يتسبّب تطبيق تشات جي بي تي (ChatGPT) بذعر حقيقي، إذ يتفوق الذكاء الاصطناعي بالفعل على المتقدّمين البشر في عمليات التوظيف، وقال أحد الخبراء الاقتصاديين إنه سيقضي على أكثر من نصف الوظائف في الولايات المتحدة، أما النصف الآخر فسوف يشهد انخفاضاً في الأجور.

وقد كشف نموذج الذكاء الاصطناعي هذا الذي طوّرته شركة أوبن أيه آي (OpenAI) عن الوظائف التي "يُمكن" أن يشغلها، حيث سألت فورتشن (Fortune) تطبيق تشات جي بي تي عن "الوظائف التي يُمكن أن يستعاض عنها بالذكاء الاصطناعي".

وأجاب بشكل مقتضب إنه "غير قادر على التنبؤ بالمستقبل" لكنه أضاف إن هناك "بعض المهام التي يؤديها البشر حالياً والتي قد تصبح مؤتمتة أو مبسّطة آلياً بواسطة تكنولوجيا مشابهة له".

ومن هذه المهام إدخال البيانات ومعالجتها، وخدمة العملاء ودعمهم مثل الإجابة عن الأسئلة المتداولة، والترجمة وكتابة التقارير وإنشاء المحتوى.

وأوضح تطبيق تشات جي بي تي إجابته قائلاً: "ومع ذلك، من المهم ملاحظة أنه على الرغم من إمكانية أتمتة بعض المهام، يمكن أن تسهم التكنولوجيا مثلي أيضاً في تعزيز عمل الموظفين البشر ودعمهم، وتمكينهم من أن يكونوا أكثر إنتاجية وكفاءة في مهامهم".

سباق تسلّح في ميدان أنظمة الذكاء الاصطناعي

يعد تطبيق تشات جي بي تي شكلاً أفضل بكثير من نسخته الأولى، وقد دفع الشركات الأخرى للمسارعة في الإعلان عن مجموعة كبيرة من الأنظمة المنافسة. حيث كشف الرئيس التنفيذي لشركة جوجل، سندار بيتشاي، الغطاء عن نظام بارد (Bard) الذي يمكنه تلخيص نتائج البحث على الإنترنت، وأعلنت شركة بايدو (Baidu) الصينية العملاقة للبحث على الإنترنت أنها ستطلق روبوت محادثة باللغة الإنجليزية مدعوماً بالذكاء الاصطناعي يُدعى إرني بوت (Ernie Bot) بحلول شهر مارس/آذار، وصرّحت شركة مايكروسوفت أمس أنها ستستخدم نموذج بروميثيوس (Prometheus) الخاص بشركة أوبن أيه آي لدمج واجهة روبوت دردشة مع محرك البحث الخاص بها بينغ (Bing).

ومع نمو سوق الذكاء الاصطناعي من ناحية الحجم والنفوذ، لن نستغرب أن تطبيق تشات جي بي تي قد أوضح لفورتشن أيضاً أن الذكاء الاصطناعي يستولي بالفعل على العديد من الوظائف وسوف يستمر على هذا المسار لسنوات قادمة، وذكر التطبيق أيضاً: "تجري أتمتة العديد من الوظائف منذ عدة عقود في بعض القطاعات مثل التصنيع وأنواع معينة من معالجة البيانات، وفي مجالات أخرى مثل خدمة العملاء ودعمهم، يعد استخدام الذكاء الاصطناعي حديث العهد نسبياً ويُتوقَّع أن يتسارع ذلك في السنوات المقبلة".

وأضاف: "من الجدير بالذكر أنه على الرغم من فقدان بعض الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي، فمن المحتمل أيضاً ظهور وظائف جديدة مع تبنّي الشركات والمؤسسات هذه التكنولوجيا الجديدة نسبياً ومحاولة الاستفادة منها، وسيكون التحدي الرئيسي هو ضمان حصول الموظفين على المهارات والتدريب اللازمين للانتقال إلى فرص العمل الجديدة هذه".

وقد تحدث مؤسس شركة أوبن أيه آي، سام ألتمان، بمنطقية تامة عن المسارات المحتملة لتطبيق تشات جي بي تي، حيث قال في فعالية للاستثمار الجريء (المغامر) في سان فرانسيسكو في 12 يناير/كانون الثاني الماضي: "أعتقد أن الحالة الناجحة للذكاء الاصطناعي ستكون ممتازة بشكل لا يصدق لدرجة أنك قد تبدو مجنوناً عند الحديث عنها، أما الحالة الأسوأ فهي وصوله إلى مرحلة عدم الحاجة إلى أي إشراف بشري".

وسوف يشهد التطبيق انتشاراً أكبر باستمرار، حيث أضاف ألتمان إن شركة أوبن أيه آي المدعومة من شركة مايكروسوفت تعمل على نظام قادر على إنشاء فيديو من أوصاف نصية، وقد ألمحت الشركة أيضاً في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي إلى أنها تخطط لإصدار نسخة تجارية من النظام تمنح العملاء وصولاً مدفوعاً لدمج الواجهة مع منتجاتهم وخدماتهم.

وبالعودة إلى إجابة تطبيق تشات جي بي تي عن أسئلة فورتشن، فقد أجاب التطبيق إن أثر استخدام الذكاء الاصطناعي في سوق الوظائف والعمل سيكون إيجابياً بالكامل نظراً لأنه يوفّر فرص تعزيز الإنتاجية والكفاءة ودعم النمو الاقتصادي، وأضاف إن الفجوة بين فقدان الوظائف وظهور الوظائف الجديدة نتيجة الذكاء الاصطناعي ترتبط بعوامل مثل "مستوى الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، وقوة أنظمة التعليم والتدريب والتأهيل للموظفين، والصحة العامة للاقتصاد".

وبصراحة، لن يشعر تطبيق جي بي تي بأي ندم إذا استحوذ على وظيفتك، حيث قال: "ليس لدي أي عواطف أو مشاعر". ولم تستجب شركة أوبن أيه آي على الفور لطلب فورتشن للتعليق.