن يواكب هذا التطور. يحتاج الطلاب والموظفون إلى مسارات أسرع وميسورة التكلفة لاكتساب هذه المهارات وضمان حصولهم على وظائف ذات رواتب جيدة.

استجابة لذلك، تدمج الجامعات دورات تدريبية عبر الإنترنت في مناهجها لتمكين الطلاب من اكتساب المهارات التقنية ومهارات التعامل مع الآخرين التي يَكثُر الطلب عليها. وتطلق الحكومات مبادرات إقليمية ووطنية لتنمية مهارات قوة العمل، ما يعزز قدرتها التنافسية ويحفز النمو الاقتصادي.

تدرك الشركات أيضاً قيمة التعلم عبر الإنترنت في صقل مهارات موظفيها وتعزيز برامجها التدريبية لجذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها. فهي تسعى على نحو متزايد إلى تطبيق التوظيف القائم على المهارات الذي يتوافق جيداً مع التعلم القائم على الأدوار. تُجرى استثمارات في مختلَف أنحاء المنطقة لسد فجوات المهارات وتضييق الفجوة الرقمية وتجهيز الأفراد للازدهار في الاقتصاد الحديث.

فورتشن: ما الذي يمكنك أن تخبرنا به عن عولمة المواهب؟ وكيف أتاحت منصات مثل كورسيرا ذلك؟

ماجيونكالدا: عندما نتحدث عن عولمة المواهب، أتذكر حقيقة أقتبسها كثيراً: "المواهب موزعة بالتساوي، لكن الفرص ليست كذلك". 

نعمل في كورسيرا على تغيير هذه الموازين؛ فقد رأينا فرصاً متاحة للأشخاص في كل مكان، ما بين التعلم عبر الإنترنت وتطور العمل عن بُعد، إذ لم يعد موقعك عقبة كبيرة في الحصول على تعليم ذي مستوى عالمي أو وظيفة براتب جيد.

لكن الأمر لا يتعلق بالأفراد فقط، بل بالشركات أيضاً. فامتلاك القدرة على التعامل مع مواهب عالمية ضروري لمعالجة النقص في المهارات والحفاظ على ميزة تنافسية. تشير التقديرات إلى أنه في السنوات الخمس المقبلة، سيكون لدى قرابة نصف الشركات قوة عمل عالمية متفرقة جغرافياً.أدى الاقتصاد الرقمي إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يسعون إلى الحصول على شهادات مصغرة في مجالات متخصصة متعلقة بالوظائف.

فهذه الدورات القصيرة والمركزة تُزوّد الأفراد بالمهارات المحددة التي يحتاجون إليها للتفوق في سوق العمل العالمية اليوم، من خلال تمكينهم من دخول مسارات مهنية عالية الطلب والنمو. وهنا يأتي دور منصات مثل كورسيرا؛ فنحن نتيح للجميع الوصول إلى المهارات الأساسية، بغض النظر عن موقعهم أو الوسائل التي يستخدمونها، ما يضمن البقاء في الطليعة في سوق العمل التي تتطور بوتيرة أسرع من أي وقت مضى.

فورتشن: كيف تقيّم المؤسسات التعليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟ وما الدول التي تقود هذه السوق؟

ماجيونكالدا: عندما يتعلق الأمر بتقييم المؤسسات التعليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يجب الانتباه إلى التركيبة السكانية الفريدة؛ أكثر من نصف السكان تحت سن الثلاثين، ما يمثل فرصة هائلة للنمو الاقتصادي في المستقبل.

وتدرك دول الخليج ذلك، لا سيما الإمارات والسعودية اللتان تنفذان استثمارات كبيرة لتزويد الشباب بالمهارات المناسبة للنجاح في سوق العمل المستقبلية. ومع ذلك، ثمة تحدٍ كبير: تواجه نماذج التعليم العالي التقليدية صعوبة كبيرة أحياناً للتوافق مع احتياجات القطاع، ما يؤدي إلى فجوة بين ما تحتاج إليه الشركات وما تقدمه الجامعات. ولسد هذه الفجوة، تحاول الجامعات الابتكار في برامج الدرجات العلمية وتحسينها لتشمل المهارات ذات الصلة بالقطاع من خلال دمج نماذج التعلم عبر الإنترنت أو نماذج التعلم الهجين.

المثير في الأمر هو التعاون المتزايد بين الجامعات والقطاعات لتحقيق هدف مشترك: مساعدة الطلاب على سد فجوات المهارات والحد من البطالة في صفوف الشباب. إذ يهدف هذا التعاون إلى منح الطلاب المؤهلات المناسبة والتدريب العملي، وسد الفجوة بين التعلم القائم على المهارات والتوظيف القائم على المهارات بفعالية.

