المحتوى محمي
المحتوى محمي
وجه

سيرجيو إرموتي: المصرفي الماهر وقبطان رحلة اندماج يو بي إس وكريدي سويس

نجح إرموتي في إنماء الميزانية العمومية لبنك يو بي إس لتصبح ضعفي ميزانية بنك كريدي سويس، وذلك استناداً إلى سجلّه الحافل بتقليص العمليات المصرفية الاستثمارية المسؤولة عن الأزمات.

بقلم


money

سيرجيو إرموتي، مصرفي سويسري (مصدر الصورة: فورتشن العربية)

بعد فترة وجيزة من انتشار أنباء الاندماج الضخم بين بنك يو بي إس والمقرض المتعثر كريدي سويس (Credit Suisse) ليلة الأحد الماضي، وجد الرئيس التنفيذي لبنك يو بي إس (UBS)، رالف هامرز، نفسه يشرح الأساس المنطقي لصفقة قلبت استراتيجيته الحذرة للنمو الفردي.

وفي اليوم التالي، تعرّض رئيس البنك لضغوط من الجهات التنظيمية حول العالم لإتمام صفقة الشراء البالغة قيمتها 3 مليارات فرنك (حوالي 3.25 مليارات دولار). وعلى الطرف الآخر من هذه القصة نجد أشهر المصرفيين السويسريين، سيرجيو إرموتي، الذي عرض عليه رئيس بنك يو بي إس، كولم كيليهر، منصب هامرز على طبق من فضة.

ففي خضم الأزمة التي أطاحت بنك كريدي سويس بعد تاريخ قارب 167 عاماً في القطاع المصرفي، كان إرموتي الخيار الأول والأنسب لقيادة العملاق الجديد الناجم عن اندماج البنكين نحو بر الأمان، والحد من الأضرار التي لحقت بسمعة سويسرا التي رسّخت نفسها مركزاً لمصارف النخبة عبر التاريخ، كما أن إرموتي من المصرفيين المعروفين بثقته في الصفقات التحويلية المشابهة.

ولم يرفض إرموتي هذه الفرصة لقيادة بنك يو بي إس، وقال بعد ساعات من إعلان البنك عن إقالة هامرز المفاجئة: "لقد شعرت بإحساس نداء الواجب". وسوف يعود إرموتي إلى منصبه القديم في 5 أبريل/نيسان لإنجاز مهمة ضخمة تتمثّل في دمج بنكين ضخمين متنافسين، وليس مجرد دمج مؤسسة مالية مؤثّرة على النظام العالمي مع أخرى، وذلك بالتوازي مع تقليل المخاطر التي يتعرض لها دافعو الضرائب السويسريون.

ولم يتوانَ كيليهر في حديثه مع المراسلين عن الحديث بصراحة في أثناء وصفه الحجم الهائل للمهمة التي تنتظر إرموتي، إذ سيتولى قيادة بنك إدارة ثروة وأصول يشرف على أموال عملاء مجمَّعة تصل إلى نحو 5 تريليونات دولار.

وقال كيليهر في مؤتمر صحفي مستعجل: "نتعامل هنا مع امتيازين تجاريين عريقين على وشك الاندماج، وهناك الكثير من الاعتداد بتاريخ كل منهما، كما أن القلق سيد الموقف بالنسبة للكثيرين، والوضع حسّاس للغاية، لذا كان علينا التفكير ملياً بالشخص المناسب لهذه المهمة، كما أنه سيلزمنا وقت ملحوظ لإنجازها. وإن أحد الأسباب التي ألهمتنا توظيف سيرجيو هو حساسية تلك الظروف؛ فهو ذو سمعة حسنة بالنسبة للبنكين وللعالم ككل أيضاً".

وعمل إرموتي البالغ من العمر 62 عاماً في مجال التمويل طوال حياته، فبعد أن بدأ عمله بصفة متدرب متواضع ببنك في لوغانو، انضم إلى بنك سيتي (Citibank)، ثم تسلّق السلم الوظيفي في عدة مناصب في بنكَي ميريل لينش (Merrill Lynch) ويونيكريديت (UniCredit)، وتركّز عمله بشكل أساسي في الأذرع الاستثمارية لهذه البنوك. وانضم مؤخراً إلى مجموعة إعادة التأمين سويس ري (Swiss Re) حيث شغل منصب رئيس مجلس الإدارة منذ أبريل 2021.

والأهم من ذلك أنه وجه معروف في بنك يو بي إس، حيث بدأ عمله في شهر سبتمبر/أيلول 2011 بصفة الرئيس التنفيذي للبنك المتهاوي الذي هزّته فضيحة المتداول اللندني المُحتال كويكو أدوبولي، وبقي في هذا المنصب لمدة تسع سنوات.

