المحتوى محمي
Al-Majarra Al-Majarra Al-Majarra
المحتوى محمي
بيئة العمل

ماذا تخبرنا تجارب عدة رؤساء تنفيذيين مع نظام تشات جي بي تي عن دور الذكاء الاصطناعي في عالم الشركات؟

من الرؤساء التنفيذيين الذي يستعينون بنظام تشات جي بي تي، الرئيس التنفيذي لشركة تكنولوجيا التسويق سوشال تشامب (Social Champ)، سمير أحمد خان، إذ يستخدم هذا النظام لتحسين جودة عمل الموظفين بدلاً من استبدالهم.

بقلم


money

(مصدر الصورة: أفيشك داس- إس أو بي أيه إميدجيز- لايت روكيت- غيتي إميدجيز)

اكتسح نظام تشات جي بي تي (ChatGPT) عناوين أخبار عالم الأعمال في الأشهر الأولى بعد إطلاقه. وحقق روبوت المحادثة في الأيام الخمسة التي أعقبت إطلاقه من قِبل شركة أوبن أيه آي (OpenAI) في أواخر العام الماضي ما استغرقت شركة نتفليكس (Netflix) ثلاث سنوات لتحقيقه، وهو الوصول إلى عتبة مليون مستخدم.

كما تسبّب في مزيد من الجلبة بعد إصدار النسخة المستقرّة منه الشهر الماضي، وذلك نتيجة ظهور رسالة الخطأ "الموقع مشغول" بشكل متكرر على الصفحة الرئيسية للموقع.

وسواءً كان الرؤساء التنفيذيون متحمّسين لاحتمالية زيادة الكفاءة باستخدام هذا النظام أو كان صانعو المحتوى قلقين بشأن مستقبل وظائفهم، فإن الكثير من الأشخاص يفكّرون ملياً في جدوى برنامج الدردشة الجديد أبعد مما يمكن للموقع الخاص بالروبوت تحمّله.

وليس ذلك فحسب، بل تأثّر العديد من القادة بنتائج تجربة هذا النظام، لدرجة أن بعضهم حريصون جداً على المضي قدماً في هذا الاتجاه، وفي الحالتين بدأ القادة بالفعل في دمج روبوت الدردشة بأماكن عملهم، إذ كشفت الأبحاث أن النظام قد بدأ بالفعل بالحلول محل البشر في بعض الوظائف.

وتحدّثت فورتشن (Fortune) مع نحو 70 رئيساً تنفيذياً للتعرّف إلى طرق استخدامهم لأداة الإنتاجية هذه. على الرغم من عدم اعتراف أيّ منهم بالاستعاضة عن الموظفين بالروبوت، فمن الواضح أن التسويق والبحث والتوظيف هي الوظائف الأكثر شيوعاً التي تستعين بها الشركات بالفعل بنظام تشات جي بي تي.

كيف يستخدم الرؤساء التنفيذيون نظام تشات جي بي تي لتحفيز الإبداع والتواصل؟

لطالما كان المتخصصّون في قطاع التواصل والاتصالات يستخدمون الذكاء الاصطناعي منذ فترة طويلة حتى قبل إطلاق نظام تشات جي بي تي، ومن الأمثلة على الاستخدامات القديمة أداة غرامرلي (Grammarly) المتخصصة في التدقيق اللغوي وإعادة صياغة النصوص.

ومن الرؤساء التنفيذيين الذي يستعينون بنظام تشات جي بي تي، الرئيس التنفيذي لشركة تكنولوجيا التسويق سوشال تشامب (Social Champ)، سمير أحمد خان، إذ يستخدم هذا النظام لتحسين جودة عمل الموظفين بدلاً من استبدالهم.

ويقول: "على الرغم من عدم اعتبار أي قسم من شركتنا نظام تشات جي بي تي بمثابة تهديد لوجوده، فإن الموظفين الآخرين غالباً ما يمازحون فريق المحتوى بأن النظام سيحلّ محلّهم قريباً، لكنّ الواقع أن النظام يكمّل عملهم فقط وينظّمه".

فعلى سبيل المثال، يستخدم فريق التسويق في شركة سوشال تشامب نظام تشات جي بي تي لأتمتة مهام مثل إنشاء علامات آتش تي إم إل (HTML) الوصفية المناسبة للمدونات، وإجراء بحث عن الكلمات الرئيسية المفتاحية، والبحث عن نماذج التواصل عبر البريد الإلكتروني، وتقصّي فرص بناء الروابط.

