قبل عشر سنوات من تمثيل دور باربي، ظهرت مارغوت روبي لأول مرة على الشاشة الكبيرة في عمر الثالثة والعشرين فقط وبلهجة لونغ آيلاند ومشاهد مليئة بناطحات السحاب في فيلم وولف أوف وول ستريت (Wolf of Wall Street)، واشتهرت أيضاً بعد ذلك، لكن مع أدائها المزيد من الأدوار، غالباً ما يلفت نظرها عند مراجعة السيناريوهات أن أدوار البطولة من نصيب الرجال.
وقالت لمجلة هوليوود ريبورتر (Hollywood Reporter) في عام 2020: "أذكر أن أدوار الرجال في كافة السيناريوهات التي شهدتها كانت مثيرة للاهتمام لدرجة أنني أردت أداءها، أليس جميلاً أن تكون أدوار النساء مثيرة للاهتمام بالطريقة نفسها؟".
وبعد أن لاحظت وجود فجوة بين أدوار البطولة لكل من الرجال والنساء، قرّرت تغيير هذه الحال بالتعاون مع صديقيها صوفيا كير وجوزي مكنمارا، وزوجها الحالي توم أكرلي، لذا بنى الفريق لاحقاً شركة الإنتاج الضخمة لاكي تشاب إنترتينمنت (LuckyChap Entertainment) بهدف إنتاج قصص للنساء ومن بطولاتهن. وقالت روبي لمجلة ماري كلير (Marie Claire) ذات مرة: "هناك الكثير مما يمكن للممثلين فعله"، موضحة أن المنتجين هم المسؤولون عن التوظيف ودفع الأجور.
ازدهرت لاحقاً شركة لاكي تشاب لتصبح واحدة من أهم شركات الإنتاج، وقالت الشركة لصحيفة وول ستريت جورنال (Wall Street Journal) إنها انتقائية للغاية في المقترحات التي تقبل العمل عليها، ومن تلك المقترحات: أنا تونيا (I, Tonya)، وشابة واعدة (Promising Young Woman)، وطيور جارحة (Bird of prey)، والتي أنتجت مجتمعة نحو 275 مليون دولار من الإيرادات. ونجح أحدث إنتاجات الشركة، وهو فيلم باربي من إخراج غريتا غيرويغ، بشدة لدرجة أن مبيعات شباك التذاكر قد تجاوزت المليار دولار في أول أسبوعين فقط.
لكن على الرغم من هذا النجاح، فإن الثراء ليس الهدف الفعلي لشركة لاكي تشاب أو لروبي، فقد قالت في مقابلة مع مجلة هوليوود ريبورتر: "لو أردنا جني المال، لعملنا في قطاع مختلف". إذ تهدف الشركة بدلاً من ذلك إلى إتاحة "منصة" للمخرجين الشباب والنساء المبدعات.
تغيير ملامح هوليوود
أصدرت شركة لاكي تشاب أول أفلامها في عام 2017: وهو فيلم أنا تونيا الذي يتحدث عن المتزلجة الفنية السابقة تونيا هاردينغ وصلتها بالهجوم على المنافسة نانسي كيريجان، وقد حقّق الفيلم نجاحاً ساحقاً وبلغت مبيعاته أكثر من 58 مليون دولار في شباك التذاكر في جميع أنحاء العالم بميزانية منخفضة نسبياً تبلغ 11 مليون دولار.
كان الفيلم مشروعاً طموحاً، وقالت روبي إن حماس فريق العمل وخبرتهم اليافعة نسبياً قد دفعتهم لقبول الفيلم حينئذ، لكن المُقترَح كان مقنعاً بكافة الأحوال. أدّت روبي دور البطولة في الفيلم بنفسها واستعانت بشهرتها لمنح فريقها الفرصة، وقالت لمجلة فوغ أستراليا (Vogue Australia) في 2018 إن الهدف على المدى الطويل كان "تأسيس شركة راسخة ذات ملف متنوّع من الأعمال والأفلام، وأن تصبح هذه الشركة كياناً خاصاً ومستقلاً وقائماً بذاته بدل أن تسمّى شركة مارغوت روبي".
حتى مع نجاح فيلم أنا تونيا، لم ترغب شركة لاكي تشاب بأن تقف عنده وتتغنّى بأمجادها السابقة دون أن تحقق المزيد من الإنجازات، وقالت الشركة لمجلة هوليوود ريبورتر إنها تريد أن تثبت أن بمقدورها تحقيق المزيد من الإنجازات والنجاح.
وبعد أن أبرمت الشركة صفقات مع شركة أمازون (Amazon) للأعمال التلفزيونية (مثل المسلسلات) وشركة وارنر براذرز (Warner Brothers) للأفلام، أخرجت الشركة فيلمي طيور جارحة وشابة واعدة ومسلسلات مثل مايد (Maid ) ودول فيس(Dollface)، وكانت أدوار البطولة في جميعها من نصيب نساء. وأقامت روبي أيضاً بالاستعانة بشركة لاكي تشاب مبادرات مثل برنامج كتابة مدفوع لمدة ستة أسابيع يستهدف النساء.
