المحتوى محمي
المحتوى محمي
بيئة العمل

على الشركات التأني قبل تطبيق أسبوع العمل من 4 أيام رغم تحقيقه نجاحاً باهراً

تُظهِر هذه النتائج المذهلة أن تقليل أيام العمل إلى أربعة أيام مع الحفاظ على الأجور نفسها هو خطوة فعّالة في مجموعة متنوعة من قطاعات الاقتصاد المختلفة.

بقلم


money

(مصدر الصورة: فورتشن العربية، تصميم: أسامة حرح)

بعد آيسلندا ونيوزيلندا واليابان، ختمت بريطانيا مؤخراً أكبر تجربة في العالم لأسبوع العمل من أربعة أيام. وشمل البرنامج التجريبي الذي امتد ستة أشهر أكثر من 60 شركة وما يقل قليلاً عن 3,000 موظف عبّروا عن آرائهم بنموذج العمل بنظام "100:80:100"، والذي ينص على دفع 100% من الأجر مقابل 80% من وقت العمل الأصلي بشرط تحقيق إنتاجية بنسبة 100%، وحقق البرنامج نجاحاً باهراً.

وتشمل النتائج التي ستُقدَّم إلى الحكومة انخفاضاً بنسبة 65% في عدد الإجازات المرضية، وبقاء الإنتاجية عند مستوياتها أو تحسُّنها في معظم الشركات، وانخفاضاً بنسبة 57% في احتمالية استقالة الموظفين وهو ما يؤدي إلى تحسُّن الاحتفاظ بالموظفين، ويحثُّ النشطاء المشرّعين على جعل أسبوع العمل من 32 ساعة (ما يعادل أربعة أيام) متاحاً للعاملين كافة في بريطانيا.

كما تبيّن من خلال البرنامج أن تقليل ساعات عمل الموظفين انعكس إيجابياً على صافي الأرباح. إذ زادت إيرادات الشركات بشكل طفيف بنسبة 1.4% في المتوسط خلال الفترة التجريبية، وبنسبة أعلى بكثير بلغت 35% مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2021.

لذا ليس غريباً أن 92% من الشركات وأماكن العمل التي شاركت في البرنامج، بدءاً من متاجر السمك ورقائق البطاطس المحلية إلى الشركات الكبيرة، قد قررت الاستمرار في أسبوع العمل من أربعة أيام. ووصف مدير حملة أسبوع الأربعة أيام (4-Day Week Campaign)، جو رايل، النتائج بأنها "إنجازات غير مسبوقة".

وقال: "تُظهِر هذه النتائج المذهلة أن تقليل أيام العمل إلى أربعة أيام مع الحفاظ على الأجور نفسها هو خطوة فعّالة في مجموعة متنوعة من قطاعات الاقتصاد المختلفة، ومن المؤكد أن الوقت قد حان لتطبيق هذا النظام بصورة عامة".

لكن أحد محامي التوظيف قد أوضح لفورتشن (Fortune) أن "هناك العديد من الجوانب العملية التي يجب على الشركات النظر فيها"، كما حذّر رؤساء تنفيذيون من أن تقليل أيام العمل مع الحفاظ على الأهداف والتوقعات نفسها قد يصيب الموظفين بالقلق، وأشار أحدهم إلى أنه "ينبغي على الشركات ألا تنفّذ تغييرات جذرية في نظام العمل بشكل أعمى".

التفكير ملياً قبل اللحاق بالسرب

على الرغم من أن معظم الموظفين قد شهدوا تحسّناً في الرفاهية وفي التوازن بين الحياة والعمل، كانت الحال مختلفة لمجموعة أخرى منهم.

ويقول المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات الإدارية وينينغ تيمب (Winningtemp)، بيير ليندمارك: "من الطبيعي أن يكون النظام الجديد مناسباً للبعض وغير مناسب للبعض الآخر، هذه هي الحال مع التغييرات كافة، والواقع هو أن هذا النظام قد لا يتوافق مع الموظفين أو نماذج العمل كافة، والحقيقة هي أن أسبوع العمل من أربعة أيام لن يلائم الجميع".

