المحتوى محمي
المحتوى محمي
بيئة العمل

ما هي بدائل تسريح الموظفين في حالات الركود؟

غالباً ما تكون عمليات التسريح مؤشراً على أخطاء إدارة المواهب، وقد يضر التسريح بقدرة الشركة على استقطاب المواهب في المستقبل.

بقلم


money

(مصدر الصورة: Vasyl Dolmatov - Getty Images)

يتوقّع العديد من المحللين أن الركود قادم، وتتطلع الشركات إلى خفض التكاليف في الأشهر المقبلة استجابةً لذلك، ويعد تسريح الموظفين استراتيجية شائعة لخفض التكاليف حيث بدأ ذلك بالفعل في قطاعات مثل التمويل والتكنولوجيا. ومع ذلك، يحذّر خبراء الإدارة من أن تسريح الموظفين له عواقب خفية مثل تشويه سمعة الشركة، لذا من المهم التفكير في خيارات أخرى قبل اتخاذ قرار التسريح.

يقول مدير مركز التميز في إدارة الشؤون المالية (Center for CFO Excellence) التابع لبوسطن كونسلتينغ جروب (Boston Consulting Group)، هارديك شيث: "عمليات التسريح غير مفيدة نهائياً لمعنويات الموظفين، وحتى عندما يفهم الموظفون الاحتمالية والسبب الفعلي وراء هذه الخطوة، فإنها تترك بعض الآثار في تاريخ الشركة، وهذا أمر يجب التفكير فيه ملياً".

وغالباً ما تكون عمليات التسريح مؤشراً على أخطاء إدارة المواهب، فهم لا يخدمون الشركات بصورة جيدة في خطط النمو طويلة المدى الخاصة بهم، وقد يضر التسريح بقدرة الشركة على استقطاب المواهب في المستقبل. وإن أرباب العمل الذين يعيّنون موظفين جدداً بدوام كامل بشكل غير مسؤول، عادةً بسبب زيادة الأرباح أو تلقّي استثمارات جديدة أو بسبب توقعاتهم بحدوث ذلك، هم عادةً الذين يلجؤون إلى تقليل عدد الموظفين خلال فترات الانكماش.

ويقول شيث إن معظم الشركات لا تنجز مراجعة مستمرة لأداء موظفيها وما إذا كانوا يلبّون الاحتياجات الحالية وطويلة الأجل للشركة بكفاءة، مضيفاً إن هذه الشركات غالباً ما تصبح أكثر انتقاداً للإنفاق على الموظفين خلال فترات تدهور الاقتصاد، بينما يجب في الواقع تقييمهم بشكل روتيني.

وتعد إدارة الأداء والتخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة حجر الزاوية لنهج إدارة المواهب السليمة، ويقول شيث: "هذه ليست فقط إحدى ممارسات فريق الموارد البشرية، بل يجب على المدراء التنفيذيين وقادة الفرق فهم مدى الاستفادة من فرقهم، وأين يقضون وقتهم؟ وهل يستثمرونه في تحقيق الأهداف المطلوبة؟"

ونظراً لأن تسريح الموظفين يؤثر على معنويات الموظفين الآخرين، فإنه يزيد أيضاً من معدل دوران الموظفين، وتكون الزيادة مدفوعة بفقدان الثقة في القيادة والسمعة السيئة للعلامة التجارية في سوق المواهب، حيث تؤثر هذه العوامل بشكل تراكمي سلباً على مشاركة الموظفين وإنتاجيتهم، ولها تأثير مباشر على النتائج النهائية.

يشير نائب الرئيس في شركة فيزيه (Visier)، وهي منصة لتحليلات الموارد البشرية، إيان كوك إلى ظاهرة "عدوى دوران الموظفين" التي تشير إلى زيادة في المغادرة الطوعية للموظفين بعد جولة من عمليات التسريح، وتكون ناجمة عادةً عن إرهاق الموظفين الباقين في الفرق التي شهدت تسريحاً أو خوف الموظفين من التسريح.

ويقول كوك: "إن محاولة التخلي عن الموظفين لتوفير التكاليف لها الكثير من العواقب غير المتوقعة التي يجب أن يتم التعامل معها بحذر، وقد يبدو أننا نحاول أن نكون لطيفين مع الموظفين، لكننا نعمل حقاً على الموازنة بين اللطف معهم والتركيز على صَون أداء الشركة".

بدائل تسريح الموظفين

من المهم أن تكون واضحاً وصادقاً بشأن الشؤون المالية للشركة عند التواصل مع الموظفين، لا سيما عندما يكونون على دراية تامة بحالة الاقتصاد. وإذا كان التسريح أمراً لا مفر منه، فمن الأفضل ألا يكون مفاجئاً، وأن يشارك أرباب العمل مع الموظفين لإيجاد حلول أخرى لخفض التكاليف أو زيادة الإيرادات.

ويقول شيث: "غالباً ما يكون الموظفون هم الأفضل في إيجاد الفرص داخل الشركة لأنهم الأقرب إلى العمليات". ويعد التعهيد الجماعي مفيداً بصورة خاصة لخلق نية حسنة داخل الشركة، وتحفيز الموظفين على قبول تخفيضات الرواتب أو الإجازات أو التخلي عن الزيادات إذا كان ذلك يعني تجنب تسريح القوى العاملة.

