المحتوى محمي
المحتوى محمي
مالية ومصارف

خبير يحذّر من انهيار تاريخي في سوق الأسهم قصيرة الأجل

شهدت أسهم شركة بيد باث آند بيوند أداءً جنونياً بعد تصنيفها على أنها أسهم ميم، حيث ارتفعت أسهم الشركة بشكل كبير بعد اكتسابها شعبية كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي.

بقلم


money

(مصدر الصورة: كريس راتكليف- بلومبيرغ- غيتي إميدجيز)

يعتقد أحد كبار المحللين الاستراتيجيين في بنك جيه بي مورغان (JPMorgan) أن هناك خطب ما يواجه سوق الأسهم. فقد تعافت الأسهم من مستوياتها الدنيا في عام 2022 مع انحسار المخاوف من حصول هبوط اقتصادي عنيف لصالح توقّع عدم حصول أي هبوط على الإطلاق نظراً لقوة سوق العمل وتراجع التضخم.

لكن مع ذلك، قد يكون هناك مشاكل أخرى مختبئة وراء هذه التطورات المُطَمْئنة. حيث يخشى كبير استراتيجيي السوق ورئيس قسم الأبحاث العالمية في البنك الاستثماري، ماركو كولانوفيتش، أن المستثمرين الأفراد قد أغفلوا الإشارات التحذيرية الواضحة في سوق السندات واعتقدوا أن التضخم قد انتهى بالفعل، لكن يبدو أنهم مخطئون.

فقد كتب كولانوفيتش في مذكرة للعملاء يوم الأربعاء إن "أكثر من 20% من حجم سوق التداول يأتي من المستثمرين الأفراد"، مضيفاً إن هذه الحصة تقترب من مستوى قياسي.

وأشار إلى أنه بينما يتجه المستثمرون الهواة إلى أكثر الأصول المعرضة للمخاطر، مثل أسهم الميم (وهي الأسهم التي تحقق انتشاراً سريعاً على الإنترنت)، فإن مدراء الأموال يأخذون بالحسبان سياسات الفيدرالي الأميركي الذي ما يزال يعتقد أن مهمته في خفض التضخم لم تنتهِ بعد.

ويطالب مالكو السندات حالياً بعائد نسبته 4.6% لإقراض أموالهم لمدة عامين مقابل أصول الخزانة الأميركية فائقة الأمان، وقد ارتفع هذا المعدل الخالي من المخاطر إلى مستوى لم نشهده منذ عام 2007، ومن المحتمل أن يجذب المزيد من الأموال إلى أصول الدخل الثابت هذه برأي كولانوفيتش.

وقال كولانوفيتش إن بورصة ناسداك ينبغي أن تكون في طور التصحيح مع تغيّر تركيز المستثمرين عن العائد في سوق الأسهم.

لكنها في الواقع تواصل الارتفاع، وينسب كولانوفيتش هذه الحالة إلى المستثمرين الأفراد، إذ غالباً ما يستقي هؤلاء الهواة النصائح المالية من المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب (YouTube)، أو المنتديات مثل وول ستريت بتس (WallStreetBets) على منصة ريديت (Reddit)، والتي تغريهم بوعود تكوين ثروة أجيال.

وهذا يشجّع الاستثمار في الشركات المتعثرة مثل سلسلة دور السينما أيه إم سي (AMC) التي ارتفعت أسهمها بالفعل بنسبة 30% حتى الآن هذا العام، كما ارتفعت أسهم شركة بيلوتون (Peloton) لتكنولوجيا اللياقة البدنية بنسبة 80%، بينما تضاعفت قيمة أسهم شركة كارفانا (Carvana) لتجارة السيارات المستعملة ثلاث مرات تقريباً منذ بداية عام 2023 بعد أن كانت متعثرة سابقاً.