وبالمثل، تحدّث الرئيس التنفيذي لوكالة الخدمات الإبداعية شيل يو كيه (Cheil UK)، كريس كاماتشو، عن نمو ملحوظ في استخدام المسوّقين في مجال الإعلان نظام تشات جي بي تي لإنشاء نصوص تسويقية بسرعة استناداً إلى الموضوعات الرائجة، وذلك لتعزيز جذب الزبائن وتحسين الأداء على محركات البحث.

لكنّه يضيف محذّراً: "على الرغم من إعجابي بالنتائج، فقد رأيت بعض الإجابات الغريبة، وتعتمد جودة الإجابات إلى حد كبير على المعلومات التي يدخلها المستخدم للنظام (مثل السؤال أو الأمر المخصص لإجراء مهمة ما)، لذا فإننا نتعامل معه بحذر ودقّة".

ويوافق الرئيس التنفيذي لوكالة الخدمات الإبداعية ليغاز ديلاني (Leagas Delaney)، غاريث ديفيز، هذا الرأي إذ يقول: "تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لها حدودها التي لا مفر منها، وبينما يمكن لنظام تشات جي بي تي إعادة إنتاج أفكار راسخة ومطروحة سابقاً، فإنه مثلاً غير قادر على طرح أفكار جديدة كلياً ومقنعة، ولا يمكنه أيضاً تقديم هذه الأفكار بطريقة مختلفة أو جديدة تماماً".

لهذا السبب يقول الرئيس التنفيذي لموقع تيم بيلدينغ دوم كوم (teambuilding.com)، مايكل أليكسس، إن موظفيه يستخدمون نظام تشات جي بي تي حصرياً لإنشاء محتوى قصير تاركين العمل الإبداعي الفعلي للبشر.

ويقول أليكسس، الذي تدير شركته فعاليات بناء فرق العمل لعملاء مثل شركات آبل وأمازون وجوجل: "يمكن أن تكون هذه الأدوات مفيدة في إنتاج مقتطفات من النصوص الموجودة أساساً، مثل الأوصاف التعريفية والمخططات والنصوص التوضيحية على منصات التواصل الاجتماعي ورسائل البريد الإلكتروني المؤتمتة والمقدمات التعريفية لبناء الروابط الخلفية". وتستخدم شركة أليكسس أيضاً تطبيقات بهدف إنشاء أوامر لكتّاب المحتوى بصورة تلقائية.

ويعتقد أليكسس أنه يمكن لنظام تشات جي بي تي أن يتيح للكتّاب مساحة للقيام بمهمتهم الأصلية، وهي الكتابة، ويوفّر النظام هذه المساحة من خلال التخفيف من بعض المهام الإدارية والمملة المرتبطة بالكتابة والتسويق المخصّصَين للاستهلاك عبر الإنترنت.

لكن بالنسبة للشركات التي تستعين بأعداد كبيرة من الموظّفين المكرّسين للقيام بالمهام الإدارية في الأقسام الإبداعية، فإن ديفيز يحذّر قائلاً إن "هذه الشركات سوف تضطر إلى إعادة تصوّر استراتيجياتها الخاصة بجذب المواهب والتوظيف جذرياً".

ويضيف إن "وجود نظام تشات جي بي تي حالياً سيجبر الشركات على إجراء تغييرات والتركيز على المشكلات التي لا تستطيع الآلات حلّها، وعلى الاستراتيجية التي تعتمد على الإنسان والحلول الإبداعية المبتكرة بشكل أكبر".

وأعقب قائلاً إن "الشركات تدرك أن السرعة في إجراء تلك التغييرات لن تساعدها على التقدّم فحسب، بل على إنتاج المحتوى الأكثر إقناعاً عند القيام بذلك".

دور نظام تشات جي بي تي في الدعم العام

يقول المؤلف والرئيس التنفيذي ومؤسس شركة تزويد خدمات التعلّم الإلكتروني مايند فالي (Mindvalley)، فيشان لاخياني، بفخر: "لقد وفّرت ساعة من يوم عملي بفضل نظام تشات جي بي تي". ويضيف إن النظام قد تغلغل في كافة نواحي شركته خلال أسبوعين فقط.

