تشهد أسعار السيارات المستعملة من شركة تسلا انخفاضاً سريعاً، وهناك سبب وجيه برأي أحد أشهر مراجعي السيارات على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن هذا السبب ليس مألوفاً.

إذ اختبر دوغ ديمورو كافة أنواع السيارات الشائعة والنادرة في الولايات المتحدة، ولم تقتصر فائدة ذلك على قاعدة مشتركين تضم ما يقرب من 4.6 ملايين متابع على قناته على منصة يوتيوب، بل إنه يدير أيضاً موقع مزاد للسيارات المستعملة يسمى كارز آند بيدز (Cars & Bids).

وأوصى ديمورو العملاء الذي يرغبون في بيع سياراتهم المستعملة بقبول الأسعار المنخفضة في السوق قبل أن تنخفض أكثر من ذلك، حيث قال: "الأسعار المرتفعة الجنونية التي شهدناها على مدار الـ 18 شهراً الماضية لسيارات تسلا قد ولّت إلى غير عودة، وما من شك في ذلك". ويمنحه عمله نظرة فريدة للقيمة السوقية الجارية لسيارات تسلا، والتي تعرّضت لضغوط شديدة على مدار الأشهر الثلاثة الماضية حتى قبل التخفيضات المثيرة للجدل خلال الأسبوع الماضي لأسعار السيارات الجديدة، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في الأسعار التي يدفعها المستهلكون للسيارات المستعملة. 

وبخلاف ذلك، كان لحملة مكافحة التضخم التي يجريها الاحتياطي الفيدرالي تأثير أكبر بكثير على قوة تسعير شركة تسلا في سوق السيارات المستعملة. ويعتقد ديمورو أن "هذا الارتفاع في أسعار الفائدة قد أثّر بشدّة على شركة تسلا بسبب محدودية فئة المستهلكين الذين يشترون سياراتها"، مضيفاً أن هذه الفئة تعمل غالباً في وظائف تتأثر بتكاليف الاقتراض المرتفعة (أي أسعار الفائدة) بشكل أكثر حدة من عموم المستهلكين الآخرين.

تأثيرات غير متكافئة بارتفاع أسعار الفائدة

أوضح ديمورو من واقع خبرته أن عدداً كبيراً من مستخدمي موقع كارز آند بيدز الذي يديره هم من سماسرة العقارات والوسطاء وغيرهم ممن قد يتأثرون بارتفاع أسعار الفائدة.

وعلاوة على ذلك، فإن الكثير من مالكي سيارات تسلا هم من المشترين الأصغر سناً المفتونين بالعلامة التجارية الأنيقة والذين غالباً ما يفضّلون تقليل إنفاقهم حتى يتمكنوا من تحمل تكاليف هذه السيارات، لذا فإن زيادة أسعار الفائدة قد تمنع هذه الفئة حتى من شراء سيارات تسلا المستعملة.

وأخيراً، ينتمي العديد من مشتري تسلا إلى شركات تكنولوجية مماثلة لها، ويتعرّضون لضغوط عمليات التسريح التي تعصف بقطاع التكنولوجيا مثل شركات أمازون وميتا وسيلز فورس وكوين بيس، ما قد يدفعهم إلى تجنّب المدفوعات الكبيرة مثل السيارات. وقال ديمورو: "هؤلاء هم بشكل رئيسي المستهلكون الذين كانوا يشترون سيارات تسلا، وهم العاملون في مجال الإقراض العقاري الذين يتأثرون بشدة بأسعار الفائدة حيث تقل عمليات شراء المنازل، وفي المرتبة الثانية الشباب المهووسون بالتكنولوجيا، أصحاب الأموال الجدد، وأعتقد أن ارتفاع أسعار الفائدة كان العامل الأكبر الذي سبّب انخفاض أسعار سيارات تسلا على مدى الأشهر الثلاثة الماضية".

انخفاض حاد في الأسعار

نتيجة لما سبق، وصل سعر سيارة تسلا موديل 3 بيرفورمانس 2021 (2021 Tesla Model 3 Performance) المستعملة بعدّاد 27,000 ميل إلى 56 ألف دولار قبل شهر، وهذا أقل بنحو 10% من سعر السيارة نفسها لو كانت جديدة والبالغ 62,900 دولار في الفترة نفسها.

وعلى سبيل المقارنة، قال ديمورو إن موقع كارز آند بيدز تضمّن إعلاناً قبل يومينلموديل 2022 من السيارة نفسها بعدّاد 3,700 ميل فقط بعد أن خفضت شركة تسلا السعر الأولي لذلك الموديل إلى 53,990 دولاراً، وكان أعلى سعر حازت عليه السيارة في المزاد هو 48,250 دولاراً فقط ولم تتم عملية البيع نتيجة لذلك. وأوضح تفاصيل العرض قائلاً: "تضمّن العرض سيارة بموديل أحدث وعدّاد أقل بـ 24,000 ميل، ومع ذلك كان السعر أقل بمقدار 8,000 دولار من سيارة أقدم معروضة قبل شهر لم تكن بالجودة نفسها.