وفي سياق متصل، شهدت أسهم شركة بيد باث آند بيوند (Bed Bath & Beyond) أداءً جنونياً بعد تصنيفها على أنها أسهم ميم، حيث ارتفعت أسهم الشركة بشكل كبير بعد اكتسابها شعبية كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وحذّر كولانوفيتش من أنماط تداول المستثمرين الأفراد يوم الأربعاء، واصفاً إياها بأنها "مشاعر سائدة من الوفرة والجشع".

هل يكرر التاريخ نفسه؟

الشركات المتعثّرة مالياً ليست الوحيدة التي تجذب اهتمام المستثمرين الأفراد، إذ ينجذب هؤلاء المستثمرون أيضاً إلى الشركات ذات التقلّب المرتفع مثل شركات تسلا (Tesla) ومايكروستراتيجي (MicroStrategy) التي تتصف بمخاطر وعائدات أعلى من سوق الأسهم عموماً، وقد تضاعفت قيمة أسهم تلك الشركات أيضاً خلال الأسابيع الستة الماضية.

وفي الوقت نفسه، ارتفعت أيضاً العملات المشفرة مثل عملة فلوكي (Floki) وهي عملة ميم بطابع أحد أنواع الكلاب، إذ إن كل ما يلزم لتحقيق هذا الارتفاع غالباً هو نشر إيلون ماسك صورة كلبه في حسابه على منصة تويتر(Twitter)، وهو سلوك يذكّرنا بهوس عملة شيبا إينو (Shiba Inu) في عام 2021.

وقال كولانوفيتش إنه بدلاً من الاستثمار في محفظة متنوعة واعتماد مستويات مدروسة من هوامش الأرباح، فإن هؤلاء المستثمرين الهواة يلجؤون إلى ممارسات تخالف اتجاه الفيدرالي الأميركي الذي يصرّ بدوره على مواجهة الاضطرابات الاقتصادية بأي ثمن.

وأضاف: "هذا السلوك لا يقتصر على المجابهة فحسب، بل إنه يسخر أيضاً من عمل الفيدرالي الأميركي، حيث تستجيب العملات المشفرة وأسهم الميم والشركات غير الرابحة بشكل أفضل للإعلانات الرسمية من البنك".

وتابع مستمراً في التحذير بشأن التهديد المتزايد الذي تشكله شعبية المشتقات عالية المخاطر، مثل العقود قصيرة الأجل المسماة عقود الخيارات ذات اليوم الواحد (zero days to expiry) أو اختصاراً (0DTE) المفضّلة لدى العديد من المستثمرين الأفراد، والتي تشير إلى عقود خيارات قصيرة الأجل تنتهي صلاحيتها في يوم الإصدار نفسه.

وأوضح بأن "حجم التداول في هذه العقود قصيرة الأجل هائل"، وقدّر الحجم النظري للعقود من النوع المذكور آنفاً، اليومية منها (والتي تختلف عن عقود اليوم الواحد بأن وقت صلاحيتها يبلغ يوماً كاملاً بعد تاريخ إصدارها) والأسبوعية بحوالي تريليون دولار يومياً.

وقال إن عقلية القطيع هذه، والميل المنتشر بين المستثمرين الهواة لوضع رهانات عالية المخاطر في الأسهم والخيارات المتقلبة، يعني أن النتيجة قد تكون خروجاً جماعياً لهؤلاء المستثمرين (أي بيع الأصول) عندما يحدث تصحيح واسع النطاق.

وقد يؤدي هذا إلى تهيئة السوق إلى تكرار الانهيار التاريخي الذي طال منتجات المؤشرات المتداولة قليلة التقلّب في عام 2018 والذي أطلق عليه اسم فولمغدون (Volmageddon)، حيث ظهرت حلقة مفرغة من عمليات البيع وأدّت إلى زيادة هذه العمليات. وحذّر كولانوفيتش قائلاً: "على الرغم من أن الأحداث التاريخية قد لا تتكرر، لكنها قد ترتبط ببعضها وتتناغم".

 


image
image