الاقتصاد الكلاسيكي (Classical Economics) نظام اقتصادي ذاتي ليبرالي يؤمن بالديمقراطية والرأسمالية دون التدخل الحكومي المباشر في عملياته، بحيث تحدَّد قيمة السلعة فيه بناءً على حجم الموارد وتكلفة الإنتاج من طاقة وأيدي عاملة ومدخلات إنتاج أخرى، ويكون الإنفاق الحكومي على دعم الإنتاح ضعيفاً جداً أو شبه منعدم.
تأسس الاقتصاد الكلاسيكي خلال القرنين الثامن والتاسع عشر، على أيدي الاسكتلندي آدم سميث (Adam Smith) والبريطاني ديفيد ريكاردو (David Ricardo) والبريطاني جون ستيوارت ميل (John Stuart Mill)، حيث ظهر بعد فترة قصيرة من ولادة الرأسمالية الغربية والثورة الصناعية واهتم بشرح مدخلات الرأسمالية، كما طوّر من نظريات القيمة والأسعار والعرض والتوزيع.
ويعد كتاب ثروة الأمم (The Wealth of Nations) الذي نشره آدم سميث عام 1776 مرجعاً أساسياً لمبادئ وأسس النظرية الكلاسيكية في الاقتصاد، وخاطب سميث في كتابه السياسيين قائلاً "تخلوا عن سياسة تقييد التجارة واسمحوا لها بالازدهار"، كما ناقش الكتاب موضوعات عدة أبرزها أن القدرة الإنتاجية تستند إلى تقسيم العمل، وتأثير ذلك في تراكم رأس المال يمثل الدخل المستقبلي للبلاد، كما ناقش الكتاب المنظومة الاقتصادية التي تعمل آلياً في ظل مناخ من التجارة الحرة والمنافسة.
وأدى ظهور الاقتصادي والفيلسوف الألماني كارل ماركس (Karl Marx) وكتاباته التي هاجمت الرأسمالية ودعت إلى الاشتراكية والثورات العمالية تحت شعار "يا عمال العالم اتحدوا" إلى هبوط النظرية الكلاسيكية في الاقتصاد، ثم جاءت النظرية الكينزية التي وضعها جون ماينارد كينز (John Maynard Keynes) خلال فترة ثلاثينيات القرن الماضي وتحديداً في أثناء أزمة الكساد العظيم عام 1929، لتدعو إلى ضرورة تدخل الحكومات لإنقاذ الاقتصاد من الركود، وبالتالي تكون المسمار الأخير في نعش نظرية الاقتصاد الكلاسيكي.
وظهر بعد ذلك الاقتصاد الكلاسيكي الحديث (Neoclassical Economics) في أواخر القرن التاسع عشر، وما يزال العديد من الدول يستخدمه إلى يومنا هذا، وهو تطور للنظرية الكلاسيكية؛ حيث يعتمد على آلية العرض والطلب في تحريك الأسواق وتحديد أسعار السلع والخدمات، وذلك من خلال الاعتماد على 3 افتراضات أساسية هي:
- عقلانية المستخدم لتحقيق أعلى منفعة شخصية من السلعة أو الخدمة.
- الدخل المحدود الذي يدفع الأفراد إلى الاستخدام الأمثل للخدمة أو السلعة بأقل تكلفة ممكنة.
- تمتُّع المستهلك بالاستقلالية في التصرف مع أحقية الوصول الكامل إلى المعلومات اللازمة بشفافية لاتخاذ القرار، والتي توفرها له كل من السلطات ومقدمي الخدمة أو السلعة.
وشارك في تطوير الاقتصاد الكلاسيكي الحديث كل من الاقتصادي البريطاني ويليام ستانلي جيفونز (William Stanley Jevons)، والاقتصادي النمساوي كارل مينجر (Carl Menger)، والاقتصادي الفرنسي ليون والراس (Léon Walras)، وجميعهم كتبوا عن تطوير النظرية الكلاسيكية الحديثة، حتى تم صياغة المفهوم مطلع القرن العشرين.
الفرق بين الاقتصاد الكلاسيكي والاقتصاد الكلاسيكي الحديث، هو أن الأول يحدد قيمة المنتج، سواء كان سلعة أو خدمة، من خلال حجم الموارد الخام وتكلفة الإنتاج، وكلما زادت الموارد زاد الإنتاج وبالتالي انتعش الاقتصاد بدعم من وفرة الإنتاج وعائدات البيع، أما الاقتصاد الكلاسيكي الحديث فيحدد قيمة المنتج من خلال آليات العرض والطلب وعقلانية المستهلك في اتخاذ القرار.