هذا المقال برعاية شركة ماكنزي الشرق الأوسط
حوار مع الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس الإدارة في بنك بوبيان
يتحدث عادل عبدالوهاب الماجد عن دور تحديد أولويات الأداء، والتخطيط بتطلعات عالية، واحتضان الأفكار وتطويرها في جميع الإدارات لتحقيق الريادة الرقمية لبنك بوبيان الكويتي.
يتذكر عادل عبدالوهاب الماجد، الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس الإدارة في بنك بوبيان، الكويت، كيف كان رد فعله الأول عندما تلقى عرضاً لقيادة البنك. كان ذلك في العام 2009، وقت أن كانت البنوك الكويتية تواجه تبعات الأزمة المصرفية العالمية. وقتذاك، احتل بنك بوبيان، وهو بنك إسلامي تأسس في العام 2004، المرتبة الأخيرة لجهة حجم الأصول بين جميع البنوك الكويتية وكان يتكبد الخسائر. وقال: "في البداية، كان ردي بالرفض".
لم يكن رفض الماجد من منطلق قناعة بسوء أداء أعمال الصيرفة الإسلامية حينذاك. فعلى العكس من ذلك، كان الماجد، الذي شغل حينها منصب نائب الرئيس التنفيذي للخدمات المصرفية للأفراد في بنك الكويت الوطني، وهو مؤسسة مالية تقليدية (لا تقدم خدمات الصيرفة الإسلامية) وأحد أكبر البنوك في منطقة الشرق الأوسط، على دراية تامة بتزايد الطلب على المنتجات والخدمات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وأدرك منذ فترة طويلة إمكانيات سوق الصيرفة الإسلامية.
لم يكن دخول هذه السوق بشكل تنافسي، بشكل مباشر على الأقل، في خطط بنك الكويت الوطني، الذي لم يكن مصرحاً له بالانخراط في الصيرفة الإسلامية. (لا تفرض المصارف الإسلامية فائدة كما تفعل البنوك التقليدية) (1) ولكن في عام 2009، في أعقاب الأزمة المالية العالمية، سمحت جهات تنظيم القطاع المصرفي الكويتي لبنك الكويت الوطني بشراء حصة في بنك بوبيان وتعزيز رأس ماله.
(1) تُقدم الخدمات المصرفية الإسلامية من خلال عقود تكلفة مضافاً إليها مبلغ ثابت، ومن ثم تطورت لتشمل مجموعة واسعة من منتجات وخدمات التمويل بطريقة تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية.
تردد الماجد بدايةً في قبول إدارة بنك بوبيان، ليس لأسباب تتعلق بنطاق نشاط الصيرفة الإسلامية أو إمكاناتها، بل لجوانب خاصة بعمق ومدى صلاحياته؛ فلم يكن يريد أن يكون مجرد منفذ لاستراتيجية دفاعية يتبناها بنك الكويت الوطني لحماية حصته في بوبيان وإجراء خطوات تصحيحية توقف نزيف الخسائر. وقال "لقد أردت أن تتيح لي صلاحياتي وضع الأسس لبنك كبير، يحقق الأرباح من خلال جودة الأداء".
بعد أن بدأ حياته المهنية كصراف في بنك الكويت الوطني قبل 28 عاماً، أصبحت غاية الماجد أن يكون بنك بوبيان إرثه.
قَبل الماجد المنصب، بعد تيقنه من أن مهمته ستتمثل بالفعل في وضع أركان بنك جيد الأداء على المدى الطويل. واليوم، وبعد مرور أكثر من اثني عشر عاماً، جعل الماجد من بوبيان المشروع الذي توج به مسيرته المهنية. ومنذ العام 2009، حقق مع فريقه المصرفي نمواً قوياً على مدار أعوام متتالية وفق مقاييس مالية متعددة، وأصبح بوبيان رائداً في الخدمات المصرفية الرقمية في دولة الكويت، وتوسع بعملياته في الخارج، وحوّل الماجد بوبيان إلى ثاني أكبر بنك إسلامي في البلاد ووجهة جاذبة للمواهب وروح الابتكار. وفي حواره مع مازن نجار وديفيد شوارتز (ماكنزي)، يرى الماجد أنها جميع العناصر السابقة كانت متضافرة في تحقيق هذا النجاح. نقدم فيما يلي نسخة منقحة من الحوار.