ويشجّع معظم الرؤساء التنفيذيين الذين تحدّثت إليهم فورتشن موظفيهم على استخدام تطبيق تشات جي بي تي بصفة مساعد يومي بصورة مماثلة للخادم الافتراضي جارفيز (Iron Man) من فيلم الرجل الحديدي (J.A.R.V.I.S).

كما أحدث نظام تشات جي بي تي تغييراً ملحوظاً في الإنتاجية بشركة لاخياني، لدرجة أن المهارة الأساسية التي أصبحت مطلوبة من المتقدّمين للوظائف هي هندسة الأوامر، والتي تشير إلى معرفة طريقة إعداد أوامر للذكاء الاصطناعي لتوفير أفضل النتائج.

ولدى الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات الرقمية العالمية بابليسيز سابيينت (Publicis Sapient)، نايجل فاز، آراء مماثلة لما سبق، إذ يقول: "على الرغم من أن نظام تشات جي بي تي ومنافسيه بعيدون كل البعد عن الكمال، فإن قدرتهم على تعزيز الإنتاجية في العمل المعرفي واضحة جداً".

ويضيف فاز إن موظفي شركته يستعينون بالفعل بالذكاء الاصطناعي في إجراء عمليات البحث ومراجعة الرموز البرمجية بحثاً عن الأخطاء والتواصل مع العملاء بلغات مختلفة، وهذا كلّه مكسب للشركات في سياق الإنتاجية.

ويوضّح: "سيشهد موظفو الأقسام المعرفية بشركتنا في المستقبل القريب تحسّناً في الإنتاجية بنسبة تتراوح بين 10% و30% تبعاً لمهامهم، وذلك بفضل الاستعانة بأنظمة الذكاء الاصطناعي المولّد للمحتوى".

إذاً لماذا يتوخّى بعض الرؤساء التنفيذيّين الحذر بشأن النظام؟

انتشر الكثير من الآراء بشأن مخاطر انحياز الذكاء الاصطناعي، وهذا سبب حذر عدد من الرؤساء التنفيذيين بشأن الاستعانة بهذه التكنولوجيا، لا سيما في المهام التي تتضمن تواصلاً مباشراً مع العملاء مثل التوظيف وخدمات العملاء.

وتقول الرئيسة التنفيذية ومؤسِّسة شركة أسيند غلوبال ميديا (Ascend Global Media) التي تركّز على تعزيز وجود النساء في قطاع التكنولوجيا، ميكايلا جيفري موريسون: "على الرغم من تعقيد نظام تشات جي بي تي، فإنه معرّض لأن يسلك مسار العنصرية والتمييز الجنسي والإشكالية في الاستجابة للأوامر المختلفة".

وتشير جيفري موريسون إلى التحيّز العنصري الموجود في نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة والتحيز ضد المرأة الذي يعاني منه محرك التوظيف القديم في شركة أمازون كأمثلة على أسباب عدم استعانتها بأمثال نظام تشات جي بي تي حتى "تنضج وتصبح في أفضل أشكالها".

وأضاف الرئيس التنفيذي لشركة الأمن السيبراني رانك سيكيور (Rank Secure)، باروخ لابونسكي: "أدرس نظام تشات جي بي تي ملياً في الوقت الراهن لكنني لن أنضم لقوافل مستخدمي هذا النظام لمجرّد أنه اتجاه رائج".

ويقول لابونسكي إن القاعدة العامة بالنسبة له هي أنه لا يقتنع أبداً "بالنموذج الأول لأي منتج" لأنه يعتقد أنّ هذه النماذج الأولى دائماً تكون غير مكتملة بعد.

وعلى الرغم من قدرة نظام تشات جي بي تي على القيام بالكثير من مهام إدارة خدمة العملاء في الشركات، مثل الإجابة عن الأسئلة الشائعة، فإن لابونسكي يعتقد أن مخاطر طرح هذا النظام رداً غير دقيق، أو ردوداً أسوأ حتى، تجعله لا يستحق المجازفة.

ولكن حتى لو حُلَّت هذه المشاكل، يقول لابونسكي إن الزبائن والعملاء كافة الذين تحدّث معهم يفضّلون التواصل مع إنسان بدلاً من روبوت، ويضيف: "إنهم جميعاً متشكّكون بشأن الأنظمة الروبوتية مثل نظام تشات جي بي تي، لذا فإن مخاطر خسارة العملاء هي سبب مقنع بالنسبة لي للامتناع عن استخدام النظام".


image
image