المحتوى محمي
المحتوى محمي
نفط وطاقة

دور مفصلي لمنتجي الوقود الأحفوري في محادثات مؤتمر المناخ

سوف يشكّل التغاضي عن ذِكر الحد البالغ 1.5 درجة مئوية في مسودة اتفاقية هذا العام تراجعاً كبيراً عما حقّقته النسخة 26 من المؤتمر التي عُقِدت العام الماضي في غلاسكو.

بقلم


money

ناشطو المناخ يتظاهرون أثناء انعقاد فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP27) في شرم الشيخ، مصر، في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 (مصدر الصورة: Fayez Nureldine- AFP- Getty Images)

تتعرّض جهود العمل المناخي الأخيرة ضد الاحتباس الحراري في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ 27، سي أوه بي 27 (COP27) للخطر في ظل محاولات مناصري الوقود الأحفوري لإخراج محادثات اتفاقية باريس للتغيّر المناخي (Paris Agreement) من مجال تركيز المؤتمر.

وقال المبعوث الأميركي الخاص للمناخ، جون كيري للصحفيين في شرم الشيخ في مصر يوم السبت إن العديد من الدول التي لم يسمِّها تريد حذف هدف الاتفاقية المتمثّل في وضع حد أقصى لارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية من البيان الرسمي للمؤتمر.

وأجاب كيري، عندما سُئِل عن معارضة بعض الحكومات لذكر هدف الاتفاقية البالغ 1.5 درجة مئوية، أو الحد الأقصى المسموح والبالغ 2 درجة مئوية في أسوأ الحالات، قائلاً: "أنتم محقّون تماماً، هناك عدة بلدان، وعددها قليل جداً، تدعو إلى تجاهل الهدفين في البيان، واللذين اتُّفق عليهما لأول مرة في عام 2015 ضمن اتفاقية باريس التاريخية".

وسوف يشكّل التغاضي عن ذِكر الحد البالغ 1.5 درجة مئوية في مسودة اتفاقية هذا العام تراجعاً كبيراً عما حقّقته النسخة 26 من المؤتمر التي عُقِدت العام الماضي في غلاسكو؛ حيث أكّدت الدول الموقعة جميعها التزامَها باتفاقية باريس. وأضاف كيري قائلاً: "في الحقيقة، تضّمن بيان مؤتمر غلاسكو هذه الأهداف، وأدرك أن مصر لا ترغب في أن تكون البلد الذي يشهد تراجعاً عن أهداف العمل المناخي".

وبينما اعتُبِرت اتفاقية باريس هدفاً مناخياً طموحاً وغير مسبوق، فإن العالم يتجه بالفعل إلى تجاوز حد درجات الحرارة المُتَّفق عليه، وهذا ناجم في الغالب عن الاستخدام المستمر للوقود الأحفوري. فقد ارتفعت درجة حرارة الأرض حتى الآن بأكثر من 1.1 درجة مئوية مقارنةً بمتوسط ​​درجات الحرارة قبل الثورة الصناعية؛ ما زاد من حدّة الأحوال الجوية القاسية ومشاكل الأمن الغذائي والوفيات.

ولكن مع اقتراب المؤتمر المناخي من أسبوعه الثاني، سعت الدول المنتجة للوقود الأحفوري إلى النأي بأنفسها عن اتفاقية باريس، مدّعية أنه تم استبعادها من النقاشات بشأن الاحتباس الحراري. وقال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير لصحيفة فايننشال تايمز (Financial Times) يوم الأحد إن اتفاقية باريس "قابلة للتحقيق" لكن "لا نعتقد أن المشكلة تتمحور حول الوقود الأحفوري".

الدور المفصلي لمنتجي الوقود الأحفوري في محادثات المناخ

تُعتبر النسخة الحالية الـ 27 من المؤتمر هي الأولى التي تُدعى فيها شركات النفط والغاز للمشاركة في البرنامج الرسمي لفعاليات المؤتمر، وأشارت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (Intergovernmental Panel on Climate Change) إلى أن الوقود الأحفوري هو السبب الأساسي للاحتباس الحراري؛ إذ يُنتِج 89% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.

يستضيف المؤتمر بنسخته الحالية نحو 636 مُناصِر وجماعة ضغط في مجال الوقود الأحفوري يعملون في شركات النفط والغاز وحكومات الشرق الأوسط، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 25% عن العام السابق وفقاً لمؤسسة غلوبال ويتنس (Global Witness) غير الحكومية. وتتضمن الإمارات العربية المتحدة أكبر عدد بين الدول جميعها برصيد بلغ 70 مندوباً رسمياً، وهي الدولة التي سوف تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ 28 العام المقبل.

ويفوق عدد أعضاء جماعات الضغط العاملة في مجال الوقود الأحفوري عدد الممثلين من الدول العشر الأكثر تضرراً من التغير المناخي وفقاً لمؤسسة جيرمان ووتش (GermanWatch) غير الحكومية، وتشمل هذه الدول بورتوريكو وميانمار وهايتي والفلبين وموزمبيق وجزر الباهاما وبنغلاديش وباكستان وتايلاند ونيبال.

وإن منتجي الوقود الأحفوري قلقون بشأن جدوى التأثير في أعقاب زيادة مناصرة التحول إلى الطاقة البديلة، ويتطلّعون إلى التفاوض على حل وسط يمكنهم من خلاله مواصلة التنقيب عن النفط والغاز وبيعهما، بالتوازي مع تقليل الانبعاثات العالمية.

وقال الجبير لصحيفة فايننشال تايمز: "يمكن تحقيق الحياد الكربوني بالتوازي مع إنتاج الوقود الأحفوري، ونثبت ذلك في المملكة العربية السعودية". ولم يعلّق الجبير، الذي ورد أنه اجتمع مع جون كيري يوم الأحد، على ما إذا كانت المملكة موافقة على تثبيت حد ارتفاع درجة الحرارة البالغ 1.5 درجة مئوية في بيان المؤتمر، قائلاً إنه: "سيترك ذلك للمفاوضين".

أما شركة أرامكو السعودية فلديها اقتراحات أخرى لوقف التغير المناخي؛ إذ استضافت شركة النفط الحكومية العملاقة فعالية "المبادرة الخضراء" خلال عطلة نهاية الأسبوع، والتي شارك فيها الرئيس التنفيذي أمين ناصر ورئيس شركة توتال إنيرجيز (TotalEnergies) باتريك بوياني؛ حيث قدّما حلولاً مناخية بديلة عن وقف استخراج النفط والغاز مثل زراعة الأشجار، وتكنولوجيا التقاط الكربون، ووقود الهيدروجين المشتق من الغاز، و"اقتصاد الكربون الدائري" أي "إعادة التدوير".

وعلّق الناشط في مؤسسة أويل تشينج إنترناشونال (Oil Change International)، ديفيد تونغ لصحيفة فايننشال تايمز: "لقد حضرت ثمانية نسخٍ من مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ، ولم أشهد مطلقاً أي ترويج صارخ للنفط والغاز من مناصب رئاسية، وإن إتاحة الفرصة أمام الجهات والشركات الملوِّثة للكوكب للحديث والتأثير دون مساءلة هو أمر مرفوض قطعاً".


image
image