المحتوى محمي
المحتوى محمي
نفط وطاقة

شركات الطاقة الغربية العملاقة تجني مكاسب هائلة من الحرب في أوكرانيا والأخيرة تضغط عليها للتبرع ببعض هذه المكاسب

إن هذه الإيرادات التاريخية من عمالقة الطاقة تطيل الحرب بشكل غير مباشر، حتى إن بعض المسؤولين الأوكرانيين قد طالبوا بإعادة توزيع الأرباح لتصحيح مجريات الأحداث.

بقلم


money

(مصدر الصورة: أندريه روداكوف - بلومبرغ - غيتي إميدجيز)

أعلنت شركات النفط والغاز عن أرباح سنوية قاربت أعلى مستوياتها في التاريخ في وقت سابق من هذا العام، وكانت هذه الأرباح قائمة على أسعار الغاز والوقود التي ارتفعت أيضاً إلى مستويات ملحوظة بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. لكن النقاد يقولون إن هذه الإيرادات التاريخية من عمالقة الطاقة تطيل الحرب بشكل غير مباشر، حتى إن بعض المسؤولين الأوكرانيين قد طالبوا بإعادة توزيع الأرباح لتصحيح مجريات الأحداث.

فقد سجّلت شركات النفط الخمس الكبرى في العالم الغربي في أوروبا والولايات المتحدة، وهي شركات بي بي (BP) وتوتال إنرجيز (TotalEnergies) وشل (Shell) وشيفرون (Chevron) وإكسون موبيل (Exxon Mobil)، إيرادات قياسية في عام 2022 في ظل ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي إلى أعلى مستوياتها منذ عقد. وكانت الحرب سبباً مهماً لذلك، إذ ساعدتهم على جني أرباح غير متوقّعة في العام الماضي وصلت إلى 134 مليار دولار، وذلك وفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة غلوبال ويتنس (Global Witness) في شباط/فبراير المنصرم (2023)، وغلوبال ويتنس هي مؤسسة غير حكومية دولية تركز على انتهاكات حقوق الإنسان واستغلال الموارد.

وقد بذلت شركات الطاقة الغربية جهوداً حثيثة لقطع العلاقات مع روسيا منذ بدء الحرب، بما فيها شركة شل البريطانية العملاقة التي اتّخذت إجراءات مهمة في سياق إنهاء أعمالها في روسيا الأسبوع الماضي، وذلك بعدما وافق الكرملين على بيع شركة شل حصّتها البالغة 27.5% في مشروع طاقة سيبيري إلى شركة نوفاتيك (Novatek) الروسية، وكان ذلك في صفقة تجاوزت مليار دولار بقليل. لكن مع تضاعف أرباح الشركة إلى 40 مليار دولار العام الماضي، أصبح لدى النقّاد فكرة مختلفة عن الطريقة التي ينبغي على الشركة إعادة استثمار مكاسبها من عملية البيع المرتقبة.

وكتب المستشار الاقتصادي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أوليغ أوستينكو، في رسالة موجّهة إلى الرئيس التنفيذي لشركة شل، وائل صوان، يوم الثلاثاء الماضي ونقلتها صحيفة بوليتيكو (Politico) الأربعاء: "سوف تمثّل عملية البيع هذه عند اكتمالها تحويل ما يزيد على مليار دولار من الأموال الروسية إلى حسابات شركة شل".

وأضاف أوستينكو: "ندعو شركة شل إلى تخصيص مكاسب أي عملية بيع في السياق الروسي أو عائدات توزيع الأرباح لصالح ضحايا الحرب في أوكرانيا، وهي الحرب نفسها التي غذّتها هذه الشركات (الأصول) وموّلتها".

