غالباً ما تواجه الشركات المحلية الصغيرة والمتوسطة تحديات كبيرة عند التنافس على حصة في السوق مقارنة باللاعبين الأكبر والأقدم فيه، سواء كان في الأسواق العالمية أو في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي على وجه خاص. وكثيراً ما تعوقها أيضاً تحدياتها الخاصة، مثل محدودية الموارد وقيود الميزانية. إلا أن ظهور المنصات الرقمية أتاح لهذه الشركات عالماً واسعاً من الفرص التي بإمكانها الاستفادة منها لتوسيع أعمالها.
من الوصول إلى جمهور أوسع إلى دعم التواصل الهادف مع العملاء، غيّرت المنصات الرقمية قواعد اللعبة للشركات الصغيرة والمتوسطة، ما يمكّنها من تحقيق تكافؤ الفرص والازدهار في سوق الخليج الديناميكية. ووفقاً لاستبيان ماكنزي العالمي للمعنويات تجاه الخدمات الرقمية (Digital Sentiment Survey) الذي أجرته شركة ماكنزي آند كومباني، فإن منطقة الشرق الأوسط تتمتع بأحد أعلى معدلات المشاركة الرقمية للمستهلكين في العالم، كما كانت درجة انتشار الخدمات الرقمية بين صفوف المستهلكين في هذه المنطقة كافية لوضعها في مصاف أبرز الدول الأوروبية والأميركية الشمالية.
علاوةً على ذلك، وحسب نتائج تقرير داتا ريبورتال (DataReportal)، وهي شركة سنغافورية تنشط في مجال الأبحاث حول استخدام الإنترنت عالمياً، وصلت 5 دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى قائمة أفضل 10 دول في استخدام القنوات الرقمية، وهي الإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر وعمان ولبنان. وتتمتع الإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر بأعلى مستويات انتشار للخدمات الرقمية مقابل إجمالي عدد السكان في العالم، وفقاً للنتائج التي نشرتها داتا ريبورتال.
وتظهر البيانات المقدمة من شركة إبسوس (IPSOS)، وهي شركة فرنسية تنشط في مجال الأبحاث التسويقية، أنه مع نمو الانتشار الرقمي، يزيد المسوقون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الميزانيات التي تنفق على الإعلان عبر الإنترنت. وحسب خبرتي، نقل معظم المعلنين ميزانياتهم نحو القنوات الرقمية، بما في ذلك الشركات الصغيرة التي تجدها ميسورة التكلفة مقارنةً بالقنوات الأخرى.
وبفضل وصولها إلى قاعدة مستخدمين أوسع وأكثر تنوعاً، أصبحت المنصات الرقمية، مثل تيك توك، توفر للشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية نفاذاً غير مسبوق إلى مزيد من العملاء المحتملين. وبالاستفادة من قوة المنصات الرقمية، يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة تجاوز الحدود الجغرافية التقليدية، والتواصل مع المستهلكين عبر الحدود.
من خلال مشاركة المحتوى والتفاعل مع المتابعين وعرض منتجات الشركة وخدماتها، يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة استخدام المنصات الرقمية أداةً فعالة لنشر الوعي حول علامتها التجارية وبناء الثقة مع جمهور أوسع. ويمكنها أيضاً إنشاء هوية تجارية أصلية تلقى صدى لدى العملاء.
ويتخطى دور المنصات الرقمية كونها بوابة للوصول إلى ثروة من المحتوى، بل هي أيضاً قادرة على جعل مسيرة المستخدم نحو عمليات الشراء عبر الإنترنت أكثر بساطة وملاءمة، فضلاً عن المساعدة في زيادة الحركة على موقع الشركة مع التشجيع على تنزيل تطبيقها.
يكمُن أحد العناصر الحيوية في العلاقة بين الشركات الصغيرة والمتوسطة والمنصات الرقمية في دور الأخيرة بصفتها بديلاً تسويقياً محتملاً بثمن زهيد، ما يسمح للشركات بنشر رسالتها دون دفع تكاليف باهظة. فعلى تيك توك مثلاً، تتمتع الشركات بكلّ الفرص للبدء بكسب حب مجتمع المنصة من خلال إنشاء حساب علامة تجارية بمحتوى أساسي ترفيهي يساعدها على إيصال الرسائل الرئيسية الصحيحة، وتشجيع الحوار مع الجمهور المستهدف وتسليط الضوء على ما تقدّمه منتجاتها.
