المحتوى محمي
المحتوى محمي
مقابلة

المدير الإداري في شركة تيك ستارز يتحدّث عن آفاق الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

ستواصل الإمارات جذب عدد كبير من الصفقات الاستثمارية نظراً لمكانتها التي جعلتها مركزاً دولياً ملائماً ولبيئة الأعمال الراسخة والداعمة فيها، ما يساعدها على جذب الشركات الناشئة من جميع أنحاء العالم.

بقلم


money

فيجاي تيراثراي، المدير الإداري في شركة تيك ستارز (مصدر الصورة: فورتشن العربية)

كشف تقرير حديث لشركة ماغنيت (Magnitt) أن الشركات الناشئة جزء لا يتجزأ من المنطقة، كما أن 26% من الجولات التمويلية للشركات الناشئة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كانت في الإمارات العربية المتحدة.

يقول رائد الأعمال المتسلسل، والمدير الإداري في شركة تيك ستارز (Techstars)، وهي مؤسسة استثمارية في مرحلة التمويل التأسيسي للشركات التكنولوجية، ومسرعة عالمية ذائعة الصيت تساعد في تحفيز المؤسسين والشركات في المراحل المبكرة والكيانات الداعمة وتسريع عملهم، فيجاي تيراثراي لفورتشن العربية: "لطالما احتلّت الإمارات العربية المتحدة الصدارة من حيث عدد الصفقات والجولات التمويلية المُبرمة ومن حيث القيمة، لكن المملكة العربية السعودية قد تفوّقت عليها في عام 2022 لأول مرة فيما يتعلق بقيمة الصفقات، وهذا دليل على زيادة نفوذها في القطاع".

وبشكل عام، حسب تيراثراي، يشهد قطاع الشركات الناشئة فترة من النمو الهائل فيما يتعلق بالشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا وتمويل رأس المال المغامر (الجريء). ويعتقد تيراثراي أنه مع ذلك، ستواصل الإمارات جذب عدد كبير من الصفقات الاستثمارية نظراً لمكانتها التي جعلتها مركزاً دولياً ملائماً ولبيئة الأعمال الراسخة والداعمة فيها، ما يساعدها على جذب الشركات الناشئة من جميع أنحاء العالم، بما يشمل الشركات العائلية، والأفراد ذوي الثروات المرتفعة، وشركات إدارة التمويل والصناديق العالمية. 

ويشرح في سياق حديثه أن العديد من شركات رأس المال المغامر (الجريء) الراسخة في الإمارات يخوض حالياً جولات تمويل ثانية أو ثالثة، وبالتالي لديه خبرة أكبر في البحث عن الشركات والصفقات واختيارها وتنفيذها. وبالمثل، فإن الشركات الناشئة أكثر دراية ومعرفة بتفاصيل السوق والميزانيات وعقد الصفقات، وذلك في ضوء منظومة ريادة الأعمال الناضجة التي أصبحت أكثر دعماً وشفافية مما كانت عليه قبل 5 سنوات.

أما عن القطاعات، فيقول تيراثراي إن قطاعات التكنولوجيا الرئيسية التي ستقود تقدُّم المنطقة ونموّها سوف تبقى التكنولوجيا المالية، والخدمات اللوجستية، والرعاية الصحية، وتكنولوجيا التعليم، والأتمتة في ظل الثورة الصناعية الرابعة، ووسائل الإعلام والترفيه. وبالمثل، سوف يُوجَّه بعض التمويل نحو القطاعات الناشئة مثل الاستدامة وتكنولوجيا المناخ وتكنولوجيا الغذاء.

فورتشن: ما هي أسرار نجاح الشركات الناشئة وكيف يمكن لرواد الأعمال التغلب على التحديات العالمية؟

تيراثراي: لا تمتلك الشركات الناشئة عادةً بيانات مالية راسخة يمكن الاعتماد عليها، بل تعتمد بدلاً من ذلك على جودة مواهب الفريق وخبراته، وعلى وجه الخصوص، القدرة على تحديد المشاكل والتعامل معها بفعالية. وإن العامل الأساسي لتحقيق الشركة الناشئة الجديدة أو النامية النجاح هو تمكين نفسها بالمعارف والرؤى الثاقبة الرئيسية.

