تقود التكنولوجيا المبتكرة تحولاً جذرياً في خدمة السلامة العامة والمجتمعات حول العالم. وقد بدأ هذا التحول بشكل ملحوظ بعد جائحة كوفيد-19 التي غيّرت طريقة تفكير الناس وشعورهم بشأن السلامة العامة. وقد دفعت المؤسسات المعنية بالحفاظ على السلامة العامة وأمن المجتمعات إلى بذل مزيد من الجهود من أجل تحقيق الاستفادة القصوى من الابتكارات الجديدة.
بعد الجائحة، نُشِر بحث عالمي شارك فيه عدد من الخبراء والهيئات المعنية بالسلامة العامة، برعاية عدد من الهيئات العلمية والبحثية، مثل جامعة لندن، أشار إلى أنّ 88% من المواطنين على مستوى العالم يريدون رؤية تحول في السلامة العامة من خلال استخدام التكنولوجيا المتقدمة. وقال 71% من المشاركين إن التقنيات المتقدمة، مثل كاميرات الفيديو وتحليل البيانات والأمن السيبراني والخدمات السحابية، ضرورية لمواجهة تحديات العالم الحديث.
بالإضافة إلى ذلك، اقترح 70% أن تكون خدمات الطوارئ قادرة على التنبؤ بالمخاطر، وهي مهمة يمكن دعمها بالتقنيات المتقدمة، في حين قال 75% إنهم على استعداد للثقة بالمؤسسات التي تحتفظ بمعلوماتهم ما دامت تستخدمها بشكل مناسب.
مع ذلك، يسلط البحث الضوء أيضاً على درجةٍ ما من القلق العام بشأن استخدام التقنيات سريعة التطور، مثل الذكاء الاصطناعي. ثمة حاجة إلى مزيد من التثقيف العام لشرح فوائد هذا النوع من التكنولوجيا، وكيف يمكن أن يكون لها آثار عميقة وإيجابية على سلامة المجتمع عند استخدامها بشكل مسؤول.
وفي هذا السياق، يحذر الخبراء من أن الذكاء الاصطناعي ينبغي ألا يحل أبداً محل الأشخاص في القطاعات الحيوية مثل السلامة العامة، ويجب أن يبقى تحت السيطرة البشرية. يقول نائب رئيس قطاع الحلول في شركة موتورولا التي شاركت في البحث، ماهيش سابثاريشي: "إن أحد أقوى استخدامات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي هو دعم عملية صنع القرار البشري وتعزيزها من خلال التخلص من بعض المهام اليدوية والمتكررة التي ليس لدينا الوقت أو الاهتمام لإنجازها".
ويضيف: "على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقوم بسرعة بالتدقيق خلال عدة ساعات من لقطات الفيديو للعثور على مشتبه به جنائياً محتمل، ويمكن التحقق من نتائج ذلك من قِبل الإنسان الذي يمكنه أن يقرر ما يجب فعله بعد ذلك."
يشكّل هذا البحث، الذي شاركت فيه هيئات ومؤسسات وجامعات عالمية مرموقة، مرجعاً مهماً يرصد سلوك الناس وتوجههم إزاء التطور التكنولوجي والسلامة العامة. لذلك، استخدمتُ هذا البحث اليوم وسط الأخبار المتتالية حول تطور تقنيات بلا حدود، واختراعات تشكل صدمة لنا كل يوم، وجميعها يسهم في تحقيق رفاه الدول وتقدمها، وتطور الاقتصادات العالمية، وكذلك خدمة المؤسسات جميعها، بما فيها المؤسسات المعنية بالسلامة العامة والمجتمعات.
ولكن في الوقت ذاته، يجب ألا ننسى أن العقل البشري هو الذي اجتهد وعمل واخترع وطور التقنيات العالمية، لذلك لا غنى عن الخبرات البشرية والكوادر العلمية التي نحتاجها لإرشاد التكنولوجيا نحو الطريق الصحيح، كما قال نائب رئيس الحلول في موتورولا.
وأخيراً، تلعب التكنولوجيا دوراً كبيراً في مساعدة المؤسسات الحكومية المعنية بالسلامة العامة عالمياً، إذ تشير دراسات وأبحاث إلى أن التكنولوجيا تسهم في تقليل الجرائم بنسبة 30-40%، وتعزز استجابة الطوارئ بين 20 و35%، كما تقلل نسبة الوفيات التي يمكن أن تتسبب بها الحوادث المرورية والجرائم بين 8 و10%، وفق شركة إنسايت العالمية، وهي شركة أميركية تعمل في مجال توفير حلول تكنولوجيا المعلومات.
لذلك، علينا مواكبة هذا التطور العالمي بشكل مكثف، والاطلاع على تجارب مختلفة لدى الدول المتقدمة في هذا المجال، مع الاستفادة من التجارب التي تسهم في خدمة مجتمعاتنا.