المحتوى محمي
Al-Majarra Al-Majarra Al-Majarra
المحتوى محمي
حكومي

قادة أعمال أوروبيون: المبالغة في تنظيم الذكاء الاصطناعي ستحرم أوروبا من الميزة التنافسية

يمكن أن يؤدي مثل هذا التنظيم إلى لجوء شركات عالية الابتكار لنقل أنشطتها إلى الخارج، وسحب المستثمرين رؤوس أموالهم من تطوير نماذج تأسيس أوروبية للذكاء الاصطناعي ومن قطاع الذكاء الاصطناعي الأوروبي بشكل عام.

بقلم


money

(مصدر الصورة: ناثان لاين - بلومبيرغ - غيتي إميدجيز)

يشعر قادة الأعمال الأوروبيون بالقلق من أن الاتحاد الأوروبي قد يبالغ في تنظيم الذكاء الاصطناعي ويؤخّر أوروبا عن اللحاق بركب الولايات المتحدة في سياق الإنتاجية في المستقبل، لذلك وقّعت مجموعة تضم أكثر من 150 رئيساً تنفيذياً، منهم الرئيسان التنفيذيان لشركتي رينو (Renault) وسيمينز (Siemens) والمدير التنفيذي لشركة هينيكن (Heineken) والعالم الرئيسي للذكاء الاصطناعي في شركة ميتا (Meta)، على بيان مفتوح موجّه للبرلمان الأوروبي يوم الجمعة طلبوا فيه من الحكومة سحب القيود المقترحة.

وورد في البيان: "يمكن أن يؤدي مثل هذا التنظيم إلى لجوء شركات عالية الابتكار لنقل أنشطتها إلى الخارج، وسحب المستثمرين رؤوس أموالهم من تطوير نماذج تأسيس أوروبية للذكاء الاصطناعي ومن قطاع الذكاء الاصطناعي الأوروبي بشكل عام، وسوف يؤدي ذلك إلى نشوء فجوة إنتاجية حرجة بين أوروبا والولايات المتحدة". ولم تستجب شركات هينيكن ورينو وميتا لطلب فورتشن (Fortune) للتعليق بحلول وقت النشر.

يستهدف البيان قانوناً مقترحاً كان قيد الإعداد لمدة عامين وحصل على الموافقة في 14 يونيو/حزيران الماضي، وقد تصدر النسخة النهائية من القانون في وقت لاحق من هذا العام، وسيكون القانون الجديد المُسمّى قانون الذكاء الاصطناعي (AI Act) أكثر اللوائح التنظيمية صرامة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي في العالم، ويصنّف استخدامات الذكاء الاصطناعي ضمن فئات مخاطر متنوّعة. سوف يتعين على الشركات في ظل هذا القانون اجتياز جولات متعددة من الاختبارات لتتم الموافقة على أنشطتها بالنسبة لاستخدامات التكنولوجيا التي تحمل علامة "عالية الخطورة"، ومن الأمثلة على ذلك الشركات الصيدلانية التي تجري تجارب سريرية على أدوية جديدة.

وقد تشمل الاستخدامات عالية الخطورة للذكاء الاصطناعي التطبيقات في الطاقة أو النظام القانوني، أو طرق الاستخدام التي قد تُلحِق الضرر بالناس أو تحرمهم من منفعة ما، بما فيها استخدام التكنولوجيا في تقييم طلبات التقدّم للوظائف أو توزيع الإعانات الحكومية مثلاً.

قال المؤسس المشارك لشبكة هامبورغ للذكاء الاصطناعي والقانون (Hamburg Network for A.I. and Law)، جورج رينغ: "المشكلة الأولى هي أن هذه التكنولوجيا هي الأولى من نوعها على مستوى العالم، ولا نواكب سرعة تطوّر التكنولوجيا مثلما تفعل الشركات الأميركية ذات الجانب التكنولوجي، لكننا مع ذلك أول من يتخذ خطوات جادة في تنظيم هذه التكنولوجيا، وهذا يجعل اللحاق بركب التطوّر أكثر صعوبة".

وسوف يحظر القانون المُقترح بعض استخدامات الذكاء الاصطناعي تماماً، بما فيها أنظمة التعرّف على الوجه العاملة بالذكاء الاصطناعي وجمع البيانات البيومترية (البيانات الفريدة التي يمكن أن تحدد الأفراد) من وسائل التواصل الاجتماعي. ويؤكد قانون الذكاء الاصطناعي المُقترح أيضاً على أهمية الشفافية، وسيُلزم الشركات بالكشف عن المزيد من البيانات بشأن التكنولوجيا التي تستخدمها أكثر مما تفعله حالياً، بما في ذلك المواد المحمية بحقوق النشر المستخدمة لتدريب أنظمتها. وتعتقد مجموعة الرؤساء التنفيذيين التي وقعت البيان أن هذه القوانين يمكن أن تحدّ من التقدم وتمنع أوروبا من اقتناص فرصة كبيرة للتفوّق في سباق إنتاجية الذكاء الاصطناعي.

كما ذكرت المجموعة في البيان: "نثق تماماً بأن مستقبلنا يعتمد بشكل كبير على الريادة التكنولوجية لأوروبا، خاصة في مجال مهم مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي، لذلك نناشد صنّاع القرار الأوروبيين لمراجعة النسخة الأخيرة من قانون الذكاء الاصطناعي، وللاتفاق على تشريع متكافئ وطموح واستشرافي كفيل بتعزيز القدرة التنافسية الأوروبية وحماية مجتمعنا في الوقت نفسه".