ويمكن لروّاد الأعمال التغلب على التحديات العالمية عن طريق امتلاكهم إمكانية التركيز على العملاء بشكل وثيق وتتبُّع مقاييس النمو الرائدة الرئيسية بمستوى عالٍ من الانضباط. فعلى سبيل المثال، يعد تعزيز الرشاقة المؤسساتية والمثابرة والاستعداد لتغيير المسار والنقاط المحورية بسرعة وإتقان خطواتٍ ملحّة في السوق الحالية التي تتّصف بسرعة التغيّر والاضطراب.

فورتشن: كيف أسهمت شركة تيك ستارز في ترسيخ عقلية ريادة الأعمال بين الشباب على مستوى العالم والمغامرة من أجل ازدهار عالمي في قطاع الشركات الناشئة؟

تيراثراي: تتمتع شركة تيك ستارز بخبرة طويلة في مساعدة رواد الأعمال على النجاح من خلال شبكتها العالمية التي تضم 24,000 مستثمر ومرشد وشركة ومؤسس، وقد استثمرنا في ما يقرب من 4,000 شركة على مستوى العالم تمثّل مجموعة متنوعة من الثقافات والشرائح العمرية والاجتماعية.

ووجد المؤسسون الذين شاركوا في برامج التسريع عن طريق الإرشاد التي توفّرها شركة تيك ستارز أن تجربتهم كانت تحويلية على المستويين الشخصي والمهني لشركاتهم، إذ تتاح للمشاركين عادةً إمكانية الوصول إلى 60-80 موجهاً ومرشداً ضمن كل برنامج. ويمثّل هؤلاء المرشدون مجموعة متنوّعة من خبراء القطاعات المختلفة وروّاد الأعمال والمؤثرين والعلماء. وتخضع نماذج العمل والخطط في العديد من الحالات إلى إعادة تقييم وتفكير ضمن رحلة مكثّفة خلال هذه البرامج، لدرجة أن العديد من المشاركين يقررون تغيير نماذج عملهم وخططهم تماماً واتباع اتجاهات جديدة ومثيرة للاهتمام.

وبذلك، يمكن للمؤسسين طرح منتجاتهم وخدماتهم في السوق بثقة وتوقعات بالنجاح مسندة إلى دعم وإرشاد وتعزيز من الخبراء، وبمساعدة استثمارات شركة تيك ستارز بصفتها مؤسسة استثمارية أيضاً.

فورتشن: ما هي برأيك الآثار المحتملة لانهيار بنك سيليكون فالي (SVB) وكيف تعتقد أنه سيؤثر في تمويل الشركات الناشئة على مستوى العالم؟ وهل سيؤثر ذلك على النمو في عام 2023 وما بعده؟

تيراثراي: أثّرت أزمة بنك سيليكون فالي على قطاع الشركات الناشئة تأثيراً هائلاً ومربكاً وتخريبياً، وكان ذلك التأثير مباشراً على شركة تيك ستارز، بشكل مماثل لتأثيرها على العديد من شركات رؤوس الأموال المغامرة، وذلك لأن هذا البنك كان الخيار الأساسي بالنسبة لنا وللعديد من الشركات في محفظتنا الاستثمارية. وقد تعلّمنا الكثير من الدروس في فترة انهيار البنك وخلال الأسابيع القليلة اللاحقة عن هشاشة قطاع رأس المال المغامر (الجريء)، لكن الحقيقة هي أن بداية التباطؤ في التمويل كانت جلية قبل 12 شهراً.

وأدّت الأزمة المصرفية إلى مواجهة الشركات الناشئة صعوبات أكبر في الوصول إلى خطوط ائتمان جديدة ووسائل تمويل بالدَين المغامر (الجريء)، لكن مع ذلك، فإننا نشهد عودة ظهور مزوّدي الخدمات المصرفية البديلة الذين يتمتّعون بفهم أفضل لقطاع شركات التكنولوجيا، تماماً مثلما كانت الحال مع بنك سيليكون فالي.

ومن الآن فصاعداً، سيمثل موضوع التمويل تحدياً للشركات التي ليست لديها مناسيب اقتصادية جيدة للوحدات (اقتصاديات وحدة)، أو التي تفتقر إلى مسار واضح لتحقيق الربحية، ومن المرجح أن يبقى قطاع رأس المال المغامر في حالة ركود عام 2023 إلى حين بداية تعافي الاقتصادات العالمية.

