هليكوبتر الأموال (Helicopter Money) هي سياسة لتحفيز الاقتصادات من أفكار الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل ميلتون فريدمان (Milton Friedman)، يستخدمها البنك المركزي من خلال ضخ السيولة بهدف إتاحة مزيد من الإنفاق وزيادة الإنتاج خلال فترات الركود الاقتصادي.
وفكرة سياسة هليكوبتر الأموال قائمة على زيادة المعروض النقدي في الأسواق عبر تحويل أموال مباشرة إلى الحساب البنكي لكل شخص أو من خلال التخفيضات الضريبية، كما لو أنها هليكوبتر تلقي بالأموال من السماء على الناس.
كلما زادت السيولة بأيدي المواطنين، يزيد استهلاكهم للسلع، وبالتالي يعد ذلك محفزاً لزيادة الإنتاج وخفض معدل البطالة وزيادة النمو الاقتصادي، وفقاً لمؤيدي النظرية.
وخلال الفترة الأخيرة لجأ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لاستراتيجية التحفيز النقدي التي صاغها فريدمان، عندما أقر الكونجرس الأميركي حزم تحفيز اقتصادي بقيمة 900 مليار دولار في 21 ديسمبر/كانون الأول 2020، وذلك لمواجهة الركود الناجم عن تداعيات جائحة كورونا.
إلا أن سياسة زيادة المعروض النقدي لإنقاذ الاقتصاد خلال فترة الركود لم تؤت ثمارها في الولايات المتحدة، حيث إن أغلب المنتفعين من التحفيز البالغ 1,400 دولار في الشهر، كان يسيطر عليهم الشعور بالخوف من المستقبل، فلجؤوا إلى الادخار بدلاً من إنفاق الأموال في شراء السلع الاستهلاكية وتحريك السوق كما كانت تعتقد إدارة البيت الأبيض، ونتج عن ذلك ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة خلال العام الجاري، حيث قفزت إلى 8.6% خلال مايو/أيار الماضي و9.1% خلال يونيو/حزيران 2022، كما اضطر الفيدرالي الأميركي لزيادة معدلات الفائدة على الدولار 4 مرات آخرها بنسبة 0.75% في يوليو/تموز 2022.
ولد ميلتون فريدمان صاحب فكرة سياسة هليكوبتر الأموال وأبرز أنصار النظرية النقدية يوم 31 يوليو/تموز عام 1912 بمدينة نيويورك، ويعرف بأنه أحد الأبطال الاقتصاديين في القرن العشرين، نظراً لأفكاره التي غيرت ملامح الاقتصاد العالمي وساهمت في تحريره من الاقتصاد الاشتراكي إلى الرأسمالي الحر.
ولُقب فريدمان بـ أبو العولمة لأنه أحد رواد الدعوة إلى النظام الرأسمالي الحر، كما أنه صاحب مقولة "لا يوجد شيء مثل الحصول على وجبة غداء مجانية" تلك المقولة التي غيرت حياة ملايين البشر، من خلال إقناع الحكومات بالتحفيز الاقتصادي خلال فترات الركود.
وحاز فريدمان على جائزة نوبل للاقتصاد عام 1976 عن أعماله وأفكاره الاقتصادية التي غيرت ثقافة الاستهلاك والسياسة النقدية وحررت الأسعار من ساسة الحكومات ممن يؤمنون بالنظرية الكينزية (Keynesian economics) التي تضع كل موارد الدولة وقراراتها الاقتصادية في يد الحكومة.
ومن أبرز المتأثرين بأفكار فريدمان الاقتصادية الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغن، حيث عين فريدمان مستشاراً اقتصادياً له، واستعان بخبراته في توقيع اتفاقية بلازا عام 1985 بين أكبر 5 اقتصادات حينها، والتي دعت إلى وضع سعر عادل للدولار والحد من الزيادة الموجهة في سعره، بهدف زيادة تنافسية السلع الأميركية في الأسواق الأجنبية.
كما تأثرت رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر بالنظرية النقدية الحديثة لفريدمان التي تقول إن المعروض النقدي هو المحدد الرئيسي للنمو الاقتصادي، وشاركت تاتشر في توقيع معاهدة بلازا كما شاركت في توقيع اتفاقية اللوفر في فرنسا عام 1987، والتي دعت إلى العديد من الإصلاحات الاقتصادية لضمان استقرار الجنيه الاسترليني في أسواق العملات، وكانت هذه الخطوة الأولى نحو تحرير سعر الصرف بشكل جزئي ليتناسب مع آلية العرض والطلب.
حياة ومسيرة ميلتون فريدمان
ولد فريدمان وسط عائلة فقيرة هاجرت من برهوف الأوكرانية إلى الولايات المتحدة، وتخرج في كلية الاقتصاد بجامعة روتجرز عام 1932، ثم حصل على درجة الماجستير من جامعة شيكاغو.
وكانت جامعة شيكاغو هي المرحلة الفاصلة التي غيرت حياة فريدمان بالكامل، حيث تأثر بشدة بفكر المدرسة الليبرالية في الاقتصاد وآمن بالحرية الرأسمالية وإبعاد سطوة الحكومة اقتصادياً عن الفرد.
وتدرج فريدمان في الوظائف بدءاً من موظف في مركز الأبحاث الوطني في واشنطن عام 1935 إلى عضو في المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية في نيويورك ثم مستشار لوزير الخزانة الأميركي في الحكومة الفيدرالية، ثم أستاذ في جامعتي مينيسوتا وشيكاغو، ثم عضو مجلس إدارة في مؤسسة هوفر بجامعة ستانفورد عام 1977، حتى توفي في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2006 إثر أزمة قلبية عن عمر ناهز 94 عاماً.
أبرز مؤلفات ميلتون فريدمان
- كتاب "التاريخ النقدي للولايات المتحدة" تأليف مشترك بين ميلتون فريدمان والباحثة أَنَّا شوارتز.
- كتاب "النقود: النظرية الكمية".
- كتاب "الحرية الرأسمالية".
- كتاب "الرأسمالية والاقتصاد".
- كتاب "الثورة المضادة في النظرية النقدية".
- كتاب "نظرية حول وظيفة الاستهلاك".
- "حرية الاختيار" (Free to Choose) كان برنامجاً اقتصادياً تلفزيونياً يقدمه فريدمان ثم ألف كتاباً بذات العنوان.