ولا يتطلب ذلك إنفاق ميزانية عالية أو معدات احترافية، بل يكفي أن يكون لدى الشركة هاتف ذكي، وأن تتمتّع بقليلٍ من الإبداع والرغبة في تجربة الاتجاهات والأساليب الإبداعية؛ كي تكون على الطريق الصحيح لإيجاد الصوت والتعبير الخاص بشركتك على المنصة.
يمكن أيضاً أن تتطابق تنسيقات الإعلانات المستهدفة على المنصات الرقمية تماماً مع ميزانيات التسويق للشركات الصغيرة والمتوسطة إذا تم اختيارها وفقاً للاحتياجات الفردية والقدرات المالية للشركة.
وتشكّل قصة نجاح حلاو ككاو (Halaw Kakaw)، شركة الحلويات الكويتية العائلية الصغيرة، مثالاً بارزاً على كيفية تمكين المنصات الرقمية الشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي للارتقاء باستراتيجياتها التسويقية إلى مستوى جديد. فقد اختارت الشركة تيك توك منصةً إعلانية أساسية، وتمكنت من تشجيع الدخول إلى حسابها على تيك توك من خلال مزيج متوازن من المحتوى الأساسي الإبداعي وتنسيقات الإعلان الذي يستخدم المحتوى غير المدفوع (سبارك آدز Spark Ads). ونتيجةً لذلك، شهدت الشركة أيضاً زيادة ملحوظة في المبيعات وقاعدة العملاء والاهتمام من أنحاء العالم كافة.
ويسمح تنسيق سبارك آدز للعلامات التجارية بإنشاء إعلانات من فيديوهات تيك توك حالية مع الحفاظ على الشعور الأصلي ووظائف المنشورات العضوية، بما في ذلك التعليقات والإعجاب والمشاركات والمتابعات. لذلك، تمكنت حلاو ككاو من عرض نفسها بطريقة أكثر واقعية، ما دفع بدوره نحو مزيد من المشاركة والترويج لأعمالها. وبفضل تنسيق سبارك آدز، أوصلت منصة تيك توك حلاو ككاو إلى جمهور أكبر، إذ اتبعت الاتجاهات المناسبة وذات الصلة لإشراك مجتمع تيك توك بشكل فعال.
من خلال المحتوى الجاهز والترفيهي، والذي يبدو جذاباً جداً، ويضم صوراً ملونة إبداعية، و"تحديات" الطعام وعنصر اللعب، عززت العلامة التجارية ولاء العملاء وفضولهم، ما أدى إلى زيادة بمقدار 60 ضعفاً في الطلبات اليومية، وجذب 81 ألف عميل جديد في غضون 10 أشهر فقط. تُشرك العلامة التجارية أيضاً جمهور تيك توك من خلال ملء طلباتهم عبر الإنترنت وتسجيل العملية حسب طلب المشاهدين.
وقد أدى كل ذلك إلى طلب عالمي غير متوقع من دول الخليج الأخرى وحتى فرنسا، ما زاد مبيعات الشركة اليومية إلى 1,000 دينار كويتي (3,250 دولاراً أميركياً)، مع تسليط الضوء على إمكانات الشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية لخلق فرص للنمو العالمي. كان لمحتوى العلامة التجارية الجذاب، ومنتجاتها المتنوعة، بالإضافة إلى طريقة العرض الشهية، صدى لدى مستخدمي تيك توك، ما أدّى إلى زيادة ولاء العملاء وإلى توسّع ناجح نحو أسواق جديدة.
شارك الشريك المؤسس لشركة حلاو ككاو، أحمد السكاف، ملاحظاته الإيجابية حول نجاح الحملة، وقال: "لقد حاولت العمل مع العديد من منصات التواصل الاجتماعي، ولكن حلاو ككاو أصبحت في مكان مختلف بعد الانضمام إلى تيك توك".
إنها تجربة جميلة للشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية الأخرى التي تتطلع إلى التواصل عبر الاستخدام الاستراتيجي للمنصات الرقمية. فلا حدود للشركات الصغيرة التي تسعى إلى الازدهار في العصر الرقمي الديناميكي. ومن خلال اللجوء إلى الخدمات المتاحة في العصر الرقمي إلى جانب الإبداع والخيال، تستطيع هذه الشركات ليس فقط أن تؤسس لوجودها مكاناً في سوق تنافسية، بل يمكنها أيضاً صناعة تأثير دائم في عالم الأعمال.