فورتشن: هل تعتقد أن الشركات الناشئة داعم حقيقي للاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خاصة لجهة دعم المجتمعات والإدماج المالي؟

تيراثراي: كانت دبي على وجه الخصوص رائدة حقيقية منذ بداياتها وما زالت كذلك بالنسبة للمناطق الأخرى، وهي بالتأكيد منطقة نموذجية يهدف الكثير من الدول إلى محاكاتها في سياق تحويل اقتصاداتها من خلال مزيج من الابتكار وريادة الأعمال.

وتتصف المنطقة عموماً بمجتمعات متعلِّمة ومتمكِّنة من استخدام التكنولوجيا، وهي الفئات التي يطلق عليها لقب الأجيال الرقمية، والتي يمكنها الوصول إلى مجموعة واسعة من التكنولوجيا الكفيلة بتسريع النمو في اقتصاداتها وفي القطاعات كافة على اختلافها. 

وسيؤدي ذلك إلى تقليل معوقات البنية التحتية وتعزيز الخدمات في مجال التعامل التجاري بين الشركات وبين الشركات والأفراد، كما سيعزّز ظروف المجتمعات ويزيد الشمول المالي وغير المالي، بالإضافة إلى تنويع الاقتصاد وتنميته.

فورتشن: كشف تقرير صادر عن شركة سيد غروب (Seed Group) أنه بالإضافة إلى الأحداث العالمية، كان على الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مواجهة عقبات داخلية، مثل الحد الأدنى من متطلبات رأس المال والقدرة الاقتصادية على الاستمرار اللازم. ما الذي يلزم تلك الشركات للنجاح برأيك؟ وبمَ تنصحها كي تزدهر أكثر؟

تيراثراي: تتصف كل منطقة وكل منظومة ريادة أعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بفرص وتحديات متنوّعة. فعلى سبيل المثال، ثمة مخاطر كبيرة تتعلق بالعملة المحلية في مصر ولبنان، وبتكاليف الإيجار المرتفعة في الإمارات العربية المتحدة. وما يزال الوصول إلى قوة عاملة ماهرة في جميع أنحاء المنطقة يمثل تحدياً ملحوظاً. 

وعلى الرغم من ذلك، فإن الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي الأكثر مرونة في مواجهة الصدمات الخارجية وتتمتع بالمرونة المؤسسية الكافية للاستجابة للمشاكل، كما تشهد المنطقة أيضاً نمواً في توظيف المواهب المنتشرة في جميع أنحاء المنطقة بحثاً عن فرص عمل كفيلة بمنحها الاستقرار في بيئة متغيرة باستمرار. ولتحقيق ازدهار فعلي في بيئة مليئة بالتحديات، ينبغي على الشركات أن تركّز على المناسيب الاقتصادية للوحدة وأن تحدّد مسار الربحية بشكل أسرع من منافسيها. وعلاوة على ذلك، فإن الحفاظ على تكاليف التشغيل منخفضة، والبقاء على مقربة من العملاء وعلى استعداد لإجراء تغييرات محورية عند الضرورة، هي كلّها عوامل يجب على روّاد الأعمال الاعتراف بأهميتها والتصرف استناداً لها.

ويجب من ناحية أخرى أن تكون عقلية التوفير والتدبير واعتبار تمويل المستثمرين آخر حل ممكن هي المبادئ الأساسية في قلب الشركات الناشئة، بالإضافة إلى الحفاظ على شبكة من المستشارين الموثوقين. وهذه المبادئ تمثّل نظاماً متّزناً يمكن تطبيقه بنجاح في جميع المجالات.

فورتشن: ما هي التحديات التي ما تزال تواجه الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟ وكيف يمكنها التغلب عليها؟

تيراثراي: سوق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ليست سوقاً مشتركة، فهي تضم مناطق جغرافية شاسعة، ورسوم جمارك حدودية، وقوانين مختلفة، وغيرها من الفروقات. وبالتالي، ثمة تحديات مختلفة في كل سوق على حدة، لكن لا شك أن الوجهتين الأساسيتين لتأسيس الشركات الناشئة حالياً في المنطقة هما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

ويمثّل جذب المواهب مشكلة كبيرة، لا سيما في قطاع التعامل التجاري بين الشركات بالإضافة إلى تطوير التكنولوجيا المتميزة، كما يمثّل الوصول إلى التمويل تحدياً للشركات الناشئة التي لم تصل بعد إلى مرحلة النضج التي تحقق فيها إيرادات سنوية متكررة بنحو مليون دولار أميركي، والتي لا تكون مدعومة من مستثمرين مؤسسيين ذائعي الصيت.