ماكنزي: حدثنا عن أول يوم لك في بنك بوبيان؛ عن انطباعك وعن رؤيتك حينها؟
عادل الماجد: اعتاد الصحفيون أن يسألونني عن تصوري للبنك بعد خمسة أعوام من الآن. حسناً، من يعرف حقاً كيف ستبدو الأمور في غضون خمس سنوات؟ من يدري كيف ستبدو الأمور في الشهر المقبل، أو حتى غداً؟ أنا لا أعرف. ولكنني أدركت أنه يتعين علينا تبني تطلعات هادفة وقابلة للتحقيق.
عندما أصبحت الرئيس التنفيذي، كان بنك بوبيان ترتيبه التاسع من بين أكبر تسعة بنوك كويتية. ولم يكن من المنطق أن نصبح أكبر بنك في البلاد في غضون خمس سنوات، ولا حتى ثاني أكبر بنك. لذلك، قلت للجميع سنكون ثالث أكبر بنك في الكويت خلال خمس سنوات. وكان بالفعل طموحاً عالياً. ولكن تحديد مثل هذه التطلعات العالية أمر حتمي إن أردنا تطوير الأداء. وقد حققنا طموحنا، وإن لم يكن ذلك في غضون خمس سنوات بالمعنى الحرفي للكلمة.
وضعت التصور الكامل للبنك الذي أريد؛ مؤسسة قوامها الأداء القوي وركيزتها العمل الجماعي، وكنت أدرك أنه علينا إعادة صياغة كافة الجوانب وتطويرها. وفي اليوم الأول، عندما دخلت المقر، وجدت ثلاثة مصاعد، أحدها محجوز لاستخدام الرئيس التنفيذي وحده. عندئذ، قلت للموظفين، "لا مصعد خاص للرئيس التنفيذي بعد اليوم. ومن الآن فصاعداً، يحق للجميع استخدام أي مصعد. نحن هنا معاً وكلنا واحد". أجرينا ذلك التغيير على الفور، واستمرت هذه السياسة منذ ذلك الحين. وبالمناسبة، ألتقي موظفينا كل يوم في المصاعد. وأعرف في كثير من الأحيان الطابق الذي سوف يغادر فيه كل واحد منهم، بمجرد دخولنا المصعد، على الرغم من أننا استقبلنا منذ ذلك الحين عدداً كبيراً من الموظفين الجدد. وصارت مسألة تخمين الطوابق هذه مثار مداعبات دائمة فيما بيننا.
أيضاً، في اليوم الأول، لاحظت أنه يتعين على الموظفين تسجيل الدخول إلى العمل ومغادرته عن طريق مسح بصمة الإبهام ضوئياً. عرفت أن هذه هي الطريقة المتبعة لتنظيم الحضور والانصراف وتحقيق الانضباط. طلبت منهم إلغاء هذا النظام، وقررنا إلغاء تسجيل الحضور منذ ذلك اليوم، على أن تكون الأولوية لمتابعة تقارير أداء الأفراد. واليوم، ينشط أفرادنا في حساباتهم على تيك توك وإنستغرام وتويتر، وهو أمر يسعدني. إننا بذلك نواكب العالم الحقيقي. المهم أن تقوم بعملك وأن تؤديه على أكمل وجه. أداء الفرد هو المهم. والأداء الجماعي هو المهم. وهكذا، كان الأداء والتطلعات والعمل الجماعي رسائلي الأساسية في اليوم الأول، وحتى يومنا هذا. هذا هو جوهر نهج البنك
ماكنزي: ما هو الدور الذي تقدمه البنوك الإسلامية؟
عادل الماجد: الصيرفة الإسلامية جوهر هوية البنك. لقد تأسس بوبيان تحديداً كبنك إسلامي. ويتقبل العملاء ذلك كأمر مسلم به. لقد نمت البنوك الإسلامية بشكل ملحوظ، وهي تنمو بين الفئات السكانية الأصغر سناً. ولكننا لا نفكر في نطاق كوننا بنكاً إسلامياً عالي الأداء، بل من مبدأ كوننا مؤسسة مصرفية عامة عالية الأداء. وهذا هو عرض القيمة الذي يتعين عليك أن تمتلكه، خاصة للعملاء الأذكياء من الشباب. فلا يمكنك اخبارهم فقط أنه يجب عليهم اختيارك أنت وليس منافس آخر لأنك بنك إسلامي. إذا اتبعت هذه الطريقة فلن تنجح! لكن يجب أن يكون عرض القيمة الخاص بك، خاصة بالنسبة للشرائح الأصغر سناً، عبارة عن منتجات وخدمات وابتكارات.