خبرة في السيطرة على العمليات البنكية الاستثمارية المحفوفة بالمخاطر

نجح إرموتي في إنماء الميزانية العمومية لبنك يو بي إس لتصبح ضعفي ميزانية بنك كريدي سويس، وذلك استناداً إلى سجلّه الحافل بتقليص العمليات المصرفية الاستثمارية المسؤولة عن الأزمات وتركيز عمليات البنك على الأعمال الاستشارية الأكثر أماناً والمدفوعة بالرسوم لإدارة الثروات، وذلك كلّه بالتوازي مع كبح شهية البنك للعمليات المحفوفة بالمخاطر.

وقال إرموتي إن الأمر الوحيد الذي ندم بشأنه عندما غادر بنك يو بي إس في أكتوبر/تشرين الأول 2020 لصالح هامرز هي أنه لم تتسنَّ له الفرصة للإشراف على صفقة كبيرة لجمع شتات البنك السويسري الموقّر.

وأوضح للصحفيين قائلاً: "سيكون عدم قبول هذه الوظيفة لتنفيذ ما أعتقد أنه الخطوة الصحيحة المقبلة لبنك يو بي إس أمراً مناقضاً لأفكاري، أعتقد دائماً أن فكرة البنوك الأكبر من أن تفشل ليست واقعية، لكن الفكرة المعاكسة بأن هناك بنوكاً أصغر من أن تنجو هي الصحيحة، وأريد أن أقود البنك للاستفادة من هذه الفرصة".

وكان إنجازه في تحويل بنك يو بي إس إلى بنك ضخم عالي الربحية ومتجنّب للمخاطر هو ما أعاده مجدداً إلى هذا البنك لإكمال ما بدأه في الماضي، وليست جنسيته أو أي مزايا أخرى. وعلى عكس الرؤساء التنفيذيين العائدين الآخرين مثل بوب إيغر، لا ينوي إرموتي التخلي عن زمام الأمور طالما أن وجوده في هذا المنصب الحساس ضروري.

ونظراً للمعطيات والأخبار المنتشرة، يبدو أن ذلك سيستغرق وقتاً طويلاً، إذ تدرك الإدارة مدى حساسية الوضع وتعقيده، ومن المقرر أن يُضاف موظفو بنك كريدي سويس كلّهم والبالغ عددهم ما يقرب من 50,500 موظف إلى طاقم عمل بنك يو بي إس البالغ عددهم 74,000 موظف حالياً.

وقال كيليهر: "هذه أكبر صفقة مالية منفردة منذ عام 2008"، مضيفاً إنها أيضاً المرة الأولى التي يندمج فيها بنكان عالميان مؤثّران على النظام العالمي، وأوضح إنهم "شعروا بذلك أن سيرجيو كان الشخص الملائم لإدارة هذه المرحلة الصعبة، وذلك نظراً لخبرته أيضاً في تقليص حجم بنوك استثمارية ضخمة".

ويريد كيليهر تقليص العمليات المصرفية الاستثمارية المجمعة لتمثل فقط نحو ربع الأصول المرجّحة بالمخاطر للكيان الجديد.

وعلى الرغم من وجود بعض المصرفيين من بنك كريدي سويس الذين قد يكونون أشخاصاً مناسبين للعمل في بنك يو بي إس، قال كيليهر إنهم جميعاً سيخضعون للفحص الدقيق لضمان عدم وجود ما يمكن أن يؤثر سلباً على ثقافة تجنّب المخاطر الراسخة في مؤسسته المالية.

وأضاف رئيس مجلس إدارة البنك: "يرى مساهمونا بشكل عام إمكانية نمو ملحوظ في هذه الصفقة، لكنهم قلقون للغاية بشأن مخاطر التنفيذ والتي تعد كثيرة في الواقع، لذا لن تكون هذه الصفقة سهلة أبداً".

وعلّق الشريك في شركة بورتا أدفايزرز (Porta Advisors)، بيت ويتمان، قائلاً لقناة سي إن بي سي (CNBC) إن قرار تعيين مواطن سويسري سيكون مفيداً في استعادة الثقة محلياً قبل الانتخابات الفيدرالية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وإن "قرار توظيف سيرجيو إرموتي في هذا المنصب سيهدئ من حدّة النقاشات ويخفف القلق، وهذا بالتأكيد من أهم أسباب اختياره، إذ أثبت إرموتي نجاحه وجدارته بالثقة من وجهة نظر الشعب والقطاع المصرفي على حد سواء".


image
image