ربما كان السكن في جزيرة خاصة مع عائلتك في أثناء جائحة كوفيد-19 مجرد حلم للكثيرين، لكن بالنسبة لرجل الأعمال البريطاني السير ريتشارد برانسون، فقد كان ذلك هو الشكل الفعلي للحجر.
ومع ذلك، فقد كشف القائد في قطاع الخدمات أن المكان المثالي لإقامته خلال الجائحة لم يحمِه من التحديات التي تضرب العالم، فقد أوقِفت طائراته ولم تتمكن الفنادق التي يديرها من الافتتاح. ولم يخسر برانسون 1.5 مليار دولار فقط في محاولة لإنقاذ شركته، بل كشف مؤسس شركة فيرجن أوربيت (Virgin Orbit) أنه عانى أيضاً من الاكتئاب لأول مرة في حياته.
وفي مقابلة مع شبكة بي بي سي (BBC)، قال الرجل الذي يدير أكثر من 40 شركة تحت العلامة التجارية فيرجن (Virgin): "شعرت في بعض الأوقات أننا سنخسر كل شيء فعلياً".
وأضاف: "كانت 50-60 طائرة من طائراتنا متوقفة عن العمل في مطارات هيثرو وغاتويك، وفي سيدني وملبورن وبريسبان. لقد أُغلِقت النوادي الصحية والفنادق كافة، وكان أسوأ ما في الأمر هو توقف نحو 60 ألف شخص عن العمل". وأوضح برانسون إنه باع أسهماً "لتأمين الأموال" اللازمة لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الموظفين.
كما قال إنه شعر بـ "الإحباط" لأول مرة في حياته مثل الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، وذلك في أثناء العزلة ضمن جزيرته الخاصة، جزيرة نيكر، مع أولاده وأحفاده.
واعترف بأنه عانى من الاكتئاب بعد أن واجهت شركته تبعات عنيفة عندما طلب موظفون كبار في فريقه الدعم من الحكومة البريطانية. وأوضح قائلاً: "لم أشهد حاجة أشد للحصول على ضمانات أكثر من ذلك الحين". وقال إن الطلب كان "معقداً" لأن الشركات، وخاصة شركة الطيران، لم تكن تطلب "هبة" من الحكومة، بل تعهداً (ضماناً) باتفاقيات قرض.
وأضاف: "أثرت جائحة كوفيد-19 وانعكاساتها على الجميع، ولم ينجُ أحد من هذه الآثار. وأود أن أقول إن 99% من التغطيات والضمانات التي تلقيتها في حياتي كانت عادلة، وقد تلقيت انتقادات من حين لآخر لكنني أود أن أقول إنها كانت انتقادات عادلة، ومن النادر جداً أن أتعرض لأزمة بهذا الحجم".
وقال برانسون إن إحدى النصائح التي تلقاها من السير فريدي ليكر، وهو رائد أعمال في قطاع الطيران، كانت التعامل مع رد فعل الصحافة من خلال "إثبات خطئهم". وعلّق قائلاً: "لذلك واصلنا إثبات أن فرقنا كانت ماهرة بما يكفي للعودة إلى ما كانت عليه سابقاً".
"لا تدعوني مليارديراً"
قدّرت مجلة فوربس (Forbes) ثروة برانسون بنحو 3 مليارات دولار، وهو أب لثلاثة أولاد. ومع ذلك، فإنه يحرص على عدم الانشغال كثيراً بثروته الصافية أو التفكير بها، وقال: "أحد الأمور التي تشعرني بالاستياء هو لقب "ملياردير"".
لن يعرفك الناس بثروتك الصافية بل باسمك، وما قضيت حياتي أفعله هو تأسيس شركات آملاً أنها ستحدث أثراً إيجابياً حقيقياً في حياة الناس". ومن الشركات الحديثة التي أسسها شركة فيرجن أوربيت المتخصصة في الطيران، والتي انهارت في أبريل/نيسان الماضي (2023).
ودافع برانسون عن قراره بإنفاق ثروته على السفر إلى الفضاء بدلاً من قضايا مثل الصحة العالمية، واصفاً رحلته إلى الفضاء بأنها "إنجاز لا يُصدَّق". وأعرب بعض الأشخاص البارزين مثل مؤسِّس شركة مايكروسوفت، بيل غيتس، عن مثل هذه الانتقادات للسفر إلى الفضاء، إذ قال لشبكة بي بي سي في فبراير/شباط: "السفر إلى المريخ مكلف للغاية، ويمكنك بالمقابل شراء لقاحات للحصبة وإنقاذ الأرواح مقابل 1,000 دولار لكل شخص، لذا قد يكون ذلك أحد الأسباب لإيجاد وسيلة أخرى لصرف أموالك عوضاً عن السفر إلى الفضاء".
وقال برانسون، وهو صديق مقرب من غيتس، إنه يتفق مع غيتس بالرأي، لكنه أوضح وجهة نظره قائلاً: "قد يكون من الأسهل فهم هذه المشاكل وحلّها عبر حقيقة أنني سافرت إلى الفضاء، ويمكنني ببساطة أن أطلب من أي شخص تجاوز الإجراءات الروتينية وحل المشكلة وتحقيق النتائج المرجوة".
وأضاف إن السفر إلى الفضاء "مهم للغاية" نظراً لشبكات الاتصال التي ظهرت بمساعدة الأقمار الصناعية، فضلاً عن مراقبة العوامل البيئية والنشاط غير القانوني.