يوجد في الواقع دائماً توزيع إحصائي عادي عبر جميع شرائح عملائنا. وهذا ليس فريداً: فأنت ترى دائماً مثل هذه التوزيعات عبر البلدان وداخلها، سواء كانت ميول سياسية أو دينية. فبعض الناس في أمريكا ديموقراطيون، وبعضهم جمهوريون – ولا ينتمي الكثير من الآخرين لأحد هما. وبقدر ما يتعلق الأمر بالخدمات المصرفية بين المسلمين، فإن بعض الناس متدينون، وبعضهم أكثر ليبرالية، وحوالي 60% إلى 80% متحفظون. وهؤلاء هم أصحاب القرار، الذين يقولون "حسناً، أنا مسلم، ونعم، أنا أميل تجاه الخدمات المصرفية الإسلامية. لكن لا تتوقع مني أن أتحول من كوني بنك تقليدي جيد الإدارة لمجرد أني حصلت على ترخيص بنك إسلامي". فأنا أتنافس مع البنوك التقليدية والإسلامية على الحصة السوقية التي بيدها القرار. وأتنافس على المواهب أيضاً، ويختار الموظفون الالتحاق بنا – وقد يدفع منافسونا علاوة لاستقطاب موظفينا – ليس بسبب الدين، ولكن لأن موهبة موظفينا وابتكارهم يتوافقان مع سمعة بنكنا. فنحن لدينا "الخدمات الإسلامية الحديثة"؛ وعلى اتصال بالابتكار والثقافة من حولنا. ونشجع هذا التوجه.
سأعطيكم مثالاً: فصل الشتاء في الكويت ممتع للغاية. وغالباً ما يذهب الناس إلى الديوانيات. وأنا أفعل ذلك. وكذلك الموظفين لدي. أرى بعضهم هناك، ونحيّي بعضنا البعض. عندما بدأت في العمل بمجال البنوك، ولسنوات عديدة بعد ذلك، كان الذهاب إلى الديوانية خلال يوم العمل مخالفة تستوجب الفصل. لكن لماذا؟ أريد أن يخرج موظفينا ويندمجوا مع الآخرين. كان لدي موظفين يرونني ويلتقطون صورة شخصية معي – ويرسلونها إلى آبائهم. إنه أمر مذهل، لأنني في بعض الأحيان أعرف آباءهم. وبعد كل ذلك، هذا هو جيلي. تخيل أنك أباً وترى صورة من ابنتك مع الرئيس التنفيذي، وتخيل كيف تشعر بالفخر عندما تشارك تلك الصورة مع أصدقائك. "هذه ابنتي من بوبيان، التقت بالرئيس التنفيذي". أريد أن يشعر الموظفون لدينا بالاندماج في المنظومة. واندماج الموظفين هو أيضاً شكل من أشكال استعلامات السوق.
ماكنزي: وكيف ذلك؟
عادل الماجد: لا أتخيل أنه يمكنني الخروج بدون بعض النقود على الأقل. لكن [العديد من] موظفينا، ولا سيما الأصغر سناً، لا يأخذون أي نقود معهم على الإطلاق. أنا أسألهم عن مقدار النقود التي يحملونها؛ وأطلب من كبار المديرين أن يسألوهم عن ذلك. ويكون الجواب عادة "صفر". حسناً، يمكنك أن تستدل من ذلك على شيء ما: الناس يبتعدون عن النقود، وجيل الشباب بالتأكيد يتجه نحو عدم حمل النقود. وهذا يخبرنا عن أهمية الخدمات المصرفية الرقمية. ونحن نشجع استخدام المعلومات والتكنولوجيا وتدفقها خلال المؤسسة.
من هنا جاءتنا فكرة عمليات السحب بدون بطاقة، والتي تتيح للعملاء استخدام أجهزة الصراف الآلي من خلال رموز الرسائل القصيرة على تطبيق الهاتف المحمول. ولقد كنا أحد أوائل البنوك في العالم التي قامت بذلك، وقد لاحظ الجمهور ذلك. وكان الطلب هائلاً، حيث كان ذلك مصدر إلهام لكثير من الناس: "أحقاً؟ هذه الخاصية من بنك بوبيان؟ " ولدينا مبادرة أخرى حيث يمكن للعملاء ربط لوحات ترخيص السيارات الخاصة بهم ودفع رسوم وقوف السيارات بسلاسة، ومبادرة أخرى تسمح بدفع الفواتير إلكترونياً ودفع فواتير الأطراف الثالثة. حيث يعزز كل هذا سمعة الابتكار التي نتميز بها، وهو شيء نتمسك بتشجيعه بشدة: ابتكار الأفكار من داخل مؤسستنا.