ومع ذلك، فإن العمل الجاد لم يمر مرور الكرام، إذ اعترفت روبي لمجلة فوغ بأنها فوّتت العديد من الأحداث المهمة في حياتها، وقالت إن "تأسيس شركة وإدارتها أمر مرهق ومضنٍ، لكنه مجزٍ جداً في الوقت نفسه"، لكنها أضافت إنها "تستمتع بالعمل ولا تشعر بالتعب" لأن شركاءها في العمل هم أصدقاؤها فعلياً، ويستفيدون من هذه الميزة في تحقيق أكبر الإنجازات.
على الرغم من أن الشركة انتقائية للغاية في الأعمال التي توافق عليها، فإنها تضع كامل جهودها في هذه الأعمال، وتنجزها بجرأة ومرح ومثابرة، وقالت مخرجة فيلم شابة واعدة، إميرالد فينيل، لصحيفة وول ستريت جورنال إن شركة لاكي تشاب "لا تنحاز لهوليوود أو تخدم مصالحها أو مصالح أي طرف آخر، بل تدعم فِرَقها ولا تخشى أي عواقب مهما كانت".
وهذا السلوك الذي تتميّز به شركة لاكي تشاب قد ساعد أعمالها وفرق العمل التي عملت معها في التميّز عن غيرهم، ومهّد الطريق لإطلاق فيلم متفرّد وخارج عن المألوف قوبِل بموافقة الشركة بطريقة ما، وهو: باربي.
فيلم باربي ينطلق إلى العلن
بدأت المحادثات بشأن فيلم باربي في عام 2009 إذ جال الفيلم العديد من الكتّاب ومجموعات الإنتاج، وشهد العديد من الاضطرابات حتى قرّرت شركة لاكي تشاب إنقاذ المشروع من جحيم الإنتاج(أو جحيم التطوير، وهي الحالة التي يتعرقل فيها مشروع ما في مراحل التطوير الأولى) في عام 2016 عندما بدأت محادثات بشأن أداء روبي دور البطولة.
وقالت روبي لمجلة تايم (Time) إنها أكّدت للرئيس التنفيذي لشركة ماتيل (Mattel)، إينون كريز، أن شركتها تريد الحفاظ على تاريخ العلامة التجارية مع تضمين بعض النقد في الوقت ذاته، وذلك لأنها أرادت مفاجأة روّاد الأفلام والحضور نظراً للافتراضات التي يمكن أن يكوّنها الناس عن الفيلم من بطولتها.
أقنعت روبي شركَتي ماتيل ووارنر براذرز بالفيلم، وقرّرت أن تكون غريتا غيرويغ هي المخرجة، ووصفت مشاركة غيرويغ في فيلم روبي بأنها مزيج مثالي وشبّهته بمزيج فيلم جوراسيك بارك (Jurassic Park) والمخرج ستيفن سبيلبيرغ، وقدّر موقع كوليدر (Collider) أن يحقق الفيلم مبيعات تصل إلى مليار دولار.
وهكذا، أصبح إنجاز الفيلم هو التحدّي الأهم الذي واجه الشركة حسبما وصفه مكنمارا. وتطلّب الفيلم الموازنة بين إرث شركة ماتيل والسيناريو الصعب الذي أعدّته غيرويغ وشريكها نوح بومباخ، لكن الفيلم قد حقّق نجاحاً باهراً وأثبتت روبي أنها قادرة على مجابهة التحديات. كما أوضحت روبي لصحيفة نيويورك تايمز (New York Times) أن العمل على الفيلم لم يخلُ من المخاوف، لكن مع ذلك، أتاحت شركة لاكي تشاب أمام الكتّاب حرية التصرّف والإبداع، وذكرت مجلة فوغ أن السيناريو بقي سرياً حتى الانتهاء منه.
عملت شركة لاكي تشاب جاهدة لإقناع شركائها وتصوير الفيلم بالطريقة التي تريدها، مثل إطلاق لقب "باربي التقليدية" على شخصية باربي ثم تصوير مشاهد متفرّدة ومميزة في الوقت نفسه، وحصلت الشركة على ميزانية تسويقية للفيلم بلغت 150 مليون دولار جعلت فيلم باربي ينال شهرة واسعة قبل أن يصل إلى دور العرض حتى، وقد أسهم ذلك في جعله أحد الأفلام الرائجة لهذا الصيف وتسجيله أرقاماً قياسية أيضاً، إذ أصبحت غيرويغ حالياً أول مخرجة منفردة تحقق مبيعات بقيمة مليار دولار.
أما بالنسبة للخطط المستقبلية لشركة لاكي تشاب، فقد أوضحت روبي أنها لا تخطط لإصدار جزء ثانٍ من فيلم باربي، ولكن هناك شائعات مفادها أن الشركة لديها العديد من الأعمال في طور الإنتاج، ومنها فيلم يتناول فكرة تبادل الأدوار بين جينيفر أنيستون وجوليا روبرتس، وفيلم قائم على منتزه بيغ ثاندر ماونتن (Big Thunder Mountain) التابع لشركة ديزني (Disney)، وفيلم آخر مقتبس عن رواية عام الراحة والاسترخاء (My Year of Rest and Relaxatio) الأكثر مبيعاً، والعديد من الأفلام الأخرى. وتخطط روبي وفريقها للعمل على المزيد من الأفلام والأعمال الأخرى التي تقودها النساء، وذلك بالمزيج نفسه من الدعم العنيد والمتعة الهادئة والذكاء، وليس نتيجة الحظ.