لذا، يلزم تقديم المزيد من الدعم للشركات الناشئة من خلال برامج ما قبل التسريع والحاضنات وبرامج ما قبل التأسيس، وينبغي على المستثمرين مواصلة تقديم الدعم والحوافز والمنح.

فورتشن: برأيك، ما هي الأسواق الأنشط في المنطقة والتي تخطو خطوات راسخة على نطاق عالمي، ولماذا؟

تيراثراي:على مدى السنوات الثلاث الماضية، شهدت المملكة العربية السعودية انفتاحاً حقيقياً ونوّعت اقتصادها، وجذبت القطاعات غير النفطية لتزدهر في المملكة. وسوف يستمر هذا الاتجاه؛ إذ ستشهد الشركات الناشئة في مجال الخدمات اللوجستية والتجارة الإلكترونية والألعاب والرياضات الإلكترونية والسياحة ازدهاراً مستمراً وعليها أن تستفيد من الاستثمارات الحكومية الضخمة التي يمكن أن تغير اقتصاد المملكة.

وتتمتّع السعودية أيضاً بسوق محلية كبيرة مقرونة بارتفاع القدرة الشرائية للفرد، وهذا يسهّل على الشركات الناشئة التوسع ويتيح لها أيضاً الانتشار إقليمياً وعالمياً في نهاية المطاف. أما التمويل، فسوف يكون بطبيعة الحال من نصيب الشركات القابلة للتطوير، بغض النظر عن مكانها، طالما أنها قادرة على تحقيق النجاح في السوق المحلية.

فورتشن: ما هي خطط شركة تيك ستارز للمنطقة؟

تيراثراي: تنشط شركة تيك ستارز في المنطقة منذ عام 2013 من خلال برامج مجتمعية مثل فعاليات ستارت أب ويكندز (Startup Weekends). ومنذ ذلك الحين، استثمرنا في أكثر من 60 شركة في المنطقة وأقمنا عدداً من برامج التسريع في دبي وأبوظبي والرياض. وتتمثّل خططنا في مضاعفة نشاطاتنا كل عام بهدف الوصول إلى الاستثمار في نحو 600 شركة جديدة بحلول نهاية هذا العقد، ونخطط أيضاً لإطلاق العديد من برامج التسريع، بالإضافة إلى برامج فاوندر كاتاليست (Founder Catalyst) غير المدعومة بالتمويل، والتي تهدف بشكل أساسي لبناء القدرات. وستشهد منظومة ريادة الأعمال في المنطقة مزيداً من التطوير عن طريق فعاليات ستارت أب ويكندز.

فورتشن: أين ترى رواد الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في السنوات الخمس المقبلة؟ وهل سيكون لهم تمثيل ملحوظ على المستوى العالمي لجهة عمليات الطرح للاكتتاب العام الأولي في البورصة؟

تيراثراي: بدأت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بظروف وموارد محدودة جداً مقارنة بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ والهند وجنوب شرق آسيا. ومع مرور السنوات، سنشهد العديد من الشركات الأخرى مثل أنغامي، التي ستخوض عمليات طرح للاكتتاب العام الأولي في البورصة حول العالم. 

آمل أن نشهد الكثير من هذه العمليات في المرحلة المقبلة. لكن الحقيقة هي أن معظم عمليات الخروج من السوق لن تكون عمليات طرح للاكتتاب العام الأولي، وإنما عمليات اندماج واستحواذ، خاصة للشركات التي تتطلع إلى التوسع في أسواق جديدة أو التي تبحث عن الاندماج (الاتحاد مع شركات أخرى). ومع ذلك، ستكون النتائج لصالح قطاع رأس المال المغامر للاستثمار في الشركات وخلق قيمة فيها، ثم الخروج منها لاحقاً، وإعادة تدوير الاستثمارات وتخصيصها في عمليات استثمارية لاحقة.


image
image