لكل شركة وكيان شبكة واسعة من الأطراف المعنية (stakeholders)، يجب عليها مراعاة اهتماماتها ومصالحها ومطالبها لما لها من تأثير بالغ على سمعة الشركة وعلاماتها التجارية وآفاق نموها.
لكن غالباً ما تركز الشركات على علاقاتها بكل مجموعة من الأطراف المعنية على حدة، متجاهلة حقيقة أن تلك المجموعات لا ينعزل بعضها عن بعض وأن الوضع الطبيعي يقتضي تفاعلها فيما بينها. ويحمل هذا التفاعل في طياته فرصاً سانحة لتحقيق التآزر والتأثير.
وعلى الشركات اعتماد نهج تفاعلي للعلاقة المتبادلة بين هذه الأطراف إذا ما أرادت الاستفادة من التكامل الحقيقي ورفع قدرتها على الاستجابة. وينطوي اعتماد هذا النهج التفاعلي على وضع مخطط لهذه العلاقات يتيح للشركات استشراف تأثير قراراتها في مختلف الأطراف المعنية، مع تسليط الضوء على مجالات الاهتمام المشترك لتشجيع التعاون وتجنب التصادم فيما بينها.
لتنفيذ هذا النهج بفعالية، على الشركات البدء بتحديد الأطراف المعنية وأصحاب المصلحة، وهذا يشمل الموظفين والعملاء والموردين والمساهمين والمجتمعات والهيئات التنظيمية وحتى المنافسين، ومن ثم تخصيص الوقت والموارد لفهم القضايا التي تشغل بال هذه الأطراف بصورة شاملة، مثل القضايا الاجتماعية والبيئية التي تناصرها وممارسات العمل وسلامة المنتج وغيرها، من أجل التوصل إلى الأولويات التي تتطلب العناية والاهتمام.
وفي هذا السياق، تبرز ثلاثة مجالات رئيسة لا بد للشركات من التركيز عليها استعداداً للعام 2024، وهي الحرص على تكامل المبادئ البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات مع باقي ممارسات الأعمال، ومشاركة الأطراف المعنية لتحقيق الشمولية، وتقييم المخاطر النظامية لتعزيز المرونة.
الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات
المبادئ البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات جزء لا يتجزأ من فهم تأثير الشركات في المجتمعات المحيطة بها. ومن خلال تحديد نهج مشاركة الأطراف المعنية في القضايا ذات الصلة وآليتها، يمكن للشركات تهيئة منظومة أعمال قوية ومتوازنة وتوجيه العمليات بما يخدم أهدافها واحتياجات المجتمع. وهنا يبرز دور تقارير الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات التي تصدرها الشركات دورياً لإظهار التزامها بالمساءلة على نحو شفاف يُمكّن الأطراف المعنية من تقييم أدائها مقابل الأهداف والمقاييس المحددة.
مشاركة الأطراف المعنية وتحقيق الشمولية
على الشركات التأكد من مشاركة جميع الأطراف المعنية، بما فيها الأفراد والمجتمعات المتأثرة، في عملية صنع القرار من منظور متعدد الأوجه. تؤدي هذه الشمولية إلى التمكين وتعزيز الشفافية والثقة والحد من النزاعات، وعن طريق تقدير مختلف المساهمات المتنوعة يمكن إيجاد حلول شاملة وتحقيق التغيير الإيجابي.
تمهد مشاركة الأطراف المعنية الطريق نحو نتائج أكثر شمولية وإنصافًا ونجاحًا، مما يولِّد فوائد طويلة الأمد للمؤسسات والمجتمع الأوسع الذي تخدمه.
تقييم المخاطر النظامية وتعزيز المرونة
فهم المخاطر المتشابكة ضروري للتكيف مع التقلبات المستقبلية. ويساعد تقييم المخاطر النظامية على تحديد التحديات المحتملة المتعلقة بالجوانب الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، وبالتالي تعزيز مرونة واستجابة الشركات.
يمكن لتحليل العلاقات المتبادلة بين الأطراف المعنية إفادة الشركات في هذا المجال. على سبيل المثال، يمكن أن تؤثر القضايا البيئية في العلاقات بين الموردين والعملاء بطريقة مختلفة، ويسلط هذا النهج الضوء على أهمية تطوير استراتيجيات تقلل من التصادمات لتعزيز موقف الشركة.
وختاماً، ستلعب مشاركة الأطراف المعنية والتعامل مع قضاياهم المتداخلة دوراً كبيراً في تحقيق النجاح خلال عام 2024 وما بعده، ففهم العلاقات بينها وبين مصالحها يمكن أن يساعد المؤسسات على إدارة هذه الجوانب بفاعلية، وبناء الثقة وتحقيق المشاركة الحقيقية.