رائدات الأعمال يقمن بإنشاء أعمال تجارية بمعدل أعلى يبلغ ضعفاً ونصف مقارنة مع الرجال، كما يقمن بمعالجة أكبر مشاكل العالم، ويحفزن الابتكارات التي ستسهم في تشكيل معالم المستقبل.
هذه كانت خلاصة إحدى جلسات الحوار التي جرت خلال مؤتمر إنفستوبيا السنوي 2023 في دبي التي جمعت عدداً من رائدات الأعمال. وإنفستوبيا منصة عالمية تهدف إلى تحفيز الاستثمارات العالمية وتحقيق مزيد من النمو والابتكار بما يخدم رفاه وازدهار الأجيال القادمة.
وأفضى الحوار إلى أنّه على الرغم من المؤشرات الإيجابية، فإن شركات الاستثمار التي تقودها رائدات الأعمال تستقبل 2% فقط من إجمالي رأس المال الاستثماري. وفي سياق الحديث، سلّطت المشاركات الضوء على التحديات التي تواجه هذه المؤسسات، والحلول المطلوب توظيفها لمعالجة هذا التحيز ضد رائدات الأعمال.
شاركت في الجلسة المذكورة الجمعة 3 مارس/آذار 2023 المؤسس والشريك العام في مؤسسة ذا هيلم، شركة الاستثمار الجريء الأميركية ليندسي تايلور وود، والمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ألف كابيتال الإماراتية للاستثمار، هدى اللواتي، ورائدة الأعمال المتسلسلة والمستثمرة الإمارتية نادين بن شافعي.
تشير منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) إلى أنّ أكبر تفاوت في ريادة الأعمال في العالم بين الرجال والنساء موجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ إنّ أقل من 5% من الأعمال تقودها النساء (مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يتراوح بين 23% و26%). وفي حين تمتلك النساء شركة واحدة من بين كل ثلاث شركات على الصعيد العالمي، تواجه النساء في هذه المنطقة بعضاً من أعلى مستويات التمييز في الوصول إلى الموارد الإنتاجية والمالية، فالذكور يحتكرون نحو 92% من قطاع الرأس المال الاستثماري.
وفي هذا السياق، تقول المستشارة الخاصة في دائرة إدارة الشركات والعمليات في اليونيدو، سيسيليا أوغاز إسترادا: "تشير الدراسات إلى أن الاستثمار في رائدات الأعمال أمر منطقي من منظور الأعمال التجارية: فبمجرد أن تحصل الشركات الناشئة والمؤسسات التي تقودها النساء على الوسائل المالية المعقولة، يكون عائدها على الاستثمار أعلى من المتوسط".
وبالعودة إلى الحوار في إنفستوبيا، تناولت تايلور وود مسألة التناقض بين الاستثمارات التي يحصل عليها رواد الأعمال ورائدات الأعمال. واستناداً إلى البيانات والمعلومات التي أصدرتها مؤسسات عديدة حول دور رائدات الأعمال في العقد الأخير، فإنّ الشركات التي تقودها رائدات الأعمال تؤدي أداءً أفضل. وقالت: "الشركات التي تقودها رائدات أعمال تحقق أداء أفضل بنسبة 63%، كما تحقق عائدات أعلى بنسبة تصل إلى 35%".
واستدلت اللواتي بدراسة أجرتها هارفارد، أظهرت أنه عندما يقوم شخصان يحملان المؤهلات ذاتها بإجراء المقابلة نفسها، ويتصرفان بالطريقة نفسها ويبديان مستوى الثقة ذاته، يُنظر إلى رائدات الأعمال على أنهن عدوانيات، بينما يوصف رواد الأعمال بأنهم واثقون من أنفسهم. وقالت إن التحدي هنا لا يتعلق بالحاجة إلى تدريب خاص أو خبرة معينة أو مهارات من نوع ما، بل يتعلق بالتحيز السائد في مجتمع الاستثمار. "إن أهم شيء يجب على مجتمع الاستثمار القيام به هو تجنب هذا التحيز في تقييمهم. وينبغي أن يكون المجتمع الاستثماري منفتحاً، وأن يستمع إلى الناس، بغض النظر عن الجنس الذي ينتمون إليه".
تجدر الإشارة إلى التفاوت في نسب إقبال النساء على قطاع ريادة الأعمال في المنطقة. ففي حين تنخفض هذه النسبة إلى 7% في اليمن، ترتفع إلى 49% في تونس على سبيل المثال، حسب البنك الدولي. ويلفت مؤشر ماستركارد لرائدات الأعمال الصادر في آذار 2022 إلى أنّ السعودية، على سبيل المثال، حققت قفزة كبيرة في إسهامات المرأة، مشيراً إلى أنّ نسبة ريادة الأعمال النسائية في السعودية ارتفعت 3% لتبلغ 17.7%، مدعومة بالإصلاحات الرئيسية التي تقدم مزيداً من الحريات للمرأة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية وتمتد لتشملها أكثر في النظام المالي، على الرغم من أنّ المشاركة في القوى العاملة ما تزال منخفضة.
وخلال الجلسة، نصحت بن شافعي رائدات الأعمال بضرورة إدارة الأموال لضمان حدوث التغيير، حيث يمكن للمستثمرات المساعدة في التغلب على التحيز، وهناك حاجة لإشراك المزيد من رائدات الأعمال من جانب المستثمرين. وتعتقد تايلور وود أن الحل يكمن في توجيه الاستثمار نحو المؤسسات والصناديق التي تقودها رائدات الأعمال.
واختتمت اللواتي حديثها بالقول إن "رائدات الأعمال يحتجن إلى إدارة الأموال لضمان تغيير الأمور. ومن خلال الاستثمار في الأعمال التجارية القائمة على الممارسات الجيدة، بغض النظر عن النوع، وإعادة صياغة السرد للتركيز على الأعمال الجيدة، يمكننا إنشاء مشهد أعمال أكثر تنوعاً وشمولية."