ويحذّر من أن "تقليل عدد أيام العمل قد يؤدي إلى تفاقم القلق والعزلة لدى الموظفين نتيجة بقاء كمية العمل المطلوبة نفسها لكن مقابل وقت أقل للقيام بها". وأوضحت محامية التوظيف شارلوت موريس أن التجربة التي استمرت ستة أشهر ليست طويلة بما يكفي لقياس الآثار طويلة المدى لأسبوع العمل الأقصر.

وقالت: "قد تتمكن الشركات من اتباع هذا النظام الجديد لمدة 12 شهراً مثلاً ولكن ليس لمدة خمس أو 10 سنوات، ومن ناحية أخرى، سيكون التأثير الإيجابي لتحسُّن رفاهية الموظفين نتيجة هذا النظام أوضح عند مقارنة نتائجه، مثل معدلات غياب الموظفين والإجازات المرضية والإرهاق على مدى فترة طويلة (عدة سنوات مثلاً)".

وأضافت: "لتلك الأسباب، يجب أن نكون حذرين في تحليل النتائج وفهمها، فقد لا تكون هذه النتائج كافية لإحداث تغييرات جذرية في نظام عمل الشركات لصالح أسبوع العمل من أربعة أيام".

ويتفق الرئيس التنفيذي لشركة الموارد البشرية إيمبلويمنت هيرو (Employment Hero)، بن تومسون، مع هذه الآراء، إذ ينظر إلى النتائج "المثيرة للإعجاب" بحذر أيضاً، لأنه على الرغم من تنوّع أماكن العمل المشاركة في التجربة، فإنه يعتقد أنهم "كانوا موافقين تماماً على الانخراط في هذه التجربة، ما يشير إلى أنهم استثمروا وقتاً وجهداً في نظام العمل الجديد".

ويضيف: "قد تجد بعض الشركات صعوبة حقيقية في خفض أسبوع العمل بمقدار يوم واحد، لا سيما الشركات التي تتعاون مع شركات أخرى بصورة آنية".

اعتبارات تنفيذ أسبوع العمل من أربعة أيام

يضيف ليندمارك قائلاً: "قد يبدو الأمر جلياً، لكن لا ينبغي على الشركات أن تنفّذ تغييراً جذرياً غير مدروس في نظام العمل لمجرد أن النظام الجديد أصبح رائجاً".

إذ يجب على الشركات بدلاً من ذلك اتباع نهج مدروس لتنفيذ نظام أسبوع العمل من أربعة أيام، بحيث يكون الموظفون في صميم عملية اتخاذ القرارات بهذا الشأن.

وينصح الشركات بـ "استشارة موظفيها قبل إجراء تغييرات جذرية في ممارسات العمل، إذ إنّه من المحتمل أن يكون لدى الموظفين تساؤلات محقّة تجب الإجابة عليها، وهذا ينطبق أيضاً على الموظفين المؤيدين للتغيير". وهناك أيضاً مجموعة من الجوانب العملية التي على الشركات مراعاتها عند تغيير نموذج عملها.

إذ تحذّر المحامية موريس من أنه "لا يمكن للشركات ببساطة تغيير شروط عقد أي شخص من جانب واحد". وتنصح الشركات بتجربة أسبوع العمل الأقصر قبل إجراء أي تغييرات دائمة، وتقول إن "تنفيذ التجربة يجب أن يكون مدروساً".

وتضيف: "يجب أن توضح الشركة أن النظام الجديد في طور التجربة وقد لا يُنفَّذ بشكل دائم، وقد يكون من الضروري وجود عقود أو اتفاقيات عمل أو موافقات واضحة من ناحية الموظفين تتيح للشركة إمكانية العودة إلى أسبوع العمل المعتاد من خمسة أيام إذا أرادت ذلك".

بالإضافة إلى أنه سيكون هناك الكثير من التغييرات التي يجب إجراؤها ضمن شروط عقود التوظيف وعند موافقة الموظفين، مثل حالة الموظفين بدوام جزئي الذين يعملون أساساً وفق أسبوع عمل أقصر، وما هو اليوم الذي سيصبح عطلة للموظفين، وكيف ستُحسَب أجور العطلات على سبيل المثال.


image
image