فورتشن: هل تتعاون كورسيرا مع مؤسسات تعليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتضمين دوراتها التعليمية في منهجها التعليمي العالمي؟

ماجيونكالدا: العمل مع المؤسسات التعليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جزء أساسي من استراتيجيتنا. وقد تعاونا مؤخراً مع مؤسسات معروفة، مثل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا وجامعة الفيصل وجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية وجامعة خليفة.

على سبيل المثال، تهدف شراكتنا مع جامعة الفيصل، التي احتلت المرتبة الأولى في السعودية في تصنيف مجلة تايمز هاير إديوكيشن (Times Higher Education) للجامعات الحديثة لعام 2022، إلى إطلاق أكثر من 100 دورة تدريبية باللغة العربية. وستغطي هذه الدورات مجالات مثل تطوير الذات وعلم البيانات والأعمال التجارية والماليات.

بالإضافة إلى ذلك، أدى تعاوننا مع جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، وهي مؤسسة رائدة في التدريس والبحث، إلى اإطلاق دورة "تطوير البرمجيات الكائنية التوجه باستخدام لغة  سي شارب" (Object Oriented Development using C#). وبالمثل، تركز شراكتنا مع جامعة خليفة، وهي مؤسسة بحثية في الإمارات العربية المتحدة، على الدورات المتخصصة في تعلم الآلة والتعلم العميق والذكاء الاصطناعي ومجالات أخرى.

فورتشن: كيف تتنافسون مع المؤسسات التعليمية المحلية التي توفر دورات جماعية إلكترونية مفتوحة المصدر (MOOCs) والشركات الناشئة المزدهرة في هذا المجال؟

ماجيونكالدا: نتميز لاتباعنا 3 مبادئ مهمة تحقق قيمة للمتعلمين والمؤسسات:

أولاً: نفخر بقائمتنا الغنية بالمحتوى العالي الجودة المقدَّم من المؤسسات الرائدة في القطاع على مستوى العالم. يمكن للمتعلمين اختيار الدورات المستقلة أو التعمق في الموضوعات المتخصصة. ونركز أيضاً على إتاحة محتوانا للجميع، وترجمته قدر المستطاع. على سبيل المثال، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نقدم أكثر من 2,000 دورة تدريبية باللغة العربية من جامعات وخبراء في القطاع، مع التركيز على المهارات الأهم للمنطقة.

ثانياً: نوفر إطار التعلم الأشمل والقائم على المهارات. فقد تطورت عروضنا لتشمل تقييمات في أثناء الدورات لتتبع التقدم المحرز في تنمية المهارات، إلى جانب مجموعات المهارات (Skill Sets) وهي برامج تعليمية تربط بين المهارات وفرص العمل بسلاسة.

ثالثاً: نعزز التعاون المؤسسي، ونسهّل التعلم على نطاق واسع عبر الشركات والحكومة والجامعات. فهذا النهج الشامل لمواجهة تحديات المهارات العالمية هو ما يميزنا حقاً ويمنحنا رؤية فريدة لكل جانب من جوانب المشهد التعليمي.

فورتشن:  برأيك، كيف سيؤثر تطبيق الذكاء الاصطناعي على قطاع التعليم؟

ماجيونكالدا: يؤثر الذكاء الاصطناعي على مستقبل التعلم بسرعة وعمق أكبر مما توقعه كثيرون منا. من منظور التعلم، أتوقع أن يساعدنا الذكاء الاصطناعي التوليدي على الوفاء بوعد تقديم التعلم المخصص والتفاعلي على نطاق واسع، وهو ما لم يتمكن التعليم العالي التقليدي من تحقيقه على نحو جيد بعد.

على سبيل المثال، قدمنا مؤخراً مدرب كورسيرا (Coursera Coach)، وهو مساعد تدريس افتراضي مدعوم بالذكاء الاصطناعي التوليدي، ويقدم ملاحظات مخصصة ويجيب عن الأسئلة، بل ويوفر أيضاً مصادر موصى بها لمساعدة المتعلمين على فهم المفاهيم المعقدة، فهو مساعد تدريس مدعوم بالذكاء الاصطناعي ومتاح على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.

ومن وجهة نظر المعلم، أعتقد أن القدرة على إعداد مواد تعليمية جديدة وتنسيقها بسرعة ستكون من أبرز التغييرات، فبالإضافة إلى مدرب كورسيرا، أطلقنا أداة "تصميم الدورات التدريبية المدعومة بالذكاء الاصطناعي" (AI-Assisted Course Building) التي يمكنها إنشاء محتوى دورة تدريبية تلقائياً باستخدام القليل من الأوامر فقط. سنشهد أيضاً تحولاً فيما ندرسه، وأيضاً في المهارات الأعلى قيمة في سوق العمل. وستزداد أهمية المهارات الشخصية، مثل القيادة والتفكير النقدي والتعاون. 


image
image