ماكنزي: أعطنا بعض الأمثلة عن كيفية تطبيق ذلك عملياً؟
عادل الماجد: عليك أن تجعل الانفتاح جزءاً من نمط حياتك اليومية. فحجرة مكتبي ليس بها مكتب؛ فقط كراسي، وعلى نفس المستوى، لجعل المحادثات أسهل وأكثر طبيعية. ونحن نفعل ذلك كجزء من ثقافتنا. تعال وتناقش. نسميها "تناول القهوة مع الرئيس التنفيذي".
لقد حضرت إليّ إحدى الموظفات مؤخراً – وهي تعمل في مركز الاتصالات، وقضت هنا ثمانية أو تسعة أشهر فقط – وكان لديها اقتراحان. حيث قالت: "يطلب العملاء تغيير هذه الخطوات من الإجراءات، وأعتقد أن لديّ حلاً ". كان لديها أفكار عظيمة. نحن نسعى للحصول على تفاعل مثل هذا وننفذه طوال الوقت. وسوف تحصل هذه الموظفة على رسالة تهنئة لطيفة ومكافأة، لكن المكافأة الحقيقية هي الشعور بالمشاركة في تقديم حلول مبتكرة.
إننا نحاول لجعل العمل ممتعاً. ولدينا مسابقات لفئات محددة، مثل تحسين الخدمة وخفض التكاليف. وأختار الأفكار الفائزة – المركز الأول والثاني والثالث – في كل فئة. ولدينا أيضاً جلسات لحل المشكلات. حيث كنا نناقش في إحداها أفضل طريقة للحفاظ على نظافة أقسام أجهزة الصراف الآلي. فما رأيناه، أن العملاء كانوا يأخذون إيصالاتهم من أجهزة الصراف الآلي ويلقونها بعيداً، مما يؤدي لتراكم الإيصالات على الأرض. كنا نبحث عن كيفية الحفاظ على هذا القسم من البنك منظماً. ربما يمكننا القيام بالمزيد من الصيانة خلال ساعات الراحة، وربما أكثر في الليل أو في عطلات نهاية الأسبوع. وعلى الرغم من ذلك، طرحت موظفة لدينا سؤالاً، "لماذا نقوم بطباعة هذه الإيصالات أصلاً؟" وقد كانت محقة، وتوقفنا عن طباعتها. ولم تكن هذه الخطوة أكثر فعالية فقط من حيث التكلفة، بل إنها أيضاً صديقة للبيئة. ولقد كنا من أوائل من بدؤوا في اتخاذ هذه الخطوة.
لدينا أيضاً مراسم توقيع؛ عقود احتفالية كبيرة، حيث يوقّع كبار التنفيذيين على الالتزام بالأهداف والمبادرات الرئيسية. ولدي نسخة من العقد، وهم لديهم نسخة أيضاً. وبالمناسبة، هم يوقعون فعلاً، ووجدنا أن في فعاليات كهذه مفعول السحر. بمجرد أن يقوموا بالتوقيع، وعلى الرغم من أن كلانا يعرف أنها مجرد مراسم احتفالية، فإنهم يلتزمون حقاً وبكل جدية.
وأريد مع ذلك أن أكون واضحاً، أنه ستكون هناك تنازلات للانفتاح وتبسيط التسلسلات الإدارية الحالية. فعلى سبيل المثال، اعتادت المنتجات الرقمية أن تكون من اختصاص قسم تكنولوجيا المعلومات لدينا. ولكن نظراً لأن التكنولوجيا الرقمية أصبحت ضرورية جداً لعرض القيمة لدينا، فقد قررت أنه لا يمكن أن تكون التكنولوجيا الرقمية مخصصة لقسم تكنولوجيا المعلومات فقط. وأنه يجب تعميم التكنولوجيا الرقمية على مستوى المنظمة. وقد قال لي أحد كبار المديرين التنفيذيين في ذلك الوقت، والذي أُكن له احتراماً كبيراً: "إذا فعلت ذلك – ولم أستطع مواكبة إدارة المنتجات الرقمية – فسأغادر". لكنني أؤمن بهذا الاتجاه، وتمسكت بقرار الرقمنة – وقد اختار المغادرة. عليك أن تتخذ قراراتك، حتى عندما لا تكون سهلة.