لكن مع ذلك، لم تكن هذه الحالة غريبة تماماً فهذا ما نراه حالياً مع أسعار سيارات تسلا، إذ تشهد هذه الأسعار انخفاضاً حاداً مهما اختلفت التسميات". وبينما أوضح ديمورو أن عدداً من مشتري السيارات الكهربائية قد أخبروه شخصياً أنهم لن يشتروا سيارة من شركة تسلا بسبب الانقسامات التي سبّبها ماسك (والمقصود بها شراء شركة تويتر)، وهو ما ساهم بشكل كبير في تراجع تفضيل العلامة التجارية لشركته، فإن مالك موقع المزادات كارز آند بيدز يعتقد أن هذا السبب يعتبر ثانوياً بالمقارنة مع أسعار الفائدة المرتفعة. وأوضح أيضاً أن هناك سببين آخرين يؤثران على أسعار سيارات تسلا برأيه.

تساوي العرض والطلب

كان رفع شركة تسلا السعر الأولي لسياراتها أحد الإجراءات التي اتّبعتها لتخفيف الطلب المفرِط الذي أطال فترات الانتظار بشدة في فترة قيود سلاسل التوريد ومعوقات الإنتاج.

وقال ديمورو: "إذا كنت ترغب في شراء سيارة تسلا موديل واي (Model Y) مثلاً، كان عليك الانتظار من ستة إلى ثمانية أشهر، أو شراء سيارة مستعملة من الموديل نفسه، لكن سعر السيارة المستعملة كان في الواقع أعلى لأنه لم يكن عليك الانتظار لشرائها، لذا كان بعض المستهلكين يشترون سيارات من هذا الموديل ثم يبيعونها بعد شهرين مثلاً ويحققون أرباحاً من ذلك".

لكن المشكلة حالياً كما يبدو هي أن شركة تسلا قد وصلت إلى النقطة التي انخفض فيها الإنتاج بسبب المخزون الهائل من السيارات، ومع تضاؤل الطلب نسبياً وتساوي الشراء (الطلب) مع الإنتاج (العرض)، اضطر ماسك إلى خفض الأسعار في الأسواق الرئيسية الثلاثة لشركته في الولايات المتحدة والصين وأوروبا، بالإضافة إلى خفض إنتاج خطوط التجميع للحفاظ على المخزون (الموجودات) من التضخم. وأدى ذلك حتى الآن إلى ضغط هبوطي على أسعار السيارات المستعملة، ففي العام الماضي، كان وارداً شراء تسلا مستعملة ثم إعادة بيعها بزيادة عشرة آلاف دولار مثلاً، لكن ذلك لم يعد ممكن حالياً برأي ديمورو.

شركة تسلا تخسر ميزاتها التنافسية

السبب الأخير برأي ديمورو هو أن منافسي شركة تسلا قد وصلوا إلى مراحل متقدمة لدرجة أنهم يؤثرون فعلياً عليها.

فعلى سبيل المثال، تتوفر تكنولوجيا القيادة شبه الذاتية في عدد كبير من سيارات الشركات المنافسة، وقد استطاعت السيارات الكهربائية المنافسة الجديدة اللحاق بركب سيارات تسلا أو التفوّق عليها من حيث الأداء ونطاق القيادة، كما أن موديلات شركة تسلا تصبح قديمة بعض الشيء حيث مضى نحو عقد منذ إطلاق موديل إس بينما لم يطرأ أي تحديث على سيارات موديل 3 منذ إطلاقها في عام 2017.

وقال ديمورو: "بصرف النظر عن الشحن الفائق، لا توجد أي ميزة تنافسية مهمة لسيارات تسلا، ويبدو أن وتيرة الابتكار قد تباطأت، فقد اختلف الواقع كثيراً الآن عما كان عليه سابقاً عندما كانت تسلا تعلن عن ابتكار جديد وتُربِك المنافسين".

وهذا يعني أن هناك الكثير من سيارات تسلا المتوفّرة بأسعار معقولة حالياً، مثل سيارة إم 3 سيدان موديل 2018 التي يبلغ سعرها حالياً نحو 25,000 دولار مقابل عدّاد مرتفع (عدد الأميال التي قطعتها السيارة المستعملة). واختتم ديمورو حديثه قائلاً: "أعتقد أننا سنرغب جيمعاً بشراء سيارات تيسلا ذات الأسعار المعقولة خلال العامين المقبلين".