وتعهّدت شركة شل في أبريل/نيسان الماضي بعدم شراء النفط الروسي بعد الآن والانسحاب من المشاريع المشتركة مع شركات الطاقة الروسية، وهي جهود قالت الشركة إنها ستكلّف ما بين 4-5 مليارات دولار. وكان مشروع شركة شل في سيبيريا، وهو مشروع سخالين-2 (Sakhalin-2) للنفط والغاز في أقصى شرق روسيا والذي يهدف إلى بناء واحدة من أكبر منشآت الغاز الطبيعي المسال في البلاد، جزءاً رئيسياً من مصالح الشركة في روسيا، لكن الشركة قد شطبت ما قيمته 1.6 مليار دولار من قيمة هذا المشروع في العام الماضي.

وأوضح أوستينكو أنه بينما تدرك أوكرانيا بأن شركة شل "قد لا يكون لديها خيار بشأن قبول هذا العرض من عدمه"، وذلك في إشارة إلى عرض استحواذ شركة نوفاتيك على مشروع سخالين -2، ما تزال أمام الشركة قضية أخلاقية "قاهرة" بشأن التبّرع بعائدات البيع. وأكّد متحدث باسم شركة شل استلام طلب التعليق من فورتشن (Fortune)، لكنه رفض التعليق.

وهذه ليست المحاولة الأولى من أوستينكو لتسليط الضوء على شركات الطاقة الغربية التي تواصل جني أرباح من الحرب، إذ أصبحت رسائل فضح عمالقة الطاقة والضغط عليهم استراتيجية شائعة نوعاً ما لأوكرانيا.

ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أرسل أوستينكو خطاباً إلى الرئيس التنفيذي لشركة بي بي، برنارد لوني، متهماً الشركة البريطانية العملاقة بالفشل في الوفاء بالوعود التي قطعتها في فبراير/شباط الماضي والتي نصّت على بيع حصّتها في شركة الطاقة الروسية روسنفت (Rosneft) البالغة 19.75%. واتهم أوستينكو شركة بي بي بالاستفادة من الحرب من خلال تلقّي توزيعات أرباح من شركة روسنفت، وهي شركة روسية حكومية كانت لها يد في بقاء الميزانية الفيدرالية الروسية على حالها خلال الغزو.

وقال متحدث باسم شركة بي بي لفورتشن في ذلك الوقت إن الشركة كانت تحاول جاهدةً بيع حصتها في شركة روسنفت، لكن العقوبات الغربية جعلت العثور على مشترٍ أمراً صعباً، مضيفاً إن قرار الشركة بيع حصّتها قد أدى إلى خسائر وصلت إلى 24 مليار دولار.

وبحلول أبريل/نيسان الحالي، لم تبِع شركة بي بي حصتها في روسنفت وما زالت تبحث عن مشترٍ، لكن بيانات أهداف الإنتاج الأخيرة التي أعلنت عنها في أبريل/نيسان تستبعد الإنتاج ذا الصلة بشركة روسنفت، إذ لم تعد الشركة تعلن عن إنتاج الشركة الروسية ضمن بياناتها.

وحسب ما ورد، أرسل أوستينكو خطاباً آخر إلى شركة الطاقة الفرنسية العملاقة توتال إنرجيز الصيف الماضي، وقال إن الشركة ستتلقى 440 مليون دولار من توزيعات الأرباح الناجمة عن حصّتها في شركة نوفاتيك والبالغة 19%، وهذه الشركة هي نفسها التي تريد شركة شل بيع أصولها الروسية لها. كما أطلق أوستينكو على هذه الأرباح اسم "المال الملطّخ بالدم" (الدية)، وطالب شركة توتال إنرجيز برفضها أو بإعادة استثمارها لدعم ضحايا الحرب الأوكرانيين.

ودعا سياسيون أوكرانيون آخرون شركات النفط والغاز إلى تقاسم بعض مكاسبها غير المتوقعة مع البلد الذي يعاني فعلياً من الحرب، إذ قال وزير الطاقة الأوكراني جيرمان غالوشينكو في مقابلة مع صحيفة بوليتيكو الشهر الماضي إنه "سيكون من العدل" لو تستخدم شركات الطاقة الغربية بعض أرباحها الهائلة للإسهام في إعادة بناء البنية التحتية للطاقة المتضرّرة في أوكرانيا.


image
image