ماكنزي: ما هي الخيارات الأخرى التي تضمنتها استراتيجيتكم؟ كيف تفكرون حيال استراتيجية المهاجم الرقمي؟
عادل الماجد: يتوجب عليك أن تكون واضحاً وواقعياً جداً بشأن التحدي وأن تدرك ما تستطيع فعله وما لا تستطيع. ولا يمكنك بالطبع أن تكون متأكداً بنسبة 100% من هذا الأمر. هناك تعبيرات خاصة بكرة القدم؛ فهناك نسبة 80% و90% للتسديد، والتسديد الفعلي. التسديد على المرمى. ويُفضل أن تُقدم على التسديد كلما وجدت الفرصة. وعندما سمعنا لأول مرة قبل بضع سنوات عن مفهوم "المهاجم الرقمي" (هي استراتيجية تعتمد على تحقيق عائد على الاستثمار في أقصر فترة زمنية ممكنة عبر بناء تقنية رقمية مرنة تساعد على تعزيز الابتكار)، فكرنا أن هذا يبدو جيداً بالتأكيد. ولكن حقاً ما هو احتمال 80% للتسجيل؟ يمكننا الاكتفاء بمهاجمة المنافسين في السوق المحلية؛ لكننا نمتلك بالفعل ريادة رقمية في الكويت، وهي سوق أصغر. ولذلك يمكننا نقل اللعبة للخارج ومنافسة الجميع في أسواقهم. ولكن كلما نظرنا إلى المهاجمين الرقميين في جميع أنحاء العالم، أصبح من الواضح لنا أنه لن يكون من المفيد التنافس مع البنوك الكبرى في أسواقها المحلية. فقد يعني ذلك التنافس على السعر، غالباً في القطاعات منخفضة القيمة. لكن لتحقيق الفوز، علينا أن نلعب في القطاعات مرتفعة القيمة، حيث تكون العلاقات الشخصية مهمة للغاية. وكان علينا أن نكون واقعيين: فالعملاء الأثرياء يمتلكون بالفعل علاقات مصرفية قوية في بلدانهم الأصلية. فهل سنتمكن حقاً من الدخول والمنافسة؟ أو سنتمكن من تحقيق قيمة من خلال شق طريقنا في السوق؛ ستكون تكلفة كبيرة، بالنظر إلى حجم البنوك في سوق المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال؟
لقد درسنا المشكلة، ثم صدمتنا: كانت هناك طريقة ثالثة لنكون مهاجمين رقميين والاستحواذ على سوق الفئة العليا. وقد صادف أننا نمتلك بالفعل بنكاً في لندن يسمى بنك لندن والشرق الأوسط. وهناك مجتمع كبير من المسلمين الأثرياء في أوروبا؛ أناس ليسوا فقط من الكويت والمملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي، ولكن من دول أخرى أيضاً، مثل مصر ولبنان. ويعتبر هذا سوق ضخم من العملاء المسلمين الأثرياء. ومع ذلك، عندما تنظر البنوك الكبرى في أوروبا أو حتى في الولايات المتحدة إلى هؤلاء العملاء، فإنها غالباً ما تفكر في نظام [اعرف عميلك] والمخاطر الأخرى، أو ما يعتبرونه مخاطر. فقد كان العملاء الذين يحملون أسماء مثل محمد أو جهاد أو أسامة – حتى العملاء الأثرياء جداً من بينهم – يكتشفون فجأة أن البنوك لا تقبلهم كعملاء، أو أن حساباتهم تغلق. أما نحن فنعرفهم بشكل أفضل، ولذلك قدمنا لهم عرضاً جذاباً؛ بنكاً في قلب أوروبا وليس إسلامي فحسب ولكنه رقمي أيضاً. وقدمنا لهم مؤخراً خدمة "نومو"، وهو بنك رقمي متوافق مع الشريعة الإسلامية في المملكة المتحدة. فإذا كنت ترغب في فتح حساب لنفسك أو لإبنك، أو إذا كنت تريد أموال متاحة لك أثناء السفر، أو الحصول على قرض عقاري في الخارج، فنحن البنك الذي يتوجب عليك التعامل معه.
لقد أصبحنا مهاجماً رقمياً بطريقة فريدة. ولم نستحوذ على شريحة العملاء الدولية المتميزة من خلال الذهاب إلى بلدان العملاء؛ بل من داخل أوروبا. ولقد جمعنا بين منطقتي أوروبا والشرق الأوسط. وهذا مشابه للطريقة التي جمعنا بها بين الخدمات المصرفية الإسلامية، والتي افترض الناس أنها يجب أن تكون صارمة للغاية مع الابتكار الرقمي. وينظر الآن عملاؤنا في أوروبا والشرق الأوسط إلى بنك بوبيان على أنه بنك رقمي وإسلامي في الآن نفسه؛ بنك إسلامي ناشئ يبرع في تقديم الخدمات الرقمية. وليس هناك تناقض في هذا. فالصيرفة الإسلامية أصبحت اليوم مرادفاً للابتكار.