ويقول الأستاذ المساعد في كلية مكدونوه للأعمال في جامعة جورج تاون (Georgetown’s McDonough School of Business)، جيسون شلوتزر: "إذا كان قرار تسريح العمال أمراً حتمياً، فإن التحقق من إمكانية تخفيض الفوائد أو التعويضات وجمع أفكار الموظفين يساعد في تعزيز الشفافية خلال الأوقات الصعبة". كما يوافق على أن الموظفين هم مصدر مهم للتوصيات والحلول التي تنطبق على مجالات عمل محددة.

ويجب على أصحاب العمل أيضاً التفكير فيما إذا كان يمكن إعادة تدريب الموظفين أو إعادة تعيينهم اعتماداً على احتياجات المواهب، واستكشاف خيارات توفير التكاليف مثل المزايا غير المبررة التي لا تُستخدم على نطاق واسع وحزم التعويضات مثل رواتب المدراء

التنفيذيين ومكافآتهم، ويمكن لقادة الشركات أيضاً إعادة التقييم والتفاوض بشأن العقود مع المورّدين والعملاء طويلي الأجل لاستكشاف طرق توفير التكاليف قبل اللجوء إلى القرار النهائي وتسريح الموظفين.

وفي حين أن تسريح الموظفين هو حل قصير الأجل لخفض التكاليف، فقد يجد القادة صعوبة في تعيين الموظفين مجدداً وإعادة الشركة إلى عهدها السابق في فترات التعافي بعد الأزمات، ويقول شيث: "عندما تبدأ الأمور في العودة إلى حالها، قد تكون في وضع أفضل بكثير من منافسيك إذا احتفظت بأغلبية كبيرة من القوى العاملة".

على الرغم من أن هذا لا يبدو بديهياً، لكن يجب على الشركات أن تبحث في مجالات للاستثمار خلال فترات التقلب الاقتصادي، ويستشهد شلوتزر باستشارة قدّمها لشركة تكنولوجية، حيث وجد أن مئات الموظفين كانوا يضيعون الوقت في معالجة تقارير النفقات، وبعد تثبيت برنامج لتبسيط العملية، تفرّغ الموظفون لتولي مهام أعلى قيمةً.

ويقول شلوتزر: "تصبح تلك الاستثمارات وسيلة لتخفيف التكاليف عن كاهل الشركة، وهو ما قد تحتاجه في أثناء فترات الانكماش الاقتصادي، ولا ينبغي أن تعود هذه التكاليف بعد الركود".

حسن إدارة الأموال

قبل الاستغناء عن المواهب أو الرواتب، يوصي شلوتزر قادة الشركات بالتفكير أولاً في تقليل الديون والالتزامات المالية الأخرى، وتشمل الخيارات الأخرى تقليل الإنفاق على الإعلانات والبحث والتطوير نظراً لأن هذه التكاليف اختيارية وقد لا تضر الشركة على المدى القصير إذا جرى تخفيضها.

ويمكن أن تحقق إعادة التفكير في العقارات وفورات كبيرة بالتكاليف، خاصة إذا كانت الشركة تنتقل إلى نموذج عمل هجين أو عن بُعد، حيث تقل الحاجة إلى مساحات العمل الكبيرة.

ويقول شولتزر: "أجريت محادثة مع إحدى الشركات التي لم تجدّد عقود الإيجار، واستخدمت تواريخ انتهاء الإيجار حافزاً ودافعاً لإعادة التفكير فعلياً في ترتيبات العمل الهجين".

ويوصي شيث بإعادة التفاوض بشأن الشروط مع الموردين والعملاء، واصفاً ذلك بأنه خيار مثير للاهتمام وغير مستخدم بصورة كافية.

ويوضح قائلاً: "إنها بالتأكيد ليست أسهل رافعة (وسيلة) لخفض التكاليف، لكنها رافعة يفهمها الجميع"، وذكر رأس المال العامل، وحسابات المقبوضات، وحساب المدفوعات ضمن الشروط والالتزامات التي يمكن إعادة تقييمها مع الموردين.

ويعد التحول في العقلية من النظر إلى الموظفين على أنهم مصدر تكلفة إلى اعتبارهم جزءاً قيماً من الشركة أمراً مهماً للغاية، وبينما يمكن إدارة التكاليف الأخرى، فإن فقدان المعرفة المؤسسية يضر بمشاركة الموظفين والاحتفاظ بهم وبثقافة الشركة، وهذه تكاليف عالية يصعب تحديدها من الناحية المالية.

التخطيط المتقدم للقوى العاملة

عندما يكون النقد المتاح هو الاستراتيجية المحدِّدة لتخطيط القوى العاملة، فقد يؤدي ذلك إلى تضخّم الشركات كما يقول كوك. ويجب أن تتعاون الأقسام المختلفة ضمن الشركة مثل الشؤون المالية والموارد البشرية بشكل وثيق، ما يضمن أن مدراء التوظيف لا يضيفون موظفين جدداً بدوام كامل بشكل عشوائي حيث يؤدي ذلك غالباً إلى تسريح الموظفين، وأن الشركة لديها استراتيجيات متطورة لتخطيط القوى العاملة ودقة أكبر في استقطاب المواهب.

ويقول كوك: "احرص على الفهم الجيد العميق للمهارات والقدرات، واحتفظ بقائمة متجددة للمواهب التي يجب الاحتفاظ بها والأعداد الممكنة، حتى لا تصل إلى مرحلة تجد فيها الأشخاص الذين يخلقون القيمة لشركتك أصبحوا فجأة في عداد المفقودين".


image
image