كما يمكن أن تؤدي البيروقراطية وإضافة متطلّبات الضمانات والشفافية إلى نفور شركات الذكاء الاصطناعي أيضاً من أوروبا، لكن رينغ يقول إن الشركات الكبرى لن تتأثر بذلك غالباً، وإن الشركات الناشئة هي التي ستتحمل العبء الأكبر من القيود.

وأضاف رينغ، الذي يعمل أيضاً أستاذاً جامعياً في قانون الشركات في جامعة هامبورغ (University of Hamburg): "لدى الشركات الكبرى أساطيل بأكملها من المحامين، ولن يشكّل القانون أزمة لهم، لكن المشكلة ستكون للشركات الناشئة والشركات الصغيرة الجديدة، والتي قد تضطر للتفكير ملياً والاختيار بين العمل في أوروبا أو العمل أساساً".

تعد لوائح الاتحاد الأوروبي وقوانينه الأكثر اكتمالاً في العالم، وما يزال صانعو السياسات في الولايات المتحدة والصين في مرحلة صياغة قوانينهم الخاصة. ففي واشنطن مثلاً، يبحث أعضاء مجلس الشيوخ في مجال الذكاء الاصطناعي هذا الصيف وسينظرون في التشريعات خلال الأشهر المقبلة. كما أصدرت بكين في أبريل/نيسان مجموعة من القوانين الناظمة للذكاء الاصطناعي والتي لم تدخل حيز التنفيذ بعد، وتلزم هذه القوانين بالتقيد الصارم بقواعد الرقابة الخاصة بالحزب الشيوعي الصيني الحاكم.

ويعتقد رينغ أن تقدّم أوروبا في سياق القوانين الناظمة للذكاء الاصطناعي قد يحمل ميزة ما، إذ طالما كان الاتحاد الأوروبي رائداً عالمياً في تنظيم التكنولوجيا، وبالتحديد عندما أصدر اللائحة العامة لحماية البيانات (General Data Protection Regulation) التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2018 ومنحت الأوروبيين مزيداً من الحقوق والتحكم في بياناتهم، وألهم نماذج مماثلة في العديد من البلدان، وأصبح في النهاية معياراً عالمياً تقريباً.

وقال إن "أسبقية أوروبا في اتخاذ إجراءات على مستوى العالم يمكن أن تكون أيضاً ميزة في بعض الأحيان، لأنها بذلك تضع القوانين المؤسِّسة وتلهم الدول الأخرى كي تحذُوَ حذوها".

قارن البيان الموجَّه إلى الاتحاد الأوروبي الذكاء الاصطناعي باختراع الإنترنت وشرائح السيليكون، وتضمّن ما معناه أن الدول التي تطوّر أقوى نماذج اللغات الكبيرة سوف تتمتع بميزة تنافسية عالمياً، وتشمل هذه النماذج التكنولوجيا التي تشغّل بوتات الدردشة مثل جي بي تي 4 (GPT-4) وبارد (Bard).

وورد فيه أيضاً: "بموجب النسخة التي اعتمدها البرلمان الأوروبي مؤخراً، ستخضع نماذج التأسيس للتنظيم بغض النظر عن حالات استخدامها، وقد يكون هذه التنظيم شديداً، وستواجه الشركات التي تطوّر مثل هذه الأنظمة وتنفّذها تكاليف امتثال غير متناسِبة ومخاطر مسؤولية غير متكافئة".

اقترحت المجموعة في البيان أن يلتزم الاتحاد الأوروبي بتطوير "مبادئ عامة" مع هيئة تنظيمية متخصصة بدلاً من سنّ مجموعة صارمة من القيود، وقالت أيضاً إن الهيئة التنظيمية يجب أن تظل مرنة وأن تتكيف باستمرار مع وتيرة تطوّر الذكاء الاصطناعي والمخاطر الناشئة، وأن تحافظ على "تواصلها مع السوق"، وهذا يوضّح قلق الرؤساء التنفيذيين من خضوعهم للتهميش في عالم الأعمال.

كما يشير البيان أيضاً إلى أن الذكاء الاصطناعي سيحلّ في المستقبل محل محركات البحث وسيوفر للجميع مساعداً شخصياً، ولن يغير الاقتصاد فحسب، بل الثقافة أيضاً.

وجاء في البيان: "نعتقد بتقييمنا الخاص أن مشروع القانون كفيل بتعريض قدرة أوروبا التنافسية وسيادتها التكنولوجية للخطر دون توفير حلول فعّالة للتحديات التي نواجهها حالياً وقد نواجهها في المستقبل".

لكن رينغ ليس متفائلاً تماماً بقدرة البيان ودعوات المجموعة على تغيير قانون الذكاء الاصطناعي، وقال إن صانعي السياسات في بروكسل عازمون على المضي قدماً به، وعبّر عن رأيه بأن القانون يميل بشدة إلى جانب التنظيم دون الاهتمام الكافي باستثمار قطاع الذكاء الاصطناعي المزدهر.

وأضاف الأستاذ الجامعي قائلاً: "ينبغي علينا الموازنة بين التيسير وإتاحة مساحة متكافئة، وأيضاً تعزيز الابتكار في هذا المجال وتشجيعه، وأعتقد شخصياً أن قانون الذكاء الاصطناعي موجّه بالأحرى نحو معالجة المشاكل المحتملة وإدراك المخاطر في كل مكان والحذر من الخطأ".


image
image